◄في نهاية القرن السابع عشر عندما اكتشف الميكرسكوب المكبر.. المجهر.. تصوّروا بعد أن شاهدوا الحيوانات المنوية.. مع أنّ المجهر كان صغيراً في ذلك الوقت.. تصوّروا أنّ الإنسان بذرة مثل الشجرة الصغيرة.. فتصوّروا أنّ الإنسان مختزل في الحبّة المنوية فرسم له العلماء صورة وتخيلوا الإنسان يوجد كاملاً في النطفة المنوية غير أنّه ينمو.. ومنذ 60 عاماً تأكّدوا من أنّ الإنسان لا يوجد إنسان دفعة واحدة إنما يمر بأطوار ومراحل طوراً بعد طور ومرحلة بعد مرحلة وشكلاً بعد شكل منذ 60 عاماً وصل العلم إلى إحدى الحقائق القرآنية.
يقول الشيخ الزنداني التقينا مرة مع أحد الأساتذة الأمريكان بروفيسور أمريكي من أكبر علماء أمريكا اسمه بروفيسور مارشال جونسون فقلنا له: ذكر في القرآن أنّ الإنسان خلق أطواراً فلما سمع هذا كان قاعداً فوقف وقال: أطواراً ؟! قلنا له: وكان ذلك في القرن السابع الميلادى! جاء هذا الكتاب ليقول: الإنسان خلق أطواراً!! فقال: هذا غير ممكن.. غير ممكن.. قلنا له: لماذا تحكم عليه بهذا؟ هذا الكتاب يقول: ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ) (الزمر/ 6) (مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) (نوح/ 13-14). فقعدَ على الكرسي وهو يقول: بعد أن تأمل: أنا عندي الجواب: ليس هناك إلّا ثلاث احتمالا: الأوّل: أن يكون عند محمّد ميكروسكوبات ضخمة.. تمكّن بها من دراسة هذه الأشياء وعَلِم بها ما لم يعلَمه الناس فذكر هذا الكلام!. الثاني: أن تكون وقعت صدفة.. وهذه جاءت صدفة. الثالث: أنّه رسول من عند الله.
قلنا: نأخذ الأوّل: أمّا القول بأنّه كان عنده ميكرسكوب وآلات أنت تعرف أنّ الميكرسكوب يحتاج إلى عدسات وهي تحتاج للزجاج وخبرة فنية وتحتاج إلى آلات وهذه معلومات بعضها لا تأتي إلّا بالميكرسكوبات الإلكترونية وتحتاج كهرباء والكهرباء تحتاج إلى علم وهذه العلوم لا تأتي إلّا من جيل سابق ولا يستطيع جيل أن يحدث هذا دفعة فلابدّ أنّ للجيل الذي قبله كان له اشتغال بالعلوم ثم بعد ذلك انتقل إلى الجيل الذي بعده ثم هكذا... أمّا أن يكون ليس هناك غير واحد فقط.. لا أحد من قبله ولا من بعده ولا في بلده ولا في البلاد المجاورة والرومان كذلك كانوا جهلة ما عندهم هذه الأجهزة والفرس والعرب كذلك! واحد فقط لا غير هو الذي عنده كلّ هذه الأجهزة وعنده كلّ هذه الصناعات وبعد ذلك ما أعطاها لأحد من بعده.. هذا كلام ما هو معقول! قال: هذا صحيح صعب نقول: صدفة.. ما رأيك لو قلنا لم يذكر القرآن هذه الحقيقة في آية بل ذكرها في آيات ولم يذكرها في آية وآيات إجمالاً بل أخذ يفصّل كلّ طور: قال: الطور الأوّل يحدث فيه وفيه والطور الثاني كذا وكذا والطور الثالث.. أيكون هذا صدفة ؟! فلما عرضنا التفاصيل والأطوار وما في كلّ طور قال: الصدفة كلام غلط!! هذا علم مقصود قلنا: ما في تفسير عندك: قال: لا تفسير إلّا وحي من فوق .
