• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الشورى.. تأسيس لمجتمع العدالة

السيد محمد حسين فضل الله

الشورى.. تأسيس لمجتمع العدالة

◄البراءة من الكفر: يقول تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران/ 159).

تحدّث الله سبحانه في هذه الآية عن الأسلوب العملي القيادي للرسول (ص) في علاقته الحركيّة بأصحابه وبالأُمّة من خلال ذلك، وأنّ هذا الأسلوب ينبغي أن يقوم على مبدأ المشاورة في الأمور التي تمسّ حياتهم وحياة الإسلام، في حركته في الدعوة، وفي السلم والحرب، وفي كلّ خطوط الواقع في شكلٍ عام، فيما يريد أن يقوم به من عمل، أو يقرّره من قرار، أو يخطّط له من وسائل وأهداف، في موقعه القيادي الذي يرتبط به المصير العام للأُمّة كلّها، ليحقّق من خلال ذلك أمرين تربويّين في حركة العاملين في الحياة:

الأوّل: التَّخطيط للسلوك الفردي والاجتماعي، على أساس الابتعاد عن الاستبداد بالرأي في اتّخاذ المواقف الحاسمة والقرارات المصيريّة، وتأكيد أن يرجع الإنسان إلى فكر الآخرين الذين يملكون الفكر السديد السليم، فيحاورهم ويناقشهم ويستشيرهم في كلّ خطوة من خطوات العمل، ثمّ يرجع إلى فكره ليقارن بين الآراء، ويدرس كلّ واحدٍ منها بمفرده، بهدوء وموضوعيّة، لينتهي إلى النتيجة الأخيرة بطريقة فكريّة سليمة، فيعمل على أساسها بقوّة وثبات.

الثاني: إعداد الأُمّة التي تمثل القاعدة الواسعة لتفكّر مع القيادة في كلّ ما تريد القيادة أن تقوم به من خطط ومشاريع؛ لتعرف – من موقع الفكر – كيف يكون التحرّك، وأين تقع الوسيلة من خطّ الهدف، فتتابع القرارات من بدايتها بوعيٍ وتأمّل وتركيز، وتتدرّب – بذلك – على ممارسة الدور القيادي، من أجل أن تعدّ نفسها لاستلام القيادة في حالات الفراغ بكفاءة وقدرة على تخطيط المواقف واتِّخاذ القرارات، وتتعلّم أيضاً كيف تراقب خطوات القيادة غير المعصومة، أو ترصد قراراتها، لئلّا تنحرف أو تغفل أو تخون، فتكون بالمرصاد لها من بداية الطريق، قبل أن تتعقّد المشكلة، ويستفحل الأمر في نهايته. وبذلك، يصعب على القيادات المنحرفة التي قد تفرض نفسها على الساحة في المستقبل، أن تمارس حرّيتها في التلاعب بمقدّرات الأُمّة، واللعب بعواطفها ومشاعرها بالكلمات المبهمة؛ لأنّ الأُمّة قد أعدّت لترصد الحكم في عملية محاكمة ومناقشة، على أساس تحصيل القناعة من قاعدة الحجّة والبرهان المتمثّلة بحركة الحوار الفكري. وتلك هي عظمة التربية الإسلاميّة، التي توحي للقادة – وإن كانوا في مستوى رسول الله (ص) الذي لا يحتاج إلى فكر أحد؛ لتسديد الله له بالفكر الصائب والخطّ المستقيم – ووعيها لما يحصل، لا عن القاعدة التي تطيع من دون فهم ووعي، وذلك كوسيلة مُثلى من وسائل التحضير العملي لقيادات المستقبل من بين أفراد الأُمّة.

 

تأملات في الاستدلال:

