• ٧ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٥ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

هناك علم للثراء

واليس د. واتلس/ ترجمة: خالد شلهوب

هناك علم للثراء

◄هناك علم للثراء، وهو علم دقيق، مثل علم الجبر وعلم الحساب. هناك قواعد معينة تحكم عملية إدراك الثراء، وحالما يقوم أي شخص بتعلم هذه القواعد وتطبيقها، فإنّ ذلك الشخص سوف يدرك الثراء بالحتمية الحسابية.

امتلاك الثروة والممتلكات يأتي كنتيجة للقيام بأشياء بطريقة معينة، وأولئك الذين يقومون بالأشياء بهذه الطريقة المعينة -سواء كان ذلك عن قصد أو بطريق المصادفة- سوف يدركون الثراء، بينما أولئك الذين لا يقومون بالأشياء بهذه الطريقة المعينة -ومهما كان الجهد الذي يبذلونه والقدرات التي يمتلكونها- سيبقون فقراء.

إنّه قانون طبيعي بمثل ما تكون المقدمات تكون النتائج، وهكذا فإنّ أي إنسان رجلاً كان أو امرأة يتعلم القيام بالأشياء وفق هذه الطريقة المعينة سيصبح ثرياً وهذه النتيجة لا تحتمل الخطأ.

تظهر صحّة ما سبق بالحقائق التالية: إدراك الثراء ليست مسألة بيئة محيطة، لأنّها لو كانت كذلك، لكان كّل الموجودين في تلك البيئة المحيطة أثرياء، سيكون سكان مدينة ما كلّهم أثرياء، بينما يبقى سكان المدن الأخرى فقراء، أو أنّ سكان إحدى المقاطعات سينعمون بالثراء، بينما سكان المقاطعات المجاورة يعيشون الفقر.

ولكننا نرى أنّ الأثرياء والفقراء يعيشون جنباً إلى جنب، في البيئة المحيطة نفسها، ويمارسون المهن نفسها في معظم الأحيان، إذا كان هناك شخصان في البيئة المحيطة نفسها ويعملان في المجال نفسه، وأحدهما أصبح ثرياً بينما بقي الآخر فقيراً، فهذا يوضح أنّ المسألة ليست مسألة بيئة محيطة، بعض البيئات المحيطة ربما تكون مفضلة أكثر من غيرها، ولكن عندما يصبح أحد الأشخاص ثرياً ويفشل الآخر في هذا وكليهما في البيئة المحيطة نفسها ويمارسان العمل نفسه، فهذا يشير إلى أنّ إدراك الثراء هي نتيجة للقيام بالأشياء بطريقة معينة.

بالإضافة لهذا، فامتلاك الموهبة ليس الشرط الوحيد للقدرة على القيام بأشياء وفق هذه الطريقة المعينة، لأنّ كثيراً ممن يمتلكون الموهبة بقوا فقراء، على خلاف محدودي الموهبة الذين أصبحوا أثرياء.

بدراسة الناس الذين أدركوا الثراء، نجد أنّهم متوسطو الدرجة بكلّ المعايير، ولا يمتلكون مواهب وقدرات أكثر من غيرهم من الناس، وهذا يقدم البرهان على أنّهم لم يدركوا الثراء لامتلاكهم المواهب والقدرات التي لا يمتلكها الآخرون، بل لأنّهم قاموا بأشياء بطريقة معينة.

إدراك الثراء لا يكون نتيجةً للإدخار أو التوفير، لأنّ كثيراً من المقترين فقراء، بينما يكون المسرفون أثرياء عادةً.

ولا يكون الثراء ناتجاً عن القيام بأشياء لا يستطيعها الآخرون، لأنّك تجد شخصين يعملان في المجال نفسه ويقومان بالأشياء نفسها تقريباً، وأحدهما يصبح ثرياً بينما يبقى الآخر فقيراً أو يصبح مفلساً.

ونتيجةً لكلّ ما ذُكر، يجب أن ندرك النتيجة أنّ إدراك الثراء يكون بالقيام بأشياء وفق طريقة معينة.

إذا كان إدراك الثراء هو نتيجة القيام بأشياء وفق طريقة معينة، وإذا كانت الأسباب نفسها تؤدي إلى النتيجة نفسها، فإنّ أي إنسان رجلاً كان أو امرأة قادراً على القيام بتلك الأشياء وفق تلك الطريقة المعينة فهو قادر على إدراك الثراء، والأمر كلّه يخضع لعلم دقيق.

والأمر الذي يبرز هنا أنّ تلك الطريقة ربما ليست بتلك الدرجة من الصعوبة ليتبعها فقط القلة، (وفقاً للقدرات الطبيعية) فهذا لا يمكن أن يصح.

