- فاكهة البيت
بداية، يقول جمال الوكيل من القاهرة: "قررت أنا وزوجتي تحديد النسل بعد أن رزقنا الله بولدين وبنت، ونجحنا في ذلك على مدى 15 عاماً، وفجأة اكتشفت زوجتي أنها حامل في الشهر الثالث، بينما إبننا الكبير في الجامعة، وفي الحقيقة هذا الخبر أغضبني، وسَبَّب لي حرجاً لأن ظروفنا المادية لا تسمح بأعباء طفل جديد وكذلك السن، فأنا في منتصف العقد الرابع من العمر، ولا أعلم إن كان الله سيمد في أجلي حتى أربي هذا الطفل أم لا؟"، مبيناً أنه ترك نشر الخبر لزوجته، بإعتبارها أقرب إلى الأبناء منه، وأنه علم بعد ذلك أنّ إبنه الأكبر امتعض كثيراً، لكن بقية إخوته تقبّلوا الأمر بصدرٍ رحب. أمّا هو، فأخفي الخبر تماماً عن زملائه في العمل، تجنُّباً لتعليقاتهم السخيفة. وبمجرد قدوم المولود الجديد، تغيرت الحياة إلى الأفضل، إذ أصبح فاكهة البيت والأقرب إلى قلوبهم جميعاً. وبعد مرور أربع سنوات من إنجابه، أصبح لا يتخيل الحياة بدونه!
- فرحة لا مثيل لها
أمّا اللبنانية فادية الشيخ (50 عاماً)، فتخبرنا: "أنجبت إبني الأوّل عندما كنت في العشرين، وبعدها حاولت الحمل مرّة أخرى، لكنني لم أستطع، زرت كثيراً من الأطباء وكانوا يقولون إنّه لا مشكلة لديّ في الحمل، وكبر إبني وأصبح في العشرينات وفقدت الأمل في الحمل مجدداً، وبعد ذلك أغرم بفتاة وأقبل على الخطوبة، وخلال التحضيرات شعرت بدوار شديد، فذهبت إلى الطبيب وعلمت أنني حامل، فشعرت بفرحة لا مثيل لها، خاصة أني كنت أنتظر هذا الطفل بفارغ الصبر، لكنني شعرت بالإحراج كون إبني الكبير كان على وشك الزواج، ورغم طمأنته لي لكنني علمت أنه كان محرجاً كثيراً، ولم يرغب في قدوم هذا الطفل أبداً، إذ اعتبر الأمر وكأنه مشكلة لا يعرف كيف يواجه مجتمعه بها، وبعد الولادة اعتاد الفكرة، واعتبر نفسه والده وشقيقه الأكبر".
- مصدر قوّتي
فيما لم تتحمّل الأربعينية سوسن الكايد من الأردن خبر حملها، وأخفته عن زوجها وأبنائها، بسبب شعورها بالحرج، وعن ذلك تقول: "إنّ الأمر ليس عيباً ولا حراماً، لكنه مناف للعادات والتقاليد، فحين أخبرتني الطبيبة النسائية أنني حامل بكيت بحرقة، وخفت ألا أعطي طفلي حقّه، فما تبقى من العمر ليس أكثر مما عشته، وترددت كثيراً في إخبار أحد، إلا أن أختي كانت مصدر قوّتي في هذا الموقف، وقررت بعد تفكير طويل، أن أقوم بالإجهاض، وبعد العملية أخبرت زوجي، فانزعج مما فعلته، لكنه تفهّمني وانتهى الموضوع على هذا، واليوم حين أتذكر ما حلَّ بي، أشعر بالخجل وأشتاق لطفلي الذي لم أرَ وجهه".
- نظرات إستغراب
في حين توضح الأربعينية مها الطاهر: "رزقني الله في بداية زواجي بثلاثة أبناء، وهم الآن في ربيع شبابهم، وتزوّجوا جميعاً، بل إنني أصبحت جدّة لأبنائهم، لكن الله كتب لي أن أكون أُمّا في الأربعين من جديد، وكنت أشعر بالخوف بأن يولد الطفل معاقاً، ولكنني رزقت بطفل جميل. وبالرغم من سعادتي بقدومه، إلا أنه كان سبباً في إحراجي أمام الغرباء، لأنهم يظنون أنه حفيدي، لكن بعد مرور العام الأول على حياة طفلي، لم أعد أشعر بالخجل، حيث تعوّدت على نظرات الإستغراب، وبدأت أشعر بالسعادة، لأنه شغل وقتي ووقت زوجي وملأ حياتنا بالأمل والسعادة"
- لدي أكثر من أُم
وعن قصتها مع صديقتها المقرَّبة، تقول اللبنانية منى الشيخ (50 عاماً): "هي إبنة أختي، فوالدتي أنجبتني في نفس اليوم الذي أنجبت فيه شقيقتي إبنتها، وعلمت أنّ إخوتي انزعجوا عندما علموا بحمل والدتي بي، وعذروها لأنه في الماضي لم يكن الأمر كما هو اليوم"، وتؤكد: "أذكر أنّ والدتي وشقيقتي كانتا سعيدتين بأنني وإبنة أختي صديقتان"، لكنني شعرت خاصة بعدما أصبحت في سن البلوغ بأنني أختلف، لأن لدي أكثر من أُم، فشقيقتي الكبيرة كانت بمثابة والدتي عندما أصبحت أُمّي كبيرة في السن، ولم تعد قادرة على تربيتي ولم يخلق هذا الأمر عقدة عند أشقائي".