وقد أثار الكثير من المفكّرين الإسلاميّين في حديثهم عن هذه الفقرة من الآية موضوع الشورى كأساس للحكم الإسلامي وعلاقتها بشرعيّة هذا الحكم أو عدم شرعيّته؛ فرأوا في هذه الآية قاعدة التشريع التي توحي إلى الرسول وإلى الأُمّة من خلاله أن يعتمد الشورى كأساس للقضايا العامّة، ليكون ذلك دستوراً عمليّاً شاملاً، حتى في الحالات التي لا تحتاج فيها القيادة إلى ذلك، كما في حالة وجود القائد المعصوم. ولكنّنا لا نستطيع أن نوافق على إخضاع الآية لهذه الفكرة؛ لأنّنا لا نلمح فيها مثل هذا الجوّ؛ فقد وردت في الحديث عن السلوك العملي للرسول (ص) مع المسلمين، كوجهٍ للصورة الإنسانية الإسلامية التي تتمثّل فيها إنسانيّة الرسالة وواقعيّتها، فيما يعيشه الرسول (ص) مع أصحابه من الرحمة في رقّة القلب ولين الكلمة، وفيما يريد له أن يعيشه معهم من العفو عنهم والاستغفار لهم إذا أخطأوا، ومن استشارتهم في الأمر كأسلوب من أساليب تأكيد اهتمامه بهم وتقديره لهم، وإعدادهم – من خلال ذلك – للمستقبل، ليعتادوا على التفكير في الأمور. ولم تتحدّث الآية عمّا تفرضه الاستشارة من مسؤوليّات على المستشير إذا لم يقتنع بالرَّأي المشار به، كما هو المفروض في ما تقتضيه فكرة الشورى، من اعتبارها قاعدةً لشرعية الحكم في الدولة الإسلامية، من حيث الإلزام للأُمّة بما ينتج عنها من قرارات، وما تستتبعه من التزامات. بل ربّما نستوحي من الفقرة التالية في قوله تعالى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ)، أنّ الاستشارة لا تلزم المستشير بشيء، بل إنّ المسألة تعود إلى المستشير واقتناعه بما أشير عليه به أو عدم اقتناعه بذلك.

ويؤكّد هذا المعنى، بعض الأحاديث الواردة في هذا المجال. فقد جاء في بعضها: "لمّا نزلت (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ)، قال رسول الله (ص): أما إنّ الله ورسوله لغنيّان عنها، ولكن جعلها الله تعالى رحمةً لأُمّتي؛ فمن استشار منهم لم يعدم رشداً، ومن تركها لم يُعدم غيّاً". وجاء عن عليّ بن مهزيار، قال: "كتب إليَّ أبو جعفر – الإمام محمّد الجواد (ع) – أن سل فلاناً أن يشير عليّ، ويتخيّر لنفسه، فهو يعلم ما يجوز في بلده، وكيف يعامل السلاطين؛ فإنّ المشورة مباركة. قال الله تعالى لنبيّه في محكم كتابه: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، فإن كان ما يقوله مما يجوز كنت أصوّب رأيه، وإن كان غير ذلك رجوت أن أضعه على الطريق الواضح إن شاء الله". وجاء عن الإمام عليّ بن موسى الرضا (ع) أنّه قال لبعض أصحابه: "إنّ رسول الله (ص) كان يستشير أصحابه، ثمّ يعزم على ما يريد". وقد روي أنّه (ص) شاور أصحابه يوم بدر في الذهاب إلى المعركة، فقالوا: "يا رسول الله، لو استعرضت بنا البحر لقطعناه معك، ولو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك، لا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى: (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَا هُنَا) (المائدة/ 24) – ولكن نقول: اذهب فنحن معك وبين يديك وعن يمينك وعن شمالك مقاتلون".

 

الشورى في سيرة النبيّ (ص):

