• ١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٨ ربيع الثاني ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإعجاز الإلهي في الكبد

د. محمد نبيل النّشواتي

الإعجاز الإلهي في الكبد

مقدمة
الكبد والقناة الصفراوية اليمني واليسري اللتين تنقلان السائل الصفراوي من فص الكبد الأيمن والايسر إلى المرارة وإلى القناة الصفراوية الجامعة. تتَّحد القناة الصفراوية الجامعة مع قناة البنكرياس عند نهايتها السفلية لتشكلا معاً مجرى واسعاً يدعى بمجل فاتر الذي يصبّ في الاثني عشر. يحيط بالمجلُّ وبفوهة الانصباب معصِّرة عضليّة دقيقة تدعى معصِّرة أودِّي oddi التي تتحكم بمرور السائل الصفراوي والتي تبقى كالصمام (الدسّام) المغلق بين الوجبات لتجبر السائل الصفراوي على الذهاب إلى المرارة حيث يستقرّ ويتكثَّف من خلال امتصاص الماء منه. تنفتح معصِّرة أودِّي بعد الوجبات فيعبر السائل الصفراوي ليشارك في عملية هضم الطعام.

الكبد
يعتبر الكبد أكبر غدَّة في الجسم، يصل وزنه لدى البالغين (1.5) كيلوغرام، وهو يستقرّ في أعلى تجويف البطن تحت قبة الحجاب الحاجز اليمني، وبهذا هيَّأ له الخالق العظيم حماية كبيرة ومسكناً آمناً خلف الأضلاع.
إذا ألقينا نظرة سريعة على المهام الكثيرة التي يقوم بها الكبد، سنجد أن حجمه صغير جداً بالمقارنة بكل ما يقوم به. ولو أردنا أن ننجز ما ينجزه الكبد خارج الجسم فإننا سنحتاج إلى العديد من الآلات والخبراء والعمال والفنيين.
وبما أن هذا العضو النبيل بالغ الحيوية والنشاط، لذا فإنه يستهلك حوالى (20) في المئة من طاقة الجسم وحوالى (25) في المئة من أوكسجين الدم، ويرده (1500) سم دم في الدقيقة الواحدة، علماً أن وزنه لا يزيد عن خمسة بالمئة من وزن الجسم الكليّ.
يستقبل الكبد المواد الغذائية الخام التي امتصَّتها الأمعاء والتي ترده من طريق وريد الباب، فيحوِّلها إلى مواد غذائية أخرى أكثر تقبُّلاً من قبل خلايا وأعضاء الجسم المختلفة وتسدُّ احتياجاتها.
كما يلعب الكبد دور الفلتر أو المصفاة التي تخلِّص الجسم من السموم التي سرت في الدورة الدموية، فيعالجها ويتعامل معها فيزيائياً وكيميائياً بفعل الخمائر الكثيرة التي أودعها الخالق العظيم في خلاياه المذهلة، فيحوِّلها إلى مواد بسيطة عديمة السميَّة. بعد ذلك يطرح هذه السموم مع المادة الصفراء في الأمعاء ومنها إلى الخارج.
كما يصنِّع الكبد العديد من المواد الغذائية كالبروتينات والسكريات والدهون وعوامل تخثُّر الدم التي تحول دون حدوث النزف والتي ستتداعى وَتُسْتَنْفَرُ لتوقف أي نزف طارئ.
كما يفرز الكبد السائل الصفراوي والأحماض الصفراوية والأملاح الصفراوية اللازمة لامتصاص الدهون في الأمعاء وكذلك الفيتامينات الدهنية التركيب:(آ- A) و(د- D) و(ك- K) و(هـ- E).
إذا حوّلنا مجرى وريد الباب الذي يحمل الأغذية الممتصَّة من الأمعاء إلى الدورة الدموية من خلال جراحة من دون أن تمرَّ الأغذية بالكبد، فسيتسمَّم حيوان التجربة وسيصاب باضطرابات دماغية وتشنجات عضلية ومن ثم سيستغرق في غيبوبة تودي به إلى الموت الأكيد.
سنذكر الآن وبقليل من الشرح أهم وظائف الكبد من دون أن نتطرَّق إلى التفاعلات والعمليات الكيميائية الحيوية التي تتمّ من خلالها هذه الوظائف، لأنها في غاية التعقيد من ناحية، ولأنها ليست الغاية التي نرمي إليها.
تأمّل وتمعَّن وأنت تقرأ عن الإعجاز الإلهي المتجسِّد في تصميم وتقدير هذا العضو النبيل فيتأكد لك أنه من صنع خالق عظيم وحكيم.
1- صناعة السائل الصفراوي:
يتألف السائل الصفراوي من الماء والبروتينات ومن الأحماض والأملاح الصفراوية ومن الكوليستيرول والدهون الفوسفورية phospholipids ومن البيليروبين ومن أملاح معدنية كثيرة، أهمها: البوتاسيول والصوديوم والمغنزيوم والكالسيوم والكلور والبايكاربونات. لكل مادة من هذه المواد مهامَّ حيوية جمَّة.
يفرز الكبد يومياً من (600-1000) مل من هذا السائل، ثم يصدِّره إلى المرارة. تقوم المرارة بامتصاص الماء منه فيصبح شديد التركيز (50 مرة أكثر من ذي قبل).
تخزِّن المرارة السائل الصفراوي أثناء الصيام أو بين الوجبات، ثم تدفع به قبيل وأثناء وبعد الطعام بفعل تقلّصات العضلات الملساء الموجودة في جدارها، فيخرج السائل الصفراوي المكثَّف عبر القناة المرارية إلى القناة الصفراوية الجامعة، ومنها إلى الاثني عشر ليختلط بالأغذية، وليشارك في هضمها، وليسهِّل امتصاصها عبر جدار الأمعاء الدقيقة.
ولكن كيف سيتم إعلام المرارة بضرورة إرسال ما خزَّنته من السائل الصفراوي لكي يذهب إلى الأمعاء؟
لقد صمَّم الخالق العظيم جلّ جلاله فأحسن التصميم، وخلق فأبدع الخلق. لقد شاءت حكمته سبحانه وتعالى أن يجعل الأمعاء تدرك وصول الطعام إليها، وجعل بينها وبين المرارة شيفرة تعتمد على إفراز مادة الكوليسيستوكينين cholecystokinin من الاثني عشر ومن بداية الأمعاء الدقيقة. تذهب هذه المادة المنبِّهة عبر الدورة الدموية إلى المرارة، التي ستستقبل النداء وتستجيب طائعة صاغرة دون تردُّد ولا تذمّر، تماماً كما قدَّر لها الخالق الحكيم. تتقلَّص العضلات الملساء في جدارها، فيندفع السائل الصفراوي إلى القناة الصفراوية الجامعة، ومنها إلى الاثني عشر والأمعاء. لقد أثبت العلم الحديث وجود مواد أخرى تحرِّض تقلّصات المرارة غير الكوليسيستوكينين، هذه المواد هي: الـ intestinal polypeptide والـ neuropeptide والموتيلين motilin والـ pancreatic polypeptide والسوماتوستاتين somatostatin وغيرها.
عندما تكتفي الأمعاء وتأخذ حاجتها من الأملاح الصفراوية ومن السائل الصفراوي لتهضم وتمتصّ ما لديها من طعام ودهون وفيتامينات دهنية التركيب وهي الـ (آ) و(د) و(هـ) و(ك) تعطي أوامرها للمرارة لتكفّ عن تصدير ما لديها، وذلك من خلال شيفرة أخرى مغايرة للسابقة تدعى بالبانكريوتون pancreotone.
من روائع الخلق أنّ هذه الهورمونات المعوية المحرِّضة والمثِّبطة لا تعطي أوامرها للمرارة وحسب، بل تأمر معصِّرة أودِّي sphincter of oddi، وهي حارس أمين يُغلق فوهة التقاء القناة الصفراوية الجامعة مع الاثني عشر، تأمرها لتنفتح بسرعة فائقة لتسمح بمرور السائل الصفراوي من دون أدنى عائق. ولو لم تستجب المعصِّرة لهذه الأوامر أو كانت متضيِّقة بسبب التهابات متكرِّرة فيها أو إن انسدت بسبب انحشار حصاة مرارية صغيرة فيها فإنها ستسبِّب التهابات وخيمة في غدة البنكرياس وفي الأقنية الصفراوية وفي الكبد وسيصاب المريض باليرقان الانسدادي (الصفاري) الذي يستدعي مداخلة جراحية عاجلة.
هل من المعقول أن يحدث هذا الانسجام والتناغم بين وظائف هذه الأعضاء الحسَّاسة بشكل تلقائي؟ وهل يمكن لصدفة أن توجد هذا الإبداع الرائع؟ أم أن الأقرب للعقل والمنطق أنها مقدَّرة ومسيَّرة من قبل خالقٍ مبدعٍ حكيمٍ لا حدود لقدرته وعلمه؟ ولو كانت المصادفة وراء هذا الخلق لتمرَّدت المرارة وتذمَّرت وأعلنت العصيان، وكذلك الحال بالنسبة لمعصِّرة أودِّي! ولكن الواقع أن كلا العضوين يعملان بهدوء وخشوع تامَّين، مستسلمين منصاعين لأوامر الله سبحانه وتعالى مدى الحياة.
