• ٣ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٤ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الثورة الحسينية واستمرارية صراع القيم

عبدالله الفريجي

الثورة الحسينية واستمرارية صراع القيم
◄ساهمت الظروف السياسية التي سبقت تولي الإمام عليّ (ع) لقيادة الأُمّة في تقليص مساحة التناسب بين القيادة والأُمّة ذلك أنها أثقلت كاهل النظام الإسلامي بالعديد من المشاكل والاضطرابات الأمر الذي أضعف كثيراً قدرة جماهير الأُمّة ونخبها على استشراف المخاطر المستقبلية وحصر همّ بعض الفئات بالبحث عن المكاسب وفرص الثراء والحياة الوادعة وفي النهاية العجز عن تفهم إصرار الإمام (ع) على مواصلة الصراع مهما طالت مدته أو كثرت التضحيات فيه. وقد نجم عن كلِّ ذلك إساءة الفهم وكثرة التذمر من حروب الإمام وبرامجه الإصلاحية الرامية لإعادة النظام والعلاقات في المجتمع إلى الصورة التي كانت عليها في عهد رسول الله (ص) إذ أنّه اجهد نفسه في إعادة السيادة للقانون (الشرع) إلى الدرجة التي لا يكون فيها أحد مهما بلغت منزلته فوق القانون وأنّ الجميع خاضعون له وهذا الأمر سيبدو موضع تردد عند البعض وخصوصاً حينما يقف خليفة رسول الله (ص) ورئيس واحد من أقوى دول تلك الحقبة أمام القاضي ليرد على إدعاء وجهه إليه أحد رعاياه من (أهل الذمة) وهذا المصطلح صار يتجه عبر الممارسة لتكريس معنى (المواطن من الدرجة الثانية) وهو أمر رفضه الإمام وحاول أن يبيّن أنّ موقف الإسلام من أهل الذمة لا يميز بين المواطنين من جهة الحقوق ولذلك فإنّه وجه نقداً لاذعاً للمسلمين كأمة وكسلطة لأنّه شاهد أحد أبناء الذمة متسولاً بسبب الفقر والشيخوخة وأعطاه ما يعيله ويحفظ كرامته من بيت المال بناءاً على أنّ هذا العطاء حقّ قانوني وليس هبة يتكرم بها الخليفة، إذ إنّ الإمام معروف بسيرته بالنسبة للتعامل مع بيت مال المسلمين وقصة الإمام (ع) مع أخيه عقيل مشهورة وذائعة. من جهة أخرى نلاحظ أنّ الإمام عمد إلى فئات من المسلمين وصار يلاحقها لإلغاء الامتيازات الطبقية وحالات الإثراء غير المشروع وجعل ذلك جزءاً من برنامجه السياسي منذ اللحظات الأولى لتوليه منصب الخلافة والقيادة. غير أنّ أكثر ما صار عرضة لسوء الفهم هو احترام الإمام (ع) للحريات وتثبيت الحقوق حيث سمح للخوارج بالإعلان عن موقفهم واعتبره سلوكاً غير مناقض للقانون ويندرج ضمن حالات الاختلاف في الرأي وأنّ هذا لا يمنح السلطة الحقّ في محاسبتهم ما لم يقوموا بالاعتداء على حريات وحقوق الآخرين فمن (الثابت أنّ دولة القانون بمفهومها العصري قد تحققت فعلاً في عهد الخليفة الرابع، وأنّ سيادة القانون أو سيادة الشرع قد أصبحت شعار الدولة)[1]. ولهذا فإنّ معاوية حين أمسى رئيساً للدولة بعد شهادة الإمام عليّ (ع) استغرب من وضع العراقيين وعدّ سلوكياتهم من التطاول والجرأة على الحاكم. وفي هذا السياق يأتي إصرار الإمام (ع) على ضرورة القضاء على الحالة الأموية التي كان يرى فيها خطراً داهماً يستحق أن تبذل في سبيل درئه تضحيات جسام وأنّ تقديم تضحيات في هذا السبيل لا يرتب للمضحي امتيازات وهذا كان من جوانب سوء الفهم التي أشاعها النموذج الأموي في التعامل إذ أنّه كان يشتري الولاء بالمال والمناصب. وبناءً على هذا فإنّ الأُمة كانت أمام مأزق تاريخي حيث أنّ الإمام بين نار القضاء على فتنة الأمويين والتي يحتاج فيها إلى دعم الوجهاء والناس، وبين مطالبة بعض الوجهاء بالمكاسب في مقابل دعم نهج الإمام (ع) الإصلاحي وما كان (ع) ليتسامح من أجل دعم الإصلاح مع بعض الراغبين بالحصول على امتيازات في مقابل الدعم ولا كان مستعداً للتضحية بالإصلاح من أجل درء خطر نظام معاوية غير القانوني فكلا النارين خطر على مستقبل الأمة ولابدّ من التعامل معهما بنفس الحزم