◄قال تعالى:
· (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (البقرة/ 143).
· (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (الحجرات/ 13).
· (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة/ 8).
· (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت/ 46).
· (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) (الأنفال/ 55-56).
· (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (التوبة/ 3-4).
· (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) (الأنفال/ 58).
· (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ) (التوبة/ 6).
· (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) (الأنفال/ 61).
· (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلا) (النساء/ 90).
· (فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة/ 191-192).
· (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة/ 256).
قبسات من نور الوحي:
ينطلق موقف المسلمين مع غيرهم من الأمم والملل من قناعة أنّهم الأُمّة الوسط الشاهدة على غيرها من الأُمم، بما ينطوي ذلك بكلِّ ما تحمل "الوسطية" من دلالة، ربما يستلزم ذلك من خصائص ومميزات، أوّلها "العدل والخيرية".. وشهادتها على غيرها تنبع من هذا الاعتبار، أنّها أُمّة العدل في كلِّ شيء، ومن أنها احتوت آخر الرسالات: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) (الممتحنة/ 8).
وعلاقة المسلمين مع غيرهم كانوا بينهم أو خارج حدودهم – وخاصة غير المحاربين – تتأسس على ثلاث مبادئ:
لا إكراه في الدين:
وهذا يتعلق بالدرجة الأولى مع المقيمين بينهم، وهؤلاء يتمتعون بكافة حقوقهم الدينية سواء من حيث اعتناق ديانة مخالفة للدين الإسلامي أو من حيث ممارسة شعائر ذلك الدين.
وجاء عن الصحابة في أهل الذمة: اتركوهم وما يدينون، ومنذ عهد الخلفاء الراشدين والنصارى يؤدون عباداتهم ويقيمون شعائرهم، في حرية وأمان، كما هو منصوص عليه في العهود التي كتبت في عهد أبي بكر وعمر.
ومن شدة حساسية الإسلام أنّه لم يفرض الزكاة ولا الجهاد على غير المسلمين، لما لهما من صبغة دينية باعتبارهما من عبادات الإسلام الكبرى – مع أنّ الزكاة ضريبة مالية، والجهاد خدمة عسكرية – وكلفهم مقابل ذلك ضريبة أخرى على الرؤوس، أعفى منها النساء والأطفال والفقراء والعاجزين وهي ما سميت (الجزية).
ولئن كان بعض الناس يأنفون من إطلاق هذا الاسم، فليسمونه ما يشاؤون، فإنّ نصارى بني تغلب من العرب طلبوا من عمراً، أن يدفعوا مثل المسلمين صدقة مضاعفة ولا يدفعون هذه الجزية وقبل منهم عمر، وعقد معهم صلحاً على ذلك، وقال في ذلك: هؤلاء القوم حمقى، رضوا بالمعنى، وأبوا الاسم!
ولأهل الذمة محاكمهم الخاصة يحتكمون إليها إن شاءوا وإلا لجأوا إلى القضاء الإسلامي، كما سجل ذلك التاريخ.
ومن هنا نرى أنّ الإسلام لم يجبرهم على ترك أمر يرونه في دينهم واجباً ولا على فعل أمر يرونه عندهم حراماً، ولا على اعتناق أمر ديني لا يرون اعتقاده بمحض اختيارهم.
- ولا وجه لدعوى بعض الناس – وجلهم من العلمانيين الذين لا يوالون الإسلام ولا المسيحية – أنّ الحل الإسلامي والشرع الإسلامي ينافي مبدأ الحرية لغير المسلمين، وهو مبدأ مقرر دولياً وإسلامياً، فقد نسوا أو تناسوا أمراً أهم وأخطر، هو أنّ الإعراض عن الشرع الإسلامي والحل الإسلامي من أجل غير المسلمين – وهم أقلية – ينافي مبدأ الحرية للمسلمين في العمل بما يوجبه دينهم، وهم أكثرية، وإذا تعارض حقّ الأقلية وحقّ الأكثرية فأيهما نقدم؟
إنّ منطق الديمقراطية – التي يؤمنون بها ويدعون إليها – أن يقدم حقّ الأكثرية على حقّ الأقلية... ولو لم تفعل الأقلية الدينية ذلك، وتمسكت بأن تنبذ الأكثرية ما تعتقده ديناً يعاقب الله على تركه بالنار، لكان معنى هذا أن تفرض الأقلية ديكتاتورية على الأكثرية، وأن يتحكم مثلاً ثلاثة ملايين أو أقل في أربعين مليوناً أو أكثر، وهذا ما لا يقبله منطق ديني ولا علماني.. وهذا على تسليمنا بأنّ هنا تعارضاً بين حقّ الأكثرية المسلمة وحقّ الأقلية غير المسلمة والواقعة أنّه لا تعارض.
