• ٧ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٥ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

دع الحب يُنير طريقك

مارسي شيموف مع كارول كلاين/ ترجمة: آمال ن. الحلبي

دع الحب يُنير طريقك

   ◄ أفضّل أن تكون لي عينان لا تريان، وأذنان لا تسمعان، على أن يكون لي قلبٌ لا يقوى على الحبّ.

                                                               الكاتب روبرت تايزن

    قم بهذه التجربة الصغيرة: أشِر بإصبعك إلى ذاتك. لاحظ إلى أين تصوّب. إذا كنت مثل آلاف الناس الذين سألتهم القيام بهذا الشيء، فإنّك تصوّب إلى قلبك. لا أحد يصوّب إلى رأسه، أو بطنه، أو ركبته. لماذا؟ لأننا نعلم بطريقة الفطرة أنّ القلب هو جوهر ذاتنا.

    تصوّر أنّك تنظر إلى عينَيْ شخصٍ عزيز، وتقول له: "أحبّك من كلّ رأسي". ماذا تكون ردّة فعله؟

    اعتبر الإنسانُ القلبَ على مرّ العصور، مركز العواطف، وأساسيّاً في سعادته وحكمته. في العديد من الثقافات، يُشار إلى القلب على أنّه الجوهرة، الماسة أو زهرة اللّوتس، وكلّها تمثّل أعمق قِيَم الوجود.

    في القلب يجري كوثر الحياة. عندما تتدفّق مياهه ننعش، وعندما تنضب نذبل.

    لقد اختبرت صحّة ذلك بنفسي. لقد عانيت خلال سنين طويلة من ألم شديد في قلبي. أصابني هذا الألم عقب انتهاء علاقتي برجلٍ كنت أحبّه. بالرغم من أنّني لم أكن أريد الزواج به، إنما أحسست بمرارةٍ شديدة عندما نشأت علاقةٌ بينه وبين صديقة لي. اعتقدت أنّ المرارة التي أحسست بها سوف تزول مع الأيام أو عندما أتعرّف إلى رجل آخر. إلا أنها بقيت وازداد الألم في قلبي حتى إني لم أكن أقوى على التقاط النفس أحياناً، وأحياناً أخرى كنت أخاف من إصابتي بسكتةٍ قلبية. تمّت معاينتي على أيدي أطبّاء متخصّصين، إلا أنهم لم يجدوا سبباً عضويّاً يبرّر الألم. كنت أحسّ بثقل عاطفي وعضوي في قلبي لم تخفّ أوزاره إلا بعد أن بدأت بممارسة عادات السعادة المتّصلة بالقلب. عندما تمارس هذه العادات، تستمتع بقلب أكثر حبّاً وانفتاحاً. إنّها إحدى ركائز بناء سعادتك.

    

    - حقل الطاقة الحيوية حول القلب:

    عُدْ إلى مناسبة في طفولتك جلبت الفرح إلى قلبك. رحلة مميّزة في نطاق العائلة، وقتٌ قضيْتُه في اللّعب مع صديق مفضّل، أو ربّما ذلك اليوم عندما حصلت على هرّة أو كلب كنت تحلم في الحصول عليه. كيف تشعر وأنت تسترجع هذه الذكريات؟ ربّما تحسّ بدفءٍ لذيذ يملأ قلبك. إنها الطاقة.

    عندما كنت في الثامنة، كان جدي يزورنا في كلّ فرص نهاية الأسبوع. كنت أحبّه كثيراً. وعندما أراه قادماً وفي يده ذلك الكيس المعهود بمحتوياته الطيّبة، كنت أهرع لأفتح له الباب وقلبي يرقص فرحاً. وعندما كان يأخذني بين ذراعيه، كنت أحسّ بالطاقة في قلبه تقفز خارجاً فتلتقي الطاقة في قلبي. كنت لا أصدّق اللحظة عندما أتكوّم في حضنه فيشرع في أخباره عن الماضي، عندما حصل الزلزال سنة 1906 وعندما كان لاعباً محترفاً في "البايس بول"، ناهيك عن الكثير من المغامرات التي كان يقوم بها. كنت في ذلك العمر المبكر متيقّنة أنّ طاقة القلب تشعّ إلى خارج الجسم.

    اليوم، يؤكّد العلم تجربة طفولتي: نعم، يتمتّع القلب بحقل من الطاقة القويّة التي تحيط به. تأكّدت نتائج أبحاث مركز هارتماث بتأييد من جامعة ستانفورد ومركز ميامي لأبحاث القلب القائلة إنّ قلوبنا تُصدر طاقة كهربائية ومغنطيسيّة تتسع رقعة دائرتها أقداماً عدّة، وهي تتخطى بمعدّل خمسة آلاف ضعف الطاقة التي يُصدرها الدماغ.

    تقاس حركة القلب تحت تأثير العواطف بمقياس يدعى HRV، وهو يقيس التغير في تسارع ضربات القلب. لقد أكّد الأطباء القلب نماذج في الحركة تُلازِمُ نوعيّة الظروف التي يعيشها الفرد. إنّها تختلف من حالة الغضب إلى حالة الضيق أو الحزن. انظر إلى الاختلاف في حركة القلب في الرسمين البيانيّين التاليين:

    تتسبّب العواطف السلبية بضربات قلب غير منتظمة وغير متجانسة، يكون مفعولها مسيئاً للصحة. عندما تشعر بالغضب أو بالحزن، يزداد إفراز بعض الهرمونات المرافقة لهذه المشاعر والكولسترول، فيضرب قلبك بسرعة ويرتفع ضغط الدم في شرايينك. في المقابل، عندما تشعر بالرّضى والحب والتوازن العاطفي، يتجاوب قلبك بضرباتٍ منتظمة، متجانسة وهادئة.

    بحسب الأبحاث التي نشرها مركز هارتماث، يساعد انتظام ضربات القلب على إفراز هرمونات جيِّدة، مثل: الهرمون المقاوم للشيخوخة DHEA، والذي يعدّل ضغط الدم ويحسّن الوظائف المعرفية ويقوّي جهاز المناعة.

    

    - الحبّ والخوف:

    يمكن جمع كلّ أنواع المشاعر الإنسانية التي نعرفها تحت عنوانين كبيرين: الحبّ والخوف. كلّ مظاهر الحبّ، مثل الشكر والتسامح والرّفق والمشاركة والتقدير، تساعد على تمدّد القلب وتناغم حركته. بينما تساهم كلّ مظاهر الخوف، مثل الغضب والحزن والأذى والذنب، في انقباض القلب والتشوّش في حركته. كلّ لحظة تعيشها تشهد إمّا المحبة وإمّا الخوف، وتبعاً لذلك تتقرّر سعادتك أو عدمها.

    

    - الإنقباض:

    الخوف

    الغضب، الحزن، التوتّر

    خيبة الأمل

    النفور

    الأنانية

    تشوّش في حركة القلب

    

    

    - الاتّساع:

    الحبّ

    الانفتاح

    الشكر

    التسامح

    حبّ العطاء

    تناغم في حركة القلب►

ارسال التعليق

Top