قد يتساءل البعض: ألم يكن من الممكن أن تنتهي القناة الصفراوية الاثني عشر من دون خلق معصِّرة أودِّي وبذلك سيكون الطريق سالكاً على الدوام أمام السائل الصفراوي فيصل إلى الأمعاء بسهولة تامّة بمجرد أن تتقلَّص المرارة؟.
لقد اقتضت الحكمة الإلهية أن يتجمَّع السائل الصفراوي في المرارة بعد خروجه من الكبد. وإن لم يذهب هذا السائل إلى المرارة فلن يصبح مركَّزاً ولن يتمكَّن من هضم الطعام.
لن يتم هذا الأمر إلاَّ إذا كانت معصِّرة أودِّي مغلقة على الدوام، وإلاَّ فإن السائل الصفراوي الذي يفرزه ويُنتجه الكبد باستمرار ومن دون توقّف، سيتابع سيره إلى الأمعاء سواء كانت بحاجة له أو لم تكن. وبانغلاق معصِّرة أودِّي بين الوجبات سيركد السائل الصفراوي ويتجمَّع، وبذلك سيُجبر على دخول المرارة التي ستكثِّفه وتخزِّنه وتجعله يهضم الوجبات حتى الدسمة منها.
أما الحكمة الإلهية الثانية في خلق معصِّرة أودِّي، وفي جعلها مغلقة على الدوام فإنها تكمن في منع الجراثيم المعوية والجراثيم التي دخلت الجسم مع الطعام من الصعود عبر نقطة التقاء القناة الصفراوية مع الاثني عشر فتسبِّب التهابات وخيمة في البنكرياس وفي القناة الصفراوية وفي الكبد، كما أن صعود أجزاء صغيرة من الطعام إلى هذه الأقنية والأعضاء سيسدُّها ويعيق مهمّتها وسيسبِّب مضاعفات وخيمة العواقب.
لقد تأكد لنا حديثاً أن الجراثيم النافعة التي تستقر بشكل متعايش في الأمعاء تأخذ غذاءها من الأمعاء، ولكنها تصنِّع بالمقابل العديد من الفيتامينات اللازمة لكافة نشاطات الأعضاء وخلايا الجسم. كما تأكد حديثاً أن هذه الجراثيم النافعة تصبح شديدة الفوعة والضرر عندما تنتقل من موطنها الأصلي لتستقر في أعضاء أخرى. فإن بلغت القنوات الصفراوية وقناة البنكرياس فالعاقبة وخيمة ووخيمة جداً.
فسبحانك يا إلهي من خالق عظيم، خالق أحسن كل شيء خلقه. والحمد لله الذي كشف لنا حجاب الغيب عن هذه الآيات الرائعة لنلمس بديع خلقه، ولنتعرَّف على علومه الخالدة وقدرته المذهلة في كلِّ ما خلق وفلق وبرأ فنؤمن به إيماناً يقينياً لا تتقاذفه وساوس الشياطين ولا فلسفة الماديين الملحدين من ماسونيين وطبيعيين وشيوعيين:
(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا...) (نمل/ 93).
وقال سبحانه:
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) (فصلت/ 53).
هذا وقد أكد العلم أن أوامر دماغية عليا تذهب عبر العصب المبهم vagus nerve إلى المرارة وإلى معصِّرة أودي لتستعدّا ولتباشرا عملهما فور المباشرة بتناول الطعام. فسبحان مقدِّر هذا الخلق والإبداع.
والأجمل من هذا وذاك إحجام الأمعاء والاثنا عشر عن إرسال أوامرهما إلى المرارة وإلى معصِّرة أودي عندما تكتفيان بما وردهما من السائل الصفراوي. تتفاوت الكمية اللازمة من هذا السائل مع كمية الطعام في المعدة والأمعاء وكثافة الدهون فيه. فإذا كان الطعام دسماً والوجبة كبيرة ومغلَّظة سيكون الاحتياج كبيراً، وإن كان الطعام خفيفاً ومؤلفاً من السكريات والبروتينات فإنه لن يحتاج لهذا السائل إطلاقاً. ولكن كيف يدرك الاثنا عشر كمية الدهون في تجويفه؟ وكيف يحدِّد كمية السائل الصفراوي التي تلزمه لهضم هذه الدهون؟ وهل تعلَّم الحساب والرياضيات؟ وهل لديه عقل مدبِّر وآلة حاسبة؟ أم ماذا؟ إنه:
(صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) (نمل/ 88).