الحوار والتعايش:
فالقرآن يأمرنا بالحوار مع كلّ المخالفين، لا أن ندعهم وننفض أيدينا منهم، ونعيش في حدود أنفسنا: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل/ 125)، كلّ ما اشترطه القرآن هنا: أن يكون الجدال – الحوار – بالتي هي أحسن أي بأحسن الأساليب وأفضلها وصولاً إلى إقناع العقل، وإيقاظ القلب، ومن روائع التعبير القرآني هنا: أنّه اكتفى في الموعظة بأن تكون حسنة، ولم يرضَ في الجدال أو الحوار إلا أن يكون بالتي هي أحسن، لأنّ الموعظة تكون مع الموافق والجدال مع المخالف، فلابدّ أن يستخدم معه أفضل الوسائل.
وهذا ما يجب على المسلم من أن يتمسك بهذا الأسلوب ومن أن يتقن مهاراته وفنونه، ومن أن لا ينطق في التعامل مع المخالفين من كونه على الحقّ وفقط، فينتهي من آخر مسلماته، بل يجب الانطلاق من الأرضية المتفق عليها: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت/ 46)، بالإضافة من أن يتقن فن السماع لوجهة نظر الآخرين.
بل هناك ما هو أكثر من ذلك، وهو أنّ الإسلام حرص على حماية شعور الآخرين، ومن إيذائهم بالسب والقذف: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) (الأنعام/ 108).
ولقد: رد صاحب تفسير المنار – على استشكال بعضهم النهي، بما ورد في الكتاب العزيز من وصف آلهتهم بأنها لا تضر ولا تنفع ولا تقرب ولا تشفع، وأنها هي وإياهم حصب جهنم، وتسميتها بالطاغوت وهو مبالغة من الطغيان، وجعل عبادتهم طاعة للشيطان فقال: "وقد يجاب عنه بأنّ هذا لا يسمى سباً، وإن زعموه جدلاً، لأنّ السب والشتم هو ما يقصد به الإهانة والتعبير، والغرض من ذكر معبوداتهم بذلك بيان الحقائق، والتنفير من الخرافات والمفاسد، وأجيب على تقدير التسليم، بأنّ ما يستحق جائز في نفسه، وإنما يُحظر إذا أدى إلى مفسدة أكبر منه، والحال كذلك.
ومن الاستشكال أيضاً قول آخر وهو: كيف نهانا الله – تعالى – عن سب من يستحق السب لئلا يُسب من لا يستحقه، وقد أمرنا بقتالهم وإذا قاتلناهم قتلونا وقتل المؤمن بغير حقّ منكر؟
وأجاب عنه الشيخ: بأنّ سب الآلهة مباح غير مرفوض وقتالهم فرض، وما كان مباحاً ينهى عما يتولد عنه ويحدث، وما كان فرضاً لا ينهى عما يتولد عنه.
وقد أورد الشيخ محمّد رشيد رضا من فروع نفس المسألة: على أنّ إطلاق لفظ الكافر قد يكون حقّ على الملاحدة المنكرين لوجود الله – عزّ وجلّ –، ولكن من هذا الباب يعتبر إطلاقه على كلِّ متدين سباً وإهانة، فيترتب على هذا أنّ إطلاقه على من يحرم إيذاؤه من أهل الأديان محرم شرعاً إذا تأذى به ولا سيّما في الخطاب، وذكر الشيخ شاهداً على ذلك من فتاوى الحنفية من "معين الأحكام" قال: إذا شتم الذمى يعزّز لأنّه ارتكب معصية، وفيه نقلاً عن "الغنية" ولو قال للذمى: يا كافر، يأثم إن شق عليه".
والتاريخ خير شاهد على أروع الأمثلة على احتواء واندماج غير المسلمين في المجتمع الإسلامي، وتمتعهم بأرقى مستويات التعامل على المستوى الحضاري.. كيف أثروا بمشاركتهم واندماجهم في الحضارة الإسلامية.
ومن هنا يتأكد من أنّ الإسلام لا يرفض مبدأ الحوار مع الآخرين، والمختلف معهم في مبدأ أو عقيدة، وهو يرفض الفكرة القائلة "بصراع الحضارات" التي يروج لها الآن في الغرب، فنظرة الإسلام والإسلاميين من هذه القضية المفروضة على الساحة اليوم تنطلق من:
(كونهم أصحاب رسالة عالمية لم تأتِ للعرب وحدهم – وإن تشرفوا بحملها – وإنما جاءت للعالمين، لذلك فالغرب لهم بمثابة مساحة جغرافية وإنسانية يجب أن تبلغها رسالة السماء، ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة.. فهم يتطلعون لهذه المساحات بعقلية استثمارية وليست استعمارية، عقلية تبادل المصالح والمنافع في آن واحد، فالغرب عنده التكنولوجيا وأسرار التطور، والمسلمون لديهم "نظريات وأخلاقيات" الحفاظ على التوازن الإنساني في اتجاه حماية المنجزات الإنسانية الحضارية، وكلاهما مطلوب للآخر ولا غنى له عنه.
