• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الصاحب (owner)

شبير مراد أشكناني

الصاحب (owner)

الصاحب (لغة):

أصله (صَحَبَ) يصحبه صُحبة وصَحابة، وجمع الصاحب: صَحبٌ مثل راكب ورَكبٌ، والأصحاب جمع صَحْب مثل فرْخ وأفراخ، والصَحابة بالفتح الأصحاب وهي في الأصل مصدر وجمع الأصحاب أصاحيب. وأصحبته الشيء جعلته له صاحباً، وكلّ شيء لازم شيئاً فقد استصحبه[1]. والصاحب هو المعاشر[2]، والأصل في هذا الإطلاق لمن حصل له رؤية ومجالسة[3]. وفي مفردات الراغب: الصاحب الملازم إنساناً كان أو حيواناً أو مكاناً أو زماناً ولا فرق بين أن تكون الملازمة بالبدن وهو الأصل والأكثر أو بالعناية والهمة، ولا يقال في العُرف إلا لمن كثرت ملازمته[4].

والخلاصة وكما لاحظنا أقوال اللغويين فإنّ كلمة الصاحب تطلق على المعاشر والملازم ولا تُقال عرفاً إلا لمن كثرت ملازمته.

 

استعمالات كلمة (الصاحب) في القرآن والسُنّة:

وقد استعملت الكلمة في القرآن الكريم وكذا في السنة النبوية بنفس هذا المعنى اللغوي، منها قوله تعالى: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (يوسف/ 39)، وصاحبا السجن هما الملازمان له بالكون فيه[5]، (وكان كلاهما كافرين).

وقوله تعالى: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا) (الكهف/ 37)، (وكان أحدهما مؤمناً والآخر كافراً).

وقوله تعالى: (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (التوبة/ 40)، (أي لصاحب النبيّ (ص) الذي كان معه في الغار) فالآية استعملت مفردة (الصاحب) في مدلولها اللغوي وهو وجود التلازم والرفقة بين الرسول (ص) ومن كان معه، ولا دلالة فيها على وجود اصطلاح خاص لهذه الكلمة، كما أنّ الآية ليست في مقام بيان أي فضيلة لهذا الصاحب وخاصة بملاحظة أنّ السكينة التي أنزلها الله تعالى كانت خاصة للنبيّ (ص) وكذا التأييد بالجنود.

أيضاً فإنّ استعمال الكلمة في السنة النبوية كان بنفس معناها اللغوي: فقد روي عن النبيّ (ص): أنّه قال في شأن عبدالله بن أُبَيْ – رأس المنافقين –: "فلعمري لنحسنّن صحبته ما دام بين أظهرنا"[6].

وروى مسلم في صحيحه عن حذيفة قول رسول الله (ص):

"في أصحابي اثنا عشر منافقاً"[7].

وروي عن النبي (ص) قوله: "إنّ في أصحابي منافقين"[8].

إذاً كلمة (الصاحب) استعملت في الكتاب والسنة بنفس المعنى اللغوي والذي يعم المؤمن وغيره ولم تستعمل كوصف خاص للمؤمنين أو للعدول منهم.

ولكن لو راجعنا إلى أقوال علماء العامة نجدهم يخصّصون إطلاق هذه الكلمة ويستعملونها في اصطلاح خاص ويرتّبون على ذلك أحكاماً ودعاوى!!

 

المصدر: كتاب عدالة الصحابة في الميزان


[1]- معجم الصحاح/ إسماعيل بن حماد الجوهري، ص580، الطبعة الثانية، 1428هـ، دار المعرفة، بيروت.

[2]- لسان العرب، محمّد بن مكرم ابن منظور، ج1، ص519، الطبعة السادسة، 1417هـ، دار صادر، بيروت.

[3]- المصباح المنير، أحمد بن محمّد الفيومي، ص174، 1428هـ، المكتبة العصرية، بيروت.

[4]- مفردات ألفاظ القرآن، حسين الراغب الأصفهاني، ص475، الطبعة الثانية، 1427هـ، نشر طليعة النور، إيران.

[5]- مجمع البيان في تفسير القرآن، الفضل بن الحسن الطبرسي، مجلد 3، ص358، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت.

[6]- الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص65، سنة 1988م، دار صادر، بيروت، وفي السيرة النبوية لابن هشام، (باختلاف يسير) ص184، ج3، دار الجيل، بيروت.

[7]- صحيح مسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، ج4، ص2143، الطبعة الأولى، 1419هـ، دار الفكر، بيروت.

[8]- مجمع الزوائد، نور الدين الهيثمي، ج5، باب هجرة البانه والبادية، ص757.

ارسال التعليق

Top