• ٣ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

سلامة القلب في القرآن

أسرة البلاغ

سلامة القلب في القرآن
  لغة العرب – وهي لغة القرآن – تقول: سَلِم فلان يسلَم سلاماً وسلامة: خلص ونجا وخلا من العوارض والموانع. وفي القرآن:

(وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) (القلم/ 43).

أي أصحاء خالون من العوارض والموانع. وتقول هذه اللغة: أسلم فلان، أي انقاد، أو أخلص.

و"سلامة القلب" فضيلة من فضائل الإسلام، وخلق من أخلاق القرآن وجزء من هدى الرسول (ص)، وسلامة القلب هي صفاؤه ونقاؤه، وصحته وقوته، وطهارته وبراءته، والمؤمن الحقّ من شأنه أن يكون صاحب "قلب سليم". وهو الخالص من دغل الشرك والذنوب. كما انّ القلب السليم هو القلب الصحيح، وهو قلب المؤمن، لأنّ قلب الكافر أو المنافق مريض، قال تعالى: (في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) (البقرة/ 10).

والحديث عن "سلامة القلب" يدعونا إلى الحديث عن "القلب".

إنّ القلب في عرف رجال التربية والأخلاق لطيفة ربانية روحية، هي حقيقة الإنسان، ولها علاقة بالقلب الحسي المودع في الجانب الأيسر من الصدر، والقلب هو العالم بالله، والمتقرب إلى الله، العامل لله، الساعي إلى الله، المكاشف بما عند الله، والجوارح أتباع وخدم، وآلات يستخدمها القلب، ويستعملها استعمال المالك للمملوك، أو الراعي للرعية.

والقلب هو المقبول عند الله إذا سلم لله، ولم يكن محجوباً عن الله، وهو الذي يسعد بالقرب من الله فيفلح إذا زكاه صاحبه، وهو الذي يخيب ويشقى إذا دنسه ودساه، وهو المطيع لله في الحقيقة، والذي ينتشر على الجوارح من العبادة أنواره. وهو الذي إذا عرفه الإنسان عرف نفسه. وإذا عرف نفسه عرف ربه سبحانه وتعالى.

وإذا سيطر الشيطان على هذا القلب أفسده وأضله، وأفقده سلامته وطهارته. وللشيطان مداخله الكثيرة إلى هذا القلب لإفساده.

ومعنى هذا أنّ القلوب معرضة لخواطر ووساوس الشر.

والقلب السالم.. قلب عمر بالتقوى، وزكا بالرياضة، وطهر عن خبائث الأخلاق، تتحرك فيه خواطر الخير من خزائن الغيب وفضل الرب، فينصرف عقل الإنسان إلى التفكير فيما خطر له، فيعرف دقائق الخير، ويطلع على أسرار فوائده، فيدرك أنّه لابدّ من فعله، فيستحثه عليه، ويدعوه إلى العمل به.

ويشير الرسول (ص) إلى أنّ الإنسان مفطور على الخير والاستقامة والسلامة، ولكن عوامل الانحراف والاعتساف هي التي تخرج به عن الصراط ذات اليمين أو ذات الشمال، فيقول (ص): "كلّ مولود يولد على الفطرة، فأبواه يمجسانه أو يهودانه أو ينصرانه".

وكان رسول الله (ص) يلفت الأبصار والبصائر إلى المرتبة العالية التي احتلتها فضيلة سلامة القلب، فهو يتوجه إلى ربّه مصدر العطاء يسأله هذه السلامة، فيقول: "وأسألك قلباً سليماً ولساناً صادقاً". ويقول: "اللّهمّ نقِّ قلبي من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس".

ارسال التعليق

Top