• ١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٨ ربيع الثاني ١٤٤٦ هـ
البلاغ

فلوس الموظفات

فلوس الموظفات

حين يصدح الدِّيك.. تصدح معه الحياة قائلة: الإنسان حيٌّ، وكلُّ حيّ له رأي وحكاية.
خرجت المرأة للعمل لأسباب عديدة. في البداية لإثبات مكانتها. ولتوظيف قدراتها، ولكسب المال.
الأمر ما زال نفسه حالياً، ولكن الترتيب اختلف. فالمرأة العصرية تعمل لأجل المال بشكل رئيسي. لكن، من ملاحظتي على صديقاتي اللواتي يعملن بكد وتعب، وجدت أنّ هناك عند عدد كبير منهن هوساً مرعباً، وهو هوس صرف الراتب كله على مظهرهن.
وحين أطرح عليهن خبرة الحياة، وكيف أنّ هناك مستقبلاً وضرورة لوضع خطة مادية، وأنّ من الضروري أن تكون المرأة حريصة، فإنّهن يعتبرن أنّ الأمر هو فقط سعادة ومكافأة للذات.
تقول إحدى صديقاتي: " أنتِ تنظرين إلى المسألة على أنّها مجرد سعي إلى ماركة ومظهر، وأنا أخبرك أنّها حاجة، ونشوة فعلية لا تعادلها نشوة ".
واحدة من صديقاتي لديها إزاء التزاماتها العديدة، حلم مهم تنتظره مرة في السنة. وهو ال "بونس" (المكافأة) من العمل. تقول: " إنّ نشوة انتظار هذا المبلغ أهم عندي وأشد وأحلى من انتظار الحبيب ". وهي تستعد لنشوة الانتظار بطقوس تقوم بها مرة في كل ستة أشهر.
لا بأس في أن يدلع الإنسان نفسه. لكن المشكلة أن يكون الأمر ليس مجرد تدليل للنفس، بل هوس.
تقول إحدى صديقاتي: " أنا أشتري الأشياء ذات الماركات، لأنّ الذي أستحقه الأغلى والأفضل ". ويكون جوابي: هل قيمتك بالملابس الغالية؟ وهذا منطق لا يفيد، لأنّ لغة العقل ولغة الحاجة مختلفتان جداً.
هناك حقيقة، وهي أننا نعيش في زمن المظاهر، وأنّ شكل الإنسان جظء من تقييم الآخرين له. لكن صديقاتي يتميزن بالثقافة والعقل. فلماذا وقعن في مطب صرف الراتب على المظهر؟ وإليكم هذا التعليق الغريب: تقول إحدى صديقاتي: " كنت أنوي أن أشتري لمؤتمر بدلة ذات ماركة، وبكل أسف لم أستطع، فحضرت المؤتمر ببدلة ليست ماركة، فكان أدائي غير جيد ".
ماذا حصل للبشر؟ هل البدلة إذا لم تكن من ماركة غالية تهدد أداء الإنسان، وكأنها هي العقل الذي يجعل الإنسان يعمل أو لا يعمل؟
لكن، لماذا يحصل ذلك مع المرأة؟ لماذا الملابس الغالية تجعلها تشعر بأنّها أفضل؟
في تقديري الأسباب هي الآتية:
1- أظن أنّ المرأة من هذا النوع، مهما كان ذكاؤها تبقى أسيرة المظاهر وليس الجوهر.
2- المرأة تظن أنّها حين تظهر بمظهر الغنى، ويكون لديها عقل ذكي، فإنّها تصل إلى قدر من الكمال.
3- المرأة القيادية بالذات تريد المظهر الأنثوي الغالي حتى تمحو عنها وصمة الإهمال في المظهر، وأنّها أصبحت كالرجل.
4- معظم نساء هذه الفئة ليس لديهن إشباع روحي، ولا إشباع زوجي ولا اجتماعي، وبالتالي فالوصول إلى هوس التعلق بقطعة قماش أو شنطة هو تعويض الحب بشيء سخيف.
5- الاهتمام الذي تلقاه المراة من البائعين في المحلات الراقية يعوض عندها كل الإشباعات الأخرى التي حرمت منها.
6- الملابس الباهظة في رأيهن هي للنجوم والأثرياء، وبذلك، فإنّ الاهتمام بالنفس والملابس رغبة لا شعورية من أجل أن يصبح الإنسان نجماً.
7- الأدرينالين في الجسم يتدفق مع أي إثارة. وإذا كانت الملابس مثيرة فإنّها تجعل الأدرينالين يتدفق، فيصبح الإنسان أنشط.
8- الخوف من المستقبل. نعم، كثير من الناس الآن يعيشون بخوف من المستقبل الذي لا يعرفون ماذا يخبئ لهم. وخوف النساء هو من مستقبل بلا وظيفة ولا إمكانات للشراء. لذا، فالأمر هنا يشبه من يعرف أنّه سيجوع، وبذلك يسعى إلى أن يأكل أكثر.
  لكن، لهؤلاء أقول: إنّ إحساس الجوع القادم يحتاج إلى تكوين الإحباط، وليس لتبديده.

ارسال التعليق

Top