إنّ الغرب لديه تطلعات في الثروة العربية/ الإسلامية، والإسلاميون يرون أنّ هذه الثروات مطلوبة لبناء عالمهم الإسلامي، حيث الغرب بيده مفاتيح هذا البناء والتقدم، فإذا تحقق العدل في التبادل المصلحي لكلا الطرفين فليس هناك ما يمنع التطور والتعايش والانفتاح الثقافي والمعرفي بين الشرق والغرب.. حيث يرى الإسلاميون بذلك أنهم يقفون على قدم المساواة مع منافسيهم، وإنّ أنموذجهم في البناء الإنساني متاح للمساحات الجغرافية والإنسانية الأخرى، وإنّ إمكانيات قيام علاقة جدلية متوازنة أمر لا تلغيه حالة الاستفراد التي تطرحها – اليوم – النماذج الغربية، ولعل هذا هو ما يحاول الإسلاميون أن يقولوه بمختلف الوسائل وأساليب التعبير).
الوفاء بالعهود والمواثيق:
وهو مبدأ يتعلق بالدرجة الأولى مع من يقيم خارج ديار الإسلام ولم يبدأوا المسلمين بقتال أو عداوة فالإسلام يوجب مسالمتهم حتى وإن لم يكن بينهم وبين المسلمين عهد وميثاق: (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلا) (النساء/ 90).
وذلك لأنّ القاعدة في الإسلام هي: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة/ 190).
والإسلام يدعو إلى احترام العهود والمواثيق، وبلغ من احترامه لتلك العهود والمواثيق، أن جعل خاصية الآدمية رهناً باحترام المواثيق والمحافظة عليها، فالذين ينقضون العهود هم حيوانات أو أضل كما جاء فيقول – تعالى –: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ...) (الأنفال/ 55).
ووسطية أمة الإسلام تحتم عليها أن تحترم مواثيقها وعهودها مع غيرها من أمم الأرض حتى ولو كانت على الشرك، كما جاء في قوله – تعالى –: (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ) (التوبة/ 3)، والنص يوضح أنّ العهود المبرمة بين المسلمين وغيرهم مرعية بشروط ثلاثة هي:
أ- ألا ينقض الطرف الآخر مما عاهد شيئاً من شروط العهد.
ب- ألا يتحالف الطرف الآخر مع عدو للمسلمين أو يظاهر عليهم في حرب أو ما أشبه.
ت- ألا ينقض العهد أو الميثاق ما دام في مدته المتفق عليها حتى يبلغ الكتاب أجله ولم يشأ الطرفان استمرار الموادعة بينهما.
وبلغ من احترام الإسلام لعهود المسلمين ومواثيقهم مع غيرهم أنّه يحث أتباعه على عدم نصرة إخوانهم إذا كان ذلك على حساب قوم بينهم وبين المسلمين عهد وميثاق: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) (الأنفال/ 72).
في حالة الحرب:
والإسلام وإن يدعو إلى التعايش السلمي، إلا أنّه لا ينفي احتمال اللجوء إلى الحرب إن كان في ذلك ضرورة لرد عدوان وقع أو هو وشيك الوقوع، وحتى في هذه الحالة فإنّ الإسلام لا يدعو إلى اتباع سبل الغدر والخيانة عند التعامل مع الأعداء حتى ولو كان ذلك معاملة بالمثل والله سبحانه وتعالى يقول: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ) (الأنفال/ 58)، والنص يوضح ضرورة أن يحارب المسلمون أعداءهم جهراً وبعد إعلامهم بذلك وخاصة إذا ما كان بينهم وبين المسلمين عهد وميثاق ورأى المسلمون أنّ أعداءهم لم يرعوا عهدهم بصورة أو بأخرى...
هذا على المستوى الجماعي، أما على المستوى الفردي فإن لجأ أحد المحاربين من الأعداء إلى المسلمين فيجب حمايته حتى يبلغ مأمنه: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ) (التوبة/ 6)، وعدم الغدر ناتج عن اقتناع الإسلام ليست هدفاً في حد ذاتها وإنما هي وسيلة لغاية وهي كف العدوان: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) (الأنفال/ 61).
المصدر: كتاب الهُويَّة/ سلسلة منار الشباب (3)
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق