• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الأخوّة الدينية

محمّد عبدالله فضل الله

الأخوّة الدينية

◄ما أفضلَ المرءَ وهو سائرٌ على طريق الأخوّة في الله؛ يعطي من نفسه الرحمة والنفع والخير لأخوانه وأهله وجيرانه، فلا يقول إلّا القول الطيِّب، ولا يقف إلّا موقف الحقّ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويلتزم الحقَّ مهما كانت التحدّيات والضغوطات، ويسير في الوحدة، ويقرِّب بين القلوب والعقول، ولا يسعى في الفتنة بين الناس، ولا يدخل نفسه فيما لا يعنيه!

وما أسوأ الذين تحوي سرائرهم الحقد والخبث، وتخبّئ ضمائرهم كلّ السوء، وقلوبهم مليئة بالغيظ وعقولهم فارغة، لا يقفون موقف الحقّ، ولا يتحرّكون في خطِّ الخير والنفع، يسعون في الفتنة بين الزوج وزوجته، والجار وجاره، ويغتابون فلاناً وفلاناً في مجالسهم الخاصّة والعامّة.

إنّ الإنسان المؤمن الملتزم يؤازر أخاه المؤمن إذا كان في ضائقةٍ ما، ويتحرّك في نصيحته ويقف معه في السرّاء والضرّاء، ويعطي المشورة والنصيحة من نفسه، ويبذل الخير والبرّ، ويعطي المودّة والرحمة للناس جميعاً، ويعطف على المحتاج، ويساعد الضعيف، ويبرّ بوالديه، فالإيمان ليس فكرةً مجرّدةً نعيشها في أذهاننا، بل هو موقفٌ وكلمةٌ وسلوكٌ نطبِّقه في تفاصيل حياتنا الخاصّة والعامّة.

يقول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات/ 10)، فعلينا أن نعيش هذه الأخوّة، فلا يعادي بعضنا بعضاً، ولا يقاطع بعضنا بعضاً، فالأخوّة تفرض علينا أن نكون متحابّين متكافلين متعارضين في وجه كلّ التحدّيات، وأن نجعل من الأخوّة على دين الله قوّةً لنا وطاقةً تدفعنا نحو كلّ شيءٍ حسنٍ يجعل من حياتنا مساحةً للخير والبرّ.

يقول الإمام عليّ (ع): «إنّما أنتم إخوان على دين الله، ما فرَّق بينكم إلّا خبث السرائر وسوء الضمائر، فلا تَوَازرون ولا تَنَاصحون، ولا تَبَاذلون ولا توادّون».

إنّ المؤمن صاحب الأخلاق الحسنة التي تجعل الناس تأنس به، وتفتقده عندما يغيب عنها، والمؤمن إذا أحسن إلى الآخرين، كان مستبشراً فرحاً، وإذا أساء عن غير قصد، استغفر لذنبه وتاب إلى ربّه، وإذا أعطى من نفسه، شكرَ ربَّه على نِعمته عليه وفضله، وإذا ما ابتُلي صبرَ على بلائه، فلا ييأس ولا يتذمَّر، وإذا ما غضب، غفر لمن أغضبه، فلا يحمل غلّاً ولا غيظاً، فهو الكاظم لغيظه والعافي عن الناس.

وعن مولانا علي بن موسى الرضا (ع): «خيار العباد الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا، وإذا أعطوا شكروا، وإذا ابتُلوا صبروا، وإذا غضبوا غفروا».

فلنكن ممّن يُحسنون إلى أنفُسهم وإلى الناس، ولنكن حقّاً إخوةً على دين الله، نتناصح ونتشاور ونتعاون على البرّ والتقوى، فالحياة قصيرة، وعلينا اغتنام الفرصة في تصحيح أوضاعنا، وتصويب أخلاقياتنا، والعودة إلى ديننا، وهجران عصبياتنا وأنانياتنا، وكما يقول سيِّدنا أمير المؤمنين عليّ (ع): «اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل».

فلنجعل من دنيانا مزرعةً طيِّبةً لآخرتنا، ولنجعل من أعمارنا مساحةً طيِّبةً للقول النافع والعمل الصالح، ولنربِّ أجيالنا على معنى الأخوّة في الله، ومعنى التكافل والتضامن والمؤازرة، فكلّ ذلك من صميم الأخلاق الإسلامية والإيمانية.►

ارسال التعليق

Top