هذه النطفة هذا المنى.. منى الرجل ومنى المرأة.. هذا كلّه فيه ماء المرأة وماء الرجل ومن بين هذا المنى هذه النطفة قطرة كبيرة.. في داخل النطفة بويضة المرأة أغلقت الأبواب! ممنوع دخول حيوان منوي ثانٍ قضى الأمر فإذا انتهى.. بدأت تتخلّق وهذا أوّل طور من أطوار الإنسان (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ) (المؤمنون/ 12-13). هذه النطفة في لغة العرب معناها القطرة.. نُطف الإناء يعني قطر الإناء إحداها نطفة.. يعني قطرة من سائل هذا السائل وهذه القطرة.. هذه النطفة يتقرر فيها كلّ شيء بالنسبة للإنسان.. كلّ صفات الإنسان تتقرر وهو نطفة وتتقدر وهو نطفة ولذلك قال تعالى: (قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) (عبس/ 17-19). مَن قال لسيدنا محمّد: إنّ الإنسان مقدر في داخل النطفة بكلّ تفاصيله التي سيكون عليها ثم من ضمن ما سيقدر به هذا الإنسان كونه ذكراً أم أنثى؟.
فهمنا أنّ في هذه النطفة يتقرر ما إذا كان هذا المخلوق ذكراً أم أنثى.. هل تصوّر أحد من البشر أنّ نطفة الماء حال الإمناء يتقرر مصيرها وما يخرج منها ذكراً وأنثى؟! هل يخطر هذا بالبال؟! لكن القرآن يقول: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىِ * من نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) (النجم/ 45-46). حال إمنائة إذا تمنى.. وقد قدّر ما سيكون عليه ذكراً أو أنثى قد تحددت!! مَن أخبر محمّداً بذلك (ص) إلّا الله. هذه حاملات الوراثة داخل النطفة تلك.. هذه لم تُعرف إلّا بعد اكتشاف الميكروسكوب الإلكتروني والميكروسكوب الإلكتروني من الأربعينيات.. يعني له نصف قرن تقريباً منذ أن عُرف.. عرفوا أنّ الذكورة والأنوثة تتقرر في النطفة.. يعني كنا في أوائل القرن العشرين وكانت البشرية بأجمعها لا تعلم أنّ الذكورة والأنوثة مقررة في النطفة لكن الكتاب الذي نزل قبل أربعة عشر قرناً يقرر هذا في غاية الوضوح وارجعوا إلى كُتُب التفاسير كلّها تقرر هذا إيماناً بما جاء في هذا الكتاب .
هناك حديث عن الرسول (ص) يخبرنا عن النطفة أين تستقر؟ وكيف يكون حالها قبل الاستقرار؟ قال (ص): "يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم". أي أنّ النطفة هذه تستقر في الرحم معناه أنّها كانت قبل الاستقرار.. أنّها كانت متحركة.. صحيح كانت متحركة.. هذه البويضة خرجت من الأنثى وهذه الحيوانات جاءت من الرجل من هنا.. فحيوانات الرجل جاءت من هنا وتركت إلى هنا وكان هذا مكان اللقاء ونطفة المرأة جاءت من هنا وتم اللقاء هنا وتم التلقيح وتركت هذا المكان وتحركت حتى وصلت إلى الرحم فاستقرت يعني ما كانت في حالة غير مستقرة ثم استقرت قال (ص): "يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو بخمس وأربعين" فمَن أخبر محمّداً (ص): أنّ النطفة تأتي عليها فترة لا تكون فيها مستقرة ثم تستقر؟!.
هذه النطفة.. وهذا جدار الرحم.. هذه النطفة شقت جدار الرحم من هنا ودخلت كما تشقّ التربة وتوضع البذرة وتُدفن بالضبط هذه النطفة شقت الرحم وبعد ذلك دُفنت فغارت في لحم الرحم وغطّى عليها ولذلك نجد جميع كُتُب الطب والتشريح والأجنة تذكر هذه المرحلة وتسميها مرحلة الغرس.. ويشبّهون الرحم بالتربة التي وضعت فيه البذرة وهم بتشبيههم هذا يظنون أنّهم يأتون بالوصف الدقيق المتلائم مع الواقع ولكنّهم سيفاجئون عندما يرون آية تصف المرأة وتقول: (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ) (البقرة/ 223). أي أنّها موضع الحرث ويكون فيها حرث لاحظوا أيّها الإخوة هذه النطفة وهي تدخل إلى هنا أوّل علاقة لها بالرحم قالوا: ماذا يحدث؟ قلنا: تغور.. تدخل.. يحدث هنا شيئان: الشيء الأوّل: أنّ الرحم يأخذ من النطفة غلافها.. الغلاف يؤخذ منها والجنين ينفذ من هذا الغلاف وهذه المكونات ثم المسألة الثانية: أنّها تغور إلى الداخل فهناك شيئان: نقص للنطفة وغور لها هناك لفظ عربي لا يوجد لفظ مثل هذا اللفظ يحقق المعنيين.. هذا للفظ ذكره الله في كتابه واصفاً لعلاقة الإنسان برحم أُمه ولكني سأذكر معناه.. هذا اللفظ هو غاض.. الغيض.
