• ١٩ تموز/يوليو ٢٠٢٤ | ١٢ محرم ١٤٤٦ هـ
البلاغ

ثنائية القاعدة والدولة الإسلامية حرب الإرهاب الطويلة

باسم حسين الزيدي

ثنائية القاعدة والدولة الإسلامية  حرب الإرهاب الطويلة

خرج تنظيم القاعدة من صمته الإجباري الذي فرضته عليه انتصارات غريمه الجهادي (الدولة الإسلامية/ داعش)، ليعلن عن قيام فرع لتنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية يشمل (بورما وبنجلادش وآسام وجو جارات وأحمد اباد وكشمير)، بعد أن نصب الباكستاني (عاصم عمر) زعيما للتنظيم بفرعه الجديد.

وعلى الرغم من طول خطابه (55 دقيقة) الذي بث عبر الوسائل الإعلامية التابعة للتنظيم (مؤسسة السحاب)، والذي لم يتطرق فيه زعيم التنظيم (الظواهري) لتنظيم الدولة الإسلامية (عكس خطاباته الإرشادية والتهديدية السابقة)، إلا انه حاول برسائل غير مباشرة، التقليل من أهميه التنظيم (الدولة الإسلامية)، وانّ القاعدة ما زالت موجودة وفاعلة، وهي من سيقود الجهاد العالمي نحو تحقيق الخلافة الإسلامية.

صمت القاعدة بالتأكيد ليس (صمت الحملان)، وانما هو للعمل بعيداً عن الدعاية الإعلامية التي سعى إليها تنظيم الدولة الإسلامية، والتي أثمرت عن تشكيل تحالف دولي واسع النطاق، قد يستهدف التنظيم في مصادر تمويله وشبكات التجنيد، إضافة إلى العمل العسكري والاستخباري الذي يهدف إلى القضاء عليه، طبعاً بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

القاعدة ربما فضلت العمل بصمت بعد أن ابتعدت عن الأضواء قليلا، والهدف هو تجنب الحاق المزيد من الأذى الذي أصابها نتيجة لفقدانها أغلب قياداتها الميدانية بضربات موجهة أو عمليات استخبارية عالمية، ليتحول التركيز العالمي نحو داعش (التنظيم الجهادي الفتي)، التي تفضل (القاعدة) في هذه المرحلة أن يتم القضاء عليه بأيدي غربية بدلاً من الدخول في مواجهة مباشرة مع مسلحي التنظيم، ليصدق عليها ما ذهب إليه أبو بكر البغدادي من اتهامات طالت التنظيم الأم (القاعدة) بمداهنة الغرب والاستسلام لهم، إضافة إلى اتهام الظواهري بمخالفة تعاليم شيخ التنظيم (أسامة بن لان) الجهادية وشق عصا المجاهدين، وهي تهم كانت لتقضي على القاعدة فيما لو دخلت بمواجهة مباشرة مع تنظيم الدولة.

تحالف دولي

أشار أوباما في تصريح حول عزم الولايات المتحدة الأمريكية القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، والذي اعتبر التصريح الأكثر حزما، بالقول "سنضعف الدولة الإسلامية ونهزمها في نهاية المطاف مثلما فعلنا مع القاعدة"، فيما أكد انّ "حلفاء رئيسيين في حلف شمال الأطلسي يقفون على أهبة الاستعداد لمواجهة هذا الخطر الإرهابي من خلال العمل العسكري والاستخبارات وإنفاذ القانون وكذلك الجهود الدبلوماسية"، خصوصاً وانّ الرئيس الأمريكي قد ضمن، على الأقل، مساندة ودعم أكبر قوتين عسكريتين في أوربا (فرنسا وبريطانيا) لأي تحالف دولي قد يستهدف الجماعات المسلحة لتنظيم الدولة في العراق وربما في سوريا أيضاً، بشرط أن يقدم الرئيس الأمريكي، رؤية واضحة تستند على أسس ومصداقية واقعية، يمكن تطبيقها على الأرض من دون أن يختل ميزان الشرق الأوسط ذو الحساسية العالية تجاه التدخلات العسكرية الغربية.