وكان الرسول (ص) في تربيته للناس على الشورى، يحضّ على التمييز، في كلّ مورد يريدون أن يدلوا فيه برأيهم، في مسائل الحرب والسلم، بين ما هو تكليف إلهي شرعي، وبين ما هو تدبير بشريّ صادر عن شخص النبيّ (ص)، ليشيروا عليه بآرائهم فيما لو كان رأيه رأياً خاصّاً. وهذا ما رواه كتّاب السيرة يوم بدر، فقد نزل النبيّ (ص) في موقع هناك، وكان أدنى ماءٍ من بدرٍ – كما يقولون –، فقال الحبّاب بن المنذر: يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل، أمنزلاً أنزله الله ليس لنا أن نتقدّمه ولا نتأخّر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال الرسول (ص): بل هو الرأي والحرب والمكيدة، فقال: يا رسول الله، ليس هذا بمنزل، فانهض الناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم، فننزله ثمّ نغور ما وراءه...، فقال له النبيّ (ص): لقد أشرت بالرأي، وعمل برأيه. وربّما كان النبيّ (ص) يستشير أصحابه حول أمر ما، ويدعوهم إلى المناقشة فيه، ليفكّروا في الرأي البديل، فيدرّبهم بذلك على التفكير في الأمور، ويوجّه القيادات من بعد ذلك إلى الاستماع إلى آراء القاعدة الشعبية حول القرارات التي ينبغي أن تتّخذها القيادة، من أجل تسديد الرأي، وتعميق العلاقة بين القيادة والقاعدة، على أساس المسؤوليّة المشتركة في التقرير والتنفيذ، مع الحفاظ على الموقع القيادي للقيادة؛ لأنّ مسألة الشورى تتحرّك في المرحلة التي تسبق القرار الحاسم في الموقف أو في المعركة. ولابدّ لنا من التدقيق في الروايات التي تتحدّث عن مشاورة رسول الله (ص) للمسلمين، من حيث توثيق رواتها ودراسة مضمونها؛ لأنّ بعض هذه الروايات قد تسيء إلى صورة وعي النبيّ (ص) للرسالة وإلى إنسانيّته في نظرته إلى الناس؛ كما جاء في روايةٍ، أنّ النبي (ص) للرسالة وإلى إنسانيّته في نظرته إلى الناس؛ كما جاء في روايةٍ، أنّ النبي (ص) شاور أصحابه في يوم الحديبية في أن يميل على ذراري المشركين، فقال له أبو بكر: إنّا لم نجئ لقتال أحد، وإنّما جئنا معتمرين، فأجابه إلى ما قال. فنحن نلاحظ أنّ هذه الرواية توحي بأنّ أبا بكر كان أكثر وعياً للمهمّة التي جاء المسلمون لتنفيذها من رسول الله (ص)، في الوقت الذي نعرف أنّ النبيّ (ص) هو الذي قادهم على أساس القيام بالعمرة لا على أساس القتال؛ ولذلك لم يجئ مقاتلاً في حال استعداد شامل للقتال؛ لأنّه كان يهيِّئ الظروف والأسباب لفتح مكّة. ثمّ كيف يفكّر رسول الله (ص) في الإجهاز على الذراري، في الوقت الذي لم يبدأ القتال مع المشركين المعاندين؟! وكيف يُمكن أن نقدّم صورة النبيّ الإنسان وهو يفكّر في قتل النساء والأطفال الصغار قبل الدخول في حرب، في الوقت الذي يقدّمه القرآن الكريم والسنّة في أبهى صورة إنسانيّة، في كلّ أقواله وأفعاله؟! وهذا يفرض علينا أن ندرس شخصيّة الرواة الذين رووا هذه الرواية قبل الأخذ بها، وأن ندقّق في مفرداتها التي لا تتناسب مع صورة النبيّ الحقيقية الرساليّة، في إنسانيّته وأخلاقيّته وحكمته وعدالته في النظر إلى الأشياء من موقع المسؤوليّة العملية مع الناس.

 

الشورى من عناوين المجتمع الإسلاميّ:

وإذا كنّا قد لاحظنا – في فهمنا للآية – أنّها لا تطرح الشورى كقاعدةٍ ملزمة في حركة القيادة، فإنّنا نحاول أن نؤكّد أنّ المسألة تتجاوز أخلاقيّة النبيّ (ص) في صفته الإنسانيّة، إلى موقعه في صفته القيادية، سواء من حيث سلوك القائد مع القاعدة، أو من حيث مسؤوليّته تعرّف آراء الناس الآخرين في حركة القضايا المتّصلة بالمسيرة الإسلامية؛ لأنّ الإسلام يرفض استبداد القائد في حركته العامّة من الناحية الأخلاقية أو السياسية. ولهذا فإنّ الأمر بالمشاورة للناس في هذه الآية، ينطلق من الخطّ العام، بعيداً عمّا إذا كان النبيّ (ص) محتاجاً إلى ذلك في الواقع الخارجي أو غير محتاج؛ ما يعني أنّ على القائد أن ينفتح على شعبه من خلال الشورى، ليكون حكمه منسجماً مع الخطّ الإسلامي العام في هذه القضيّة الحيويّة المهمّة، وفي غيرها من القضايا في حياة الناس؛ لأنّ المسألة لا تتصل بالجانب الذاتي في شخصيّته، بل بالجانب العام في حكمه. ولا تقتصرُ مسألة الشُّورى على الدائرة القيادية، بل تمتدّ إلى الواقع العام للناس؛ لأنّها من المسائل الحيّة التي تكفل لهم المزيد من الانفتاح على بعضهم البعض، في موقع الفكر المشترك في كلّ قضاياهم، كما تمنع الكثير من الزَّلل الذي يقع فيه المستبدّون من خلال استبدادهم في إدارة أمورهم. ولذلك اعتبرها الإسلام عنواناً من عناوين المجتمع الإسلامي، ثمّ قال تعالى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ)، فإنّ المؤمن ينطلق في حياته من موقع العزم المرتكز على الفكر الذاتي والاستشارة للآخرين، لدراسة كلِّ الجوانب المحيطة بالموضوع، حتى إذا استكمل كلَّ الأسباب الموضوعية للقرار، أعطى الموقف قوّة الإلزام من إرادته، وتحرّك نحو الهدف متوكّلاً على الله، غير خائف من الطوارئ التي تعيش في أجواء الغيب المجهول؛ لأنّ الثقة بالله تدفع الإنسان إلى الثقة بالموقف؛ فإنّ الله قد تكفّل لعبده المتوكل عليه أن يكفيه ما أهمّه ممّا لم يحتسبه من أوضاع إذا أعدّ كلّ ما يحتسبه من أسباب ومؤثّرات. وذلك هو معنى التوكّل، فيما يجمعه من واقعيّة النَّظرة إلى السَّاحة، وغيبيَّة الإستسلام للمستقبل المجهول بالاعتماد على الله... (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)؛ لأنّهم ينطلقون من سنّته الحكيمة إلى الكون...