أما البروتينات التي يصنِّعها الكبد ويفرزها مع السائل الصفراوي فهي الألبومين albumin والكاماغلوبيولين gamaglobulin. يلعب هذا الأخير دوراً رئيسياً في الدفاع عن الجهاز الهضمي ضد الجراثيم والفيروسات (الحمات الراشحة) التي تدخل الجسم من طريق المعدة كجراثيم الحمى التيفية (التيفوئيد) والكوليرا وجراثيم التسمّمات الغذائية المختلفة وغير ذلك من العوامل الممرضة.
2- تصنيع البروتينات:
تصنِّع خلايا الكبد (17) بروتيناً، وهي وحدها من بين كافة خلايا الجسم تنفرد بصناعة الألبومين الذي يعتبر اللبنة الأساسية في بناء الجسم البشري، وهو يدخل في تركيب كل خلية من خلاياه. كما تنفرد خلايا الكبد بتكوين الألفاغلوبيولين alphaglobulin الذي أَوكل إليه الخالق جلَّ جلاله مهمة الدفاع عن الجسم وقتل كل جرثوم معتد في أي مكان في الجسم.
كما يصنِّع الكبد البولة Urea وعوامل التخثّر التي توقف أي نزف طارئ. أهم هذه العوامل الفايبرينوجين fibrinogen والبروثرومبين prothrombin وغيرهما من العوامل.
عندما تزداد حاجة الجسم للألبومين، تقوم بعض الغدد بإنتاج المزيد من الهورمونات كالأندروجين والثايروكسين والغلوكوكورتيئيدات وهورمون النمو. تحرِّض هذه الهورمونات خلايا الكبد لتنتج المزيد من الألبومين ليقوم بترميم الجروح والحروق ويبني الجسم أثناء النمو السريع الذي ينتاب الإنسان في الطفولة وأثناء مرحلة المراهقة. كما يزداد إنتاج هذا البروتين عندما ينخفض الضغط الجرمي oncotic pressure في بلازما الدم وفي حالات الوهط الدوراني (انخفاض ضغط الدم). والذي يجدر ذكره أن الخلايا بأنواعها كافة بحاجة لهذا البروتين ولا يمكنها الاستمرار والبقاء من دونه.
أما كيف تتم صناعة البروتينات في الكبد فإنها عملية حيويَّة في غاية التعقيد ولن نتطرق لشرحها.
3- استقلاب السكريات:
يأخذ الكبد السكريات التي ترده من الأمعاء فيحوِّلها إلى سكر غلوكوز بسيط ثم يرسله إلى الأعضاء التي تعتمد عليه كمصدر للطاقة كالقلب والدماغ وكريات الدم الحمراء، فهو بالنسبة لهذه الأعضاء كالبنزين للسيارة. كما تستهلك خلايا الكبد هذا السكر في عملياتها الحيوية كافة. وإذا امتصَّت الأمعاء كمية كبيرة من السكريات تفوق حاجة الجسم، فإنها ستتحول داخل الكبد إلى سكر مركب (الغلايكوجين)، فيخزِّنه الكبد لينفقه عند الحاجة إليه. وفي حالات الإجهاد العضلي والجسدي وأثناء الصيام ستكسِّر خلايا الكبد هذا السكر المركّب وتحوِّله إلى سكر غلوكوز بسيط ثم توزِّعه على من يحتاجه من خلايا وأعضاء.
4- استقلاب الدهون:
يحوِّل الكبد الفائض من السكريات إلى دهون تتوضع في ما بعد تحت الجلد لتسبِّب البدانة.
