قد يكون سبب خوفك من اتخاذ قرار الانفصال هو عدم رغبتك في التسبب بالمعاناة لشخص كنت تحبينه في السابق، وخاصة إذا لم يكن هناك شيء يمكنك أن تلوميه عليه. وليست طيبتنا الداخلية هي السبب الوحيد الذي يمنعنا من الانفصال، فأحياناً فكرة الانفصال تجعل مشاعر كبيرة من تأنيب الضمير تطفو على السطح. فجأة، ترين نفسك في شكل المرأة الشريرة التي يلومها كل من حولها لأنها طلبت الطلاق، لأنّها تطلب الانفصال عن الشخص الذي تمثل هي بالنسبة إليه كل شيء. وخاصة عندما تلعب المرأة في الحياة الزوجية دور الأُم الصالحة المساندة لكل أفراد الأسرة، ثمّ تطلب الطلاق، فتجد نفسها فجأة تتحول إلى امرأة بلا رحمة في نظر الآخرين.
- الخوف من الهجر: "الخوف من الانفصال ليس بعيداً عن الخوف من الهجر، والذي يحيل إلى الانفصال الأوّل عن الأُم" تقول المحللة النفسية آن ديباريد. إنّه خوف طفولي مثل ذلك الذي يتملك الطفل عندما يدرك أنّه هو وأمه يشكلان شخصين اثنين وليس شخصاً واحداً، وأن عليه أن يسلم بالأمر الواقع. وبالنسبة إلى جون جورج لومير، وهو محلل نفسي ومتخصص في الحياة الزوجية "البقاء في حالة ارتباط بالآخر هو طريقة لحماية الذات ضد الخوف من الهجر". ويضيف "الخوف من التعرض للهجر هو هاجس يتكرر لدى الرجال أكثر منه لدى النساء، وخاصة عندما يكونون في سن 40 سنة. أمّا النساء في هذه السن واللائي أنجبن أطفالاً، فلا يكون لديهنّ هذا الهاجس أبداً". - الخوف من أن تأخذ امرأة أخرى مكانك:إنّه أمر متناقض، لكن بالنسبة إلى اللاوعي الذي لا يعترف بالتناقض، فإن تتخلي عن الآخر أو أن يتخلّى الآخر عنك هما شيء واحد. لهذا نجد أنّ المرأة التي انفصلت للتو عن زوجها بملء إرادتها تغرق في الاكتئاب، وذلك تحت تأثرها بأفكار لا واعية، تجعلها تشعر بأنها تعرضت للهجر من زوجها، على الرغم من أنها هي من أجبرته على الانفصال. وعندما تجد المرأة أن زوجها وجد امرأة أخرى لتأخذ مكانها في حياته، فإنّها لا تستطيع تقبل ذلك. ولكي تتجنب الشعور المر بأن لهنّ غريمات ومنافسات، تفضل بعض النساء، على الرغم من كونهنّ غير راضيات تماماً عن حياتهنّ الزوجية، أن يبقين مع الزوج فقط لكي لا تأتي أي امرأة أخرى وتأخذ مكانهنّ في حياة الزوج، حتى لو كن هنّ لا يجبن هذا الزوج.
- الخوف من الوحدة:
بالنسبة إلى عالم النفس البريطاني المعروف دونالد وينيكوت "قدرة الفرد على أن يبقى وحيداً من دون انزعاج هي واحدة من أهم العلامات التي تدل على النضج العاطفي للفرد".
مع ذلك، وحتى في ظل السلام الداخلي الذي يفترض أن يتمتع به الإنسان، لا يمكن التغاضي عن الخوف من الوحدة. هذا الخوف يمكن أن يؤدي إلى ضعف في الثقة بالنفس ويحقر من نظرة المرأة إلى ذاتها، وبالتالي يدفعها إلى البقاء مع الشريك حيث تقول المرأة لنفسها: "على الأقل كنت محظوظة لأن هذا الرجل أحبني في يوم من الأيام". وابتداء من سن معينة، تبدأ النساء في الشك في قدراتهنّ، وهذا الشك يتباين حسب نظرة المجتمع إلى المرأة، وهل هي امرأة مستقلة مادياً أو عاملة أم لا؟ - الخوف من فقدان وسائل الراحة: وهذا أمر بينته كل الدراسات التي أجريت حول الموضوع، والتي وضحت أنّ الانفصال يؤثر سلباً في المستوى المالي الذي تعيش فيه المرأة. ففي بعض الزيجات يكون راتب الزوج أكبر من راتب المرأة، وقد لا يكون للمرأة راتب أساساً لأنها لا تعمل خارج البيت. والنفقة التي يدفعها الزوج بعد الطلاق نادراً ما تعوض الفرق في المستوى المالي بين حياتها أثناء الزواج ثمّ حياتها بعد الطلاق. ومن هنا، نجد أنّ الكثير من النساء يخشين أنهنّ بطلبهنّ الطلاق سوف يتخلين عن مستوى معيّن من الأمان العاطفي والمالي أيضاً. الكثيرات يقلن لطبيبهنّ النفسي: "لا يمكنني الانفصال عنه لأنني لا أملك القدرة المادية لكي أوفر لأطفالي بعد الطلاق المستوى المادي المريح الذي يتوافر لهم الآن". - الخوف على الأطفال:"من بين الأسباب التي يبقى لأجلها الأزواج متزوجين هي الأطفال" يقول جون كلود كوفمان، عالم الاجتماع، ويضيف: "وفي الحقيقة، سهولة الحياة اليومية وخوف الرجال والنساء من صعوبة الحياة اليومية بعد الانفصال هما أيضاً دافعان آخران للاستمرار في الزواج". بعض الأزواج والزوجات مقتنعون بأنّه لو لم يكن لديهم أطفال لانفصلوا عن بعضهم بعضاً، كما يؤكد ذلك المحلل والمعالج النفسي المتخصص في الأسرة روبرت نيوبيرغ. وهذا في حد ذاته تحميل مسؤولية كبيرة للأطفال، الذين يشعرون نتيجة لذلك بأنهم لو لم يكونوا موجودين لكان والدهما أكثر سعادة. سيشعر الأطفال دائماً بأنّهم مسؤولون عن أنّ الحياة الزوجية لوالديهما ليست على ما يرام. وقد بينت دراسات أجريت في فرنسا أن أغلب الأطفال يعتبرون أنّ العيش مع والدين تعيسين وغير متفاهمين أصعب من العيش مع والدين مطلقين.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق