• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

هل تقبلني شريكة لك؟

هل تقبلني شريكة لك؟

◄هل تقبلني شريكة لك؟ إهانة للرجولة أم.. تعزيز لها؟

أن يعجب بصبية ما، ويرى فيها مواصفات الشريكة التي يحلم بأن ترافقه مشوار الحياة، وأن يعرض عليها رغبته في الارتباط بها، أمر طبيعي ومألوف، ولكن ماذا لو التقت الصبية بفارس الأحلام وأدركت أنّه الشريك المناسب فطلبته للزواج؟ كيف تكون ردّة فعله؟ وماذا لو رفضها ونفر منها؟ فكيف تتقبل حينها ردّة الفعل تلك؟ وما انعكاسها على قرارها مستقبلاً؟ هل قرار الزواج حقّ حصري للرجال؟ وكيف ينظر المجتمع إلى هذا التقليد؟ وأين هو من حقوقها في المساواة مع الرجل؟ أسئلة كثيرة يطرحها هذا التحقيق.

البداية مع "كرمى" الصبية التي تخطت المألوف فحصدت الفشل. ولكن هل تعلّمت الدرس؟ تقول "كرمى" ابنة السابعة والعشرين: "كان رفيق زميلي في العمل، شاب خجول قليل الكلام لكنّه مثقف وكفؤ في عمله، حيث استطاع خلال سنة واحدة من الوظيفة أن ينتقل إلى مركز إداري مهم وقد توقع له الكثيرون مستقبلاً ناجحاً، خاصّة وأنّه تابع تخصصه خلال العمل ولم يتوقف عن الدراسة. لفتني "رفيق" بحضوره المهذب وذكائه وقدرته في العمل، أدركت أنّه الرجل الذي بإمكانه أن يتحمل مسؤولية بيت وأسرة، وأنّه الرجل الذي يمكنني أن أضع رأسي على صدره وأُسلّمه مفاتيح قلبي وحياتي. ولأنّه خجول رأيت أن آخذ المبادرة بنفسي فدعوته إلى فنجان قهوة في كافتيريا المؤسسة وحاولت أن التقط في نظراته وكلامه مؤشرات إيجابية، وحين أحسست بارتياحه لي قررت دعوته لحضور حفل عيد ميلاد شقيقتي. وهكذا شجعته على التواصل معي إلى أن أدركت أنّها اللحظة المناسبة حينها اعترفت له برغبتي في الارتباط به والزواج منه. لم أجد في ردة فعله ما يحبط عزيمتي، فقط وافق فوراً وأكّد لي أنّه يحمل الرغبة ذاتها، وهكذا تمّ زواجنا وسط مباركة الأهل والأصدقاء. لكن ما قبل الزواج شيء وما بعده شيء آخر. فقد بدأت أكتشف في "رفيق" طبائع وخصال لم أكن لأتبيّنها سابقاً. الشاب الخجول والقليل الكلام في العمل، هو غيره تماماً في البيت، كان متطلباً إلى أبعد الحدود، يثور ويغضب إذا لم تلبِ طلباته بالطريقة والسرعة التي يريد، لم يكن يتورع عن الانتقاد بل وحتى الشتائم والإهانات، الأمر الذي صدمني وترك غصّة في قلبي. لم يتردد في أن يهزأ حتى من قدراتي في العمل واعتباري امرأة محدودة وسأبقى في مكاني للأبد. أكثر من هذا طلب مني التفرّغ نهائياً للبيت، وقال لي بنبرة قاسية "طالما أنّك أعجز من أن تحقيقي تقدماً في عملك فلماذا لا تتفرّغين لي ولبيتك؟ نحن أحق بك. كانت تلك العبارة أشبه بالصفعة لي فانفجرت حينها وتحررت من مخزون الألم في داخلي واتهمته لأوّل مرة بالغرور. وأوضحت له أنّ عملي قضية مبدأ ولن أتنازل عنها.

 من هنا بدأ الخلاف يأخذ طابع الحدّة والتشنج حتى كان ذلك اليوم الذي ألقى في وجهي بتلك القنبلة التي لم أكن أتوقعها. قال ببساطة وبنبرة احتقار "تذكري أنّك أنت من طلب الزواج مني وليس أنا". أحسست حينها بأنّ علاقتنا انهارت تماماً وأنّ ذلك الخيط الرفيع الذي طالما حافظت عليه بيننا قد انقطع. عدت إلى بيت أهلي وطلبت الطلاق، ومن حسن حظي أنّ أهلي تفهّموا موقفي تماماً، احتضنوني ووقفوا إلى جانبي، واعتبرت أنّ حياتي بعد الطلاق بدأت من جديد. تركت عملي والتحقت بإحدى الجامعات لأُتابع دراستي وتخصصي، أمّا تلك التجربة وإن كانت فاشلة فقد زادتني ثقة بنفسي وعلمتني ألا أتسرّع في قراراتي وألا أحكم على الشخص من خلال مظهره أو سلوكه.. هل أكرر التجربة؟ ربّما أفعل، فهذا حقّي كما هو حقّ الرجل، ولكن بالتأكيد سأُفكر ألف مرة.

    

  - فتاة سهلة ومبتذلة:

هيثم "ع" يرفض الفكرة تماماً ويعتبرها إهانة لرجولته ورغم أنّه شاب عصري في كلّ تفاصيل حياته، إلّا أنّه لم يستطع تقبل الفكرة ولم يكتفِ بالرفض فقط بل قاطع زميلته التي تجرأت على الإعلان عن رغبتها في الارتباط به. قال هيثم الشاب الجامعي والذي يقف على أبواب التخرج: "لقد صدمتني فعلاً كنت أعتبرها نموذجاً للإنسانة التي أحلم بالارتباط بها. أحببتها بصدق وفكّرت في أن أطلب يدها بعد التخرج لكنّها فاجأتني ذلك المساء حين طلبت لقائي لأمر مهم. اعتقدت أنّ ثمة مشكلة في الدرس أو مع الأسرة أو إحدى الزميلات، ولكن حين التقينا قالت لي مباشرة: "هيثم سنتخرج بعد شهر وأنا أحبّك وأرى فيك الشاب الذي أطمح للارتباط به فلماذا لا تتقدم لي وتطلبني من أهلي". يتابع هيثم: "لم تكد تنهي تلك الجملة حتى أحسست بأنّني أجلس أمام فتاة أخرى. لم تعد هي تلك الإنسانة التي عرفتها وأحبّبتها. لا أدري لماذا انتابني ذلك الشعور بأنّها فتاة سهلة ومبتذلة. بل أكثر من ذلك بدأ الشك يتسلل إلى صدري، والسؤال يكبر: لماذا تلقي بنفسها بين يديّ بهذه السهولة والبساطة؟! تبخّر إعجابي بها وطارت رغبتي في الزواج منها. وبالتالي لم أتردد في الاعتذار وقطعت علاقتي بها نهائياً. لا أنكر أنّها صدمت لردّة فعلي، ولكن ماذا كانت تنتظر من شاب عرضت نفسها عليه حتى وإن كان باسم الزواج. أريد فتاة اختارها بنفسي وأن أشعر بالزهو لخياري. فتاة تحترم أُنوثتها ولا تهدرها في السؤال"!!

 يبقى أن نطرح السؤال: هل طلب الفتاة الزواج من الشاب الذي وجدت فيه مواصفات الزوج المناسب هو هدر لأُنوثتها وتعد على رجولته؟

 يجيب حسن مراد الطالب الجامعي أيضاً: "ليس صحيحاً أنّ إقدامها على هذه الخطوة إهانة لأُنوثتها وإن كنت أرى أنّ ثمة أساليب كثيرة للتعبير عن رغبتها هذه بطريقة غير مباشرة تحفظ من خلالها هذا التوازن في العلاقة بينها وبين الآخر. فيشعر الشاب بأنّه صاحب المبادرة في الوقت الذي تكون هي صاحبة المبادرة. شخصياً لا أرى حرجاً في أن تقول لي صبية ما إنّني أتمتع بمواصفات فارس أحلامها وأنّها ترغب في الزواج مني. فإن كانت مناسبة لي فلن أتردد وإن كان العكس، يمكنني الاعتذار بلباقة وبأسلوب يحفظ لها كرامتها ولا ينال من أُنوثتها".