قال تعالى: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء) (هود/ 44). فغاض تأتي بمعنيين تأتي بمعنى غار وتأتي بمعنى نقص أو تأتي بالمعنيين معاً: وغيض الماء أو غار وتأتي بمعنى نقص أو تأتي بالمعنيين معاً: وغيض الماء أو غار الماء ونقص.. فغاضت النطفة هنا تأتي بالمعنيين غار في جدار الرحم ونقص منه جداره وجزء منه لتتكوّن منه المشيمة في الرحم ويبقى شيء آخر الله يقول: (اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ) (الرعد/ 8) وغيض الرحم هنا مفتاح من مفاتيح الغيب وهنا افتحوا أذهانكم هذه النقطة ميدان معركة ما بين طلاب المدارس الدينية وطلاب المدارس العلمية حول معرفة أنّه ذكر أو أنثى .
أنتم لا تؤمنون أنّ العلم اكتشف أنّه ذكراً أو أنثى.. لا نؤمن خذ بطاقة الرجعيين.. وهذا يأخذ بطاقة الكفر هذا العلم السطحي يوصل إلى هذه النتائج لكن التعمّق في العلم يوصل إلى غير هذا وما أقوله لكم - سبحان الله - كنت أحسب أنّي قد وصلت إلى هذا بعد طول عناء فإذا بابن كثير - رحمه الله - يسبقنا إليه ويقرر المعنى الأمر الأوّل تقول: (إنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ) (لقمان/ 34). فَهِمها الناس على عمومها فلا يمكن لأحد أن يعلم أنّ في الرحم شيئاً ومَن قال إنّه عليم شيئاً فقد كفر كلّ ما في الرحم (ابن كثير) جمع النصوص فكّر فيها تأمّل.. كيف يكون هناك مفتاح للغيب لا يعلمه إلّا الله وقد ورد في الأحاديث الصحيحة: "أنّ الملائكة تعلم ما سيكون عليه المخلوق في بطن أُمّه تعلم رزقه وأجله شقياً أو سعيداً ذكراً أو أنثى" تعلم عنه كلّ هذه التفاصيل بل ما سيكون فكيف يقال بعد ذلك: إنّ هذا العلم لا يعلمه إلّا الله هذا ابن كثير شيخ السادة المتكلمين ..
هذا ابن كثير المرجع في التفسير يقول: كيف نجمع بين النصوص هل يُكذّب نص نصاً؟ هل النبيّ (ص) يكذّب نفسه بنفسه يقول: (لا يعلم إلّا الله) ثم يقول: (الملائكة تعلم).. لا والله إنّه الجهل بفهم النصوص. نعم. الجهل فقرر ابن كثير وجمع بين النصوص وهذا منهج العلماء قال: لا يعلم أحد من أمر الجنين شيئاً من العلم إلى ما قبل علم الملك فإذا عَلِم الملك عَلِمنا أنّ غير الله قد عَلِم وهو الملك ومَن شاء الله من خلقه ..
وإذا هذه النصوص الخاصّة خصصت العموم وهذه الألفاظ المقيّدة قيّدت الإطلاق فعَلِمنا الأمر المحجوب عن علم غير الله إنّما هو في مرحلة من مراحل الجنين وتجلّى الأمر بوضوح لا بكلام ابن كثير بل بكلام سيِّد الأنبياء والمرسلين محمّد (ص) حيث قال (ص) في الحديث الذي رواه البخاري عن عبدالله بن عمر (رض) قال: مفاتيح الغيب خمسة لا يعلمها إلّا الله: لا يعلم ما في غد إلّا الله ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلّا الله - (ما تغيض لا ما تزداد) ففرّق بين أمرين: الآية قالت: (اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ) (الرعد/ 8). فالأرحام لها حالتان حالة تعلق بالجنين والله يعلم الحالتين بالتمام والكمال والمحجوب عن علم غير الله هو الغيض الذى يعلمه هو وحده "مفاتيح الغيب خمسة لا يعلمها إلّا الله: لا يعلم ما في غد إلّا الله ولا يعلم ما تغيض الأرحام" فهذا قيّد لنا المرحلة من العلم هذا الأمر الأوّل أمّا الأمر الثاني: أنّ ما تغيض الأرحام يسميه الرسول (ص) مفتاحاً من مفاتيح الغيب يفتح على أبواب علم قادمة..
