تمتد هذه الطبقة إلى ارتفاع حوالي 50 ميلاً فوق سطح الأرض. ويكون الهواء فيها صافياً وعديم الغيوم، إلا من بعض الغيوم النادرة الحاوية على بلّورات الثلج على ارتفاع 13-18 ميلاً، ومن نوع نادر من سحب الغبار فوق الارتفاع السابق. ويظهر لون السماء في طبقة الستراتوسفير بُنّياً داكناً، ويمكن أن ترى النجوم في النهار. وتبلغ درجة الحرارة في بداية هذه الطبقة حوالي 55 تحت الصفر (في المناطق المعتدلة). وتبقى الحرارة هكذا خلال 20 ميلاً ثمّ تبدأ بالارتفاع السريع، حتى تبلغ 93 درجة على علو 40 ميلاً.
تكون الرياح في طبقة الستراتوسفير قوية وثابتة، بدون أن تحدث اضطراباً نحو الأعلى أو الأسفل. ولقد اجتاز الإنسان القسم الأسفل من هذه الطبقة بالطائرات والمناطيد، وذلك في عام 1975.
يوجد على ارتفاع من 20-40 ميلاً فوق سطح الأرض تركيز لنوع خاص من الأوكسجين يدعى (الأوزون). ومن الوجهة الكيميائية يتألف الأوكسجين العادي من ذرتين من الأوكسجين O²، بينما يتألف الأوزون من ثلاثة ذرات O³. يقوم غاز الأوزون بامتصاص معظم طاقة الأشعة فوق البنفسجية الآتية من الشمس، ولذلك فإنّه يحمي الكائنات الحية على الأرض من الأشعة التي إذا وصلت إلى الأرض بكامل طاقتها فإنّها تكون مُميتة، بينما إذا وصلت بكميات ضئيلة فإنها تصيب الإنسان بلفحة الشمس فقط، وتقتل البكتريات وتحمي الصغار من الكساح وشلل الأطفال.
- الطبقة الأيونية (أيونوسفير Ionosphere): تدعى الطبقة الثالثة فوق سطح الأرض الطبقة الأيونية (أيونوسفير) ويشتق اسمها من الحقيقة التي تؤكد احتواءها على عدد كبير من الجزيئات المشحونة كهربائياً وهي (الأيونات). وهذه الأيونات هي التي تجعل الالتقاط الإذاعي حول الأرض ممكناً، لأنها تعكس إلى الأرض عدة مرات الموجات الراديوية المستخدمة في القياس وفي البث الإذاعي على الموجة القصيرة، وبالتالي تجعل من الممكن انتقال الإشارات حول الأرض. في الطبقة الأيونية يمكن أيضاً أن تتداخل الموجات الراديوية الملتقطة. وعندما تهيج العواصف في الشمس، فإنّ جداول من الجزيئات الكهربائية تنصّب منها إلى الطبقة الأيونية. وخلال هذه الهيجانات الشمسية تمتص طبقة الأيونوسفير الموجات الراديوية، عوضاً عن ردّها إلى الأرض. ونتيجة لذلك فإنّ الاتصال بالراديو يمكن أن ينقطع أو يتشوش لعدة أيام. هذا وتتولد أيضاً في هذه الطبقة الأيونية الأضواء الشمالية العجيبة السحرية أو ما يسمى "الأفلاق القطبية". وبات من المصدق أنّ (الأفلاق تنتج عن جزيئات الهيدروجين المشحونة كهربائياً والمتدفقة من الشمس، والتي تحت تأثير قطبي الأرض المغناطيسيين تصدم جواهر الآزوت والأوكسجين الموجودة الطبقة الأيونية وتجعلها تتوهج، وبذلك تعطي الظاهرة الضوئية. ويزداد تخلخل الهواء في الطبقة الأيونية التي تمتد من 50-400 ميل فوق سطح البحر، حيث تكون نسبته أقل بعشرة ملايين مرة من الهواء على سطح البحر، ورغم هذا التخلخل فإنّ الهواء في الطبقة الأيونية يسبب مقاومة احتكاك كافية للنيازك تجعلها في درجة اللهب الأبيض مما يؤدي إلى تحويلها إلى رماد. وهكذا تقوم الطبقة الأيونية كحائل يحمي الأرض من ملايين الشهب والنيازك التي تهاجمها كل يوم. - الطبقة الخارجية (إكسوسفير Exosphere): تبدأ طبقة الإكسوسفير من الحد الأعلى للطبقة الأيونية، وتمتد خارجياً إلى حوالي من 10-18 ألف ميل، حيث لا تعود متميزة عن الفراغ الخارجي. يصبح الهواء في طبقة الإكسوسفير متخلخلاً جداً بحيث إن ذرّاته يمكن أن تنتقل غالباً إلى مسافة محدودة بدون أن تصطدم مع بعضها. إننا لسنا متأكدين من الظروف الموجودة في هذه الطبقة. ويحتمل أن نعرف الكثير عنها بواسطة الأقمار الصناعية. إنّ الأقمار الدائرة على علو 300-2500 ميل فوق سطح الأرض تحدث دويّاً خلال عبورها الطبقة الأيونية وطبقة الإكسوسفير. وفي مثل هذه الأجسام المطوِّقة للأرض فإنّ الأجهزة الآلية هي التي تزود العلماء بالمعلومات عن الظروف الموجودة في الطبقات العليا من الجو. - خارج هذا العالم: يتضح من هذه المقدمة الموجزة عن طبقات الجو الأربع أنّه إذا أراد إنسان أن ينفُذ إلى خارج الأرض فإنّه لابدّ أن يلاقي عدداً من – الحوائل ويتغلب عليها. إنّه يجب أن يحافظ على نفسه ضد درجات الحرارة المنخفضة للغاية والعالية للغاية. وإن الخطر من الشهب يمكن أن يؤلف مشكلة خطيرة. إنّه يجب أن يحافظ أيضاً على نفسه من الأشعة فوق البنفسجية القوية، ومن أنواع الإشعاع الأخرى. ويجب على مركبته الفضائية أن تكون قادرة على مقاومة المَيل إلى الانفجار نحو الخارج عندما يقترب الفراغ المحيط بالمركبة من الخلاء التام. هذا ويجب أن يحمل رواد الفضاء معهم مؤونتهم من الأوكسجين. هذه لمحة عن الغلاف الجوي المحيط بالأرض حيث نجد أن اختلاف الضغط الجوي والحرارة ونسبة الأوكسجين لا يساعد الإنسان أبداً على الحياة، بل يجعل صدره ضيقاً حرجاً، مصداقاً لقوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ). المصدر: مجلة نور الإسلام/ العددان 9 و10 لسنة 1989ممقالات ذات صلة
ارسال التعليق