فوزية درويش "أُم لصبية وشاب" ترى: "أنّه لا شيء في هذا الزمن مستحيل حتى أن تتقدم الفتاة لطلب يد الشاب للزواج". تتابع: "الفكرة ليست غريبة، في حياتنا أمثلة كثيرة وناجحة لشباب تزوجوا بهذه الطريقة. وحتى قديماً رغم كلّ التحفظات كان بإمكان الفتاة أن تشعر الشاب برغبتها هذه ودون تخطي المحظور. بالنسبة لابنتي فأنا معها تماماً وأدعمها في خيارها ولكن شرط أن يكون الشاب يستحق فعلاً أن تقدم لأجله على هكذا خطوة. أمّا ابني فربّما أيضاً يجد الشريكة أو تجده هي. ليس مهماً حينها مَن يبادر لطلب الآخر. الأهم أن يكون كلّ منهما مناسباً للآخر".

    

  - إذلال لأُنوثتها:

الناشطة النسوية والصحافية لين هاشم، تضيء على هذه المبادرة كحقّ من حقوق المرأة التي يرفضها الرجل إن لم يكن يستهجنها أيضاً. تقول: "ربّما يعود ذلك لكونه اعتاد أن يكون هو المبادر ورأس الأسرة والمعيل مادياً لها. وبالتالي لابدّ أن يكون له القرار الأوّل والأخير في كلّ خياراته في الحياة. من هنا تفقد المرأة في نظره ونظر المجتمع دورها الأُنثوي وقيمتها الاجتماعية إن هي بادرت". ليس هذا فقط فربّما أيضاً تتعرض للابتزاز المادّي والمعنوي والتعريض بأُنوثتها. كذلك قد يعيّرها الزوج لأقل خلاف ينشب بينهما وبلا خلافات، إنّها هي التي طلبته. من هنا تتردد الفتيات في الإقدام على هذه الخطوة رغم أنّها طبيعية ودلالاتها لصالح الرجل كشخص له قيمة إنسانية مرغوبة.

أمّا إن كان الخجل يلعب دوراً في إحجام الفتاة عن اتخاذ المبادرة فتجيب لين بأنّ الخجل هو صفة عامّة عند الإنسان ولا تختص به المرأة وحدها. لكنّه يتعزز لديها من قبل المجتمع الذي يعتبر أنّه من المفروض بها أن تخجل وأن تكون هي المتلقية وليست المبادرة. ليس في هذا الجانب فقط وإنما في الكثير من جوانب الحياة. فالمجتمع يعتبر الخجل صفة إيجابية ومفروضة ومطلوبة من المرأة، وإلّا فهو يعتبرها وينظر إليها على أنّها غريبة الأطوار وبالتالي يرفضها. ورأت أنّ ردة فعل الشاب وإن كان تقتصر على الناحية السلبية حالة تتفاوت من شاب إلى آخر وحسب شخصيته وتركيبته الإنسانية والاجتماعية. فهناك مَن يقدّر ويثمّن ويحترم هذه الجرأة في المرأة. وهناك أيضاً مَن يرفضها أو يشعرها بالدونية ويحتقر جرأتها. وهناك مَن لا يتوقف أمام هذه الخطوة ويتعاطى معها كأمر طبيعي في ظل علاقة متكافئة وواضحة الهدف ومحكومة بنهاية طبيعية ليس مهماً من أخذ المبادرة فيها بقدر تحقيق الهدف.

    

  - مجرد تقاليد:

 د. سيفاك اجوبيان أستاذ علم الاجتماع يعيد رفض المجتمع لهذه المبادرة لأسباب ذكورية خالصة، ولتقاليد مجتمعية تخطتها تطورات العصر ومستحدثاته واهتماماته. فالمجتمع الحديث يشهد اليوم طفرة في العلم والتكنولوجيا ويمارسها عملياً من خلال الإنترنت والفيس بوك حيث التواصل المفتوح بين الشباب على اختلاف هواياتهم وأجناسهم ووسائل التعارف بين الجنسين بلا ضوابط ولا رقابة. جد مجتمعنا لا يزال يتوقف أمام الكثير من الشكليات التي اعتادها وتوارثها، ومن بينها أن تكون المبادرة بيد الشاب حتى وإن كان مجتمع الشاب في معظمه قد تخطى هذه الشكليات.

 هي إذاً مجرد تقاليد وأعراف كرّسها مجتمع ذكوري رسم للمرأة مواصفات خاصّة مثل أن تكون متلقية وليست مبادرة، وبالتالي باتت هذه الصورة جزءاً لا يتجزأ من موروثنا الثقافي فإذا ما تخطته المرأة أُدينت وأُتهمت بالتفلّت والاستهتار. وربّما أكثر من هذا يتم وصمها "المسترجلة" ويصبح محظوراً التعاطي معها بجدية أو طلبها للزواج.

 توفيق عسيران، رئيس جمعية تنظيم الأسرة، والناشط المدني، يعتبر تقدم الرجل لطلب يد المرأة نوع من العُرف والتقليد، فمن شبّ على شيء شاب عليه. مؤكداً أنّ هذا التقليد ليس حكراً على مجتمعنا العربي، ومتبع في المجتمعات الغربية التي لا تتوقف أمام قضية مماثلة، فالمهم هو إمكانية نجاح العلاقة وما تعكسه من تفاهم يشكّل قاعدة وركيزة للزواج. أمّا مجتمعاتنا الشرقية فلم تصل بعد إلى هذه القناعة. ومفاهيمنا تحول دون تحقيقها. لذا من الصعوبة أن تكون المبادرة بيد المرأة. ولابدّ أن يرفضها مجتمعنا بشكل تلقائي. ومع هذا يبقى أنّ التفاهم بين المرأة والرجل هو سيِّد الموقف وعلى أساسه يتفقان على الارتباط بالزواج والمرأة تملك القدرة على التمهيد لهذا الارتباط ومن خلال وضع أسرتها بالصورة.

 أمّا أنّ صورة المرأة تهتز في عيني الرجل أو هو يعتبر مبادرتها انتقاصاً لرجولته. رأى عسيران العكس تماماً معتبراً طلبها تعزيزاً لرجولته باعتباره الشخص الذي تحبّه وتعوّل عليه وتضع مستقبلها بين يديه. وبالتالي لا تشكّل هذه الخطوة تجاوزاً لحدود المرأة بل هي خروج على التقاليد المجتمعية. وفي الحقيقة إذا كان هناك تفاهم بين الطرفين فهذا التفاهم في حدّ ذاته سيؤدي إلى اتباع الطرق المألوفة.

الروائي د. نزار دندش، يرى أنّ المرأة في واقع الأمر هي التي تبادر إلى طلب ودّ الرجل بواسطة إشاراتها الأنثوية التي يلتقطها الرجل. فيمارس ذكوريته ويتشجع على التقرب منها مسجلاً لنفسه عنجهية كاذبة رسمت معالمها في أعماق ثقافتنا المعمّرة. وهو يقبل أن تبادر المرأة إلى إرسال إشارتها هذه، لكنّه يرفض أن تبادر إلى طلب يده صراحة، لأنّه يعتبر في لا وَعْيه أنّ ذلك انتقاصاً لرجولته، وخرقاً للآداب العامّة. بينما هي في الواقع عادات وتقاليد متوارثة من عهد البداوة ربّما، ونحن للأسف في هذه الأيام التي نركب فيها الطائرة والسيارة لا نزال نفكر من على ظهر الجمل. نتواصل بالإنترنت ونتراشق بالحجارة. وبشكل عام لا يستسيغ الرجل فكرة أن تبادر الفتاة لمثل هذا الطلب إلّا إذا كان في الموقع الأضعف مادّياً أو اجتماعياً أو لاعتبارات أخرى تجبره على تقديم بعض التنازلات التي يقبلها في بادئ الأمر على مضض. على أن يثأر "لكرامته" عندما تسنح الفرصة وذلك ناجم عن عقد اجتماعية تحوّلت إلى عقد نفسية مع مرور الزمن. شخصياً أؤمن بالمساواة التامة واعتبر هذا حقّاً من حقوقها وحرّيتها في ممارسة إنسانيتها. ولا أنكر أنّ أي رجل يتعرض في ظروف خاصّة جدّاً لضغوطات نفسية قد تفرض عليه أن يعمل خارج قناعاته. لكن ثقافته يجب أن تشكّل رادعاً وتعيده إلى قناعاته.