أي على أحوال قادمة فالذين ذهبوا إلى أنّ الغيض هو دم الحيض هو فهم في الحقيقة لا يكون بهذا مفتاحاً للغيب دم الحيض ما هو مفتاح للغيب فالرسول (ص) يقول مفتاح الغيب: ما تغيض الأرحام - دم الحيض - ليس مفتاحاً للغيب لأنّه لن ينشأ منه جنين أو إنسان أو مخلوق وبإجماع علماء المسلمين مفتاح الغيب متعلق بالأجنة وبالإنسان الذي سيُخلق فإذا مفتاح الغيب هذا متعلق بالأجنة التي ستُخلق ومعلوم أنّ دم الحيض لا يُخلق منه إنسان ومَن ذهب إلى هذا التفسير غير المقصود فهذا لا يستقيم مع المعنى أنّه مفتاح من مفاتيح الغيب والله أعلم.. إذا ما تغيض الأرحام هذه مرحلة الغيض تأتي بعد هذا مرحلة الازدياد ..
في مرحلة الغيض هذه يستحيل على إنسان أن يعرف صفات الجنين. في هذه المرحلة مستحيل.. أتدرون لماذا؟ لأنّه إذا صففنا صفين.. لوجئت بصفين من الأحجار ووضعت الصفين بجوار بعض وقلت لإنسان: أنا سأصنع من هذا بناء هل سيعلم أيكون من الصفين مدرسة أم مستشفى؟ هل سيعلم أيكن منها فيلاً أم عمارة؟ صفين فقط هكذا الإنسان في هذه المرحلة فلو أراد الإنسان أن يمتحن شيئاً من صفات هذا الجنين وأخذ خلية واحدة فلو نزع الجهاز التنفسي لأنّ الجهاز التنفسي يكون هنا ممثلاً بخلية واحدة فلا يستطيع الإنسان أن يكتشف ما يكون أمر هذا المخلوق في مرحلة الغيض بينما هو مقدّر تقديراً كاملاً ما سيكون عليه هذا الإنسان.
والتقيت بأحدهم فهذا المرشال جونسون الذي قام وقعد وهو من كبار المختصين بعلم الوراثة والدارسين لعلم (الكروموزمات) في أمريكا.. قلت له: هل حاولتم أن تعرفوا صفات الإنسان التي ستكون في المستقبل في مرحلة الغيض هذه؟ قال: نعم. حاولت لقد قمت بتجربة على بعض كروموزمات بعنى حاملات الوراثة واستمر بحثي عليها عشر سنوات وأنا أحاول أن أفهم كيف سينشأ مخلوق من هذا؟! وماذا سينشأ من هذا الجزء الذي بين يدي في المستقبل؟! وقلت له: ماذا كانت النتيجة؟ قال: بكيت!! قلت: لماذا؟ قال: لأنّي فشلت ولم استطع أن أعرف شيئاً قلت له: أحسنت!! هذا عندنا موجود إنّك لن تستطيع أن تعرف وإنّ هذه المرحلة لا تستطيع أن تعلم عنها شيئاً ولا تستطيع أن تفهم عنها شيئاً.
إذاً أيّها الإخوة نقول: معرفة ما في الجنين (أحوال وصفات الجنين) كما قال ابن كثير من قبل هي في فترة زمنية محددة يكون الجهل أمّا إذا علم الملك انتهى أمّا حديث الرسول (ص) فهو يفيد هذه المرحلة مرحلة الغيض ويجعلها هي مفتاح الغيب فإذا نقول: إنّ مرحلة الازدياد مرحلة مفتوحة ممكن للإنسان أن يعلم وإذا رأينا متى علم الملك جاء في مرحلة الازدياد والله أعلم.. مفهوم هذا يا إخوان هذه صورة الجنين بعد أن يتحوّل من نطفة يتحوّل إلى هذه الصورة.. هذا الجنين وهذه صورة للعلق الذي يوجد في الماء.. الذي يتعلق في أفواه الأغنام والأبقار فيمتص منها الدماء.. هذا هو الطور الثاني وهذه هي العلقة وهذا هو الجنين يكون محاطاً بالماء والعلقة تكون محاطة بالماء. العلقة هذه تتعلق لتمص الدماء، الجنين أيضاً يتعلق ليمص الدماء.