كما تنتج خلايا الكبد الدهون البروتينية المختلفة lipoproteins والكوليستيرول بأسلوب في غاية الروعة والدّقة. كما يركِّب الكبد الأملاح الصفراوية التي ستذهب مع السائل الصفراوي إلى الأمعاء الدقيقة فتتّحد بالدهون الغذائية وبالفيتامينات الدهنية التركيب (K-E-d-A) ليصير إلى امتصاصها عبر جدار الأمعاء، ومن دون هذه الأملاح لن تتمكّن الأمعاء من امتصاص هذه المواد الغذائية، فيصاب المرء بسوء تغذية، وبأعراض نقص الفيتامينات التي تتظاهر بضعف حاسة الإبصار عند عوز الفيتامين A، وترقق العظام وتشوُّه الأطراف عند فاقة الفيتامين D، كما سيتأخر نمو الأطفال وستخفض كمية الكلس والفوسفور في عظامهم. أمّا عوز الفيتامين E فإنه يُضعف خصوبة الرجال والنساء، ويقلِّل من إنتاج الحيوانات المنوية والبويضات، كما يُضعف الباه (الشهوة الجنسية) والأداء الجنسي. وبانخفاض هذا الفيتامين تصبح المرأة عرضة للإجهاضات. أما الفيتامين K فإنه ضروري لتخثُّر الدم ومن دونه لن تتمكّن خلايا الكبد من تصنيع عوامل التخثُّر المختلفة التي تلعب دوراً أساسياً في تخثُّر الدم وإرقاء النزف.
كما تُنتج خلايا الكبد البروتينات الدهنية المرتفعة التركيز lipoproteins high density التي أَوكل إليها رب العزّة والجلال مهمة سامية رائعة، فهي تجري في الدم وتتَّحد مع الكوليستيرول الضار الذي سبق له أن ترسَّب على جدران الأوعية الدموية فضيَّقها، وبذلك سينحسر الدم عن الأعضاء المختلفة. فإذا جاءت هذه الإصابة في الشرايين التاجيَّة التي تغذِّي عضلة القلب بالدم يصبح المريض عرضة للإصابة بالاحتشاءات (الجلطات) التي قد تودي بحياته. كما قد تترسَّب الدهون الضارة في الشرايين الطرفين السفليين حتى تنسدَّ بشكل كامل. ينجم عن هذا الانسداد تموُّت الطرف (غرغرينا) التي تستدعي بترها. أمَّا إذا جاءت الإصابة في شرايين الدماغ، فإنها ستؤدي إلى الخَرَفِ المبكِّر وتخلُّفٍ في القدرات.
بعد أن تتَّحد هذه البروتينات الدهنية عالية التركيز مع الكوليستيرول الضار وغيره من الدهون، تقتلعها من جدار الأوعية الدموية ثم تذهب بها إلى الكبد الذي سيطرحها خارج الجسم مع البراز.
هل لاحظت عزيزي القارئ الإعجاز الكامن في أعمال الخلية الكبدية ومدى تداخل وظائف الأعضاء بعضها بالبعض الآخر؟ وهل لاحظت الدّقة المتناهية في هذا الخلق؟ هل يمكن أن يختصّ كل عضو من أعضاء الجسم بالمهام التي يقوم بها من نفسه وبشكل تلقائي؟ وهل تعتقد أن للأعضاء والخلايا لغة مشتركة فيتفاهمون في ما بينهم على هذا النحو المتناغم المتناسق؟ وهل يمكن لهذه الخلايا أن تعمل وتكدّ منذ تشكلها أثناء الحياة الجينية وحتى قبض الروح منها من دون إرادة تسيطر عليها وتحفظها من الخلل والاضطراب؟
هل يمكن لهذه الخلايا المتناهية في الصغر والتي لا يزيد حجم الواحدة منها عن بضعة ميكرونات أن توجد نفسها بنفسها؟ أو أن تظهر تلقائياً بطريق المصادفة؟ وهل يعقل لمصادفة أن تتمخَّض عن هكذا إعجاز مذهل؟ أم أن لهذه الخلايا خالق مدبِّر يسيِّرها ويدير شؤونها ولا يؤوده حفظها على مدار السنين مهما طال بها العمر؟
ألا تلمس عزيزي القارئ آيات الخالق الجليل في خلايا الكبد؟ ألا تنبئ هذه العضوية البالغة التعقيد عن عظمة الخالق ومدى علمه وحكمته وإبداعه؟ وهل تعتقد أن هذه الخلايا ستستمر على قيد الحياة إن نُزعت الروح منها؟
هل يعقل بعد وضوح أوجه الإعجاز في أجسامنا أن نجد أناساً ما زالوا يتخبطون تائهين يبحثون عن حقيقة الحقِّ والدين؟ وهل يعقل بعد أن سطعت آيات الإعجاز الدَّالة على وجود الله أن يبقى في حنايا أحدنا شيء من الشكِّ أو الإلحاد؟ مَثَلُ هؤلاء كمثل العير في البيداء يقتلها الظمأ، والماء على ظهرها محمول، أو كمَثَلِ الحمار يحمل أسفاراً، بئس مثل الملحدين الكافرين:
(لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (الأعراف/ 179).
