• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

وداعـاً لآلام الظهر

وداعـاً لآلام الظهر

◄آلام الظهر لا تستهدف فقط الأشخاص الذين يرفعون أوزاناً ثقيلة، أو يبذلون جهداً بدنياً قاسياً لفترات طويلة، بل تصيب الجميع. فهي لا تفرق بين الموظف وربة المنزل، كبير السن والشاب، الرياضي والخامل.

شهدت السنوات الماضية تزايداً كبيراً في عدد العمليات الجراحية التي يتم إجراؤها على العمود الفقري، وتم تسجيل أرقام قياسية فيها. لكن الكثير من الخبراء يعتقدون أن أغلبية هذه التدخلات غالباً ما تكون غير مبررة. ويعلق البروفيسور ريتشارد دييو، أستاذ الطب في جامعة أوريغون الأميركية، فيقول: إن كل صورة شعاعية يخضع لها معظم من تخطى الأربعين، يمكن أن يظهر فيها شيء قد يبدو غير طبيعي. وأن هذا يصح أيضاً حتى لدى الأشخاص الأصغر سناً. ويقول المتخصص الأميركي البروفيسور دانيال شيركين، إنّه لدى أقلية فقط من الناس نجد سبباً واضحاً جدّاً لآلام الظهر.

والواقع أن وجود عدد كبير ومتنوع من علاجات آلام الظهر دليل على أن أياً منها لا يبدو متفوقاً بشكل واضح على الآخر. ويقول دييو: إنّ الكثير من الادعاءات لا تكون مدعومة بالأدلة العلمية. وغالباً ما يكون الأفضل البدء بالعلاجات غير الجراحية أولاً. فالكثير يشهدون بفضلها تحسناً سريعاً في حالتهم. ففي غضون 12 أسبوعاً، يمكن لنحو 95% من الأشخاص الذين يعانون آلام الظهر أن يعودوا إلى أعمالهم. لذلك، وقبل اختيار العمليات المعقدة والصعبة التي قد لا تكون فاعلة، يستحسن أن نجرب العلاجات الطبيعية الأكثر بساطة ولطفاً.

 

 

-         أسباب ألم الظهر:

أبرز أسباب آلام الظهر هي التوتر والإجهاد الذي يصيب العضلات والأنسجة الرابطة من جراء حادث أو إصابة، أو نتيجة حمل أوزان ثقيلة جدّاً أو بطريقة خاطئة، القيام بحركة مفاجئة، أو بسبب مشاكل بنيوية مثل تمزق أو نتوء قرص أو ديسك بين الفقرات (نصاب بالألم المعروف بعرق النسا عندما يضغط هذا القرص على عصب كبير يمتد إلى المؤخرة والساق)، التهاب المفاصل، هشاشة العظام، أو انضغاط عصب. والعديد من هذه الأسباب تأتي نتيجة تغييرات تحصل مع التقدم في السن. وهناك عوامل أخرى تزيد من إمكانية الإصابة بألم الظهر، أبرزها بلوغ منتصف العمر أو أكثر، التدخين، البدانة، العمل البدني المجهد أو المسبب للتوتر، نمط الحياة الخامل، القلق أو الاكتئاب.

ومن المعروف أن الكثيرين يميلون إلى البقاء في السرير لفترات طويلة عندما تنتابهم آلام حادة في الظهر. غير أن دييو ينصح بالراحة لمدة يوم أو يومين إذا دعت الحاجة، مع تناول مسكنات الألم العادية، واستخدام الكمادات الساخنة على موضع الألم. وبعد يومين يجب البدء بالمشي لمسافات قصيرة وعلى مهل. وإذا لم يخف الألم في غضون بضعة أسابيع يجب استشارة الطبيب الذي قد يطلب إجراء بعض الفحوص أو الصور الشعاعية. وإذا لم يجد الطبيب سبباً مباشراً واضحاً للألم، فإنّه ينصح المريض بالخضوع لعلاج فيزيائي، وبتعلم الطرق الصحيحة للحركة والجلوس، إضافة إلى اتباع برنامج من التمارين الرياضية لتجنب الإصابات. وعندما يخف الألم قليلاً، هناك علاجات بديلة عدة، مثل تلك التي نستعرضها أدناه، يمكنها أن تخفف من تشنج والتهاب العضلات، كما تساعد على الوقاية من المشاكل على المدى البعيد عن طريق تعزيز قوة العضلات الداخلية وتوازنها (عضلات البطن الضعيفة يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في التسبب في ألم الظهر)، وتحسن كذلك قدرتنا على التحمل والتعامل النفسي، والانفعالي مع المشكلة.