كيب مور هذا العالم الذي قلت لكم عنه من كبار علماء الأجنة.. أخذ قطعة من الطين ومضغها بأسنانه ووضع هذه بجوار هذه وقال: هذه مضغة جنين وهذه مضغة بأسنان وهذه مرحلة ما بعد العلقة ولذلك قال تعالى: (فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً) (المؤمنون/ 14) المضغة من صفاتها.. أوّل ما تأخذ المضغة تمضغها تستطيل.. ثم تمضغها ثانية فيتغيّر شكلها ثم تمضغها ثالثة فتأخذ شكلاً ثالثاً وتمضغها مرة أخرى فتأخذ شكلاً آخر ومع كلّ مضغة هي تدور الجنين في هذه المرحلة بالضبط هكذا الجنين في هذه المرحلة تظهر فيه نقاط وكأنّها أمكان المضغ ثم يدور.. فالمضغة هنا في الحقيقة أصدق وصف لها أنّ فيها شيئاً قد تخلق وفيها جزء لم يتخلّق فأصدق وصف لها أنّها مُخلقة وغير مُخلقة ولذلك جاء وصفها في القرآن بهذا الوصف (ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) (الحج/ 5) مَن قال لمحمّد (ص)؟ هل كان عنده أجهزة تشريح وقياسات؟!.
هذه عبارة عما وصل الجنين في هذه المرحلة واحد سم.. يعني قريب من واحد سم.. انظروا واحد سم يعني ماذا؟.. هذا الكلام داخل واحد سم. الآن العظام تبدأ في الزحف على الجمجمة.. هذه العين. هذه الجمجمة (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا) (المؤمنون/ 14) وفي كثير من النقاش مع الدكاترة كنا نسألهم: أيّهما الأوّل العظام أم اللحم؟ فكانوا يقولون لنا: هما معاً في وقت واحد.. فلما كنا نطلب منهم مراجعة كُتُبهم فيعودون فيقولون: لا العظام ثم بسرعة يأتي بعده اللحم وفي ذلك قوله تعالى: (فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا) (المؤمنون/ 14) فكسونا العظام لحماً.
هذا عندما ينتهى كساء العظام باللحم تبدأ مرحلة من المراحل.. أهم ما في هذه المرحلة أنّ الجنين ينمو، ينشأ، يترعرع جسمة وبدنه ويكون أهلاً لكي تسكن الروح هذه المرحلة.. فإذا توقفنا عن قوله سبحانه: أنشأناه وجدنا أن ينشأ بمعنى أسكنت فيه الروح وينشأ بمعنى نما الجسد وترعرع وإذا بحثت في لغة العرب عن لفظ يدل على المعنيين: يدل على النمو ويدل على النشأة المحدثة لا تجد لفظاً غير ينشأ فإن نشأ يدل على النمو (إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء) (الواقعة/ 35) ويدل على الخلق وعلى الإيجاد من العدم وفي هذه المرحلة يحدث شيئان: أمّا البدن فينمو ويترعرع وأمّا الروح فتنفخ وبهذا تتم النشأة الكاملة للإنسان (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر) (المؤمنون/ 14) بعد خلق هذه المرحلة لا يوجد مخلوق في الوجود يشابه هذا الإنسان لا يوجد حيوان ولا نبات ولا ملاك ولا جنى ولا أرض ولا سماء ولا شُهب ولا شيء في الكون مثل هذا الإنسان المكوّن من مادة وروح ثم لا توجد صورة من بني آدم تشبه هذه الصورة لهذا المخلوق صورة خلق آخر (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون/ 14).
أرأيتم الأطوار؟! أرأيتم المضغة؟! أرأيتم العظام؟! أرأيتم كساء اللحم للعظام؟! أرأيتم الإنشاء ليصبح خلقاً آخر؟! أرأيتم هذه الأطوار التي كانت محجوبة. اقرءوا معي بقية الأطوار في نفس الأية (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ) (المؤمنون/ 14-15).►
المصدر: كتاب العلم طريق الإيمان
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق