• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإعلام المقروء كمصدر لثقافة الطفل

مروة عبد الجبار

الإعلام المقروء كمصدر لثقافة الطفل

◄إنّ الإعلام المقروء كالكتب والمجلات ما زالت لها الفاعلية والدور الهام في تنمية ثقافة الأطفال وهو بالنسبة للأطفال بما يتضمنه من قصص وأشعار ومجلات وكتب وبرامج مسموعة له تأثيراته الكبيرة على هذا الطفل حيث إنّه يعمل على تشجيع القدرات الابتكارية والإبداع لدى الطفل، كما أنّه يسلب لبه ويشعره بالمتعة ويشغل فراغه وينمي هواياته.

وأيضاً يرقى بالسلوك ويبث الأخلاق الفاضلة، ويقوّم السلوك المنحرف ويحد من أغلال التقليد الأعمى للأفكار المدمرة الوافدة بحيث تكون الكلمة المقروءة وغيرها من وسائل الإعلام رافداً تعليمياً يثري ثقافة الطفل بعيداً عما لا يناسب بيئتنا وثقافتنا.

على الرغم من حقّ الطفل في التمتع بمنجزات عصره من وسائل تقنية ومخترعات إلكترونية وألعاب شيقة ومبهرة، إلّا أنّ ذلك يجب أن لا يزيد عن حده ولا يخفى ما يشهده الطفل المسلم من سلبية تضر بصحّته النفسية والبدنية من جراء استخدام التقنية الحديثة ممثلة في الثالوث الحديث "الإنترنت، وألعاب الفيديو، والفضائيات"، إذ أثبتت الدراسات أنّ نسبة كبيرة من الأطفال في الوطن العربي في المرحلة الابتدائية يقضون حوالي 1000 ساعة سنوياً أي ما يعادل ضعف ما يجلسونه في حجرة الدراسة أمام وسائل الإعلام، وهذا مؤشر خطير، لأنّ هذه المرحلة من العمر هي مرحلة الخصوبة والتلقي وحفر العادات والسلوكيات كما نعرف "التعليم في الصغر كالنقش على الحجر".

ومن الإنصاف القول: إنّه ليس كلّ ما يُعرض سيئ وضار، فإنّ لوسائل الإعلام آثاراً إيجابياً وأخرى سلبية، ولكن الآثار السلبية لوسائل الإعلام أكثر خطورة على الطفل العربي في ظل غياب أسس اختيار موادها الإعلامية.

ويمكن أن نلخص الآثار السلبية لوسائل الإعلام فيما يلي:

أوّلاً: نقل أخلاق ونمط حياة البيئات الأخرى إلى مجتمعنا، ونقل قيم جديدة وتقاليد غريبة تؤدي إلى التصادم بين القديم والحديث، وخلخلة نسق القيم في عقول الأطفال من خلال المفاهيم الأجنبية التي شاهدها الطفل العربي وأثرها السلبي على الأطفال التي تحمل قيماً مغايرة للبيئة العربية، كما أنّ إبراز نجوم الفن والغناء والرياضة والتركيز عليهم يكون على حساب العلماء والمعلمين.

ثانياً: تصوير العلاقة بين المرأة والرجل على خلاف ما نربي عليه أبناءنا.

ثالثاً: بناء ثقافة متناقضة بين معايشة ومنع ومشاهدة آخر، ولا يدري الطفل أيهما أصح.

رابعاً: مشاهدة العنف الشائع في أفلام الأطفال قد يثير العنف في سلوك بعض الأطفال، وتكرار المشاهد التي تؤدي إلى تبلد الإحساس بالخطر وإلى قبول العنف كوسيلة استجابية لمواجهة بعض مواقف الصراعات، وممارسة السلوك العنيف، ويؤدي ذلك إلى اكتساب الأطفال سلوكيات عدوانية مخيفة، إذ إنّ تكرار أعمال العنف الجسمانية والأدوار التي تتصل بالجريمة، والأفعال ضد القانون يؤدي إلى انحراف الأطفال.

ومن سلبيات هذه الوسائل السهر وعدم النوم مبكراً والجلوس طويلاً أمامها دون الشعور بالوقت وأهميته، مما له أثره على التحصيل الدراسي وأداء الواجبات المدرسية، بالإضافة إلى الأضرار الجسمية والعقلية كالخمول والكسل، والتأثير على النظر والأعصاب وعلاقة ذلك بالصرع والسلبية، والسمنة أو البدانة التي تصيب بعض الأطفال لكثرة الأكل أمام هذه الوسائل مع قلة الحركة واللعب والرياضة.

ومن سلبيات وسائل الإعلام أيضاً إثارة الفزع والشعور بالخوف عند الأطفال عبر شخصية البطل والمواقف التي تتهدده بالخطر، والغرق في الظلمة والعواصف والأشباح خاصة إذا كان الطفل صغيراً ويتخيل كلّ الأمور على أنّها حقائق وفي ظل هذا التطور والتقدم المذهل لوسائل الإعلام وجدنا أنفسنا أمام هجمة شرسة مفروضة من الإعلام وغزواً يجتاح عقول أطفالنا.

ومع هذا الوضع الذي يتيح لأطفالنا كلّ شيء، أصبح معه أمر المنع غير مناسب ولا معقول فلابدّ من التعامل بحذر مع المادة الإعلامية، وإيجاد البديل المناسب، ولابدّ من صناعة إعلامية تصل لعقل الطفل ولا تجعله يشعر بالغربة، ولا شك أنّ المسؤولية مشتركة بين البيت والمدرسة والمسجد وأجهزة الإعلام والثقافة ومن المجتمع بشكل عام، وأن ينتبه الجميع إلى خطورة تأثير وسائل الإعلام على الأطفال إذا لم توجه بشكل صحيح وتحت مراقبة وتوجيه من الوسائط التربوية، كي تكون وسائل بناء وتربية، وليست وسائل هدم وفقدان هوية للأطفال.►

 

المصدر: كتاب الطفل في الإعلام

ارسال التعليق

Top