• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

لسعادتك.. عش في اللحظة الراهنة

عالية إبراهيم الموسوي

لسعادتك.. عش في اللحظة الراهنة

◄إذا أردت السعادة في حياتك أنس الماضي؛ وعش في حدود اللحظة الراهنة، استمتع بحاضرك وإعمل ليومك، إنه هدية السماء إليك. إبتهج بساعات يومك ولا تأس على ماضٍ تولى.

ولا تشغل نفسك ولا تفكر طويلاً في المستقبل، فتفقد جمال الساعة التي أنت فيها.

إذا أردت أن تكون شيئاً مذكوراً، وإذا صممت على أن تستثمر كل مواهبك وطاقاتك وتحقق أهدافك في الحياة. فهناك قاعدة تقول: عش في حدود اللحظة الراهنة، اللحظة الراهنة هي فقط حياتك وفرصتك الوحيدة وتمثل شخصيتك وعزتك وإرادتك. أما اللحظة التي ستأتي فلا يمكن التأكد من مجيئها. لأنّ الإنسان قد يفقد حياته في أيّة لحظة.

هل يعلم الإنسان ماذا سيلاقي بعد عدة سنوات؟

وهل يعلم ماذا سيصيبه بعد عدة أشهر.

هل هو باقِ على قيد الحياة؟ أم أنّه يكون قد سافر إلى عالم آخر. حتى بعد لحظات لا يدري أحد ما يحل به.

من هنا فأنّ الإنسان الذي يريد النجاح والسعادة عليه أن يعيش ويعمل في إطار اللحظة الراهنة لا اللحظة التي ستأتي، لأنها قد لا تأتي أبداً.. وألا يخسر أو يعيش اللحظة الماضية لأنها مضت إلى غير رجعة.

ولكي يبتعد الإنسان عن المنغصات وعن القلق والتعاسة ويشعر بجمال الحياة عليه أن يقرر قطع الصلة بالماضي، وعدم التفكير في المستقبل.

من الأفضل أن يعيش الإنسان اللحظة التي بين يديه لا تنساب من بين أصابعه كالزئبق، وتذهب مع الريح إلى غير رجعة.

لكي تفتح باب الأمل والنجاح لابدّ أن تغلق نوافذ الماضي والمستقبل. لماذا؟ لأن كلا من الماضي والمستقبل ليس الا عدما محظبا بالنسبة للحاضر. والحاضر أيضاً إذا لم نستفد منه ونعيشه بكل عنفوانه يكون عدما.

هذا بالضبط ما تمناه الامام أمير المؤمنين (ع) فيما نسب إليه: ما فات مضى، وما يأتي فأين؟

 

-        قم فأغتنم الفرصة بين الهدفين:

إنّ النجاح في الحياة ينحصر في نقطتين: حصر التفكير في الحاضر والإحساس بأهميته، والعمل ضمن الحدود الراهنة، كما انّ الفشل يتعلق بأمرين: التحسر على الماضي وتأجيل العمل إلى المستقبل.

اهمال الوقت الماضي أهم علامات الفشل وهو بداية القلق هذا بالضبط سر نجاح الناجحين، وفشل الفاشلين.

ولكي تتأكد من ذلك، لاحظ الناجحين في المجتمع، إنهم دائماً رجال العمل في الحاضر. إنهم لا يؤمنون بغير الساعة التي هم فيها، وإذا قلت لهم يمكن القيام بهذا العمل غداً، أجابوك فوراً: إذن دع التفكير فيه الآن وأبدأ التخطيط في العمل الذي يمكننا القيام به في الوقت الحاضر.

الفاشلون يقولون لك: لماذا العجلة. في العجلة الندامة وفي التاني السلامة، سوف نعمل عندما تتهيأ الفرص المناسبة على سبيل المثال الطالب الذي يقول لماذا أقرأ الآن؟ سوف اقرء بجد أيام الامتحان فيفشل. التاجر الذي يقول سوف أنفق في سبيل الله عندما أصبح مليونيراً قد يخسر في إحدى الصفقات وينتهي كل شيء. الفاشلون يتركون العمل في الحاضر. ولا يتسابقون إلى فعل ما ينفعهم وينفع الناس لأنهم ينامون على أحلام المستقبل.

وهذا المستقبل حتى يأتي؟ انّه قد يأتي وقد لا يأتي أبداً إنه طريقة للهرب من المسؤوليات، يقول الامام علي (ع):

كل شيء طلبته في وقته فقد فات وقته فالذي يريد العمل في اللحظة المناسبة يفوته الوقت وقال سلام الله عليه: "الاشتغال بالغائب يضيع الحاضر".

وقال في هذا المعنى: "لا تحمل هم غدك على هم يومك الذي أتاك".

المؤمنون الذين يسعون للنجاح والسعادة يتبعون قول الإمام علي (ع). إعمل لدنياك :كأنك تعيش أبداً وإعمل لآخرتك كأنك تموت غداً.

إنّ كل يوم في هذه الحياة هو يوم جديد، فإذا ربحت هذا اليوم وملأته بالعمل قطفت ثمرة العمل وشعرت بالراحة والأمان. وإذا خسرت يومك فقد خسرته إلى الأبد لأنّه لا يعوض ولن ينفعك أن تربح اليوم القادم. لأنّ اليوم القادم هو يوم جديد وكل يوم إذا ذهب لن يعود.

قد يعترض البعض قائلا: أليس التخطيط للمستقبل ضرورياً مثل العمل للحاضر؟

الجواب صحيح، انّ التخطيط للمستقبل أمر ضروري وهو يبدأ من الآن. من اللحظة الراهنة والمستقبل هو يتجه للحاضر ولكن تحمل لهم من أجل المستقبل، وترك العمل في الحاضر هو الذي يحطم المستقبل، ويبعث الشقاء في حياة الإنسان ويبعث القلق. يقول الإمام علي بن أبي طالب (ع) لا تحمل هم سنتك على هم يومك، كفاك كل يوم خافية هذا بالنسبة إلى المستقبل.

أمّا بالنسبة إلى الماضي فأن التحسر عليه هو الآخر من أسباب التأخر.

يقول الإمام علي (ع): "لا تشعر قلبك الهم على ما فات، فيشغلك عن الإستعداد لما هو آت".

إنّ النجاح يحتاج إلى الانطلاقة في العمل والحب والتفاؤل ولكي تحصل على هذه الصفات لابدّ أن تقلع عن الجزع عما فات في الماضي. يقول الإمام أمير المؤمنين (ع):

.. وما فاتك منها فلا تأس عليه جزعاً.

اننا نستطيع أن نتخلص من 90% من قلقنا إذا استطعنا أن نشعر بأن كل يوم يمر علينا هو يوم جديد. وأن كل لحظة في هذا اليوم إنما هي لحظة جديدة تستحق أن نعيشها بكل عنفوان وحماسة وحب للحياة. وبذلك نشعر بالسعادة. والحقيقة انّ الإنسان قد يستفيد من لحظات الفراغ القصيرة ما لا يمكن ان يستفيده في أيام طويلة. فقد يكتشف حقيقة مهمة، خلال لحظة تفكير قصيرة. وقد يحصل على فكرة جيِّدة أو حكمة ثمينة خلال لحظة قصيرة من لحظات الحاضر، ثمّ ترتبط حياته وسعادته بهذه الحكمة.

إذن إذا أردت أن تعيش حياة سعيدة عش في حدود يومك وثق بالله تعالى، وتوكل عليه ولا تقلق على مستقبلك ومستقبل أطفالك.

بل املأ وقتك بالعمل واطمئن على حياتك. يقول الرسول (ص):

"إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيل وأراد أن يغرسه، فليغرسه. فأن له بذلك أجراً".►

ارسال التعليق

Top