لهؤلاء يقول رب العزَّة والجلال:
(قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) (الأنعام/ 104).
5- استقلاب وتصنيع وتخزين الفيتامينات:
لقد أشرنا قبل قليل إلى أهمية الكبد لامتصاص الفيتامينات الدهنية القوام، وسنعود الآن لنبيِّن دوره في تخزين تلك الفيتامينات [K-E-D-A] في خلاياه ليقدِّمها لأعضاء وخلايا الجسم المختلفة كلٌ بحسب حاجته.
كما يعتبر الكبد المخزن الوحيد لمجموعة فيتامين ب- المركب. تبرز أهمية الكبد من الدور الحيوي الكبير الذي تقوم به هذه الفيتامينات الحيَّة والتي تدخل في تركيب كافة خلايا الجسم وتشارك في جميع العمليات الحيوية في أنحائه كلها. تدخل الفيتامينات كعنصر أساسيٍّ في تركيب كافة أنزيمات (خمائر) الجسم، ومن دون الفيتامينات ستتوقَّف الخمائر عن أداء مهامها وتفشل، وبذلك ستموت الخلايا ويضطرب عمل الأعضاء والعضوية جمعاء.
6- صناعة عوامل التخثُّر:
كما رأينا يلعب الكبد دوراً أساسياً في امتصاص الفيتامين ك- k من الأمعاء، بعد ذلك يأخذ هذا الفيتامين من وريد الباب فيعامله بالأسلوب العجيب الذي أبدعه بديع السموات والأرض فيصنِّع منه عوامل التخثُّر الثاني والسابع والتاسع والعاشر. كما يركِّب الكبد عامل التخثُّر الأول، وهو بروتين الفايبرينوجين fibrinogen، وعامل التخثُّر الثاني وهو الذي يُعرف طبياً باسم البروثرومبين. يعتبر هذان العاملان الأخيران من أهم عوامل تخثُّر الدم. كما يقوم الكبد بتكوين عامل التخثُّر الخامس والثامن والحادي عشر والثاني عشر والبيركاليكرين perkallekrine والكانينوجين kininogen.
ستتجلَّى لنا روعة الخلق وإبداع العالم الأعظم عندما يتلف الكبد بشكل كامل، فيصاب المريض باليرقان والسبات ويصبح عرضة للنزف من كل مكان في جسمه، وقد يقضي نحبه نتيجة هذا الخلل.
يتلف الكبد عند إصابته بالالتهابات المزمنة وعند الإدمان على المشروبات الكحولية. وبما أن الخالق جلّ جلاله يحيط علماً بكل ما يسيء إلى خلقه، لذا حرَّم سبحانه وتعالى الخمر وكل ما يخامر عقولنا حفاظاً منه على سلامتنا وسلامة أكبادنا وعقولنا ومجتمعنا الإسلامي من المرض والتفسُّخ والانحلال.
7- تخليص الجسم من السموم ومن الأدوية الضارة:
يقوم الكبد من خلال عمليات حيويَّة- كيميائية في غاية الدقّة والتعقيد بإبطال مفعول السموم الفتَّاكة فيحوِّلها إلى مواد بسيطة خاملة، ثم يطرحها خارج الجسم. وبالأسلوب نفسه يحوِّر الكبد من التركيب العديد من الأدوية التي نتناولها فيزيل آثارها الضارة ويحوِّلها إلى أدوية فعّالة خالية من السميَّة، ثم يطرحها في الدورة الدموية التي ستنقلها إلى الأعضاء المريضة فترمِّمها. ومن دون هذا الدور العظيم للكبد لكان الدواء، كل دواء، سلاحاً ذا حدَّين، يشفي المرض بأحدهما ويؤذي العضوية بالحدِّ الآخر.
وبالأسلوب نفسه يخلِّصنا الكبد من أضرار المواد المخدِّرة الطبيَّة منها وغير الطبيّة ومن الكحول والدخان ومن الأغذية الضارة والسموم كافة.
8- دور الكبد المناعي:
يحتوي الكبد عناصر حيوية متخصِّصة في الدفاع عن الجسم من كل معتدٍ غاشمٍ. تتجسَّد قوى الدفاع المتمرِّسة والمستنفرة على الدوام بخلايا كوبفر Kupffer cells التي تفرز مادة السايتوكينيز cytokines والإنترليوكين Interleukin وغيرهما من المواد التي تلعب دوراً فعالاً في قتل الجراثيم والفيروسات التي تمكّنت من عبور خطوط الدفاع السطحية الأولى والثانية والتي تتمثَّل بالجلد وفي العقد الليمفاوية المنتشرة هنا وهناك قريباً من سطح الجسم وشقت طريقها إلى الدورة الدموية.