ولذلك فإنّ الإمام (ع) صار يحاول لفت أنظار الناس إلى خطورة الوضع مؤكداً: "ظلم بني أمية واستبدادهم واستئثارهم بالسلطة وضربهم لكلِّ ألوان العدل والمساواة واختفاء أيّ أثر للمفاهيم الإنسانية في زمانهم (لا يتخذ بعضكم بعضاً أرباباً من دون الله) – أو مقولة (لن تقدس أمة حتى يؤخذ للضعيف حقه) وكذلك (لا يكون انتصار أحدكم منهم إلا كانتصار العبد من ربه) وهو ما حدث لأهل المدينة عندما جاء مسلم بن عقبة يطالبهم بالبيعة ليزيد وما رافقها من انتفاضة أهل المدينة في وقعة الحرة وبهذا تكون نبوءات مولى المؤمنين هنا قد تحققت"[2]. ويمكن أن نفسر هذه التحذيرات على أنها في مجملها حددت معالم التوجه الأموي وأسس نظامهم المزمع فرضه على الأُمة في حال نجاحهم بالسيطرة على الخلافة وتتمثل هذه الأسس بما يلي: 1- حالة العبودية أي استعباد السلطة للشعب. 2- عدم الاكتراث لحقوق الطبقات الضعيفة في المجتمع. 3- عدم قدرة الشعب على استعادة أي من حقوقه إذا ما تم استلابها من قبل الحكام أما إذا أريد لهذه الحقوق أن تسترد فهذا يعني الاحتكام إلى القوة وليس القانون. إنّ هذه المعالم هي معالم الأوضاع الجاهلية التي جاء الإسلام لإلغائها وأنّ عودتها تعني تحويل المجتمع المسلم إلى جاهلية من حيث الجوهر مع الإبقاء على المظاهر والأشكال التوحيدية، والإمام حينما حذر كان يطالب بالقضاء على هذا الخطر قبل بلوغه أطواراً يصعب معها القضاء عليه حتى لو بذلت التضحيات، لأنها عندئذ ستكون أضعف أثراً بل إنّ الخطر الأكبر يتمثل بالاستكانة والركون إلى الباطل وهو أمر كاد أن يقع إثر ضغط الترهيب والترغيب الأموي، وبلغ الأمر أقصاه عند أخذ البيعة ليزيد لولا موقف الإمام الحسين (ع) الذي كشف عن عدم شرعية بيعة يزيد لافتاً النظر إلى الدرك الذي ساق الأمويون إليه الأُمة. فالخطر الأموي كان خطراً مستقبلياً أكده الوحي على لسان رسوله الكريم (ص) وعلى لسان فاطمة (ع) عندما حذرت من خطورة إقصاء الإمام عليّ (ع) من الخلافة وجاء هذا التحذير على لسان الإمام عليّ (ع) تفصيلياً لأنّ الخطر كانت بداياته قائمة فعلاً، فليس الأمر مجرد نبوءة أو استشراف للمستقبل ولقد أكد الإمام الحسين (ع) هذه التحذيرات جميعاً. فموقف الأئمة إنما كان موقفاً يرمي إلى حماية مستقبل الأُمّة وهذا واضح ومؤكد في عدد كبير من النصوص لكن ذلك قوبل بغفلة الأُمّة وعجزها عن إدراك مدى الترابط بين الحدث الآتي وأبعاده المستقبلية، وضعف الاستشراف الذي أصيب به وعي الأُمّة عائد إلى ما أشرنا إليه من الظروف السياسية التي سبقت وصول الإمام عليّ (ع) إلى السلطة بحيث كان من المؤكد في حال توليه الخلافة مواصلة المنهاج التربوي للأُمّة من حيث الموازنة بين الاهتمام باللحظة الحاضرة والأحداث المعاشة وبين كون هذه الأحداث تأسيسية قادرة على فرز آثار مستقبلية ستطبع المستقبل بطابعها وإلى فترات بعيدة.   عامل الاستقطاب التاريخي: إنّ تناول الثورة الحسينية رغم وجود الفاصلة الزمنية الكبيرة بينها وبين الحاضر المعاش يأتي لأنها كانت عامل استقطاب تاريخي طبع التاريخ من بعدها بطابعه إذا أنها أسست لتيار المعارضة الذي ظل في وضع مواجهة دائمة مع السلطات الجائرة. ذلك أنها كانت حدثاً ذا قابلية على إنتاج ذاته بصورة متكررة في مقابل تواصل محاولات الثورة المضادة للاستئثار بالواقع والتحكم بمسارب الحركة بحيث تخلق انسجاماً اجتماعياً في إطار القيم المنحرفة التي أشرنا إليها والتي حذّر الإمام عليّ (ع) منها، وهذا يعني فرض حالة تبريرية لجميع أنواع الانحراف، لكن الثورة الحسينية عطلت هذه العملية لأنها وضعت قبالها قيماً أصيلة ومضادة. صحيح أنّ هذا التضاد أسفر عن ازدواجية الواقع ثمّ عن حاله من التنوع إلا أنّه ترك فسحة للوعي يستطيع من خلالها ولو قلة من الواعين الوصول إلى صورة الإسلام بعد التنقيب في ركام التيارات والمذاهب وهو ما حصل فعلاً واستمر الدين ولو من خلال ملامح كلية – على صعيد الواقع الخارجي – بدلاً عن محوه كاملاً. فثورة الحسين ثورة نظرت إلى المستقبل لأنها وجهت المخزون الثقافي من خلال توجيه مكونات (اللاشعور المعرفي). (وإذا كان من الجائز بل من المفيد استعمال مفهوم (اللاشعور المعرفي) عند دراسة عقل الفرد الواحد من البشر، كما فعل عالم النفس الكبير جان بيارجيه، فلعله من الجائز وعندئذ سيكون من المفيد استخدام نفس المفهوم بالنسبة للجماعات والشعوب)[3]. وبناءً على هذا المعنى فإنّ الشعوب ترث ملامح ثقافية محددة ومعها معايير وقيم يتسلط تأثيرها – في النهاية – في توجيه السلوك وعلى أساس كلّ ذلك تترتب العلاقات وأوضاع الحضارة. ولهذا فإنّه ليس من المبالغة أو الخطل في التفكير، عملية البحث عن جذور التردي الحضاري والثقافي المعاصر للأُمّة في تلك الحقب المغرقة في القدم، وهذا الأمر بالنسبة للأُمة الإسلامية مورد إجماع ذلك أننا نلاحظ أنّ أغلب المفكرين يجمعون على أنّ المسلمين قد وضعوا أقدامهم على خط التراجع عندما استحوذ الأمويون على السلطة. فالجابري محمد عابد ذهب إلى أنّ الأُمّة ابتليت بعرض مرضي سماه بـ(تداخل الأزمنة) فيقول: (نعبر هنا بـ"تداخل الأزمنة الثقافية" وذلك على الصعيدين المعرفي والأيديولوجي؛ فعلى الصعيد المعرفي ما زال المثقف العربي كما كان منذ العصر الأموي، يستهلك معارف قديمة على أنها جديدة سواء كان مصدرها عربياً خالصاً أو كانت من الدخيل الوافد تلك كانت حالته بالأمس وتلك هي حالته اليوم.. وأما على الصعيد الأيديولوجي فإنّ المثقف كان منذ العصر الأموي، كذلك وما يزال إلى اليوم يعيش في وعيه الماضي متداخلاً مع أنواع الصراعات الأخرى التي يشهدها حاضره)[4]. فإذن نحن أمام ظاهرة توقف معرفية وظاهرة توقف أيديولوجية بدأت في العصر الأموي واستمرت إلى اللحظة الحاضرة ذلك أنّ الأُمة لم تستطع أن تعبر لا الصراعات ولا السلوكيات إلى آفاق جديدة. فهذه الظاهرة واضحة في الحاضر، إذ أننا نستطيع أن نرى بوضوح أنّ الصراع الفئوي القديم لا يزال حياً يلقي إفرازاته في الواقع المعاصر وكأنّه ينتمي إلى اللحظة الحاضرة، بل أنّ الأُمّة تنسى الكثير من الصراعات التي مرت لكنها لا تستطيع نسيان هذا الصراع، لأنّه أحد ثوابت الوعي وأنّه يشكل الشعور واللاشعور معاً للأمة، والنتيجة التي لابد من الإقرار بها أنّ لحظة التوقف الأموية أعاقت الحركة التي بدأها الإسلام في مساره العالمي واصطنعت له آليات الجمود عند تلك اللحظة.   تداخل الأزمنة: تداخل الأزمنة هو أحد أوجه التخلف والتوقف والعجز عن الانتقال من الماضي إلى الحاضر وهو ببساطة (تداخل بين العصور الثقافية في الفكر العربي.. منذ الجاهلية إلى اليوم مما يجعل منها زمناً ثقافياً واحداً يعيشه المثقف العربي والسمة البارزة في هذا الزمن الثقافي العربي الواحد هو حضور القديم لا في جوف الجديد يغنيه ويوصله بل حضوره معه جنباً إلى جنب ينافسه ويكبله)[5]. فالجاهلية التي انتقلت كانت بفعل الأمويين لأنهم نقلوها من الإطار القبلي الضيق الذي كان سائداً في البيئة العربية قبل الإسلام وأزالوا منها ما لم يعد ملائماً للتحولات الكبرى التي قادها الإسلام في زمان الرسول (ص) وزمن الإمام عليّ (ع) ثم جمدت الأمة بعد ذلك على شكل واحد واستمر إلى الزمن الحاضر وإنّ (الجديد أو المطلوب والمثير والمغاير) هو الوافد من الحضارات الغازية التي داهمت الأُمة وهي في أعمق حالات سكونها لتطرح خياراً هو (إما الحركة أو الزوال) الأمر الذي أطلق آفاق البحث عن الخطوة التالية التي هي كيفية عبور المأزق التاريخي – مأزق التوقف والعجز عن مواصلة التقدم – ذلك أنّ كلَّ التحولات التي شكلت التاريخ الرسمي الذي أسسه الحكام كانت تحولات في الأشكال والمظاهر وأنها كانت سيراً تراجعياً ضمن الأسس الواحدة؛ فقد تغيرت الأسر الحاكمة لكن الفكر وأنظمة الحكم والقيم الاجتماعية ظلت ثابتة ما بين العصر الأموي وعصر الغزو الأوروبي وهو عصر اللحظة الراهنة.   