• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

فن التحدّث ببطء

فن التحدّث ببطء

"فكِّر قبل أن تتحدّث، واحرص على النطق السليم لمخارج الألفاظ، وتجنَّب أن تصب كلماتك صباً في عجلة واضطراب، بل تلفَّظ بها في نظام ووضوح"

(جورج واشنطن)

نتيجة للحماسة أو التوتر، يتحدّث الكثيرون بطريقة أسرع من اللازم ولا ينصتون إلّا قليلاً. والأشخاص الذين يتحدّثون بشكل أسرع، من اللازم يعطون إحساساً بالإحباط والحنق.

هل سبق لك أن عَلقت في إشارة مرور مزدحمة، لا لشيء سوى أنّك لم تجد الوقت الكافي لتفهم ما قاله مذيع أحوال المرور على الراديو؟ ألم تسمع عند أي من المخارج وقع ذلك الحادث؟ وما هو الطريق البديل؟ لو أنّ ذلك المذيع لم يكن يتحدّث بتلك السرعة! إنّهم محترفون! ألا يعلمون أنّه من الصعوبة بمكان استيعاب أيّة معلومات بينما هم يتحدّثون بهذه السرعة؟ لو أنّهم بَطّأوا من إيقاعهم ببساطة، لوجدت الوقت لتستوعب الموقف، وتقرر اتّخاذ مسار بديل.

هل سبق لك أن تلقّيت رسالة على آلة الرد التلقائي، وكان الرقم الذي ينبغي أن ترد على الاتصال بواسطته ملفوظاً بسرعة ودون وضوح، بحيث لم تتمكّن من سماع آخر أربعة أرقام؟ ينتهي بك الحال، مضطراً غالباً لإعادة تشغيل الرسالة، ولأكثر من مرّة أحياناً، لتسمع الرقم المضبوط.

 

 امنح الناس وقتاً للتفكير

جميعنا يعرف أشخاصاً يتحدّثون بسرعة شديدة بحيث يصعب الاستماع إليهم، بل قد تكون أنت نفسك واحداً من هؤلاء. المشكلة في التحدث بشكل أسرع من اللازم هي أنّه من المحتم أن ينقل انطباعات سلبية.

عملياً، لا يؤدي ذلك إلى أيّة نتائج إيجابية. إنّ مَن يتحدّث بسرعة لا يمنحك أي وقت لتُفكِّر. فما نوع الشخص الذي يرد ببالك عندما تتذكّر أحد المتحدثين بسرعة؟ ألا تتذكّر مندوب مبيعات للسيارات المستعملة، أو أحد المحتالين، أو شخصاً يحاول التلاعب بك أو استدراك إلى شيء لا يعد من بين أفضل اهتماماتك؟

مَن يتحدّث بسرعة شديدة يبدو أقل دقة وتركيزاً وأكثر استغراقاً في نفسه وأُموره الخاصّة، مما يؤثر سلباً على الانطباع الذي يعطيه هذا الشخص للآخرين، ويؤثر سلباً على مدى إخلاصه ونزاهته. فمثل هؤلاء المتحدثين يبدون كأنّهم لا يهتمون إلّا بما يتوجّب عليهم قوله. إنّ التحدُّث بسرعة هي طريقة مؤكدة لإفساد أي فرصة لسحر الآخرين.

 

  تحدّث بإيقاع عن طريق استخدام تقنية الإبطاء

ما هو علاج التحدُّث بسرعة؟ هناك تقنيات يمكنك استخدامها: الأولى نطرحها هنا، وهي ببساطة أن تبطئ من إيقاعك. والثانية هي أن تتعلّم كيف تستخدم فترات الصمت في محادثتك.

إذا ما قيل لك مرّات عديدة إنّك تتحدّث أسرع من اللازم، فهناك مؤشر داخلي تستطيع الاستعانة به لكي تتحكّم في التحدث بسرعة، وهو يُسمّى نطاق الراحة الخاص بك. فكما نحظى بنطاق أمان خارجي، حيث يعتبر الوقوف أقرب من اللزم من أحدهم اقتحاماً وتطفلاً، والوقوف أبعد من اللازم يفسد الحميمية، فإنّنا نحظى كذلك بنطاق أمان داخلي.

عندما تقوم بأمر غير مألوف أو خارج الإطار المعتاد، فسوف تشعر غالباً بالانزعاج والضيق، وسوف تنتابك موجة اندفاع تكاد لا تستطيع مقاومتها لكي تعود للقيام بالأمر بالطريقة القديمة، حتى ولو كانت الطريقة القديمة غير مجدية بالمرّة.

إنّنا جميعاً محكومون بالعادة. وما أسهل أن ننزلق إلى المنوال الرتيب المتكرر في حياتنا، ومن ثمّ نقاوم أيّة ضغوط لتغييره والخروج منه. ودائماً ما نشعر بمزيد من الارتياح في القيام بالأمور التي اعتدنا القيام بها.

هذا الأمر أشبه بروتين نتبعه يومياً عند الاستعداد للخروج في الصباح: أوّلاً الحذاء الأيسر، ثمّ الأيمن، ثمّ نعقد رباط الحذاء الأيمن، ثمّ الأيسر. إذا ما حاولت تغيير هذا النمط الثابت، فسوف يبدو الحال غريباً ولا يُشعِر بالارتياح.

 

  أدوات لسَحر الآخرين

إليك تمرينات يمكنك استخدامها لتبتعد عن نطاق الراحة الخاص بك، وتقترب من نطاق الأداء الخاص بالإنجاز الأعلى:

أوّلاً: احضر مسجلاً وسجل لنفسك وأنت تقرأ بصوت مرتفع. تحدث بالسرعة التي تبدو لك بطيئة إلى درجة مزعجة. قد تطالب غريزتك بأن تتحدّث بالسرعة القديمة؛ لكن لا تكترث لها. والآن أدر التسجيل. سرعان ما ستكتشف أنّك على الرغم من أنّك بدوت بطيئاً عندما تحدّثت، فإنّ الإيقاع يبدو مضبوطاً تماماً على التسجيل. يمكنك التأكد من هذا بأن تطلب من أحد الأصدقاء أو أفراد الأسرة أن يستمع إلى تسجيلك.

ثانياً: استخدم التقنية نفسها أثناء محادثة مع صديق. وعلى الرغم من أنّ الإيقاع قد يبقى أبطأ من اللازم بالنسبة لك، فعلى الأرجح أنّه سيكون ممتازاً بالنسبة للمستمع.

تذكّر أنّك ستشعر بالضيق وعدم الارتياح خلال المراحل المبكرة لتعلم التحدث ببطء.. فإن لم تشعر بذلك، فإنّك إذن مازلت، على الأغلب، تتحدّث بإيقاع سرعتك القديمة.

 

المصدر: كتاب قوّة السحر.. كيف تكسب أي شخص إلى صفك في أي موقف؟ للكاتب: برايان تراس ورون آردين

ارسال التعليق

Top