- التكيُّف مع الأمر
أمّا المحامية سلمى أحمد (35 عاماً) من القاهرة، فتقول: "ذكريات الطفولة مع أختي الصغيرة لا تُنسى. ففي بداية قدومها كان عمري 20 عاماً، وظللت وقتها أتكتم الخبر عن صديقاتي والمقربين، والمفاجأة أنّ تعليقاتهم كانت إيجابية حين علموا به، ما شجّعني على التكيف مع الأمر، وشعرت بالسعادة عندما خرجت شقيقتي الصغيرة إلى الحياة ولا أعرف لماذا سيطرت علي وأصبحت أقرب شقيقاتي إلى قلبي!".
- التغلب على الأحزان
وعلى عكس روان، تُبيِّن المصرية وسام جبر (18 عاماً): "أخبرتني إحدى صديقاتي بأنّ أُمّها حامل، وكانت وقتها مهمومة وحزينة، وتملؤها مشاعر الخجل، وتوقّعت أنّ هذه المشاعر ستلازمها طول الوقت، ولكن بمجرد أن ولدت أُمّها، تغيّر الحال تماماً، وتحوّل الحزن والخجل إلى فرحة، وأصبح شقيقها الصغير شغلها الشاغل، بل إنها اعتبرت نفسها بمثابة أُمّه الصغيرة"! وتضيف: "كنّا نحرص على الذهاب معها إلى بيتها لنلعب مع شقيقها الصغير، ونتسابق في شراء اللعب والحلوى له".
- فرحة عائلية
وعن شعورها بعد معرفة خبر حمل والدتها، تقول اللبنانية هويدا ناصر (35 عاماً): "كنت في الـ17 من عمري وأخي في العشرين عندما علمنا بخبر حمل أُمّي، وفوجئنا في البدء، لكننا لم نشعر بالإنزعاج أبداً، بل غمرتنا السعادة، لأننا شعرنا بأن هناك طفلاً جديداً سيأتي إلى العائلة، وسيُغيِّر نمط حياتنا، لكن المشكلة الكبيرة كانت عند والدتي، التي خجلت من الموضوع كثيراً، لدرجة أنها باتت تشعر بالغرابة خوفاً من أن يرى أحد إنتفاخ بطنها، كما إنها لم تعد تخرج من المنزل، خاصة في شهور حملها الأخيرة، لأنها كانت تشعر بأن سنها كبيرة على الحمل، وتغير الأمر واختلفت كل الموازين عند ولادة شقيقتي الصغيرة التي أصبحت فيما بعد لعبة المنزل وفرحة العائلة كلها".
- تخطي الشعور بالذنب
يرى الأخصائي النفسي الدكتور أحمد يوسف، أنه "من الإيجابي أن يشعر الأُم والأب بتجدد الحياة، كونهما فقدا إهتمام أولادهما الكبار، فيعيد الأمل لحياتهما ويجدد علاقتهما الزوجية والعاطفية، ويُمتِّن الحياة الأسرية. أمّا من الناحية السلبية، فإنّ فارق العمر بين الأبوين والطفل قد يخلق مشكلة في مرحلة التربية، إذ لا قدرة نفسيه عند الوالدين على الإهتمام بالمولود، فيولِّد ذلك تعلُّقاً نفسياً كبيراً به، إذ لا يمارس عليه أي نوع من الضوابط، فيكون مدللاً ولا يرفض له طلب، فتغيب التربية الصارمة، وذلك ناتج من شعور بالذنب عند الوالدين، اللذين يشعران بأنهما لا يقدران على إعطاء هذا الطفل أو تقديم ما قدّماه لإخوانه وأخواته، وهذا الشعور يؤدي إلى الإفراط في الدلال غير السوي، كما إنّ فارق العمر يؤدي إلى تغيُّر مفاهيم التربية، فيشعر الولد خلال مرحلة نضوجه بأن وجود الوالدين أو عدمه نفس الشيء، ويشعر بأن إخوته هم الأقرب له، وبإمكانهم الحلول مكان الأب والأُم، وقد يشعر الإخوة الكبار بالغيرة والأنانية عند مجيء شخص جديد يأخذ مكانهم. وإذا كانوا في مرحلة النضوج، فسيشعرون بالإنزعاج، كون هذا الطفل بات مسؤوليتهم، ويمكنه أن يُشكِّل عبئاً في تطوّر حياتهم فيما بعد، وكأنهم أمام مسؤولية مبكرة".
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق