• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإحسان إلى (البيت)

أسرة

الإحسان إلى (البيت)
1- الإحسان إلى (البيت) في القرآن الكريم: أ- تحويله إلى جنّة مصغّرة، فالمسكن من السكَنْ: قال تعالى على لسان (آسية بنت مُزاحم): (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ)[1] (التحريم/ 11). وقال سبحانه: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا) (النحل/ 80). ب- تطهيره من الأنجاس والقاذورات والأوساخ، وكلّ ما يذهب بأنسه وجماله: قال عزّ وجلّ لإبراهيم وإسماعيل (ع): (أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ) (البقرة/ 125). ت- الدعاء لكلِّ مَن يدخله من المؤمنين والضيوف، وأن يكون قبلةً للأحبّاء وللصالحين: قال سبحانه على لسان نوح (ع): (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا) (نوح/ 28). وقال تعالى: (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) (يونس/ 87). ث- إتيانه من بابه، وعدم التسوّر عليه، أو الدخول من الباب الخلفي، أو السطو عليه: قال جلّ جلاله: (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا) (البقرة/ 189). ج- أن يكثر فيه ذكر الله وشكره وطاعته وعبادته بالإحسان إلى أهله وتربيتهم تربية حسنة، واستقبال الضيوف فيه، وتجنيبه أيّ عمل محرّم يُرتكب فيه: قال تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) (النور/ 36). وقال سبحانه مخاطباً أزواج الرسول (ص): (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) (الأحزاب/ 34) ح- لا يجوز الدخول إليه إلا بإذنِ أهله، فلابدّ من الإستئذان والسلام أوّلاً، وكلُّ ذلك من الإحسان: قال جلّ جلاله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا) (النور/ 27). خ- لا تخربه بيديك بالنِّزاع والخصومات وخلق المشاكل وإثارة الأعصاب وإهمال المسؤوليات المُترتِّبة عليك: قال تعالى: (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ) (الحشر/ 2). د. أن يكون واسعاً مع الإمكان، لأنّه من السعادة والرفاهية: قال سبحانه: (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ) (الشعراء/ 149).   2- الإحسان إلى (البيت) في الأحاديث والروايات: أ- السؤال عن الجار عند اختيار الدار، حتى يتحقّق الإستقرار: يقول الإمام علي (ع): "سَلْ عن الجار قبلَ الدّار". ب- لا يؤذَن للغريب بدخوله إلا بإذنِ صاحبه (ربّ البيت): قال رسول الله (ص): "ولا تأذن (أي المرأة) في بيته (أي بيت زوجها) إلّا بإذنه". ت- دعوة الضيوف إليه لتكثر بركته ومغفرة الله لأهله، ولتتوطّد عرى المحبّة بين الضيف والمُضيِّف، ويتربّى الأبناء على بناء العلاقات مع نظرائهم من أبناء الضيوف: قال رسول الله (ص): "كلُّ بيتٍ لا يدخلُ فيه الضّيف لا تدخلهُ الملائكة". ث- مراعاة حرمته من قِبَل الداخلين إليه، فلا يجوز التلصّص بالنظر أو التجسّس بالسمع: يقول الإمام الباقر (ع): "إذا دخل أحدكُم على أخيه في رحله (بيته)، فليقعد حيث يأمر صاحب الرحل (ربّ البيت)، فإنّ صاحب الرحل أعرَف بعورة بيته من الداخل إليه". ج- أن تطلب ببيتك الآخرة، أمّا كيف، فهذا ما يجيب عنه الإمام علي (ع) بقوله لشخص بنى داراً واسعةً، فقال له: "ما كنتَ تصنع بسعةِ هذه الدار في الدنيا، وأنتَ إليها في الآخرة كنتَ أحوجٌ وبلى إن شئتَ بها الآخرة: تُقري فيها الضّيف (تُطعمه)، وتصل فيها الرحم (تدعو وتستقبله وتُكرمه)، وتطلع منها الحقوق مطالعها (أي ما يترتّب عليك من ذلك وغيره من الحقوق)، فإذا أنتَ قد بلغتَ بها الآخرة".   3- الإحسان إلى (البيت) في الأدب: أ- إستقبال الضيوف فيه: قال الشاعر: يا ضَيْفَنا لو زُرتَنا لَوَجَدْتَنا **** نحنُ الضُّيوف وأنتَ رَبُّ المنزل ب- أن يجد الإنسان فيه أنسه وراحته وأمنه وسعادته: قال (إيليا أبو ماضي): يا نفسُ هذا منزلُ الأحْبابِ **** فانسي عذابَكِ في النّوى وعذابي ت- أن يكون جارُك مُريحاً، كما داركَ مُريحة: قال الشاعر: حقُّ المنازِلِ أن لا تبتغي بدلاً **** بالدار داراً وبالجيرانِ جيرانا ج- أن تُخفِّف من الخصومات العائلية حتى يكون بيتك سعيداً: قال (سليمان الحكيم): "لقمةٌ يابسةٌ معها سلامة، خيرٌ من بيتٍ ملآن ذبائح (لحوم) مع خصام"!   4- برنامج الإحسان إلى (البيت): 1- البيتُ بأهله وليس ببنيانه وجدرانه ومساحته وعدد الغرف فيه، فالبيت الصغير مع الوئام والسلام قصر، والبيت الكبير مع الشقاق والخصام صغيرٌ صغير، كسمِّ الخياط (ثقب الأبرة). 2- البيتُ سكن العائلة، فليراعي كلُّ ساكن فيه مُشاطره وشريكه في السكن إن في مشاعره وأحاسيسه أو في ظروفه، فالمريض يجب أن يُراعى من باقي أهل البيت، والذي لديه دراسة يجب أن يجد جوّاً مساعداً، والذي يريد أن يهدأ ويستريح يجب أن يجد راحته، وهكذا، فقد نتبادل الأدوار، فإذا احترمتُ مشاعر وخصوصيّات غيري، إحترم مشاعري وخصوصياتي. بهذا تُبنى البيوت وليس بالجصِّ والطابوق والإسمنت فقط. 3- أن يتّخذ بيتنا من بيت الله قدوة حسنة، بأن يكون مثابةً للناس وأمناً، وأن يجد الضيف فيه اللّطف والرحمة وحُسن الضِّيافة، قريباً كان الضّيف أو غريباً. 4- أن نحرص جميعاً – نحن أهل البيت وسكّانه – على سُمعته، أما ترى أنّ الناس تقول: فلان من بيتٍ عريق، وفلانة من بيتٍ مُتديِّن، وفلان وفلانة من بيتٍ صالح؟ فليسَ لأيِّ واحدٍ من أصحاب البيت أن يُفرِّط بسمعته بسببٍ من أنانيّته وضيق تفكيره أو فرض إرادته.. إنّه بيت الجميع وعلى الجميع أن يُراعوا حرمته.
[1]- نحنُ نحاول هنا أن نستفيد من إيحاءات الآيات القرآنية وليس بالضرورة دلالاتها المُباشرة.

ارسال التعليق

Top