• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإسلام.. تجديدٌ للإنسان

عمار كاظم

الإسلام.. تجديدٌ للإنسان

إنّ الإسلام يمثّل التجديد للإنسان، بإخراجه من ظلمات الجاهلية إلى نور الحضارة والتقدّم الذي يمثِّله الإسلام، ويمثِّل إنقاذاً له عندما يخلقه خلقاً إنسانياً روحياً، ويخرجه من موت الجاهلية الذي تمثِّله خطوط الجاهلية في جميع الحالات؛ هذا الموت الذي يذهب ويزول عندما يعيش الإنسان الحياة الجديدة من خلال وحي الله، ومن خلال سُنّة نبيّه. إنّ الله أعطانا الحياة الجسدية، بأن جعل لأجسادنا هذه الحيوية المتحركة بإرادته، وأعطانا الحياة الروحية والثقافية، وحياة المسؤولية والوعي، في ما أوحى اللهُ به في كتابه وأفاضهُ النبيّ في سُنّته.

وعلى ذلك إذاً، فإنّ الإسلام الذي يمثِّل الحياة، يحقِّق التوازن في كلّ أوضاع الإنسان، فلا تنحرف حياته إلى خطّ السلبية التي تهمل كلّ شيءٍ حولها، ولا تتطرّف في خطّ الإيجابية حتى تغلق على نفسها كلّ باب للحرّية، بل يمتدّ التوازن بين النـزعة المادّية والنزعة الروحية، فالإنسان في الإسلام ليس مادّةً مجرّدة، كما أنّه ليس روحاً مجرّدة، بل هو هذا المزيج من الروح ومن المادّة اللّتين تتزاوجان، لينطلق الإنسان في وحدته إلى التوازن بين الشخصية الفردية والشخصية الاجتماعية، فالإنسان ليس مجرّد فردٍ منفصل عن مجتمعه، وليس مجرّد جزءٍ في المجتمع، ولكنّه يعيش فرديّته في حاجاته الخاصّة وفي إمكاناته الفكرية، كما يعيش كونه جزءاً من المجتمع، في علاقته به، وفي تكامله معه، وفي حاجاته الجماعية بالنسبة إليه. وبذلك، يحسب الإنسان لكلِّ شيءٍ حسابه، ويضع كلّ شيءٍ في موضعه على أساس الحكمة والاتّزان، وذلك هو معنى الحياة في معنى الشخصية.

إنّ أهداف الإسلام من وجود الإنسان، هي ذاتها أهداف الحياة في امتداد المعرفة وعمقها، في كلّ ما تختزنه من أسرار، وتثيره من قضايا، وتواجهه من أحداث، وفي ما تستوعبه من معلومات، حتى إنّها تدعوه إلى الإحاطة بكلّ شيءٍ يمكن له الإحاطة به، فلا يغيب عنه شيء في ذلك وفي معنى الحرّية، بحيث لا يضغط أحد على حرّية الإنسان، بعيداً عن الضغوط الداخلية أو الخارجية، في انطلاقةٍ شجاعةٍ تتمرّد على كلّ نوازعها وتحدّياتها وأوضاعها، وفي حركة الرسالة في حياة الإنسان، بحيث يكون تجسيداً للرسالة وانفتاحاً عليها، ليواجه الحياة من موقع الرسالة التي تتطلّع إلى كلّ زاويةٍ من زواياها، لتتحرّك فيها القيم الروحية التي تبني للإنسان إنسانيّته، وتحقّق للحياة معناها، فلا تتجمَّد حياته عند حدود حاجاته، بل تتجاوزها إلى التحرك في نطاق القضايا الكبيرة من أهدافه.

وهكذا تكون التضحية بالحياة لوناً من ألوان حركة الحياة، لأنّها تضحيةٌ من أجل خدمة الحياة، وهذا ما يمثِّله الجهاد، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (آل عمران/ 169)، وفي آيةٍ أخرى: (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ) (البقرة/ 154).

ارسال التعليق

Top