بين الماضي والحاضر: مما لا شك فيه أنّ الإسلام – كحالة تغييرية – مختلف عن سواه ذلك أنّه جاء في الأصل مهتماً بالمستقبل ناظراً إليه ولهذا فإننا نلاحظ العدد الكبير من النصوص التي تحدثت عن المستقبل وأمراضه وحالاته الإيجابية وما إلى ذلك مما ينتمي إلى مستقبل بعيد، بعضه لم يأت لحد الآن فضلاً عن أنّ الإسلام قد عين القيادات المستقبلية وهم اثنا عشر خليفة ثمّ العلماء الذين هم ورثة الأنبياء. وكلّ هذا يدل على أنّ الإسلام كان يرى المستقبل في الحاضر وهذا يدل على انّه قاصد أصلاً نوعاً من حصر التحولات وهو شبيه بما أشار إليه الجابري. ومن جهة أخرى فإنّه لا يعقل أن يكون الإسلام وهو الذي أحدث أكبر ثورة في التاريخ قاصداً تحقيق حالة التوقف بالصورة التي أشار إليها لأننا وبلا كثير جدل نرى أنّ الإنسانية مدينة للإسلام منذ ظهوره ولحد الآن بكل الإنجازات والحضارة وحالات التقدم والتحرر والعودة إلى الإنسانية والمشاعر النظيفة والأخلاق الحميدة سواء كانت في الشرق أو الغرب وهذا معترف به من قبل علماء غربيين وشرقيين ولا يحتاج إلى إثبات وعليه فكيف يقصد الإسلام حالة التوقف الحاصلة فعلاً في الواقع والتاريخ وأنواع المآسي مع أنّه مسؤول أيضاً عن كل هذا الخير والأوضاع المناقضة لتلك المدعيات العريضة ثم أننا إذا كنا نعترف بأنّ الإسلام هو رسالة السماء وأنها صادرة عن عليم حكيم فلا يعقل أن يكون هذا الشر الحاصل في التاريخ صادراً عن الحكيم ولكنه بلا شك صادر عن طرف متخبط وغير حكيم وبالتالي فإننا لابدّ أن نستنتج أنّ هذا التعدد والتنوع ناتج عن تنوع المصادر والمنابع وهو ما حدث فعلاً وكالآتي.   الازدواجية: حينما انبثق فجر الإسلام في الجزيرة العربية إنما اتخذ منها بؤرة ومركز تفجير للواقع العالمي بحيث أنّه حاول من خلال قيادة التحولات الكبرى في تلك النقطة أن يقود الحاضر الإنساني والمستقبل ولذلك فهو مشروع (إنساني عالمي) وهذا مثبت في الأطر النظرية وفي أسلوب التطبيق مما يعني أنّه توخى السيطرة على التطورات في الواقع العربي (المركز) والواقع الإنساني في الزمان الممتد بين البعثة والقيامة أي انّه يتابع كلّ أجيال الإنسان في هذه الدائرة الواسعة من الزمان وأنّه أيضاً مكانياً كان يخاطب كلّ أصقاع المعمورة بلا أي استثناء ولهذا فإنّه بدءاً قصد حصول الحركة الثقافية والتطورات ضمن فضاءاته الخاصة وبمعنى توجيه الحركة تصاعدياً ولهذا فإنّه عين قيادات تستمر لمدة اثني عشر جيلاً تصل الإنسانية خلال هذه الأجيال إلى حالة من النضج والأهلية ثم لتتابع تطورها بقيادة العلماء الذين تمت تهيئة ظروف ولادتهم ولادة سليمة خلال هذه الفترة الطويلة. غير أنّه على الصعيد التطبيقي فإنّ المرحلة الأولى هي التي تمت بنجاح فقط وتقدم الإسلام لينسف مرتكزات الواقع الذي كان قائماً في الفترة الجاهلية وهو واقع يتسم بسيطرة حالة العبودية على العالم برمته فقد (كانت الحضارات الشرقية ومن ضمنها تلك التي انتصر عليها الإسلام تخضع لنظام سياسي واجتماعي وروحي قائم على أساس وجود فئة حاكمة على أنها سلطان يتمتع بحقوق إلهية.. هذا النظام الذي كان سائداً والذي كان يسمح للسلطان بأن يستعبد المحكومين فيعتبر مالكاً لهم ولأموالهم سماه البعض نظام العبودية العامة أو عبودية الشعب للحاكم، وهو ليس نظام الرق لأنّ هذا الأخير نظام يقوم على امتلاك كلّ من أفراد الطبقة الاجتماعية العليا لعدد من الأرقاء)[6]. ومن الطبيعي أن تكون الحرية في الواقع حالة شاذة طالما