بالمقابل فانّ الهدف من إقامة التحالف المقترح لم يشير، سوى، إلى أبعاد خطر تنظيم الدولة الإسلامية، باعتباره الخطر الأكبر في المرحلة الراهنة، وكما أوضح الرئيس الأمريكي بأنّ الأمر مشابه لما قامت به الولايات المتحدة مع تنظيم القاعدة من قبل (الاضعاف والهزيمة لاحقا).

لكن هل انتهت القاعدة كتنظيم جهادي عالمي يستطيع القيام بهجمات تهدد المجتمع الدولي؟

والأمر الآخر الذي قد يبدو أكثر غرابة، ربما يتعلق بالتحالف نفسه، إذ لم يتم التطرق إلى مكافحة تنظيم القاعدة (الذي ما زال نشطاً في مناطق عديدة من العالم وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط وبعض الدول الأفريقية)، الضعيف كما يقول أوباما، والذي قد يعود إلى الواجهة في أي لحظة، إذا استطاع التعامل مع الأزمات الداخلية التي يعاني منها في الوقت الحاضر، لتبدأ أزمة الإرهاب العالمي الطويلة من جديد، حتى في حال تم إضعاف تنظيم الدولة الإسلامية، لوحدها، فانّ المجتمع الدولي بذلك، يسدي خدمة كبيرة لتنظيم القاعدة الذي بات يخشى كثيراً من هذا التنظيم المنشق ويتمنى، ربما أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، القضاء على التنظيم بأسرع وقت.

المطلوب، في ظل هذا التحالف العالمي المقترح، إضافة تنظيم القاعدة إلى تنظيم الدولة الإسلامية، إلى جانب التنظيمات الأقل شأن، إذ انّ أنصاف الحلول اثبتت فشلها الكبير، كما انّ التعاون الدولي فرصة نادرة من أجل تبادل المعلومات والدعم بين الدول الكبرى، وربما يعطي قوة وفاعلية للأهداف المنتقاة.

ثنائية جهادية

ليس للتنظيمات الجهادية المتطرفة خطوط واضحة المعالم، فهي بمجملها تعتمد على الشبكات شديدة التعقيد والسرية، إضافة إلى لجوئها للسبات الخامل والنشاط المدمر حسب ما تقتضيه المصالح العليا للتنظيم، وإذا سلمنا بأنّ تنظيم القاعدة لم ينتهي تمام، كما يتصور البعض، بدليل انّه أعلن إقامة فرعه الجديد في شبه القاره الهندية ، مؤكداً انّه انجاز لجهد استمر قرابة العامين، كان فيه التنظيم يتعرض لضربات قاسية من الولايات المتحدة الأمريكية ومن تنظيم الدولة الإسلامية، بعد أن تخلى الأخير عن التنظيم، بل ويحارب فرعها في سوريا (جبهة النصرة)، يقتضي إذا، التعامل مع تنظيم القاعدة بنفس الخطورة التي يتعامل بها المجتمع الدولي حالياً مع تنظيم الدولة الإسلامية، فانّ ثنائية الجهاد العالمي بين التنظيمين، قد تتحول إلى تبادل الأدوار في حال تم إضعاف طرف وإهمال الطرف الآخر.

بالتأكيد انّ المهمة ليست سهلة على الإطلاق، لكنها ليست بالمهمة المستحيلة، فإضعاف التنظيمات الجهادية يتم بصورة تدريجية، قد تحقق النجاح الأولي، من خلال منعهم عن القيام بعمليات نوعية مدمرة، كما حدث في هجمات 11/سبتمبر، السيطرة على مساحات واسعة من سوريا، الهجمات الأخيرة على العراق... إلخ.

 

ارسال التعليق

Top