◄يمكن تلخيص الدوافع الباعثة على القراءة، لدى الأفراد الأكثر قراءة بما يلي:
أوّلاً: حب الاطلاع، الذي هو دوافع غريزي يمكن تنميته بواسطة البرامج التعليمية والخطط التربوية الهادفة.
ثانياً: الرغبة في التفوق والتميز؛ علمياً واجتماعياً واقتصادياً؛ بدافع البحث عن عوامل النجاح في اقتصاد حر يبحث عن الأكفأ.
ثالثاً: الرغبة في التسلية والمتعة.
رابعاً: الاستجابة للدعوة الدينية التي تحث على طلب العلم (من المهد إلى اللحد).
وهكذا تتنوع طرائق القراءة وأساليبها بحسب دوافعها وأهدافها.
فمن ذلك قراءة الدرس؛ التي يقوم بها الإنسان لزيادة نصيبه من العلم؛ فهو يقوم بها في المدرسة ليتمكن من النجاح في المذاكرات والامتحانات والحصول على الشهادات العلمية التي تؤهله لخوض غمار الحياة العملية.
كما يقوم بها في مناشط الحياة المختلفة؛ فهو يقرأ اللافتات، وجداول السكك الحديدية، والخطوط البرية والجوية، وأسماء الشوارع، ليؤمن حركة انتقاله والوصول إلى هدفه بأيسر السبل.
ويقرأ كتب الإرشادات العملية (الكتالوج) ليحسن استخدام جهاز، أو يتقن طهو طعام، أو لتطوير مهنته، وتنمية عمله.
ويراجع في القواميس والمعاجم ودوائر المعارف والموسوعات العلمية؛ بحثاً عن كلمة أو مصطلح أو مسألة يهتم بها لإلقاء محاضرة، أو كتابة مقال، أو المشاركة في ندوة.
ويقرأ مواد متخصصة مثل الحساب، والخرائط الجغرافية، والمصورات، والرسوم البيانية.
ويقرأ كتب الاجتماع والسياسة والأخلاق والدين، للوصول إلى قرار في مبدأ من مبادئ السلوك، أو قيمة خلقية، أو موقف سياسي.
وينبغي أن تكون له في كلّ ذلك قدرة على تنظيم المقروء بتلخيصه، واستيعابه لإعطاء فكرة عنه.
وهنالك القراءة للاستمتاع: وهي مرتبطة بأوقات الفراغ، ويندرج تحتها نوعان:
الأوّل: ينبع من تطلع الإنسان لمعرفة النفس البشرية، وما يحيط بها من ظروف الحياة؛ فهو يريد أن يعرف شيئاً عن الحيوان وطرق معيشته، وعن الأقطار الأخرى، وعن الفضاء والكون، وعن الحياة في التأريخ وفي الواقع.
الثاني: ينبع من رغبة الإنسان في الابتعاد عن الواقع؛ ويبدو في رغبة الطفل بقراءة القصص الوهمية والخيالية، ورغبة الكبار في القراءة من التغيرات المفاجئة، وأحداث الساعة، والمواقف التي يعاني منها الآخرون، وأسرار النفس البشرية، وإدخال السرور والبهجة، وإشباع هواية من الهوايات، كلّ ذلك من أجل الابتعاد عن الحياة الواقعية، وصرف الذهن عن معاناته الحاضرة.
ومن الواضح أنّ قراءة الدرس سواءً أكانت في المدرسة، أم في مناشط الحياة المختلفة فإنّها قراءة إلزامية أو شبه إلزامية، كتبها مقررة، وموادها مفروضة، وخياراتها محددة. أمّا قراءة المتعة الذهنية، فهي نشاط تلقائي، متروك لاختيار الإنسان، فليحسن الاختيار، وليرتفع في مقروءاته عن المستويات الهابطة، ولينوع في هذه المقروءات، حتى لا يمل، فإنّ الجائع إذا أرغمته على طعام واحد تركه.
وربما تقرأ للنقد وتقديم الكتاب لغيرك: فلا تتعجل؛ ينبغي، وأنت تقدم الكتاب للنّاس، أن تكون قد استوعبته:
اقرأ الكتاب، ودوِّن ملاحظاتك أوّلاً بأول، وتحقق ممّا يورده المؤلف، من تواريخ أو إحصاءات، فقد يغلط فيما يورده من بيانات، وقارن معلوماته بما كتب غيره في الموضوع نفسه، وأرصد إبداعاته، وما أضافه من أفكار جديدة على سابقيه ومعاصريه، واقرأ ما كتبه غير عنه، كي تستطيع أن تضع الكتاب في مكانه المناسب، وتضع تقديمك له في مكانه المناسب. وإذا أصدرت حكمك على الكتاب، فليكن ذلك بكثير من الاحتياط والعدل، فلا يحملنك الإعجاب على تجاوز العثرات، ولا الكراهية على تجاوز الحسنات؛ (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا) (المائدة/ 8)، وتجنب الجمل العامة المرددة: الكتاب جيد، لا غنى لقارئ عنه، يتميز بالبراعة والإبداع.. إلخ.
إن تقديمك للكتاب، ينم عن اطلاعك، وأحكامك عليه ربما تكشف عن ضيق أفقك. ►
المصدر: كتاب القراءة أوّلاً...
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق