• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

إحذروا نقص فيتامين D

إحذروا نقص فيتامين D
    مع تبلور الدور الاستثنائي الذي يلعبه فيتامين D في وقايتنا من الأمراض ومكافحتها، يزداد قلق الأطباء بشأن افتقار الملايين في العالم إلى هذا العنصر الحيوي. كيف نوفر الكمية الكافية منه؟

يُعتبر "فيتامين الشمس"، وهو اللقب الذي يُطلق على فيتامين D، واحداً من أبرز العناصر الضرورية لضمان صحة جيدة. وهو يلعب دوراً بارزاً في ضمان أداء العضلات، القلب، الرئتين والدماغ لوظائفها بشكل جيِّد. ويمكن للجسم أن يُنتج فيتامين D الذي يحتاج إليه من أحد أشكال الكوليسترول عند تعريض الجلد لأشعة الشمس. كذلك، يُمكن الحصول على هذا الفيتامين عن طريق الأقراص المكمّلة، كما نجد كمية صغيرة منه في عدد قليل من الأطعمة، مثل بعض أنواع الأسماك، زيت كبد الحوت، صفار البيض، ومشتقات الحليب ورقائق الحبوب والمنتجات الأخرى المقوّاة بالفيتامينات.

 

مدة التعرُّض لأشعة الشمس:

يقول الخبراء إنّ المدة التي علينا أن نُعرّض فيها جلدنا إلى أشعة الشمس، للحصول على الكمية التي يحتاج إليها الجسم من هذا الفيتامين تختلف باختلاف الأشخاص. فطول هذه المدة يعتمد على عوامل عديدة، منها لون البشرة، وسرعة الإصابة بضربة الشمس، وفصل السنة وموعد التعرض للشمس.

لكن، يمكن القول إنّ التعرض اليومي لفترات قصيرة (من دون وضع مراهم واقية من أشعة الشمس)، أي نحو 10 و15 دقيقة بالنسبة إلى الأشخاص أصحاب البشرة الفاتحة، خلال أشهر الصيف يكفي للحصول على الكمية التي يحتاج إليها الجسم من هذا الفيتامين. وتزداد هذه الفترة لتصل إلى ما بين 20 و30 دقيقة بالنسبة إلى أصحاب البشرة السمراء. وقد أظهرت الأدلة أنّ أفضل وقت في النهار يُنتج فيه الجسم فيتامين D، هو ما بين الساعتين 11 قبل الظهر و3 بعد الظهر. وكلما كانت مساحة الجلد المعرَّضة لأشعة الشمس أكبر، زادت إمكانية الحصول على الكمية الكافية من الفيتامين، قبل أن يبدأ الجلد التعرض لحروق الشمس.

 

الكمية التي ينصح بها يومياً:

لا يزال العلماء غير متفقين بشأن الكمية التي يجب أن نحصل عليها يومياً من فيتامين D. فالمؤسسة الطبية الأميركية أصدرت في عام 2010 تقريراً توصي فيه بزيادة الكمية التي يتناولها الناس، وخاصة الأطفال، إلى 600 وحدة دولية في اليوم. كذلك أكّد الخبراء في التقرير أنّ هذا الفيتامين آمن، ورفعوا الحد الأقصى لتناوله من 2000 إلى 4000 وحدة دولية في اليوم.

وتجدر الإشارة إلى أنّ معظم أقراص الفيتامينات المكمّلة تحتوي على 400 وحدة دولية فقط من فيتامين D، وهي كمية غير كافية. والواقع أنّ العديد من الخبراء يعتقدون أنّ كمية 600 وحدة دولية غير كافية. ويعمل الكثير من شركات إنتاج أقراص المكمّلات الغذائية على زيادة كمية فيتامين D الموجود في أقراص الفيتامينات المتنوعة، التي يتم تناولها يومياً، إلى 800 أو 1000 وحدة دولية.

 

الأسباب الشائعة لنقص فيتامين D:

- عدم التعرض الكافي لأشعة الشمس: في الأغلب، يُعاني الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الشمالية الباردة، والذين يرتدون ملابس طويلة، أو الذين يعملون في وظائف تُبقيهم في الداخل طوال ساعات النهار، نقصاً في هذا الفيتامين. كذلك، فإنّ الاستخدام المتواصل للمراهم الواقية من أشعة الشمس يكبح إنتاج فيتامين D.

- البشرة الدكناء: تكون مستويات الملانين أكثر ارتفاعاً لدى الأشخاص أصحاب البشرة الدكناء، والميلانين يخفف من قدرة الجسم على إنتاج فيتامين D عند التعرض لأشعة الشمس.

- اضطراب وظائف الكليتين والكبد: تلعب هذه الأعضاء دوراً مهماً في تحويل فيتامين D إلى شكله الفاعل، وهذا يعني أنّ أمراض الكلى والكبد يمكن أن تخفف من قدرة هذه الأعضاء على إنتاج الشكل الفاعل بيولوجياً من هذا الفيتامين في الجسم.

- اتّباع نظام غذائي نباتي صارم: المصادر الغذائية التي تحتوي على هذا الفيتامين هي في معظمها منتجات حيوانية، مثل: الأسماك، زيت السمك، صفار البيض، الجبن، الحليب المقوّى، وكبد البقر.

- المشكلات الهضمية: بعض الاضطرابات الصحية، مثل: مرض كرون، التليف الكيسي، وأمراض الجهاز الهضمي الأخرى، تخفف من قدرة الأمعاء على امتصاص فيتامين D من الأطعمة.

- البدانة: يمكن للبدانة أن تسبب انخفاض مستويات فيتامين D في الجسم، وذلك لأنّ نسبة من هذا الفيتامين قد تُحتجز داخل الأنسجة الدهنية، فتتراجع الكمية المتوافرة منه في مجرى الدم.

 

الأمراض المرتبطة بنقص فيتامين D:

لا يزال العلماء لا يعرفون تماماً كيف يعمل فيتامين D في الجسم، وكيف يؤثر في صحتنا العامة، لكنهم يؤكدون أنّ هناك علاقة بين النقص الحاصل فيه والعديد من الاضطرابات الصحية والأمراض، وأبرزها:

1- هشاشة العظام: من المهم جدّاً الحصول على كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين D، للحفاظ على صحة وقوة وكثافة العظام. ونقص فيتامين D يسبب تراجع نسبة الكالسيوم في العظام، فهو يضمن امتصاص الجسم للكالسيوم والفوسفور والحفاظ عليهما، وكلاهما أساسي لبناء العظام وصحتها. وكانت دراسة أميركية كبيرة شملت 40 ألف متقدم في السن (أغلبهم من النساء) قد أظهرت أنّ تناول قرص يومي يحتوي على 800 وحدة دولية من فيتامين D، يمكن أن يخفف من إمكانية الإصابة بكسور في الوركين والعمود الفقري بنسبة 20%، بينما لم يوفّر تناول كمية أقل منه (400 وحدة دولية أو أقل) أي فوائد متعلقة بالوقاية من الكسور. كذلك، تبيّن أنّ هذا الفيتامين يقوّي العضلات، ما يساعد بدوره على تفادي السقوط، المشكلة الشائعة التي تقود إلى إعاقات لدى المسنين.

2- الربو: يرتبط نقص فيتامين D بتراجع في وظائف الرئتين، وبضعف القدرة على السيطرة على الربو خاصة لدى الأطفال. ويُسهم هذا الفيتامين في التخفيف من حدة أعراض الربو، عن طريق كبح تأثير البروتينات المسببة للالتهابات في الرئتين، إضافةً إلى زيادة إنتاج بروتين آخر يتمتع بخصائص مضادة للالتهابات.

3- مرض القلب: يرتبط نقص فيتامين D، بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، إضافة إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية المُميتة. والقلب أساساً عبارة عن عضلة كبيرة، ومثله مثل بقيّة العضلات، يحتوي على وحدات استقبال لفيتامين D. وكانت دراسة أميركية شملت 50 ألف رجل يتمتعون بصحة جيدة وتابعتهم لمدة 10 سنوات، قد أظهرت أنّ إمكانية الإصابة بالنوبات القلبية تزيد بمعدّل الضعف لدى الأشخاص الذين يعانون نقصاً في هذا الفيتامين، مُقارنةً بالآخرين الذين كانوا يتمتعون بمستويات جيدة منه. وكانت دراسات أخرى قد أفادت، أنّ هناك علاقة بين مستويات هذا الفيتامين المتدنيّة وازدياد خطر الإصابة بقصور القلب، التوقف المفاجئ والمميت للقلب، السكتة الدماغية، وبقية الأمراض التي تصيب القلب والشرايين.

4- الالتهابات: تَبيّن أنّ هناك علاقة بين نقص هذا الفيتامين وبين الالتهابات وأمراض التهابية، مثل التهاب المفاصل الرثياني، ومرض التهاب الأمعاء، وسكري الفئة الأولى.

5- الكوليسترول: يعمل فيتامين D على تنظيم مستويات الكوليسترول في الدم، وقد تبيّن أنّه في غياب التعرّض الكافي لأشعة الشمس، ترتفع مستويات الكوليسترول في الجسم.

6- الحساسية: أظهرت الدراسات أنّ الأطفال، الذين تتدنّى لديهم مستويات فيتامين D، يكونون أكثر عرضةً لمعاناة الحساسية من أطعمة عديدة.

