الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، وأُمّه فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت محمّد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).. عاش في كنف الوحي، والرسالة، تنزّلت آيات الله تعالى تجاهر بطهارته، وقداسته، ومكانته السامية، كآية التطهير: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (الأحزاب/ 33). وآية المباهلة: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (آل عمران/ 61).
كما تواترت أحاديث النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ووصاياه، تشيد بالمكانة الساميّة التي يحظى بها هذا السبط الإمام (عليه السلام)، منها.
ـ «الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنّة».
ـ «حسين منِّي، وأنا من حسين، أحبّ الله مَن أحبّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط».
وكان الحسين السبط (عليه السلام) صورة حيّة لشريعة الله تعالى وقيمه الجليلة سواء أكان في سلوكه الشخصي، أو في أسرته، أو في علاقته مع الناس، حيث الطهر، والنبل، والشهامة، وكرم النفس، وحبّ الناس، والسهر على مصالحهم...
إنّ هذه الخصائص النسبية، والحسبية المميزة قد وضعت الإمام أبا عبدالله الحسين (عليه السلام) في موقع اجتماعي قلّ نظيره، حيث ترى فيه أوسع قطاعات الأُمّة أملها المنشود، ترجو أن تتوفر الفرص العملية ليقود مسيرتها نحو الخير، والخلاص، والحرّية والعدل الاجتماعي العميم...
لقد كان الحسين (عليه السلام) إضافة إلى شخصيته الدينية المقدسة المتميزة، أملاً للشعوب التي تتكوّن منها الدولة الممتدة من المحيط إلى المحيط يومذاك خصوصاً الشعوب المستضعفة التي تشعر بالظلم، والأثرة، ومصادرة الحقوق... بسبب المؤهلات الروحية والنفسية والقيادية التي كان يتمتع بها، وحرصه على تطبيق العدالة وإقامة الحقوق، وصيانة كرامة الإنسان...
ثورة الحسين (عليه السلام)، هي ثورة الإنسان بكلّ ما فيه من سُمُو وإباء، والمؤمن بكلّ ما تحتوي عليه كلمة الإيمان من صدق وثناء، والمُصلح بكلّ ما تستلزمه أبعاد الحروف من حقِّ ونجدة ومروءة ووفاء. ثورة الحسين (عليه السلام) ثورة إنسان كمل في إهابه معنى الرشد، وحقيقة الوعي، وروح الإيمان وسرّ العلو المطلق، فتشكّل في حياته دليلاً أميناً لطلاب الحق، وبعد مماته أمثولة رائعة حازت شرف الأسوة في خطٍ مشروعٍ نقلاً وعقلاً، وبقي مَن واجهه رأساً في حربة الظلم والغدر والإثم، ذات نتاج الفساد والخديعة والشرّ
إنّنا اليوم بحاجة إلى وعي هادف يجعل حياتنا بعيدة عن عوامل الضعف والتوجيه، فلنتخذ من ثورة الحسين (عليه السلام) دروساً في العمل والجهاد، نحن الآن نعيش في ضعف وتأخر وتراجع واعتراف بالعدو والتسليم له. وأخذ بعضنا يجبن البعض الآخر، ويخوفه بالقوّة التي يمتلكها العدو، ونسى المسلمون قول الله: (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة/ 249). نسوا تلك الآية، فعقدوا الثقة في أنفسهم، وفقدوا الثقة في أصالتهم، وجذورهم التي ضربت أعماق التاريخ، فعبرت على جماجم الشهداء وآلام الجرحى والأسرى في المعارك المصيرية التي خاضها المسلمون مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومع الأئمة من بعده.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق