• ٣ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

التربية قبل التعليم

عائشة الجناحي

التربية قبل التعليم

◄تصرخ إحدى المعلمات في وجه أحد الطلاب المتميزين لأنّه لم يكمل جميع فروضه المدرسية فيبكي بحرقة وتطلب منه المعلمة الخروج من الفصل ليغسل وجهه، وبينما الطالب متوجهاً إلى دورة المياه انهار باكياً لأنّه تم إحراجه وإهانته بشدة أمام زملائه. فتلاحظ معلمة أُخرى انهيار الطالب فتتعاطف معه وتذهب إليه مسرعة لمواساته والتخفيف عنه. وفجأة تخرج معلمتهُ من الصف وهي تتلفظ بكلمات مجردة من المشاعر والأحاسيس فتقول: «دموعك لا تؤثّر فيني أبداً، اذهب واغسل وجهك».

لطالما سمِعنا عن تلاميذ يتجرعون ألم التنمر المدرسي بسبب مضايقات وقساوة بعض الطلاب، ولكن الغريب أن يأتي هذا التنمر من المعلمين بسبب التعنيف اللفظي الذي يتمثّل في التوبيخ والسب الذي يعتبر أسوأ أنواع العنف المدرسي لأنّه يترك أثره السلبي على شخصية الطالب عندما يكبر، فيقوم بالتفريغ تجاه الآخرين باستخدام نفس السلوك.

عندما أطلِقت على الوزارة القائمة على التعليم «وزارة التربية والتعليم»، لم يطلق هذا الاسم بهذا الترتيب عبثاً، ولكن لأهميّة التربية التي تعدّ أساس الأخلاق الرفيعة فلا تعليم دون تربية. ولكنّ بعض المعلمين يغفلون عن رسالة المعلم السامية ظنّاً منهم أنّ رسالتهم تنحصر في المناهج الدراسية، فيقعون في خطأ بناء جيل منحرف أخلاقياً.

أساس العلاقة الإيجابية بين المعلم والطالب تكمن في الاحترام المتبادل، اللذين يخلقان بيئة إيجابية مرصعة بالمودّة، وبالتالي يشجّع ذلك الطالب ويزيد ثقته بنفسه فيشعر بالاطمئنان والقُرب من المعلم، وبالتالي يتقبّل الدراسة بشكل أكبر. ولكن عندما يجبر بعض المعلمين على التنمر بسبب كثافة المناهج وعدم إشراكهم في تطويرها، يواجه المعلمون بعض الصعوبات مثل نفور الطلاب من المادّة وعدم تقبّلهم لها، لذلك يقوم المعلم بتعنيفهم لفظياً حتى يرغمه على الالتزام والانضباط بأداء الواجبات وفق خطّة الدراسة المقررة.

ولكن التربية والتعليم هما في الأساس رسالة كبيرة، يجب أن يحملها المعلمون بكلّ أمانة وإخلاص في العطاء لأنّهم يربّون جيلاً يسهم في بناء مستقبل مستدام للدولة.

تمضي اللحظات وتُسجل الذكريات بحُلوِها ومُرِها بتفاصيلها الدقيقة في ذاكرة الأطفال مع كلّ خطوة جديدة في حياتهم وهم ينتقِلون من مرحلة إلى مرحلةٍ أُخرى، فشخصياتهم تتشكّل في مرحلة الطفولة وتحدّد سلوكياتهم وردود أفعالهم في المستقبل. لذا البيئة التعليمية يجب أن تكون بيئة إيجابية محبّبة للطالب، فيها جميع وسائل التشويق والتشجيع للتعلّم المستمر حتى يقوّي تركيزه في المواد التعليمية ويطوّر من مهاراته، فالمعاملة الحسنة والتشجيع يمهّد الطريق أمام الأجيال ويكسبهم إمكانات تفوق التوقعات.►

ارسال التعليق

Top