 

 

1-    العلاج باليوغا:

خلافاً لصفوف اليوغا العادية التي تضم عادة عدد كبير من الأشخاص، فإنّ العلاج باليوغا يتم عن طريق أداء تمارين محددة يشرف عليها مدرب واحد لمريض واحد أو مريضين، وهي تمارين تتلاءم مع كل حالة وتركز على المشكلة. وتنصح المتخصصة الأميركية في العلاج الفيزيائي وإعادة التأهيل لورين فيشمان بالبحث عن معالج باليوغا ذي خبرة طويلة وشهادة في التركيب البنيوي للجسم والأمراض. وتقول: إنّ اليوغا مفيدة بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون التهاب المفاصل أو عرق النسا.

 

 

2-    التدليك:

أظهرت دراسة أميركية حديثة أنّ الأشخاص الذين يعانون آلام الظهر والذين يخضعون لعلاج بالتدليك يحققون تحسناً نسبته 70% في أدائهم الحركي، مقارنة بأولئك الذين يخضعون لعلاجات طبية تقليدية. ويقول شيركين: إن نوعي التدليك، السويدي الاسترخائي والبنيوي الذي يركز على الأنسجة الطرية، يعطيان نتائج مماثلة على مستوى تخفيف الألم. وينصح بإيجاد معالج بالتدليك مرخص وذي خبرة.

 

3-    العلاج بتقويم العمود الفقري:

تبين في التجارب والدراسات أنّ العلاج بتقويم العمود الفقري يمكن أن يمنح الأشخاص الذين يعانون ألم الظهر السفلي ارتياحاً يتراوح بين الخفيف والمتوسط، وأنّه يتمتع بفاعلية العلاجات الطبية التقليدية نفسها. وهذا العلاج هو نوع من تلك التي يصفها الخبراء عندما لا تتحسن حالة المريض بعد الخضوع لطرق العناية والرعاية العاديتين. وتقول المتخصصة الأميركية في العلاج الفيزيائي كارين أيركسون: إن هناك أنواعاً أخرى من العلاجات الطبيعية غير الجراحية، مثل التحفيز الكهربائي للأعصاب الذي يساعد العضلات على الانقباض، ما يقود إلى استرخاء عميق فيها. هناك أيضاً العلاج بالموجات الصوتية الذي يهدف إلى إراحة العضلات، والعلاج بالليزر البارد الذي يساعد العضلات المتضررة على ترميم نفسها.

 

 

4-    العودة إلى الطبيعة:

يميل المعالجون بالوسائل الطبيعية (شمس، هواء، ماء، تمارين رياضية.. إلخ) إلى البحث عن السبب الفعلي والأولي لآلام الظهر. ويقول المتخصص الأميريكي مايكل كرونين: إنّ المريض قد يكون قد سقط في طفولته عن شجرة، من دون أن تسبب له السقطة آنذاك الكثير من الألم، ثمّ بعد سنوات يتساءل لماذا يؤلمه ظهره. والمعالجون يتعاملون مع المريض ككل متكامل، ويقترحون علاجات تتضمن النظام الغذائي والتمارين الرياضية، كما يلجأون إلى علاجات أخرى مثل وخز الإبر، والتدليك مع الضغط.

 

 

5-    العلاج بوخز الإبر:

ينصح الخبراء في المؤسسة الوطنية الأميركية للصحة بوخز الإبر كواحد من علاجات ألم الظهر. وفي دراسة ألمانية أجريت في عام 2007 وشملت 1162 مريضاً، تبين أن مستويات الألم تتراجع بعد 6 أشهر من العلاج بوخز الإبر، أكثر مما تفعل في العلاقات التقليدية الأخرى.

 

6-    تعلّم الحركات الصحيحة:

يؤدي ألم الظهر في كثير من الأحيان إلى سلسلة من التأثيرات السلبية. مثال على ذلك: إذا كان الجانب الأيسر من الظهر هو الذي يؤلمنا، فإننا سنغير الطريقة التي نتحرك بها، فيبدأ الجزء الأيمن من الظهر بإيلامنا نتيجة حركاتنا الخاطئة. وهنا يفيد تعلمنا الطرق السليمة للتحرك للخروج من هذه الحلقة المفرغة. ومن بين هذه الطرق تقنية "ألكسندر" التي تعلمنا كيف نغير طريقة جلوسنا. سيرنا، وقوفنا، وكيفية التحرك لتفادي إجهاد العضلات والمفاصل. وكانت دراسة أجريت في العام الماضي ونشرتها مجلة "علم الحركة البشرية" الأميركية قد أفادت أن هذه التقنية تساعد على تخفيف ألم الظهر السفلي. أما طريقة "فيلدينكريس" فتركز على التيقظ الذهني لتغيير العادات البدنية التي تسهم في التسبب في ألم الظهر.

