• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

العين الجميلة المكتملة العناصر... بصيرة

العين الجميلة المكتملة العناصر... بصيرة
◄إنّها بصيرة فعلاً، فلولاها لما تمكنّا من رؤية ما حولنا، ولمّا استطعنا التمتع بمشاهدة الطبيعة الخلابة، وما تحتضنه من طير وزهر ونهر وبحر، ولولا العين لحُرمنا من التعرّف إلى أفراد أسرنا، وزملاء مهننا، وأصدقاء أعزاء من أحيائنا وحاراتنا ومجتمعاتنا.

إنها عضو.. عضو نبيل من أعضاء أجسامنا. وقد يفقد الإنسان أعضاء من جسمه، ولكنه يستطيع العيش بقية حياته معتمداً على أعضاء أخرى قد تعوِّضه عن الخسارة، ولكنه إن فقد العين، لا سمح الله، فَقَدْ فَقَدَ نعمة البصر، وهذه النعمة لن تعوَّض أبداً مهما حاولت الأعضاء الأخرى أن تفتح أبواباً واسعة من أبواب المساعدة.

وقد جعل الله للإنسان عينين اثنتين، تعين إحداهما الأخرى في المطابقة، ورؤية الأشياء على حقيقتها.. وعندما قام أجدادنا العرب بتشريح عين الإنسان، أدركوا أنها مؤلفة من فريق عمل مشترك، لكل عنصر فيه وظيفة تكمل وظائف العناصر الأخرى، وإذا انطلقنا من الخارج إلى الداخل، وجدنا في البداية الجفنين اللذين يحفظانها، ويحتضنانها كما يحتضن الوالدان الحنونان طفلهما المدلل، ويطبقان عليها برفق خشية إصابتها برض أو بمرض أو بأذى، ولهذين الجفنين أهداب تساعد في مهمة الأطباق، وتعطي العين جمالاً ما بعده جمال، ويعلو كلَّ جفن حاجبٌ، له دوره أيضاً في حماية العين وحفظها من قطرات العرق والصدمات المفاجئة!.

وفي العين نجد (الصلبة) التي تبدو بيضاء لامعة، و(القزحية) التي تتمتع بلون رائع زاه.. فنحن نراها زرقاء عند إنسان ما، ونراها خضراء عند إنسان آخر، وقد تتمتع بلون أسود أو بني أو عسلي عند بعضهم، ولكل لون من هذه الألوان دوره في إبراز جمال العين!.

في وسط القزحية، هناك دائرة في منتهى الصغر تسمى (الحدقة)، تفتح بابها على مصراعيه أمام حزمة الضوء، وهي تخفّف من فتحتها أمام أشعة الشمس الساطعة، أو أمام لمعة الضوء الشديدة القادمة من عملية لحام معدني أو شرارة تيار كهربائي.

وننتقل إلى (المشيمة) التي تنتشر عروقها الدموية المغذّية هنا وهناك، ثمّ (الشبكية) التي هي باقة جميلة من العناصر الحساسة المتألقة!.. ويبقى أمامنا (الجسم الزجاجي) الذي لا يملك من الزجاج إلا اسمه وشفافيته، إذ أنّه مادة هلامية، يملأ جوف العين، فيعطيها قوامها المعروف.. إنّه أشبه ما يكون بحلوى الـ(Jello) المترجرجة، التي نتناولها في المناسبات والحفلات المختلفة، مع غيرها من الأطعمة التي يسيل لها اللعاب.. فإن فُقِد لرضّ أو مرض، لأصبحت العين أشبه ما تكون ببالون تسرَّب منه الهواء، فالبالون المنفوخ عادة يكون ممتلئاً، مشدوداً، متماسك القوام.. أما إن ثقب، واندفع هواؤه المحصور خارجاً، لتحوّل جسماً رخواً، متهدلاً، كأنّه خرقة بالية!.. وكذلك العين، فإنّها حين تفقد جسمها الزجاجي، فإنّها تفقد ألقها وبريقها ورونقها، وتبدو منكمشة هزيلة... ليس فيها لمسة سحر أو مسحة جمال!.

والجسم الزجاجي لا يحافظ فقط على قوام العين، بل يسعى أيضاً إلى تغذية بعض أعضاء العين، عبر شبكة دموية معقدة، كما يفعل ربّ الأسرة مع أفراد عائلته، حين يأتيهم دائماً بقوت يومهم ولقمة عيشهم.. والجسم الزجاجي يسهم أيضاً في تركيز الضوء على الشبكية، مما يحافظ على صفاء الصورة المرئية ونقاوتها، كما يحافظ التلفاز الجديد على صفاء الإرسال ونقاوة البث!.

فلنحافظ على تلك العين.. لأنّ (البصر) نعمة لا تقدر، وحاسّة لا تعوض.►

 

المصدر: مجلة طبيبك/ العدد 665 لسنة 2013

ارسال التعليق

Top