• ١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٨ ربيع الثاني ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الآثار الفردية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

الآثار الفردية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

◄مقدمة:

إنّ بركات وآثار أداء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تشمل الفرد كما تشمل المجتمع، فالذين يقومون بأداء هذه الفريضة ولا يقصرون فيها سيتنعمون بها وببركاتها، وستعمهم هذه الآثار والبركات في الدنيا فضلاً عن الأجر العظيم في الآخرة.

 

الآثار الفردية الدنيوية:

1-  سلامة الدين والدنيا:

قال أمير المؤمنين عليّ (ع): "من كانت فيه ثلاث سلمت له الدنيا والآخرة: يأمر بالمعروف ويأتمر به، وينهى عن المنكر وينتهي عنه، ويحافظ على حدود الله عزّ وجلّ".

ذلك لأنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن أثّرا التأثير المطلوب في المأمورين والمنهيين سيسلم المجتمع من الآفات، بما يؤدي إلى سلامة أجواء المجتمع، الذي يعتبر الآمرين والناهين من أفراده، مما يصنع جواً سليماً للعيش والتطور والتكامل.

2-  النصرة الإلهية:

يقول الإمام الصادق (ع): "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله فمن نصرهما نصره الله ومن خذلهما خذله الله".

إنّ الغرض من الأمر والنهي هو محاربة الفساد وبث الصلاح وهذان مراد الله الدائم من الناس فالذي يقوم بهذه الفريضة يكون محققاً لما يريده الله وناصراً له في الأرض وبالتالي فهو عامل من عمال الله وجندي من جند الله في الأرض ولابدّ أن يكون منصوراً من الله عزّ وجلّ.

3-  حفظ حظه من العمر والرزق:

يقول أمير المؤمنين (ع): "إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان من أجلٍ ولا يقطعان من رزق". كأنّ الإمام عليّ (ع) يريد أن يقول إنّ المقدر للإنسان من العمر والرزق لا يخرم بالقيام بهذا الواجب، ومعنى ذلك أنّ القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس من أسباب تقصير الآجال ونقص الأرزاق.

4-  الأمان من البلاء:

قال الله تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) (الأعراف/ 165).

تحدثنا هذه الآية أنّ الله تعالى يختص القائمين بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالنجاة مما ينزله من عذاب وعقاب على الذين ظلموا. هذه الآية تحدثت عن قصة القرية التي كانت حاضرة البحر، حيث نهاهم الله تعالى عن الصيد يوم السبت، فقسم لم ينتهِ وقسم انتهى ولم ينه عن المنكر، وقسم انتهى ونهى عن المنكر، وخص الله الذين قاموا بالنهي بالنجاة من العذاب.

 

الآثار الأخروية:

1-  رضوان الله تعالى:

قال الله تعالى عن سليمان (ع): (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) (مريم/ 55).

فالله تعالى قد عقب على قيام النبي سليمان (ع) بالقيام بفريضة الأمر بالمعروف بخصوص الصلاة والزكاة بأنّه (وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) مشعراً بأنّ عاقبة قيامه (ع) بهذا الأمر جعله مرضياً عند الله.

2-  الفلاح:

يقول تعالى في كتابه الحكيم بعد ذكره لطبيعة العلاقة بين أفراد المجتمع الإيماني القائمة على أساس المودة والتي من تفاصيلها الإيمان عقائدياً والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران/ 104).

فقيام الأفراد بواجب الأمر والنهي إضافة إلى تحليهم بالإيمان سبب موصل إلى قمة النجاح وهي الفلاح حيث يكون قد استثمر طاقاته ووجوده خير استثمار فأفلح بهذا الاستثمار وأنتج النتيجة العالية المباركة لهذا الوجود.

3-   دخول الجنة:

عن الإمام الصادق (ع): "إنّ للجنة باباً يقال له باب المعروف فلا يدخله إلا أهل المعروف، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة".

لقد ذكرت الروايات أنّ للجنة أبواباً كلّ باب مختص بفئة من الناس: فهناك باب خاص بالمجاهدين، كما أنّ هناك باباً خاصاً بالصابرين. وقد ذكرت هذه الرواية أنّ هناك باباً خاصاً لأهل المعروف وأهل المعروف تشمل العاملين بالمعروف وكذلك الآمرين به لأنّ نفس أمرهم هو معروف من جهة وهو مقدمة لفعل المعروف فلهم شراكة مع العاملين به إذا كان فعلهم بتأثير من الآمرين، وتكريماً لهم جعل الله لهم باباً خاصاً يدخلون منه إلى الجنة.

4-  الثواب العظيم:

يقول تعالى: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) (آل عمران/ 185)، إنّ نفس النجاة من النار ودخول الجنة فوز وأي فوز. وللجنة درجات كما للنار درجات.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس دورهما فقط تخليص القائمين بهما من النار وفتح أبواب الجنة لهم ليعبروا إليها ويسكنوا فيها أي منزل (على عظمة هذه الكرامة وهذا الفضل) إلا أنّ علو المقام والدرجة أمر عظيم وله في دار الدنيا مسببات ومن الأمور التي تزيد الأجر والثواب الموجبات لرفعة المقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد أشار أمير المؤمنين عليّ (ع) إلى ذلك قائلاً: "لكن يضاعفان الثواب ويعظمان الأجر".

 

خاتمة:

عن الإمام عليّ (ع) ذكر مجموعة من الأمور تؤثر في سلامة الدنيا والآخرة بقوله (ع): "سلمت له الدنيا والآخرة"، وأنّ أحدهما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فصلاح دنيا الإنسان مترتب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالتالي فإنّ هذه الفريضة سبب وعلة لكلِّ أمر يصلح الدنيا ويجعلها تسلم، فكلّ آفة يمكن أن نتصور أنها عامل من عوامل فساد دنيا الإنسان الفرد سيدفعها الفرد بالقيام بهذه الفريضة ويجعلها سالمة خالصة وكذلك كلّ ما يمكن أن يتصور من مفسدات آخرة الإنسان ودينه يدفعها القيام بهذه الفريضة بل ويجلب كلّ ما يصلحها ويجعلها سليمة.

وبالتالي فما ذكرنا من الآثار الدنيوية والأخروية هو من قبيل المثال وبيان الأهمية لا من قبيل الإحصاء لجميع الآثار والبركات.

 

المصدر: كتاب حياة المجتمع/ سلسلة الدروس الثقافية (15)

 

ارسال التعليق

Top