الموهوبين يدركون الثراء، وكذلك يفعل الحمقى؛ ذوو القدرات العقلية المدهشة يدركون الثراء، وكذلك يفعل الأغبياء؛ ذوو البنية الجسدية القوية يدركون الثراء، وكذلك يفعل ذوو البنية الضعيفة والمرضى.

بالطبع هناك ضرورة لدرجة ما من القدرة على التفكير والفهم، وأي إنسان يمتلك القدرة العقلية الكافية ليقرأ ويفهم هذه الكلمات يمكنه وبكلّ تأكيد أن يصبح ثرياً.

وقد رأينا أيضاً أنّ للبيئة المحيطة دورٌ تؤديه ولكن المسألة ليست مسألة بيئة محيطة فقط، فأنت لن تذهب إلى الصحراء وتتوقع أن تقوم بأعمال تجارية ناجحة هناك.

إدراك الثراء يستلزم بالضرورة التعامل مع الناس والتواجد حيثما وجدوا، وإذا كانوا ميَالين للتعامل بطريقة التعامل التي ترغبها فهذا أفضل بكثير، ولكن وفقاً للطريقة السائدة في البيئة المحيطة. إذا استطاع أحدهم إدراك الثراء في بلدتك، فباستطاعتك فعل الشيء نفسه، وإذا استطاع أحد ما في مقاطعتك إدراك الثراء، فباستطاعتك أيضاً فعل الشيء نفسه.

وأكرر، فالمسألة ليست في اختيار أي عمل أو مهنة محددة. فالناس يدركون الثراء بأي عمل أو مهنة، بينما يبقى آخرون ممن يعملون في المهنة نفسها فقراء.

ومن المؤكد أنّك ستقوم بأفضل جهودك عندما تمارس العمل الذي يناسبك والذي تحبه، وإذا كانت لديك مواهب محددة وكانت هذه المواهب مصقولة بشكل جيِّد، فإنّك ستقوم بأفضل جهودك في الأعمال التي تتطلب وجود هذه المواهب.

وكذلك الأمر، فسوف تبذل قصارى جهدك في الأعمال التي تتناسب مع البيئة المحيطة: فبيع المثلجات سيكون أفضل في المناطق الحارة منه في غرين لاند، واصطياد سمك السلمون سينجح بشكل أفضل في الشمال الغربي منه في فلوريدا حيث لا يوجد سمك السلمون.

ولكن، بعيداً عن كلّ هذه القيود العامة، فإدراك الثراء لا يعتمد على مزاولة نوع معين من الأعمال، بل على طريقة تعلمك للقيام بأشياء بطريقة معينة، فإذا كنت تزاول عملاً سبب الثراء لشخص آخر ولم يفعل الشيء نفسه لك، فسبب ذلك بكلّ بساطة أنّك لا تقوم بأشياء بالطريقة نفسها التي يقوم بها الشخص الآخر.

الافتقار لرأس المال لا يمنع أحداً من أن يدرك الثراء، وصحيح أنّ امتلاك رأس المال يجعل الزيادة أسهل وأسرع، ولكن مَن يمتلك رأس المال هو ثري أصلاً ولا يشغل باله كيف يصبح ثرياً، بغض النظر عن درجة الفقر التي ربما أنت فيها، إذا بدأت بفعل أشياء بالطريقة المعينة فسوف تبدأ بإدراك الثراء وستبدأ بامتلاك رأس المال، فامتلاك رأس المال هو جزء من عملية إدراك الثراء وجزء من النتيجة التي تلي دائماً القيام بأشياء وفق الطريقة المعينة.

ربما تكون الشخص الأشد فقراً في القارة وربما تكون غارقاً في الديون، ربما ليس لديك أصدقاء أو نفوذ أو موارد، ولكن إذا بدأت القيام بأشياء وفق هذه الطريقة، فسوف تبدأ وبشكل لا يقبل الخطأ بإدراك الثراء، لأنّه مثلما يكون السبب تكون النتيجة، إذا لم يكن لديك رأس مال، فإمكانك الحصول عليه، إذا كنت في المجال الخاطئ، فإمكانك التغيير إلى المجال الصحيح، إذا كنت في المكان الخاطئ، فإمكانك الذهاب إلى المكان الصحيح.

يمكنك هذا بدءاً من عملك الراهن، ومكان إقامتك الحالي، والقيام بأشياء وفق الطريقة المعينة والتي تقود إلى النجاح دائماً يجب أن تبدأ بالانسجام مع القوانين التي تحكم الكون.►

 

المصدر: كتاب اعلم إدراك الثراء

ارسال التعليق

Top