أنّ العبودية هي الشكل السائد وإن تعددت حالات العبودية؛ وكانت القوة هي العنصر الأساسي في توزيع الحقوق. على أنّ البيئة العربية كانت جزءاً من هذا الواقع العالمي، إلا أنها تمثل حالة مخففة نسبياً. فبالنسبة للقبائل العربية المنتشرة في الصحراء فإنّ حالة من المساواة تسود أبناء القبيلة وعلاقات الأخوة والتناصر هي الحاكمة وبالنسبة للمجتمع المكي (كانت تجارة العبيد منتشرة في مكة)[7] ورغم وجود الكهان (فلا نستطيع القطع بوجود طبقة في المجتمع المكي يمكن أن نطلق عليها طبقة رجال الدين)[8] لكن كان هناك التجار الكبار يكونون طبقة ذات مصالح مشتركة وكان لهذه الطبقة السيطرة الكاملة على المجتمع المكي (وهناك أيضاً صغار التجار، والمعدمون والعبيد ولا يشكل العبيد طبقة بالمعنى المتعارف كما في المجتمعات الزراعية)[9]. لقد تحرك الإسلام في مثل هذه الأجواء واستطاع خلال فترة وجود الرسول الأكرم (ص) أن يطبق كامل البرنامج الإلهي وبذلك أسس لما يُعبر عنه ببناء السور الثقافي الذي يحصر الحركة في إطار الإسلام عالمياً وفي المركز (الجزيرة العربية) ولذلك فانّه اصطدم بطبقة الأغنياء ووقف إلى جواره الضعفاء (فالحرب ضد الإسلام قام بها الأغنياء في مجموعهم)[10]. لكنهم فشلوا في الحفاظ على مرتكزاتهم العقائدية الوثنية فتخلوا عنها وفكروا في استعادة امتيازاتهم من خلال الوضع التوحيدي الجديد لكنهم كانوا عاجزين عن القيام بحركات واضحة أثناء حياة الرسول (ص) وقام النظام الإسلامي على أساس الحرية (الوحدانية رسالة الحرية. من حيث هي حوار بين الله والإنسان قوامه الحرية والمحبة والإحسان والعقل والاقتناع والإبداع ويعني هذا طاعة الإنسان لله بحرية لا برهبة وباقتناع لا بإكراه وبشغف لا يخوف، وبمحبة لا بخشية من العقاب، وهذا التطور في العلاقة بين الله والإنسان يؤدي إلى تطور العلاقة بين الإنسان والإنسان.. مجتمع الرهبة هو بالضرورة مجتمع الحقد والنفاق والتخادع والاضطراب والانفجار.. ومجتمع المحبة هو مجتمع التعاون والتصادق والاستقامة والأمان والاستقرار)[11]. لقد ألغى الإسلام الحقوق التي تعتمد على امتلاك القوة أو الحقوق التي يحصل عليها الإنسان بالانتماء إلى طبقة ويأخذها بالوراثة وأبدلها بمعايير القانون والاعتماد على جهد الإنسان. غير أنّ هذا التواصل توقف فجأة (وسنجد أنّ الأخ يخذل أخاه والابن يعق أباه وأنّ الخوف والطمع هما المحركان الأساسيان في هذا المجتمع، وفي هذا الجو المخيف من انهيار القيم فكّر معاوية في أن يورث الخلافة في بنيه حيث لم ينقض بعد نصف قرن على الإسلام)[12]. بعد نصف قرن تمكن تجار قريش من السيطرة على السلطة والقيام بانقلاب على كلِّ القيم والنظم التي جاء بها الإسلام وهكذا فرض الواقع انبثاق الموقف الرافض للإمام الحسين (ع). فمن المعروف أنّ معاوية استطاع خلال الفترة التي استولى فيها على السلطة ترسيخ نظام حكم يقوم على قيم مناقضة للإسلام، فهو نظام يحتكم إلى القوة ويوزع المناصب على أساس الولاء للحاكم وليس للشرع (زياد بن أبيه تكفل بالقضاء على كلِّ العناصر القيادية في العراق مستعملاً أبشع الوسائل)[13]. وقد (خلا الجو لمعاوية بعد مقتل الحسن بالسم)[14] وجمع معاوية حول سلطته العديد من وجهاء قريش (فقد كان هناك عبدالله بن الزبير وهو ابن الزبير بن العوام كما كان هناك عمر بن سعد بن أبي وقاص والوزير المسمى مروان بن الحكم قطب بني أمية الكبير كما كان هناك عبد الرحمن بن خالد بن الوليد وغير هؤلاء كثيرون من نفس الطبقة أو أقل قليلاً)[15]. وكان معاوية من خلال هذا الأمر ينوي إضفاء شرعية على سلطته عبر الإدعاء بأنّ (كبار المسلمين) أقرّوا (خلافته) عليهم ولذلك فإنّ بمقدوره أن يعين (خليفة) يعقبه في (ولاية) المسلمين مبتغياً صرف الأنظار عن حقيقة الانقلاب الذي أحدثه على النظام السياسي ومنظومة القيم الحاكمة في المجتمع الإسلامي. ذلك أنّه أعاد المكاسب القرشية وأعاد (المجد) بعنصر الغلبة والاحتكام للقوة وألغى حاكمية النص في تعيين الخليفة أو على الأقل نظام الشورى وأبدلهما بنظام الوراثة فأعاد الطبقة وقرر حاكمية العرب على سواهم من الأُمم المسلمة. على أنّه من الضروري الالتفات إلى أنّ الإمام الحسين (ع) لم يحاول المبادرة إلى الثورة لأنّه كان يدرك تمام الإدراك ما صارت إليه الأُمة من تراجع سينتهي به إلى خسارة عسكرية محتمة وكان هذا كافياً لإسقاط المسؤولية عن كاهله لأنّ شرط قيام الثورة هو الوثوق بوجود الناصر وهو بالضبط الموقف الذي واجهه الإمام الحسن (ع) فأجبره على توقيع الصلح فهو لم يجد ناصراً وأنّ الاستمرار في المعركة يعني منح معاوية فرصة لقتل الحسن (ع) وأنصاره القلة تحت ظل الصراع بينما يمكن للصلح أن يحقق بعض المكاسب على المدى البعيد وأهمها تعرية النظام الأموي وسلب الذرائع عنه وهو ما حصل فيما بعد. ولقد كان موقف الإمام الحسين (ع) شبيهاً بهذا الموقف لهذا اكتفى (ع) بالامتناع عن البيعة لأنّ قيام الإمام بالبيعة كان يعني الاعتراف بشرعية النظام وهو أمر كان يقضي على روح المقاومة إلى الأبد ويمحو الإسلام بالمعنى الذي أشرنا إليه بالكامل. غير أنّ السلطة الأموية رفضت القبول بهذا الموقف من الإمام (ع) وأصرت على أنّ البيعة هي الخيار الوحيد ولا يوجد سواه إلا الموت ولذلك فرض على الإمام خيار الموت الذي قبله علنياً ودونما تردد وخاطب مجموع الأُمّة كلاً باللغة التي يفهمها فقد وجّه الخطب والرسائل إلى النخب والقيادات.. وهكذا وضع عموم جماهير الأُمّة أمام مشهد الاستشهاد المأساوي الحتمي، ليفوّت بذلك على النظام سحب القضية تحت ذريعة القضاء على جماعة من (المارقين)! ووفق هذا المعيار فإنّ الثورة الحسينية نجحت نجاحاً باهراً إذ أنها نزعت عن يزيد الشرعية التي كان يحلم بها هو وأبوه وبذلك وضع السلطة على حافة الهاوية ومعها التيار الذي تمثله من خلال تأسيسه لتيار الإسلام الذي حاول الأمويون نفيه ولهذا فإنّ الأُمّة صارت تدرك الظلم الذي لحق بأهل البيت وشاعت حالة الندم والدعوة إلى الاستقامة وهذا هو الذي شكّل بداية فناء الدولة الأموية. فالثورة لم تقض على التيار الأموي لكنها سلبت منه الشرعية لكي يصبح تياراً وحيداً ومعه نزعت الشرعية على كلِّ السلطات التي أعقبت الأمويين طالما كانت هذه السلطات تعتمد على نفس القيم ومنهج الحكم. وهكذا عاش المجتمع المسلم حالة الازدواجية في القيم فهناك حكم وسلطة تحكم وتمارس السيطرة الفعلية على الأُمّة إلا أنّها لا تمثل الإسلام لأنّه عبارة عن قيم عظيمة يعرفها الجميع، وهناك تيارات تدعو إلى هذه القيم وتواجه السلطة بها وبذلك تتقابل القيم الفعلية والقيم النظرية في مواجهة متواصلة وضمن أحقاب متوالية. وعلى هذا الأساس فإنّ الثورة الحسينية أوقفت مسلسل الاستمرار في التداعي وترسيخ القيم الأموية وفك الارتباط بينها وبين الإسلام ونسبتها إلى أصلها الأموي.   ثورة الإمام (ع) أفرزت القيم الأصيلة: فما حصل إذن حالة من التقابل في القيم ناتج عن انقلاب في الأوضاع إذ إنّ البرنامج الإلهي المتمثل في القرآن الكريم والذي عمل على تنفيذه الرسول الأكرم (ص) كان برنامجاً متكاملاً والتكامل صفة طبيعية بالنسبة لشيء يصدر عن الله وأنّه أيضاً عهد به إلى رسول متكامل وكان من المفترض أن يبقى هذا التكامل متواصلاً لمدة اثني عشر خليفة يقودون الأُمّة ويطاردون رواسب الجاهلية في المجتمع إذ لا يعقل أن تنتهي جاهلية استمرت آلاف السنين خلال الفترة التي عاشها الرسول الأكرم (ص) بل أنّ القضية تتلاحق للقضاء عليها كأفكار وسلوكيات عبر إنتاج الكيفيات العالية من المسلمين بواسطة التربية التي يواصلها الإمام المعصوم (ع) وبعض المسلمين من ذوي القدرة على مواكبة هذا التكامل. وما كان لهذا البرنامج أن يسير بتلك الصورة دون امتلاك السلطة فالرسول (ص) أشار إلى أهمية السلطة لأنها هي التي تمتلك أدوات الردع والتوجيه وكان المجتمع يحتاج إلى جهود مضنية لا يمكن لها النجاح بدون امتلاك زمام السلطة لتطارد المنافقين والمخربين وأصحاب المصالح بلا هوادة لتحصرهم في الزاوية الميتة وتسحب تأثيرهم من الواقع الاجتماعي المعاصر فضلاً عن تأثيرهم على الأجيال. وبدلاً عن ذلك، فإنّ الوضع صار مقلوباً، إذ إنّ المطاردة صارت للعناصر النظيفة وتم حصرهم في زاوية، وكانت التصفية هي السلاح الذي يوجه للمتأثرين بهم من دعاة الخير والإصلاح، فهناك أبو ذر الغفاري (رض) الذي فرضت عليه حالة الجوع والنفي ثمّ الموت بطريقة مأساوية، وهناك الإمام الحسن بن عليّ (ع) عندما حوصر واغتيل بالسم. ثمّ نصل إلى الأسلوب الذي حوصر به الإمام الحسين (ع) لفرض البيعة عليه بطريقة مذلة لا تليق إلا بالمتزلفين والضعفاء والله يأبى له ذلك. وهكذا تقابلت قيم الإسلام مع قيم الجاهلية التي سربها الأمويون إلى المجتمع المسلم هذا في حين كان المفروض أن تكون السلطة ممثلة بالإسلام النظيف السماوي وأن تكون المعارضة للقيم غير الإسلامية بالمعنى العام للجاهلية سواء كانت عربية أو جاهلية أمم أخرى لكي تصل في النهاية إلى تحول هذه القيم المنحرفة إلى حالة من الضآلة وضعف التأثير. بينما حدث العكس في زمن معاوية واستمر هذا الأمر في الفترات اللاحقة فقد قام الأمويون بتسريب الجاهلية العربية ولكن في العهد العباسي تم تسريب أنواع الجاهليات الأخرى فبعض الشعوب التي أسلمت نقلت موروثاتها وصارت تحقن به المجتمع الجديد لأنّ الإشراف الثقافي كان معدوماً وكانت السلطة تهتم بالشأن السياسي والاقتصادي بل إنها ساهمت في إدخال التراث الهندي واليوناني وهو تراث ساهم في تعميق الفتنة وأساليب الصراع العقائدي بين التيارات التي تذرعت جميعاً بالانتماء إلى الإسلام. وبهذا فإنّ السابقة الأموية كانت سابقة خطيرة؛ إذ إنّ الإسلام آنذاك تحول إلى إسلام معارض ومقاوم لأنّه محاصر ولكنه ظل يفرز آثاره ويزيح أوهام التيارات المزيفة.   الثورة الحسينية والإسلام النظيف: فبدون الثورة الحسينية كان يمكن تخيل صور المجتمعات الإسلامية، إذ كان العصر الأموي سيتحول إلى عملية نقل بأوسع صوره للتراث الثقافي الجاهلي ثم تحدث عملية نقل الموروثات الجاهلية الأخرى بصورة أسرع وأوسع أيضاً، لكن الإمام طرح نمط القيم المقابلة وحرك الوعي الخامل لتنشأ عملية صراع بين هذا التيار الذي أسسه الإمام وطرحه على الأُمّة بشكله الواسع محدداً الأساليب والغايات لتقوم أسرة آل النبي (ص) بإيصال الثورة إلى أبعادها بعد استشهاد الإمام حيث أُعيد آل البيت إلى المدينة ليبدأ الإمام السجاد (ع) إكمال المسيرة ومن بعده بقية الائمة (ع). فالإمام الحسين (ع) عمل من خلال ثورته على إيقاظ الوعي لدى الأُمّة بصورة عامة ولفت نظرها إلى المؤامرة الأموية ثم أسس لنقطة البداية لتيار معارض صار يطرح الإسلام الأصيل في مقابل التيار المزيف وهذا أجبر الأمويين على تقليص دائرة المنقول من التراث العربي الجاهلي والاكتفاء بما يحفظ شكلاً إسلامياً ظاهرياً. وفي النهاية فإنّ الثورة الحسينية حدّت من التداعي وأبطأت مساره، فضلاً عن أنها أسست لتيار مقابل ظل يتسع تدريجياً ويستفيد من السقطات التي تمارسها السلطة وهذا التيار سيظل في توسعه حتى ينتصر في النهاية. ولعلنا نستطيع أن نؤثر على اللحظة الراهنة حيث تعمق الوعي لدى الإنسان المسلم وحيث يؤدي الضغط الذي يواجهه إلى اكتشاف سريع للتيارات المزيفة التي تمثل امتداداً لتيار الأمويين سواء أعلنت ذلك أم لم تعلن وسواء علمت بانتمائها هذا أم