• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

التدفق الإخباري الدولي والإعلام الدولي

د. فاروق خالد

التدفق الإخباري الدولي والإعلام الدولي
لقد بدأ التدفق الإعلامي الحر للأخبار بهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية كقوة مؤثرة في تشكيل النظام الدولي. واستطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تدعم نظامها الحر لتدفق المعلومات من خلال المعاهدات والاتفاقيات مع دول العالم، وذلك بسبب احتكار الغرب الرأسمالي لوسائل الاتصال الرئيسية، والتكنولوجيا المتقدمة أكثر من المشرق، ودول العالم الثالث بكثير. ويؤكد الباحث الأمريكي Schiller[1] انّ التركيز على مبدأ التدفق الحر للمعلومات يمثل جزءاً من المخطط الأمريكي الرأسمالي للحصول على شرعية دولية لهذا المبدأ. وأنّ الرأسمالية استغلت تزايد الحديث عن الحرية كمطلب أساسي للمجتمع الدولي. لتدعم مبادئها على المستوى الدولي. هذه الحرية تشمل حرية رأس المال، وكذلك حرية تدفق المعلومات. وقد عقدت اليونسكو عدة مؤتمرات، وأصدرت تقارير من أجل أن يكون الإعلام أكثر عدلاً بين دول العالم، إلا أنّ هيمنة الغرب باتت واضحة حتى على تقارير اليونسكو وتقارير اللجان الدولية. وقد انتقدت دول العالم الثالث الغرب المتقدم في موضوع التدفق الاخباري بأنّ الصحافة الغربية تقدم خلال تغطيتها الإخبارية صورة غير واضحة، وسطحية عن الواقع في دول العالم الثالث، وأنّ هناك تحيز لدى الإعلام الغربي، كما أّن هناك احتكار غربي لتوازن الأخبار أدى إلى أن معرفة دول العالم الثالث بأخبار بعضها البعض يتم من خلال وكالات الأنباء العالمية للإعلام الدولي الكائنة في لندن وباريس ونيويورك. وهذا أدى إلى هيمنة ثقافية غربية على الإعلام الدولي. ويشير في هذا الصدد Richard & Anderson إلى أنّ المناظرات الدولية بخصوص الإعلام الدولي والتدفق الإخباري تتركز حول ثلاثة محاور رئيسية: المحور الأوّل: قضايا تتعلق بتأثير الاتصال الدولي على الثقافات الوطنية والنظم الاجتماعية، والاستقرار السياسي، والتقدم الاقتصادي، وأهداف التنمية. المحور الثاني: قضايا السيطرة الاتصالية على السيادة والحقوق والخصوصية، والحصول على المعلومات والهيمنة والتبعية والتدفق الحر للمعلومات. المحور الثالث: قضايا متعلقة بالمصادر الاتصالية ودورها في تنمية أنماط اتصالية جديدة، وبنى تحتية، واتفاقيات التبادل الإخباري، ونقل التكنولوجيا والتدريب. وهذا يوضح أنّ النظام الإعلامي الدولي الجديد لم يقتصر فقط على قضية تبادل المعلومات دولياً، بل امتد ليناقش قضايا كثيرة ومتعددة متصلة بالنظام الاتصالي الدولي ومشاكله المختلفة. وأشاد أحد الخبراء الهنود العاملين باليونسكو ويدعى Aggarwala بأنّ القائمين على وسائل الاتصال في الدول الغربية اعترفوا بعدم قدرتهم على إعطاء تعريف محدد للنظام الجديد. وأضاف أنّ النظام الجديد يتعامل مع قضايا متعددة، وشخّص مشاكل الاتصال من خلال أبعاد عديدة تشمل النواحي التقنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وأشاد اندرسون (Anderson) رئيس لجنة الصحافة العالمية World Press Freedom Committee وهي تجمع صحفي أمريكي إلى أنّ اللجنة مهتمة جدّاً بما تثيره بعض الدول الأعضاء في اليونسكو من خلال التشجيع المستمر من بعض الاداريين في المنظمة الدولية حول انشاء نظام إعلامي دولي جديدة، تهيمن من خلاله بعض الحكومات على وسائل الاتصال بواسطة السيطرة المباشرة. ويضيف أنّ معظم هذه الدول تتبع النهج السلطوي في الحكم الذي لا يتيح للناس معرفة الأخبار سوى تلك التي تخدم مصالح الحكومات. وهذا يستلزم المراجعة والتوازن بين الدول ووكالات الأنباء العالمية في مسألة تدفق المعلومات والأخبار. ونقول أنّه في عالمنا العربي بدأت محطات تسير على نهج سوف يساعد في تفوق العالم الثالث، وتوصيل الخبر الحقيقي إلى العالم من وجهة نظر العالم الثالث. هذا وتعتمد معظم الفضائيات في الحصول على الأخبار والمعلومات من مصادر عديدة. ومن هذه المصادر نذكر: 1-     مصادر الأُمم المتحدة U.N واليونسكو. 2-     المنظمات الدولية المختلفة مثل وكالة NASA الأمريكية للطيران والفضائيات. 3-     مجموعة السوق الأوروبية المشتركة. 4-     وكالات الأنباء البرقية. 5-     وكالات الأنباء العالمية والوطنية مثل رويترز والاسيوشيتدبرس واليونايتدبرس ووكالة الأنباء الفرنسية، ووكالة ناس الروسية، ووكالة أنباء الشرق الأوسط والقارة الأفريقية. 6-     وكالات الأنباء العالمية المصورة: International Visual News Agencies ومنها Vis News & R البريطانية. ووكالة (E-Te.S) D.P.A الألمانية. ووكالة C.B.S الأمريكية. ويعتمد الإعلام الدولي سواء في الصحافة أو الإذاعة أو التلفزيون على هذه المصادر. وتعتمد الصحافة العربية والعالمية على حد سواء على هذه المصادر ومصادر أخرى دولية مختلفة، حيث أنّ الصحافة أصبحت تقيس مستواها من خلال مدى مواكبتها للأحداث المتلاحقة من أخبار، وتحليل هذه الأخبار، وتسليط الضوء عليها، وخدمة الخبر من خلال الصورة والخريطة والرسومات البيانية والرسومات الكاريكاتيرية، وأصبح شعار صحف عالمية أنها تنشر جميع الأخبار والصور والأحداث القابلة للنشر في مجال الإعلام الدولي.   الهامش:

[1]- مجلة العلوم الاجتماعية، جامعة الكويت، مجلد 17. عدد 1، 1989م، ص240، محمد الصرايرة.

  المصدر: كتاب الإعلام الدولي والعولمة الجديدة

ارسال التعليق

Top