هذا ومن ناحية أخرى، تفتك خلايا كوبفر بالخلايا الخبيثة التي تصل إليها عن طريق الدم.
كما يصنِّع الكبد بعض البروتينات المناعيَّة المتخصِّصة في مقاومة الأمراض المختلفة. تذهب هذه البروتينات عبر الأقنية الصفراوية إلى الأمعاء لتحميها من شرِّ الأمراض ومن الجراثيم الغازية المختلفة.
9- خاصيّة التجدُّد:
إذا أصيب إنسان ما برضٍ شديد على أعلى البطن فأدّى إلى تهتُّك وتمزق نسيج الكبد مع ضياع ماديٍّ أو تموّت جزء من كتلته، يصبح من واجب الجراح استئصال هذه الأجزاء ليتمكَّن من إيقاف النزف الشديد وليحول دون حدوث التهاب وخيم في الأجزاء المتهتِّكة والمتموِّتة.
سيقوم الجراح بهذا العمل من دون أدنى تردُّد ليحافظ على حياة المريض من ناحية، ولأنه يعلم علم اليقين أن الله الذي صمَّم هذا البنيان الرائع جعله قادراً على النمو الذاتيّ ليستعيد كتلته السابقة وحجمه المعهود. ليس هذا وحسب، بل إنه سيستعيد مهامه ووظائفه كافة، وسيمارس الجزء المتجدِّد النشاطات المتوقَّعة منه نفسها.
لقد تأكّد للعلماء أن ضياع (75) بالمئة من النسيج الكبدي لسبب من الأسباب لن يسبِّب الوفاة لأن الـ (25) في المئة من النسيج الكبدي التي بقيت سليمة ستكون قادرة على إنجاز كافة المهام المعهودة بالعضو الكامل، كما ستكون قادرة على تأمين احتياج الجسم من كافة المواد التي يصنِّعها ويوفرها للأعضاء.
من المعجزات المذهلة الكامنة في خلايا الكبد الرائعة قدرتها العجيبة على استنساخ نفسها بنفسها وعلى الانقسام المتكرِّر والتكاثر أو النمو بشكل مستمر يأخذ الألباب. يستمر ما تبقى من الكبد على هذا العمل الدؤوب حتى يصبح بعد بضعة أشهر عضواً كاملاً وطبيعياً في حجمه وشكله وفي وظائفه، حتى يتعذَّر تمييزه عن عضو آخر أصيل.
وبالأسلوب نفسه، لو أصيب النسيج الكبدي بمرض عضال أدّى إلى تموّت عدد هائل من خلاياه ونجاة عدد آخر، فإن الأخيرة وإن كانت زهيدة في عددها، ستتكاثر وبسرعة فائقة وبقدرة العليِّ القدير لتستنسخ خلايا كثيرة طبق الأصل عنها في شكلها وبنيانها وتركيبها وفي أدائها الوظيفي!!..
أليس هذا من العجب العجاب؟ أليس من المذهل أن يقوم هذا العضو العظيم بهذه الأعمال الكثيرة المعقَّدة وبهذا الأسلوب الرائع وهو بهذا الحجم المتواضع؟
أليس من المذهل حقاً أن ينمو ثلث أو ربع الكبد حتى يستعيد حجمه وشكله الطبيعيين خلال (3-4) أشهر فقط؟ أليس من المذهل أيضاً أن يشغل الكبد الجديد الحيِّز نفسه من تجويف البطن من دون أن يتجاوزه؟ أليس من المذهل أن يتوقَّف تلقائياً عن النموّ والتضخّم عندما يبلغ حجمه الطبيعي الذي قدَّره الله له؟
إنه ضرب من ضروب الاستنساخ الإلهي للأعضاء!!.. وإلاَّ من ذا الذي يسيِّر الكبد ويأمره كي ينمو ثم يجعله يُقلع عن ذلك عند حدٍ معين؟ وهل للكبد عقل يدرك وعيون تُبصر أم أن العليَّ القدير أودع فيه هذه الشيفرة الخالدة؟
(مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (يونس/ 5).
لو تأمّل أولو الألباب بتصميم خلايا الكبد لأدركوا آيات الإعجاز المذهلة ولتجلَّب لهم القدرة الإلهية الرائعة والإبداع الذي ما بعده إبداع.
