◄إنّ جميع المخلوقات في الكون خلقت بقدر وميزان معلوم وبدون إفراط أو تفريط وهنا تتجلى حكمة وإبداع الخالق.
إنّ الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى الأرض يصل بقدر معيّن حيث يقوم الغلاف الجوي بتنظيم درجة الحرارة على كوكبنا، وكذلك الهواء والماء والغازات والنبات والحيوان والطيور والحشرات محددة نسبها.
قال الله تعالى: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) (الفرقان/ 2).
إنّ الكون كلّه يسير وفق نظام محسوب بدقة: الشمس والكوكب والقمر والنجوم. قال الله تعالى:
(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ) (الرّحمن/ 5).
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (يونس/ 5).
أمّا الماء فجعله الله سبحانه وتعالى أصل كلّ كائن حي، كما خلقه بقدر محدد. قال الله تعالى:
(وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرْضِ) (المؤمنون/ 18).
(أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا) (الرّعد/ 17).
(وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (الحجر/ 21).
وفي خصوص النبات، يقول الله تعالى:
(وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) (الحجر/ 19).
أمّا فيما يتعلق بالهواء، فلو كان الغلاف الجوي أقل سماكةً مما عليه لتمكنت الملايين من الشهب من الوصول إلى الأرض، إلا أنّ معظمها يحترق ويتفتت قبل وصولها إلى الأرض بسبب احتكاكها مع الغلاف الجوي. وهي تسير بسرعة تتراوح بين ستة أميال وأربعين ميلاً في الثانية ولو كانت تسير بسرعة تعادل سرعة رصاصة البندقية لارتطمت كلّها بالأرض، وأحرقت كلّ شيء قابل للاحتراق على سطح الأرض.
ولو كانت نسبة الأوكسجين 50% بدلاً من 21% كما هي عليه الآن في طبقة الغلاف الجوي القريبة من سطح الأرض لاحترقت المواد القابلة للاحتراق في العالم من شرارة برق.
منذ أن خلق الله الأرض وما عليها لم يتمكن نبات أو حيوان من السيطرة على العالم. في حين نجد أنّ الإنسان هو الذي بدأ يؤثر على هذا التوازن سواء بنقله للنباتات والحيوانات من مكان إلى آخر أم غير ذلك. ويمكن أن نذكر مثالاً عن مثل هذه الأفعال التي قام بها الإنسان، حيث تم زرع نوع من الصبار في استراليا، كسياج. ولكن ما حدث هو أنّ الصبار امتد إلى مساحات واسعة تقارب من مساحة إنجلترا، فحال دون الزراعة وأتلف المزارع. ولم يتمكن العلماء من القضاء عليه إلا بعد إيجاد حشرة لا تعيش إلا على ذلك الصبار، وهي سريعة الانتشار، وليس لديها عدو يعوقها في أستراليا. وبذلك تمكنت هذه الحشرة من التغلب على الصبار. والتي بدورها تراجعت، ولم يبق منها سوى بقية قليلة للوقاية.
إنّ الذي يمنع الحشرات من أن يصبح حجمها كبيراً جدّاً هو أنّها لا تمتلك رئتين كالإنسان، إذ تتنفس عن طريق الأنابيب. وحين تنمو الحشرات وتكبر، لا تستطيع تلك الأنابيب أن تجاريها في نسبة تزايد حجمها. ولولا وجود هذا الضابط الطبيعي لما أمكن وجود الإنسان على ظهر الأرض.
المصدر: كتاب البيئة من منظور إسلامي
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق