• ٢٠ تموز/يوليو ٢٠٢٤ | ١٣ محرم ١٤٤٦ هـ
البلاغ

تنافس سياسي واحتدام انتخابي في المشهد السياسي العراقي

علي مراد العبادي

تنافس سياسي واحتدام انتخابي في المشهد السياسي العراقي

ليس بالشيء الجديد على مستوى العمل السياسي ظهور بوادر صراعات وخلافات ومناكفات ما بين المتصدين للعملية السياسية وربما أصبحت تلك الممارسات عرفاً في السياسي، فبعد التغيير في العراق عام 2003م، ونتيجة لأسباب داخلية ومؤثرات خارجية جعلت من الواقع السياسي العراقي عرضة للمناكفات السياسية والتي أثرت بدورها على مختلف أنشطة المجتمع وانتقلت بوادرها على المستوى الشعبي، فتلك الخلافات أصبحت تشكل عبئاً يدفع ثمنه المواطن البسيط من الناحية الأمنية والخدمية وغيرها، وإحدى بوادر الصراع ما بين الأقطاب السياسية هو التنافس الانتخابي وتحوّله إلى صراع ما بين تلك القوى والسبب وراء ذلك التالي :-

1- غياب الإرادة الحقيقية لدى غالبية الأحزاب والقوى والتيارات السياسية لبناء دولة المؤسسات والقانون.

2- عدم تفعيل قانون الأحزاب السياسية والذي أقره البرلمان العراقي في عام 2015م والذي بدوره ينظم عمل الأحزاب السياسية من حيث التأسيس وشروط المشاركة وضوابط عمل تلك الأحزاب والقوى السياسية، وهذا الأمر يعد خرقاً كبيراً وذلك لأنّ القانون يعد اللبنة الأساسية لعمل وتنظيم تلك الأحزاب وبالتالي في حالة وجود أحزاب وقوى منتظمة وملتزمة بالقانون بطبيعة الحال سينتج عملية سياسية أفضل والعكس صحيح.

3- كثير من الأحزاب والقوى السياسية تمتلك أجنحة مسلحة وهذا خرق كبير وربما ينذر بحرب مباشرة ما بين تلك القوى، وربما اللجوء للسلاح لفرض إرادات وبالتالي تقويض العمل السياسي السلمي.

4- قصور في قانون الانتخابات ذاته فالمشكلة هنا أنّ أنظمة الانتخابات السابقة وربما حتى القادمة هي وجدت من أجل أنظمة معينة تتناسب ومقياسها وظروفها، فكان المفروض مراعاة حالة وظرف وتجربة العراق وإيجاد نظام انتخابي يحاكي الظروف الحالية، أما ما حصل فإنّ الكتل السياسية أوجدت أنظمة تتناسب مع طموحها وتسعى للتعديل عليها بحسب طبيعة المرحلة التي تمر بها تلك الكتل وبالتالي قصور واضح عن إيجاد نظام انتخابي ينتج نخبة سياسية تنتشل الواقع مما هو عليه.

5- التبعية للخارج : بعض الأحزاب تنساق لما تطلبه بعض الدول الخارجية وربما بشكل علني أو سري وهذه يسبب شرخاً وطنياً نتيجة لتفضيل مصلحة الخارج على الداخل وتلك الدول هي تبحث عن مصالحها على حساب المواطن البسيط.

6- ضعف في تطبيق القانون أو سريانها على بعض دون البعض الآخر وهذا تغييب لمبدأ العدالة فلو طبق القانون على الجميع بنفس المستوى ومحاسبة المفسدين من الأعلى إلى الأدنى لكان الحال أفضل بكثير.

7- ضعف في الوعي الشعبي فبالرغم من تعدد الدورات الانتخابية ومرور المواطن وخوضه لتلك التجارب إلّا أنّ الوعي الانتخابي والسياسي بشكل عام لا يزال دون مستوى الطموح وربما هناك تعمد من بعض المسؤولين ومحاولتهم التشويش وخلط الأوراق واللجوء للأساليب الملتوية لجذب الناخبين نحوهم.

جميعها أسباب أدت إلى انحراف في بعض مسارات العملية السياسية وجوهرها العملية الانتخابية، وأخطر ما فيها اصطفاف الكتل السياسية خلف المسميات الطائفية والقومية لتحقيق هدفها وهذا يجعل من العملية السياسية تراوح مكانها وإعادة الأمور لنفس دوارها دون تغيير يذكر وبالتالي ربما يقتصر التغيير على بعض الوجوه فيما يبقى الإطار العام ذاته والعودة لتقاسم السلطة على أُسس طائفية وقومية، وفي الوقت الراهن وفي مرحلة الاستعداد المبكر للانتخابات يحدث صراع وتنافس واحتدام في مختلف المستويات وفي الوقت ذاته تقوم بعض الجهات السياسية بحملات ترويجية سواء ما يتعلق بسير العمليات العسكرية ضد الإرهاب الداعشي أو البعض يتخذ من مخيمات النزوح منطلقاً كما وإنّ الكرد يصعدون من لهجتهم باتجاه انفصال الدولة الكردية المزعومة.

بشكل عام فإنّ الصدام والتنافسي الانتخابي القادم ربما سيكون الأكثر خصومة نتيجة لوجود متغيرات وأحداث لم تتوافر في السابق منها عنصر الحشد وبعض الأطراف تحاول الصاقه بها لمكاسب انتخابية كما وإنّ الكتل لم تبقَ محافظة على نفس وضعها مسبقاً فالتحالف الشيعي يعاني من مشاكل وانسحابات وأكبر المنسحبين هم تيار الصدر، كما وإنّ اتحاد القوى السنية تشتت لعدة قوى فيما أنّ التحالف الكردي يشهد احتدام داخلي ويرجح البعض لدخوله بأكثر من قائمة في الانتخابات القادمة، وهذه الانقسامات ربما تصب في مصلحة الكتل الصغيرة للصعود والبروز كما وإنّها تحد من التوتر الطائفي، لكن يبقى الحل أوّلاً وأخيراً بيد المواطن فهو يمتلك زمام المبادرة في إعطاء إمانة الصوت لمن يستحق وبهذا يكون ضمانه له ولأجياله.

ارسال التعليق

Top