لو أردنا إنتاج فيتامين واحد أو مادة واحدة ممّا ينتجه الكبد فإننا سنحتاج إلى العديد من الآلات التي ستشغل حيِّزاً كبيراً من مصنع الأدوية. ولو أردنا أن ننتج كافة المواد التي ينتجها الكبد فإننا سنحتاج إلى مصنع كامل فيه العديد من الآلات والصيادلة والأطباء والمهندسون والخبراء والفنيون، بينما لا يزيد حجم الكبد عن (20× 15× 15) سم وهو يستقر منزوياً في قبة الحجاب الحاجز في أعلى البطن ويعمل بشكل دؤوب بهدوء ووقار من دون أن يصدر ضجيجاً كضجيج الأجهزة والآلات، وليس له صخب العمال، ولا يزعج الجيران ولا يلوِّث البيئة، حتى ليتعذَّر علينا إدراكه أو الإحساس به.
هذا، ومن ناحية أخرى، فإن الطاقة التي يستهلكها الكبد لا تتعدَّى بضعة غرامات من السكر في اليوم الواحد وشيء يسير من الأدينوسين ثلاثي الفوسفات، وهي كمية زهيدة يمكن تجاهلها بالمقارنة بضخامة وجودة الإنتاج!!.. وإن حجبنا عنه هذه الطاقة، كأن نصوم بضعة أيام فإنه وبقدرة الله ومشيئته سيستخدم ما خزَّنته خلاياه من طاقة فلا يتوقَّف عن العمل. أمّا إذا رفعنا الطاقة عن أيِّ مصنع فإنه سيتوقف تماماً، وإذا نحيَّنا جزءاً من هذا المصنع أو نصفه أو ثلثه فإن إنتاجه سينخفض بالنسبة نفسها، بينما يستمر الكبد بإعطاء الكمية المعتادة نفسها من الإنتاج إن استأصلنا نصفه أو ثلثه أو أكثر من ذلك أو أقلّ!!
ألا تسطع هذه الحقائق العلمية بنور الله؟ أيعقل أن يأتي هذا البنيان المذهل لخلايا الكبد وما تنجزه من مهام في غاية الدقة والتعقيد نتيجة مصادفة كما يدَّعي الماديون والملحدون؟ وهل تصدِّق تخريفاتهم التي تقول: إن كل ما يدبُّ على سطح الأرض قد أوجد نفسه بنفسه، ثم تطوّر بالتدريج حتى بلغ ما بلغه من الرفعة والكمال والدقة؟ أم أن الأقرب إلى المنطق أن الله موجود وأنه هو الخالق البارئ المصور الذي يتَّسم بالعلم اللامتناهي وبالقدرة العظيمة والحكمة المذهلة. إنه إعجاز يسطع بنور الله سبحانه وتعالى يكشف أسراره الجليلة:
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) (فصلت/ 53).
وقال العليّ القدير:
(وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (الذاريات/ 20-21).
وقال عزَّ من قائل:
(مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (يونس/ 5).
لقد كشف العليم الحكيم حجاب الغيب عن هذه المعجزات لندرك آياته سبحانه وتعالى فنؤمن به إيماناً يقينياً راسخاً لا تتقاذفه وساوس الشياطين ولا فلسفه المتفلسفين من ماديين وماسونيين وملحدين، ولكن قتل الإنسان ما أكفره، يمرُّ على آيات الله ومعجزاته فيدركها ثم يصرّ مستكبراً متعجرفاً كأنه لم يرها:
(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (يوسف/ 105).
لقد وصف العليُّ القدير هؤلاء الضالين المضلِّلين فقال:
(أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام/ 122).
نعم لقد زُيّن للكافرين ما كانوا يعملون، لقد مردوا على الإلحاد والعصيان وتعرَّضوا للقرآن الكريم وجحدوا وجود الله وسخروا من الأديان ومن الشرائع السماوية السمحة لتحقيق غاياتهم القبيحة وللترويج لفلسفاتهم المُضِلَّة، فقال الله فيهم:
(وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا) (الكهف/ 56). قاتلهم الله أنَّى يؤفكون.
نعم وألف نعم، فالفارق كبير وكبير جداً بين من خرج من الكفر فأحياه الله بنور الإيمان، فراح يدعو إلى الله وإلى فطرته السمحة، وبين من آثر الجهالة وظلام الكفر وانساق لشياطين الإنس والجن:
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (لقمان/ 6)، قاتلهم الله وقبَّح وجوههم.

المصدر: الإعجاز الإلهي في خلق الإنسان

ارسال التعليق

Top