    

 - لا شيء يمنع:

 د. نجاة إبراهيم، رئيسة جمعية العلاج النفسي والاستشارات النفسية في لبنان، تطرقت إلى الأثر الذي تتركه هذه المبادرة على العلاقة الزوجية لاحقاً وعلى سلوك الرجل تجاه زوجته، واعتبرت أنّ موضوع الزواج والبحث في اختيار الشريك عملية مرتبطة بالعادات والتقاليد. فقد جرت العادة أن يتقدم الشاب بطلب يد الفتاة للزواج. "في واقع الحال، يظن الرجل أنّه مَن يختار شريكته، بينما الحقيقة أنّ الرجل عادة لا يتجرأ على التقدم من الفتاة إلّا إذا أحس مسبقاً بأنّها تريده، وأنّه مُرحّب به. صحيح أنّ القشرة الاجتماعية تظهر الرجل وكأنّه صاحب القرار ولكن عملياً إذا لم يطمئن الرجل أنّ طلبه لن يُرفض فنادراً ما يتقدم نحو الفتاة. وبهذا المعنى، القول إنّ الرجل هو الذي يختار قد يصحُّ على الخيار التقليدي حيث يذهب أهل العريس مباشرة إلى منزل الفتاة ويتقدم بطلب يدها. أمّا المطروح الآن من أنّ الفتاة هي التي تطلب يد العريس وما إذا كان هذا يؤثر على نظرته للفتاة. فهذا موضوع يحتاج إلى القليل من التحليل، صحيح أنّ الفتاة تشجع وتوفر إحساس الأمان للشاب للتقدم نحوها ولكن يبقى هناك خيط رفيع بأنّها ظاهرياً لا تقدم على السلوك النهائي المتمثل في طلب اليد أو التعبير عن القرب للوصول إلى علاقة جدية.

 وترى د. إبراهيم أنّ الطبقة الاجتماعية الثقافية التي ينتمي إليها كلّ من الشريكين تؤثّر إلى حدّ كبير في النظرة إلى العلاقة بينهما، فكلّما ازداد الوعي والثقة بالنفس لا شيء يمنع أن تطلب الفتاة تحديد نمط العلاقة مع الشاب ومعرفة نهاياتها. وبلغة دبلوماسية بإمكانها أن تدعوه لأن يتقدم بالخطوة الحاسمة، وهذه الخطوة هي دائماً نتيجة مسار طويل وقرار تطلبه الفتاة وتدع للشاب اللمسات الأخيرة. من هنا يصح القول إنّ المستوى الثقافي للشريكين لا يعود يقيم وزناً كبيراً لمن تقدم بالطب أوّلاً طالما أنّ هذا الطلب سيكون فيما بعد برضا الطرفين وإلّا سيرفض الطرف الآخر.

 أمّا التخوف من إمكانية تعيير الرجل للمرأة التي طلبته للزواج بأنّها هي التي طلبته، فالردّ سهل، إذ إنّه حين وافق على طلبها كان في كامل وعيه. من هنا فإنّها إهانة له أن يتبجّح وأن يلقي التبعية في زواجه على شريكته. فهذا يظهره بعدم القدرة على أخذ القرار المناسب وبأنّه استدرج وهذا ما لا يرضاه لنفسه، علماً أنّه ليس من السهولة على الرجل أن يعترف بأنّه أوقع به وبأنّه استغل. لأنّ اعترافه هذا يهدد ثقته بنفسه وقدرته على الخيار وعلى تحمل المسؤولية. وتنصح د. نجاة الشريكين في حال مواجهتهما هذا الموقف بأن يُفكرا ملياً بما هو أبعد من تبادل التهم والشكاوى. فتعيير أحدهما للآخر بأنّه هو من سعى للزواج يكشف بأنّ هذه العلاقة في حالة من الارتباك والاضطراب يستدعي العمل على إعادة التوازن إليها قبل أن يقع أبغض الحلال، فلو كانا في حالة انسجام وتوافق لشكر الزوج ربّه وشريكته لأنّها ساعدته في التقدم إليها ليصل إلى هذه الراحة النفسية التي ينعم بها.

 وتختم د. نجاة بالقول: "ليس مهماً من طلب الآخر للزواج، لأنّه في اللحظة التي يوافق الطرفان على هذا الموضوع، أصبحت المسؤولية مشتركة بالنسبة لهما معاً. الاعتراض والرفض مقبول قبل الزواج والقرار. أمّا بعده فلا قيمة لمن تقدم أو أغوى أو أخذ هذا القرار..".►

ارسال التعليق

Top