• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الأتيكيت.. فنون وألوان

الأتيكيت.. فنون وألوان

«الانطباعات الأُولى تدوم!» يا لها من عبارة غاية في الأهميّة وتكمن أهميّتها في كونها هي التي تحدّد نظرة الناس لنا، كما تجعلهم يقررون التعرّف علينا بشكل أفضل أو التوقّف عند هذا الحدّ. 

لقد أثبتت الدراسات أنّ أي شخص يُتكون عنه انطباع خلال 10 ثوانٍ، ويثبت هذا الانطباع في الثلاث دقائق الأُولى.

إنّ هناك العديد من الأسئلة التي قد تتبادر إلى ذهنك عند تعاملك مع الآخرين وهي:

«كيف يراني الآخرون؟»، «كيف يمكنني أن أترك لدى الآخرين انطباعاً أفضل عني؟»

إنّ الأتيكيت هو فن الخصال الحميدة والذوق العام وعلم آداب السلوك والمعاشرة، وهو فن ممارسة الحياة اليومية بأفضل السُّبُل وأكثرها رقيّاً وتهذيباً – إنّ هذا الفن وهذا العلم يحوي العديد من الفنون المهمّة، والتي تساعدنا بلا شكّ في إعطاء صورة أفضل عنّا.

ذهبت ذات يوم لمدرسة ما لتقديم أوراق طفلي الصغير في تلك المدرسة، كان تواصل موظفة التسجيل غاية في السوء، ممّا ترك لدي انطباعاً سيِّئاً وسلبياً عن المكان برمته، فخرجت من المدرسة غير راغبة في وضع ابني فيها، كلّ ذلك كان بسبب عدم لباقة موظفة التسجيل بالمدرسة والانطباع الأوّل الذي تركته لديّ.

إنّ مثل تلك المواقف قد تحدث ونتعرّض لها في حياتنا الاجتماعية وفي أماكن عملنا، لذا نجد كيف أنّ اللباقة والأتيكيت والانطباعات الأُولى تلعب دوراً مهماً في سرعة قرار الزبون ورغبته في التواصل والاستمرار مع ما يُقدَّم له من خدمات. لقد برهنت معظم الدراسات في مجال التسويق الفعّال على أنّ انطباعاً أوّلاً سيِّئاً يأخذه الزبون بشكل سريع عن مندوب المبيعات مثلاً قد يؤدِّي إلى خسارة هذا الزبون مدى الحياة. 

والأتيكيت حقيقة أستطيع أن أشبهه بذلك البستان الكبير والذي يحوي عدد كبير من الزهور والورود متعدّدة الألوان والأشكال والروائح الزكيّة، فاسمحوا لي في هذه السُّطور بأن نقطف من هذا البستان (بستان الأتيكيت) بعض تلك الزهور لنشتم عبيرها.

أهلاً وسهلاً...

لا شكّ أنّ التحيّة هي من الأُمور التي تكوّن انطباعات سريعة وبخاصّة عند اللقاء الأوّل، لذا فإنّ اللباقة في طريقة تحيتك تترك انطباعاً حسناً عن شخصيتك.

يقول المثل الشعبي: «لاقيني ولا تغديني».. وهو ما يبرز أهميّة استقبال الطرف الآخر باحترام وحفاوة. نعم.. فطريقة المصافحة في حدِّ ذاتها لها تأثير كبير.. فيمكن أن تكون طاردة ويمكن أن تكون جاذبة. إنّه لا يكفي في اللقاءات المهمّة أن نقول فقط: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته»، وإنّما علينا أن نُظهر اهتماماً باللقاء.

وقد علَّمنا رسولنا الكريم محمّد (ص) الذوق في هذا الموضوع فقال: «إذا التقيتم فابدأوا السلام قبل الكلام، ومَن بدأ الكلام فلا تجيبوه»، وفي المصافحة قال: «ما من مُسلمينِ يلتقيان فيتصافحان إلّا غفر لهما قبل أن يفترقا». وأيضاً في أولويات السلام قال (ص): «يسلِّم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، القليل على الكثير، ويسلِّم الصغير على الكبير».

قواعد عامّة...

هناك قواعد عامّة نتّبعها عند التحيّة والمُصافحة وهي بأن تعلو الوجه ابتسامة خفيفة مع الحرص على التواصل بالعينين، فليس من اللائق أن تسلِّم على شخص أو تصافحه وأنت تنظر لهدف آخر.

تختلف التحيّة في المنزل عن نظيرتها في الشارع، ففي المنزل على المضيِّفة أن تنهض من مقعدها لتحيّة القادمين من رجال ونساء لزيارتها، وعلى زوجها أن يشاركها بالنهوض من مقعده، ومن المتعارف عليه أيضاً أنّ الضيف لا يمد يده بالسلام قبل المضيِّف.

أمّا في الشارع، فإذا التقيت بأشخاص تعرفهم.. فيجب أن تحيّيهم ولا تتجاهل رؤيتهم، فإنّ تجاهلهم يُعدّ من عدم اللياقة وقد يبعث شيئاً في النفوس وعلينا تجنب ذلك.

ومن الجميل أيضاً، وهو ممّا يعلِّمنا إيّاه ديننا الحنيف بأن نلقِ السلام على مَن نعرف ومَن لا نعرف، فلدى التلاقي عند الدرج، أو في المصعد، أو في نزهة أو في حديقة عامّة، إلقاء التحيّة، بدون تعارف، أفضل بكثير من عدمه فهو دلالة على تهذيب رفيع ولباقة في التعامل.

المصافحة.. أتيكيت

قلنا بأنّ أوّل ثواني هي أهم ثوانٍ في إعطاء انطباع عن شخصيتك من مصافحتك، فلا يجب الاستهانة بها.. فهي أيضاً وسيلة معتادة عن التعبير عن التحيّة والاحترام معاً.

والمصافحة باليد هي كذلك فن فلها أُصول أو أتيكيت..

 لنتعرّف عليها ...

* ابدأ المصافحة بمدّ يدك مع جعل الأصابع مضمومة والإبهام للأعلى.

* هزّ يدك لمرتين أو لثلاث مرات مع قبض اليد بحماس وحرارة؛ ولكن دون قوّة زائدة!

* من الخطأ تماماً أن تصافح بأطراف أصابعك.. فهي إشارة إلى عدم اهتمامك بالطرف الآخر.

* لا تصافح أحداً وبيدك قلم أو مفاتيح أو أي شيء، ولتكن يمناك فارغة عند المصافحة فتقبض بها كاملة على يمنى مصافِحك.

إهانة...

فلنفترض هنا بأنّ هناك من جاء لمصافحتك، إنّه من الممكن أن تجعل هذه المصافحة إهانة إذا لم تٍبادر بالوقوف على الفور وتتبع أتيكيت المصافحة (الابتسام.. النظر إلى العينين.. الاتصال باليد).

فالمصافحة أثناء الجلوس تعبير جسدي يقول للآخر: «أنا لا أكترث بك».

 

* نيرمين الأبيض

ارسال التعليق

Top