• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

قصص تربوية في السلوك الحضاري الراقي/ ج(4)

أسرة

قصص تربوية في السلوك الحضاري الراقي/ ج(4)
 القصة السابعة "شهرةُ الصِّدق!!" في حكايا الحيوان التي تُضربُ بها الأمثال، يُحكى أنّ قطاة (حمامة) تنازعت مع (غُراب) في حفرةٍ يجتمعُ فيها الماء، فتحاكما إلى قاضي الطير، فحكمَ للقطاة، (أي أعطاها الحق وأبطل دعوى الغُراب).. وقال القاضي في معرضِ حكمهِ مخاطباً القطاة: لقد اشتهرَ عنكِ الصِّدقُ بين الناس حتى ضربوا المثل بصدقكِ، فقالوا: "أصدقُ من قطاة"! وهنا تغيّر لونُ القطاة وخجلت ممّا سمعتهُ، فقالت: يا حضرة القاضي، اللّهمّ الحفرةُ للغُراب، أمّا أنا فلا أضيِّع خصلةً اشتهرتُ بها بين الناس!! فقال القاضي مُتعجِّباً ومُستغرباً: وَلِمَ هذه الدّعوى الباطلة إذا؟ قالت القُطاةُ: إنّها ثورةُ الغضب، وإنّ الرجوعَ إلى الحقِّ أولى عندي من التمادي في الباطل، وشهرةُ الصِّدقِ خيرٌ لديَّ من شهرة الكذب!!   - الدروس المُستخلَصة: 1- إذا اشتهرتَ بخلصةٍ حميدة، فاحرص على أن تتمسّك بها، لأنّها ستكون (هويّتك) و(سُمعتك) التي تتداول وتتعامل بها مع الناس، أما رأيتَ أنّ النبي (ص) كان قد اشتُهِرَ بـ(الصادق الأمين)، حتى إذا ذُكرت هاتان الخصلتان تبادر إلى الذِّهن إسم النبي (ص). 2- يحتاج الإنسان ليشتهر بخصلةٍ ما زمناً طويلاً من أجل أن تترسّخ في أذهان الناس، فكَم يكون من الصعوبة بمكانٍ نزعها أو خلعها أو التخلِّي عنها، أو العمل على الضدِّ منها؟! 3- مع القطاة الصادقة نُردِّد: الرجوع إلى الحقِّ أولى من التمادي في الباطل، وشهرة الصِّدق خيرٌ من شهرة الكذب.   القصة الثامنة "الكذبُ قاتِل!!" نزلَ صبي في النهر ليسبح، فأرادَ أن يوهم أصحابه الذين نزلوا للسِّباحة معه أنّه غرق، فصاحَ النجدة، النجدة، أغيثوني.. أدركوني، فهرعَ إليهِ صحبه لإنقاذه، فلمّا تأكّد لهم كذبه تركوه. ولم يكتفِ الصبي بالأولى، فعلها ثانيةً، فراحَ يصرخُ ويستغيث، وظنّ أصحابه أنّ صاحبهم هذه المرّة صادق، فأسرعوا إليه لنجدته، وإذا به يقول لهم: أردتُ أن أمزحَ معكم، لا شيء عليَّ لا تخافوا. إلى أن كانت الثالثة، وفيها قد أشرفَ الصبي فعلاً على الغرق والهلاك، فارتفعَ صوته بالصراخ المستغيث ولا من مُغيث، فأصدقاؤه رغمَ سماعهم لاستنجاده، لكنّهم كانوا لاهينَ عنه ظنّاً منهم أنّه يهزأ ويمزح كعادته، فتركوهُ يغرق ويموت ضحيّة كذبه.   - الدروس المُستخلصة: 1- إنّا قد نُصدِّقُ كذبتك الأولى والثانية، لأنّنا نعرفُ عنكَ أنّكَ لا تكذب، أمّا في الثالثة فاعذرنا إنّ كذّبناكَ حتى ولو صدقت. 2- المعروفُ بالصدقِ المشهورُ به ثقةُ الناس ومبعثُ اطمئنانهم، يريحُ نفسه، ويريحُ غيره، وشهرةُ الصِّدق – كما تقول القطاة – بطلة القصّة، خيرٌ من شهرة الكذب، فالكذّاب أو الكاذب لا يُصدِّقه الناسُ حتى ولو صدق، وهذا هو الأثر الإجتماعي لمنقبة الصِّدق ومثلبة الكذب.

ارسال التعليق

Top