• ٣٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٢١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

وجود الله بالدليل العلمي

محمّد نبيل النّشواتي

وجود الله بالدليل العلمي

◄أصل الكون دخان:

لقد كان الكون قبل تشكُّله سحابة سديمية دخانيّة قاتمة، تحتوي على غازات داكنة وعناصر معدنية شديدة الحرارة، بعد ذلك بدأت تتكثّف هذه السحابة الهائلة إلى نقاط شديدة الحرارة والكثافة، فأعطت نجوماً كثيرة تتكوّن من غازات مستعرة، ثمّ انفصلت عنها فيما بعد المذنبات والكواكب والنيازك والأقمار. أمّا ما تبقّى من السديم الدخاني فإنّه يشكّل ما يدعى الآن بدرب التبانة الهائل السعة، والذي يمكننا مشاهدته في الليالي الحالكة السواد عندما يختفي القمر خاصة إذا حاولنا مشاهدته بعيداً عن المدن الشديدة الإضاءة.

عندما سمع البروفسور (يوشيدي كوزاي) رئيس مرصد طوكيو العالمي – في المؤتمر العلمي للإعجاز القرآني الذي عُقد في القاهرة – الآية: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصّلت/ 11)، نهض مندهشاً ليقول:

لم يصل العلم والعلماء إلى هذه الحقيقة العلمية المذهلة إلّا منذ عهد قريب، بعد أن خرجت سفن الفضاء عن نطاق الجاذبية الأرضية بعيداً في أجواز السماء، فالتقطنا بواسطة كاميرات الأقمار الاصطناعية القوية صوراً وأفلاماً حيّة، تُظهِر نجماً وهو يتكوّن من كتلة كبيرة من الدخان الكثيف القاتم الموجود بين النجوم وداخل المجرات، ثمّ بدأ مركز النجم بالاشتعال والإضاءة، ثمّ ما لبثت أن ظهرت حوله هالة حمراء كبيرة ناجمة عن ألسنة النيران العملاقة التي تنبعث من هذا النجم الجديد، والتي تدل على درجة حرارته الهائلة.

ثمّ أردف البروفسور (يوشيدي كوزاي) قائلاً: إنّ معلوماتنا السابقة قبل هذا الفيلم الحديث كانت مبنية على نظريات خاطئة كان مفادها أنّ السماء كانت ضباباً عند بدء الخلق وقبل أن تتشكل النجوم والمجرّات، والدخان كما تعلمون حار، وهذا لن ينجم إلّا عن نيران قوية، والتي نجمت بدورها عن نيران مستعرة.. أمّا الضباب فإنّه بارد وخامل، لذا لا يمكن أن تتشكَّل منه نجوم تشهد انفجارات نووية هائلة مستمرة، والتي لا تنطفىء إلّا بانطفاء النجم بعد ملايين أو مليارات السنين من تشكله.

بعد ذلك توالت مشاهدات العلماء من كافة المراصد العالمية لأعداد كبيرة من النجوم والمجرّات وهي لازالت في طور التشكُّل، ولأعداد أخرى وهي تنطفئ أو تنفجر ثمّ تتلاشى، وأخرى ترتطم بنجم آخر فتتحطم وتتناثر أشلاؤها في الفضاء الفسيح المترامي الأبعاد.

بهذه الحقيقة العلمية نكون قد أضفنا إلى معجزات القرآن معجزة جديدة مذهلة، أكّدت أنّ الذي أخبر عنها هو الذي خلق الكون قبل مليارات السنين.

وبما أنّه وحده الحيُّ القيوم الذي لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم، فهو وحده القادر على أن يخبرنا عن بداية الخلق كيف كان وكيف صار، وبذلك لابدّ أن يكون القرآن من كلام الخالق سبحانه وتعالى.

وهذا بالضبط ما قاله البروفسور الياباني (يوشيدي كوزاي) في مؤتمر الإعجاز القرآني العلمي الذي عُقد في القاهرة وفي مؤتمر الشباب الإسلامي الذي عُقد في الرياض في الفترة من 20-27 ربيع الثاني 1399هـ الموافق 18-25 مارس (آذار) 1979م، فـ(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) (الفرقان/ 1).

وقد بلغ ذهول العلماء المؤتمرين ذروته عندما ألقى علماء المسلمين على مسامعهم الآية (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا) (الأنبياء/ 30)، فقالوا: حقاً لقد كان الكون في بدايته عبارة عن سحابة سديميّة دخانية غازيّة هائلة، ثمّ تحوّلت بالتدريج إلى ملايين الملايين من النجوم التي تملأ السماء.. عندها صرّح البروفسور الأمريكي (بالمر Palmer): بأنّ ما قيل لا يمكن بحالٍ من الأحوال أن يُنسب لإنسان مات قبل أكثر من 1400 سنة، لأنّه لم يكن لديه لا تليسكوبات ولا سفن فضاء ولا محطّات فضائيّة تساعده على اكتشاف هذه الحقائق عن بداية تشكُّل الكون، فالذي أخبر محمّداً عنها لابدّ وأنّه موجود وأنّه حيٌّ وقيّوم منذ الأزل، ويعلم أسرار الكون وعلومه؛ وهذا لا ينطبق على عالم حكيم غير الله وحده سبحانه:

(قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) (الفرقان/ 6).

(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا) (النمل/ 93).

(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (سبأ/ 6).

وتبيّن لنا أنّ أجزاء الكون تتباعد بعضها عن البعض الآخر، وتزداد عدداً باستمرار، وهذا يعني أنّ السماء تزداد سعة باستمرار رتيب مذ خلقها الله سبحانه وتعالى وحتى الآن، وستبقى في اتِّساع مستمر حتى قيام الساعة، حيث سيطوي الله السماء طيَّ السجل للكتب.

لقد أنبأنا ربُّ العزة والجلال بهذه المعلومة الفلكية في الآية (47) من سورة الذاريات، حيث قال سبحانه: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ).

فسبحانك يا إلهي من ربٍّ عظيم.. ومن رحمانٍ رحيم، بيَّنت لنا آياتك لنستيقنها، ولنزداد إيماناً مع إيماننا، ولتنير بها سبيل من سقطوا في ظلمات الشرك والكفر والضلالة، فتهديهم الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم، ولا الضالين.

 

المصدر: كتاب وجود الله بالدليل العلمي والعقلي

ارسال التعليق

Top