 

7-    المنتجات الطبيعية:

تنصح أيركسون بالاستعانة ببعض المنتجات الطبيعية التي تساعد على الوقاية من آلام الظهر، فنكثر من تناولها في طعامنا، أو نتناولها على شكل أقراص:

-         البروميلان: هو أنزيم طبيعي موجود في الأناناس، ويساعد على التخفيف من الالتهابات، وهو متوافر على شكل أقراص. وينصح الخبراء بتناول قرص مكمل يحتوي على 250 ملغ من البروميلان مرتين في اليوم بعد استشارة الطبيب أوّلاً (لأنّه قد يسبب زيادة نزف الدم).

-         الكركم: إنّه مضاد التهابات نباتي قوي، ومتوافر أيضاً على شكل أقراص مكملة. يمكن تناول قرص يحتوي على 300 غرام من خلاصة الكركم 3 مرات في اليوم بعد استشارة الطبيب أيضاً، لأنّه قد يتسبب، مثل البروميلان، في زيادة نزف الدم.

-         الزنجبيل: مضاد آخر للإلتهابات، يمكن تناول قرص مكمل منه يحتوي على 1000 ملغ يومياً.

 

كيف نتجنب تكرار الألم؟

المواظبة على الحركة: يقول دييو إن ممارسة الرياضة هي أفضل طريقة لتجنب الإصابة بألم الظهر مرّة ثانية، وليس هناك نوع معيّن مفضل في هذه الحالة، فتمارين الأيروبيكس وتمديد العضلات ورفع الأوزان وتقوية العضلات كلها مفيدة.

التخلص من الوزن الزائد: تنصح الجمعية الأميركية لأبحاث العمود الفقري بالحفاظ على وزن صحي، والسهر على ألا يزيد الوزن أكثر من 5 كيلوغرامات على الوزن المثالي بالنسبة إلى الطول، كي نحافظ على صحة الظهر.

الإقلاع عن التدخين: جاء في دراسة نشرتها مجلة الطب الأميركية في عام 2010 أنّ المدخنين الحاليين والسابقين يكونون أكثر عرضة من غير الدخنين في معاناة آلام الظهر.

التحرك بشكل متناغم مع طبيعة الجسم واحتياجاته: تقول أيركسون: إنّ تحسين الوضعية التي نتخذها يعطي نتائج ممتازة في الوقاية من ألم الظهر. وهي تنصح بالنوم على أحد جانبينا مع وضع وسادة بين الركبتين، أو على الظهر مع وضع وسادة تحت الركبتين. وأثناء العمل يجب أن تكون شاشة الكمبيوتر على مستوى العينين نفسه. ويجب أن يظل الكتفان مرتاحين، والكوعان مثنيان على جانبي الجسم ويشكلان زاوية 90 درجة. ويجب أ نحرص كذلك على أن يكون أسفل الظهر مسنوداً، وأن تكون القدمان مسطحتين براحة على الأرض. وتؤكد أيركسون أن علينا الاهتمام بوضعية أجسامنا في الأوقات كافة، بما في ذلك أثناء جلوسنا في السيارة، أو أمام شاشة التلفزيون. وعندما نريد أن نحمل شيئاً ثقيلاً، يجب ألا ننحني إلى الأمام، بل علينا أن نقرفص ونحمله ثم ننهض مستخدمين عضلات ساقينا.

تغيير الحالة الذهنية: يمكن في بعض الأحيان أن يؤدي مثل هذا التغيير إلى التخفيف من إحساسنا وإدراكنا للألم حتى لو لم يتغير شيء على المستوى الفيزيولوجي. ويقول شيركين إنّ الألم أمر شخصي غير موضوعي. فقد يكون لدى عدد كبير من الناس نوع الألم نفسه، لكنهم يستجيبون له بشكل مختلف. ويضيف أنّ العلاج بالكلام أو العلاج السلوكي الذي يعلمنا كيف نعيد تأطير أفكارنا ومشاعرنا السلبية، يمكن أن يساعد على تخفيف الألم، مثله مثل التأمل وتمارين الاسترخاء.►

 

ارسال التعليق

Top