لم تعلم. فقد جاء الغزو الغربي من جانبه السلبي ليفرض مراجعة التراث وفي جانبه الإيجابي ليشاهد المسلم نماذج التحرر الإنساني – وإن كانت محدودة – الذي يعيشه إنسان الحضارة الغازية ثمّ يعود في النهاية ليكشف الخيط الذي يربط حالة التحرر هذه بأصلها الإسلامي. ولذلك جاءت عمليات النقد وانطلق عدد كبير من المفكرين المسلمين يؤكدون على أنّ (في المجتمعات الإسلامية كانت الفتنة المزمنة وحتى الآن قائمة على الرهبة أكثر مما أسست بالمحبة ولأنّها بنيت على العبودية أكثر مما أقيمت على الحرية وهذا ما يبدو لنا مناقضاً للوحدانية ويوحي بمفهومنا على أنّها الحرية وهذا مخالف للإسلام)[16]. وعلى هذا الأساس وقف المجتمع الإسلامي عند هذه النقطة لأنّ المجتمع لم يستطع عبور هذه المعضلة لكي يتمكن من التقدم إذ أنّه من المعلوم أنّ الإنسان وبحكم فطرته ميال للحرية والعدالة والانعتاق وبالتالي فهو يقبل لا بالقيم المناقضة التي كرستها السلطة الأموية وحاولت جعلها قيماً وحيدة للأُمّة لكن الثورة الحسينية وضعت إلى جانبها القيم الإسلامية المبعدة لكي تتقابل باستمرار إذا إنّ السلطات المتعاقبة كانت تعمل بالقيم الحسينية قبل الوصول إلى السلطة، لكنها لم تلبث أن تعمل بالقيم اليزيدية بعد الوصول إليها وحيث أنّ الثقافة الإسلامية ثقافة ليست وحيدة البؤرة فإنها سرعان ما تفرز تيار المقاومة من جديد.. وهكذا فإنّ البؤرتين تفرزان إفرازاتهما في كلِّ جيل. على أنّنا يجب أن نشير إلى أنّ الصراع جُسّم في الحقب المعاصرة من خلال هجوم الثقافات الأجنبية لتتكشف لنا (الهوّة الشاسعة بين حقيقة الله وحقيقة الوحدانية وحقيقة الإسلام كحرية، وواقع المسلمين كعبودية.. والمسلمون معرضون اليوم لأشكال مزدوجة من العبودية؛ الأشكال التقليدية التي عانوها في فترة انحطاطهم، والأشكال الجديدة التي تطالعهم بها أزمة الحضارة العصرية)[17]. على أنّنا أيضاً نستطيع أن نعيد أشكال العبودية إلى جذر واحد فإذا كانت الآراء منفقة على أنّ النهضة الغربية تعود إلى النموذج الإسلامي الذي نقله المسلمون إلى الأندلس فهو طبعاً نموذج تم استنساخه عن النسخة الأموية وأنها كانت نسخة متفوقة على الواقع الغربي من جهات عدة إلا أنها حملت النموذج الحضاري ومعالم المدنية الإسلامية دون أن تحمل القيم الحقيقية للإسلام، وعندما تراجع النموذج العربي خلّف مكانه الحضارة الغربية بجذورها المعروفة المزدوجة وهي تحمل وجهاً إيجابياً يتمثل بالعلم والمعرفة ووجهاً آخراً يحمل طابع العدوان والرغبة في الاستئثار والسلوكيات الفردية غير المنضبطة أخلاقياً وبالتالي نزعة قوية لاستعباد الآخرين.   الهوامش:
[1]- مجلة الثقافة الإسلامية: العدد السابع عشر/ 1408هـ، فكرة الحريات العامة والحقوق الفردية عند الإمام علي (ع)، ص88، عدنان نعمة- دمشق. [2]- الملحمة الحسينية: الأستاذ مرتضى المطهري/ج3 ص17، المركز العام للدراسات الإسلامية- مطبعة إسماعيليان، قم/ط3. [3]- تكوين العقل العربي: محمد عابد الجابري/ مركز دراسات الوحدة العربية، ص40/ ط2 1991. [4]- المصدر السابق: ص40. [5]- المصدر السابق: ص51. [6]- مجلة الثقافة الإسلامية: مصدر سابق ص79. [7]- اليمين واليسار في الإسلام: أحمد عباس صالح، المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت- ص33/ ط3 1973. [8]- المصدر السابق: ص24. [9]- المصدر السابق: ص28. [10]- المصدر السابق: ص48. [11]- الإسلام والإنسان: د. حسن صعب، ص30/ دارالعلم للملايين، بيروت/ط1، 1981. [12]- اليسار واليمين: ص156. [13]- اليسار واليمين: ص153. [14]- اليسار واليمين: ص156. [15]- اليسار واليمين: ص153. [16]- المصدر السابق: ص30.

[17]- المصدر السابق: ص14.

   المصدر: مجلة الغدير/ العدد 71 لسنة 2004م

ارسال التعليق

Top