7- الإنفلونزا: أظهرت بعض الدراسات أنّ هناك علاقة بين نقص فيتامين D وتكاثُر حالات العدوى التي تصيب الجهاز التنفسي. وتبيّن أنّ الأشخاص الذين تُسجّل مستويات هذا الفيتامين لديهم أدنى معدلاتها يعانون عدداً من حالات الزكام والإنفلونزا، يزيد بشكل ملحوظ على عدد ما يُعانيه الآخرون الذين ترتفع مستوياته لديهم. وكان البحّاثة اليابانيون قد أجروا دراسة شملت 340 تلميذاً، تم تقسيمهم إلى مجموعتين، أعطيت الأولى قرصاً يومياً يحتوي على 1200 وحدة دولية من فيتامين D، بينما أعطيت الثانية قرصاً مشابهاً وهميّاً. وتبيّن أنّ نسبة الإصابة بالإنفلونزا من النوع "أ" انخفضت بنسبة 40% لدى تلاميذ المجموعة الأولى. ويقول الخبراء: "إنّ نتائج هذه الدراسة واعدة، وإنّنا نحتاج إلى المزيد منها لنؤكّد بشكل قاطع الدور الذي يلعبه تناول أقراص هذا الفيتامين في الحماية من الإنفلونزا".

8- الاكتئاب: هناك علاقة وطيدة بين مُعاناة الاكتئاب ونقص فيتامين D، فوحدات استقبال هذا الفيتامين موجودة في العديد من مناطق الدماغ، وهي تلعب دوراً في الكثير من الأواليات الدماغية، ما يزيد من إمكانية ارتباط هذا الفيتامين بالاكتئاب. وتجدر الإشارة، إلى أنّ أقراص هذا الفيتامين المكمّلة يمكن أن تلعب دوراً مهماً في علاج الاكتئاب.

9- السكري: تبيّن أنّ إمكانية الإصابة بسكري الفئة الثانية تزداد عندما تكون مستويات فيتامين D متدنية. فقد أظهرت الدراسات أنّ هذا الفيتامين يؤثر في إنتاج الأنسولين وفي حساسية الخلايا تجاهه.

كذلك أظهرت دراسة فنلندية اسعة، شملت 10 آلاف طفل منذ ولادتهم وتابعتهم لمدة 30 سنة، أنّ إمكانية الإصابة بسكري الفئة الأولى تراجعت بنسبة 90% لدى الأطفال الذين كانوا يتناولون في طفولتهم أقراصاً يومية من فيتامين D، مقارنةً بأولئك الذين لم يتناولوا هذه الأقراص. كذلك أظهرت دراسات أوروبية عديدة أنّ هذا الفيتامين يمكن أن يقي الإصابة بسكري الفئة الأولى.

10- صحة الفم: أشار العديد من التقارير الحديثة، إلى أنّ هناك علاقة واضحة بين صحة اللثة والأسنان ونقص فيتامين D. كذلك تبيّن أّن إمكانية خسارة الأسنان لدى المسنّين، تكون أكبر لدى الذين يُعانون انخفاضاً في مستويات هذا الفيتامين، مُقارنةً بالآخرين الذين ترتفع لديهم هذه المستويات.

11- التهاب المفاصل الرثياني: يمكن لنقص فيتامين D أن يلعب دوراً في التسبّب بالإصابة بالتهاب المفاصل الرثياني. فقد أظهرت الدراسات أنّ إمكانية الإصابة بهذا المرض تتراجع لدى النساء اللواتي يحصلن على القدر الأكبر من هذا الفيتامين. كذلك تبيّن أنّه في صفوف المصابين بالتهاب المفاصل الرثياني أنفسهم، يؤدي انخفاض مستويات فيتامين D إلى زيادة حدّة الأعراض.

12- السرطان: تبيّن في إحدى الدراسات الأميركية أنّ 75% من الأشخاص المصابين بأنواع مختلفة من السرطان يُعانون انخفاضاً في مستويات فيتامين D، كذلك فإنّ أكثر المستويات انخفاضاً ترتبط بحالات السرطان المتقدمة. وتبيّن أيضاً أنّ هناك علاقة بين انخفاض مستويات هذا الفيتامين وزيادة خطر الإصابة بأشكال السرطان المختلفة، وخاصة سرطان القولون والشرج. لكن، هذا لا يعني بالضرورة أنّ تناول أقراص فيتامين D يؤدي إلى التخفيف من خطر الإصابة بالسرطان. فلا نزال نحتاج إلى المزيد من الأبحاث لمعرفة إذا ما كان ارتفاع مستويات هذا الفيتامين يرتبط بانخفاض عدد حالات الإصابة بالسرطان.

13- تصلّب الأنسجة المتعددة: تشير الدراسات الإحصائية إلى أنّ مرض تصلب الأنسجة ينتشر في البلدان الشمالية أكثر بكثير من انتشاره في البلدان الجنوبية أو الاستوائية. ويعتقد العلماء أنّ السبب يعود إلى النقص الذي يعانيه سكان البلدان الباردة في فيتامين الشمس. وكانت دراسة أميركية قد وجدت أنّ خطر الإصابة بتصلّب الأنسجة، يتراجع بنسبة 63% لدى الأشخاص الذين يتمتعون بأعلى مستويات من فيتامين D، مُقارنةً بأولئك الذين تسجل مستويات هذا الفيتامين لديهم أدنى مُعدّلاتها.

ارسال التعليق

Top