• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كيف تشكلت أول ذرة في الكون؟

كيف تشكلت أول ذرة في الكون؟

تعتبر الذرة هي أصغر مكون لأي عنصر من العناصر الموجودة في الطبيعة.

حيث تعتبر الذرة هي اللبنة الأولى والأساسية التي يتكون منها هذا العنصر أو هذه المادة، وكان مصطلح الذرة من المصطلحات القديمة المأخوذة عن الإغريق حيث كان يظن في تلك الفترات القديمة أن الذرة هي أصغر مكون للمادة ولا يمكن أن يتجزأ أو ينقسم لمكونات أصغر، ومع تطور العلوم والبحث العلمي تم إثبات عكس ذلك بالتأكيد حيث اتضح للعلماء أن انقسام الذرة وتجزئتها شيء من الممكن تطبيقه وتم اكتشاف المكونات التي تتكون منها الذرة وبهذا يكون تم القضاء على فكرة أن الذرة أصغر مكون موجود في الطبيعة تتكون منها المواد وأن الذرة لا يمكن تقسيمها.

ونتج عن هذا الاكتشاف الضخم للغاية أحداث كثيرة أثرت على مجرى الحياة في الأمور المتعلق بالطاقة الرهيبة التي يتم الحصول عليها من تفتيت الذرة وكيفية استغلال هذه الطاقة بشكل جيد كطاقة بديلة عن المصادر التي سوف تتعرض للانتهاء مثل البترول أو استغلالها بشكل سيء يؤدي للدمار مثل تصنيع أسلحة الدمار الشامل.

 

 - تعريف الذرة

يرجع تسمية الذرة بهذا المصطلح من الكلمة الإغريقية "أوتوموس" والتي معناها العنصر الغير قابل للانقسام وتم أستخدام هذه الكلمة لأن علماء تلك الفترة اعتقدوا أن الذرة هي المكون الأصغر الذي لا يتكون بدوره من مكونات أصغر منه، وأما عن تعريف الذرة فإنّ أبسط تعريف لها أنّها المكون الأصغر الذي يتكون منه أي عنصر كيميائي أو مادة، وتحمل الذرة السمات الكيميائية التي يتميز بها هذا العنصر أو هذه المادة.

 

- تكون الذرة

وترجع الإحصائيات والنظريات العلمية وقت تكون الذرة إلى توقيت الانفجار العظيم الذي نتج عنه هذا الكون الجديد الذي أخذ يبرد ويتمدد شيئاً فشيئاً متيحاً الفرصة للإلكترونات والكواركات التي أخذت تتجمع مع بعضها البعض مكونة البروتونات والنيوترونات التي تتكون منها الذرة، وبرودة الكون جعلت الظروف مهيأة للإلكترونات حتى تدور ببطء حول النواة التي أخذت تجذب إليها الإلكترونات ونتج عن ذلك وجود أول ذرة في الكون.

ويعتقد العلماء أن أول الذرات التي تكونت وظهرت هى ذرة غاز الهيليوم وغاز الهيدروجين ولا يزال هما أكثر الغازات الموجودة في الكون حتى الآن، وتتكون الذرة من الداخل من نواة موجودة بشكل دقيق في المركز وتحمل إشارة موجبة وتدور حولها عدد من الإلكترونات التي تحمل إشارة سالبة والبروتينات التي تحمل الإشارة الموجبة والنيترونات التي تحمل إشارة متعادلة أي أنها تحمل كلا الإشارتين الموجبة والسالبة بشكل متساوي، وتدور كلّ هذه المكونات حول النواة في مسارات خاصة بها ودقيقة.

 

- الخصائص التي تتمتع بها الذرة

وعلى الرغم من أن الذرة أصغر الأجسام الموجودة على الإطلاق إلّا أنّها تمتلك عدة خصائص تتميز بها، حيث تتميز الذرة بأن لها عدداً ذرياً خاصاً بها ويختلف العدد الذري الخاص بكل عنصر عن باقي العناصر، كما أن الذرة تتميز أيضاً بأنّ لها كتلة ذرية، كما أن هناك خصائص للذرة تتميز بها وتتعلق بالإلكترونات ومنها عدد الإلكترونات الذي تمتلكه الذرة والمدارات الخاصة بها والموصلية والخواص المغناطيسية، وتعتبر هذه الخصائص هي السبب الذي يميز كلّ عنصر عن باقي العناصر وبالتالي تكون سبباً فيما نراه من عناصر متنوعة ومواد مختلفة.

 

- معلومات عن الذرة

تتكون الذرة من ثلاث مكونات رئيسية وهم البروتونات والإلكترونات والنيترونات، تعتبر الذرة أقل جسم حجماً موجود على الارض، أغلب أجزاء الذرة متكونة من الفراغ، معظم كثافة الذرة تكون متمركزة في النواة، تم إحصاء مائة نوع من الذرات منهم 92 نوع موجودون في الطبيعة بشكل طبيعي والباقي يتم إيجاده بشكل صناعي في المختبرات والمعامل، تختلف القوى التي ترتبط بها مكونات الذرة حيث أن البروتونات والنيترونات ترتبط بقوة نووية بينما البروتونات والإلكترونات ترتبط بقوة كهربية.

 

- حجم الذرة

ويصعب علمياً وضع وصف دقيق لحجم الذرة أو وصفه من خلال الأرقام بشكل يقربنا من تخيله، وذلك لأنّ المسارات الإلكترونية فيها تتغير باستمرار وغير ثابتة وبالتالي فإنّ حجمها يختلف باختلاف دوران الالكترونات حول النواة، ولكن في بعض الحالات الخاصة والتي يتم فيها تحويل مجموعة من الذرات إلى بلورة صلبة من خلال عدة عمليات وتقنيات صعبة ومعقدة للغاية يمكن من خلالها قياس المسافة بين نواتين متقاربتين، كما أن حجم الذرة يختلف من عنصر كيميائي إلى آخر ويعتمد ذلك على قوة جذب البروتونات للإلكترونات تجاه النواة، وكلما كان عدد البروتونات أكبر كانت قوة جذبها للإلكترونات أكبر وبالتالي كان حجم الذرة أصغر والعكس صحيح.

 

- مكونات الذرة

وتتكون الذرة من عدة مكونات داخلية، وهي البروتونات والتي تم اكتشافها على يد العالم "إرنست رذرفورد" وكان ذلك في عام 1919 حيث قام بهذا الاكتشاف من خلال احدى تجارب على رقاقة من الذهب، حيث قام بإطلاق أشعة ألفا والتي تحمل شحنة كهربية موجبة وتحمل نواة غاز الهيليوم على الرقاقة، وعندما لاحظ أن الشحنات ترتد مرة أخرى موجبة استخلص من هذه التجربة أن البروتونات الموجودة بالنواة تحمل شحنة ذرية موجبة، وأن الرقم الذري هو عدد البروتونات في الذرة كما أن لكل عنصر العدد الذري الخاص به.

وأما عن ثاني مكونات الذرة فهي الإلكترونات وقد تم اكتشافها على يدي العالم "جون جوزيف تومسون" وكان ذلك في عام 1897 بعد قيامه بالعديد من التجارب العلمية والتي كان يستخدم فيها أشعة الكاثود حيث قام بمقارنة معدل الكتلة الخاص بالمادة بمقدار شحنة الإلكترونات التي تنطلق من أشعة الكاثود، وأما المكون الثالث للذرة فهي النيوترونات وتم اكتشاف النيوترونات عام 1932 على يد العالم "جيمس شادويك"، وذلك من خلال إثبات أن الإشعاع المخترق يحتوي على حزم من الجزيئات المحايدة.

 

- الذرة في كوكب الأرض

ومن خلال عدة نظريات وعمليات حسابية دقيقة ومعقدة للغاية توصل العلماء لعدد تقريبي للذرات التي تدخل في تكوين كوكب الأرض وذلك من خلال الاعتماد على نظرية التضخم الكوني، وتؤكد عدد من النظريات أن عدد الذرات لا نهائي أي لا يمكننا حسابها وعدها يشكل دقيق أو قريب حتى من الدقة.

 

- الروابط بين الذرات

وهناك روابط تربط الذرات ببعضها البعض لأنّ الذرة تكون في حالة غير مستقرة ولذلك تلجأ لعمل روابط مع ذرات أخرى حتى تستقر ويختلف نوع هذه الرابطة ويمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع:

- الرابطة الأيونية: وهي من الروابط القوية التي تنشأ بين الذرات وتنشأ هذه الرابطة بين ذرتين لهما شحنة مختلفة حيث تكون واحدة منهما سالبة الشحنة والأخرى موجبة الشحنة وتفقد الذرة سالبة الشحنة إلكتروناً خلال نشوء الرابطة حتى تعادل الذرة موجبة الشحنة.

- الرابطة التساهمية: وهي الرابطة التي تشارك فيها الذرات الإلكترونات فيما بينهم في المستوى الأخير للذرة بحيث تمنح إحدى الذرات ذرة أخرى أحد الكتروناتها حتى يتم نشوء الرابطة فيما بينهما.

- الرابطة الفلزية: وتنشأ هذه الرابطة بين ذرات العناصر الفلزية من خلال قوى الربط الكهربي.

 

- الانشطار والاندماج النووي

ذكرنا أنّه بعدما توصل العلماء إلى حقيقة وإمكانية تقسيم الذرة وجدت بعض النظريات التي جعلت هذا التطور المعرفي الكبير يمكن استغلاله بطريقتين أحدهما يخدم البشرية ويساعدنا في جعل الحياة أكثر سهولة وهي الاستخدامات السلمية مثل إنتاج الطاقة، والطريق الآخر هو الاستغلال السيئ لهذه العلوم في صناعة الأسلحة الفتاكة.

ومن أقوى الأمثلة على ذلك هي عملية الانشطار النووي وهي عبارة عن تفكك نواة كبيرة غير مستقرة وينتج عنها نواة أصغر وفي خلال ذلك يتحرر كم هائل من الطاقة وعملية الانشطار قد يكون متحكم فيها مثل التي تحدث في المختبرات العلمية او غير متحكم فيها مثل القنابل الذرية.

أيضاً الأندماج النووي الذي يحدث من خلال التحام أكثر من نواة ذرة لينتج عن هذا الالتحام نواة أكبر و يتطلب هذا كم كبير من الطاقة ولكن الطاقة التي تنتج عن هذا الالتحام أو الاندماج يكون أكبر بكثير ومن أمثلة هذا الالتحام ما يحدث في قلب الشمس.

 

- استشهادات عن الذرة

يقول الصوفي "جلال الدين الرومي" قبل ألف عام من اكتشاف مكونات الذرة أنّه لو فلقت الذرة لوجدت نظاماً شمسياً، وكان هذا الحديث قبل اكتشاف ومعرفة ما تحتويه الذرة من بروتونات وإلكترونات ومدارات تشبه بشكل كبير النظام الشمسي.

 

- الخاتمة

الحديث عن الذرة مهم للغاية لأنّ التطبيقات العلمية التي تتم على الذرة يمكن استغلالها بطرق كثيرة ممكن أن تفيدنا وممكن أن نحذر من الاستخدامات السلبية لها.

ارسال التعليق

Top