الآية الثانية التي تتحدّث عن الشورى: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) (الشورى/ 38)؛ أي أنّ أحداً منهم لا يستبدّ برأيه، بل يعتبر التشاور مع الآخرين منهجاً عمليّاً حكيماً للوصول إلى الحقيقة في ما يصلح أمره وأمور الحياة من حوله. ولا يستبدّ الحاكم – بخاصّة – بقراره الذي يتّصل بأوضاع الآخرين، في حكمه لهم أو عليهم، وفي تدبيره أمورهم في مسؤوليّته عنهم، بل يعمل على الرجوع إلى أهل الرأي والخبرة والأمانة من ذوي الاختصاص في الموضوع الذي يصدر حكمه فيه، مما لا يملك علمه فيه؛ ليستمع إلى آرائهم في كلّ أمر من الأمور العامّة، ليزداد بصيرةً في ذلك؛ ما يجعل من احتمال الخطأ لديه احتمالاً بعيداً، ثمّ يكون الرأي له.

 

الشورى خطٌّ للسّلامة:

والشورى هي خطّ إسلاميّ يشمل كلّ مواقع الساحة الفكريّة والعملية في المجتمع الإسلاميّ، بحيث يكون أمر المسلمين خاضعاً لهذا المبدأ الذي يفتح أمامهم آفاقاً واسعة لتعرّف المصلحة والمفسدة، من خلال الآراء المتنوّعة التي تقدّمها حركة الصراع بين الأفكار وتصادم العقول والتلاقح بينها. وقد ورد في بعض الكلمات: "من شاور الرجال شاركها في عقولها"؛ باعتبار أنّ المستشير يضمّ عقولهم إلى عقله، ليكون لديه أكثر من عقل يفكّر في المسألة، فيمنحه كلّ واحد منها وجهة نظر قد تتميّز عن وجهة نظره، ليوازن بينها، فيختار الرأي الأصوب والأفضل والأقوم. ويمكننا الاستحياء من ذلك، أنّه لابدّ من الاهتداء بهذا المنهج في كلّ مواقع المسؤولية.

وقد كثُرَت الأحاديث عن النبيّ (ص)، وعن أئمة أهل البيت – عليهم السلام – الذين اطلقوا في علمهم من رسول الله، من أنّ الاستبداد بالرأي يمثّل دخولاً ف يالهلكة، أو أنّ المشاورة طريق إلى الرشد؛ ما يوحي بأنّ الشورى تمثّل خطّ السلامة في حركة المجتمع الإسلامي، على مستوى القيادة والقاعدة. وفي ضوء ذلك، نستفيد من هذا المنهج، أنّ وجوب طاعة أولياء الأمر لا يمنع من تأكيد التزامهم بالشورى في إصدار قراراتهم، بل قد يمثِّل استبداد غير المعصوم من أولي الأمر في رأيه انحرافاً عن الموقع الشرعي الذي يقف فيه، ويكون كافياً لعزله عندما يتّخذ قراراته بغير علم، إذا لم يكن من أهل الخبرة في موضوع القرار، أو إذا لم تكن خبرته كافية للوصول إلى وضوح الرؤية فيه. وربّما كان للمتأمِّل في النصّ القرآني، أن يستوحي من الآية، أنّ الشورى هي القاعدة في كلّ أمر من أمور المسلمين، إلا إذا ثبت التعيين من دليل خاص؛ لأنّ كلمة (وَأمْرُهُمْ)، وإن لم يكن لها عموم أو إطلاق، فيما قد يُناقش فيه البعض، إلا أنّ ظهورها في العنوان الذي يمثّل الوضع الإسلامي من ناحية المبدأ، قد يوحي بالعموم من هذه الجهة؛ والله العالم.►

 

المصدر: كتاب الندوة.. محاضرات ومطارحات في العقيدة والتربية والفقه والسيرة/ سلسلة ندوات الحوار الأسبوعية بدمشق/ ج19

ارسال التعليق

Top