• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

هل أقدامكم بخير؟

هل أقدامكم بخير؟

ارتدوا الأحذية المناسبة واحذروا البدانة

نخال أنها ضريبة إلزامية للعمر، وحين يتذمّر مَن يُعانيها نقول له: تَمَهَّل، إنّه العمر، التعب، إنها آلام القدمين. فهل نحن محقّون؟ هل أنّ آلام القدمين ظاهرة حتمية، لا مفرّ منها في المقلب الآخر من العمر؟ وماذا عن مشاكلها عند الشباب؟ هل يمكن تفاديها؟ هل الوزن الزائد أصبح سبباً لها؟ وماذا عن العلاجات الطبيعية في مداواتها؟

تريّثوا قبل أن تلقوا بحمل ما تشعرون به من آلام أو وهن في القدمين على العمر، لأنه ليس المُسبِّب الأوّل له وإنْ كان عاملاً إضافياً فيه. تريّثوا قبل أن ترموا كل تبعات آلام القدمين على العمر، لأنّ لها حكاية أخرى، وفصول أخرى، وعوامل أخرى.

فماذا في القطب المخفية التي نجهلها؟

تتألّف القدم من 26 عظمة و33 مفصلاً وأكثر من مئة وتر ورباط وعضلة، تتحرّك كلها حين نتحرّك، وطبيعي أن نشعر بما نشعر به إذا تعطّل مفصل أو أصيبت عظمة أو عانى وتر أو عضلة أو رباط. ولعلّ السؤال الأوّل الذي يفترض أن نسأله من أنفسنا في هكذا حال: هل زاد وزننا؟

تتحمّل القدمان عندما تتحرّك بسرعة، عند المشي السريع مثلاً، قوّة تزيد عن 120 في المئة من وزن الإنسان، ما يجعلها تحت ضغط هائل، وكلّما زاد الوزن زاد الضغط مُتسبِّباً بمشاكل متنوّعة بينها إلتهاب الوتر، الموجود في الجزء الخلفي من عظام كعب القدم.

الحَرّ عامل آخر يزيد من آلام القدمين، لأنّ الجسم يحتاج في الحرّ إلى البحث عن وسائل دفاعية ذاتية، تساعده على استقرار حرارته والبقاء في حالة إنتعاش، فيعمد إلى تنشيط دورته الدموية، ما يجعل الإرتداد الوريدي يتقلّص، وأوّل ما يتأثّر بهذا هي الأقدام، لذا يُفترض إرتداء الأحذية المريحة، المسطّحة، لا الضيِّقة، التي لا تحشر أقدامنا حشراً، في الحرّ.

 

- تشعرون بآلام في القدمين؟

أمشوا حفاة على رمال البحر، على البلاط، بلا أحذية، لأن هذا يفيد جداً في تنشيط الدورة الدموية والإرتداد الدموي. ويهم أن تعرفوا هنا أنّ من أولى إشارات المرض الوريدي هو الثقل في القدمين الذي يصيب غالباً مَن يقفون فترات طويلة أو مَن يجلسون فترات طويلة أو حتى مَن يهوون وضع الساق فوق الساق وارتداء السراويل الضيِّقة جداً.

 

- تعانون آلاماً عند الكاحلين؟

الكاحل هو أحد أبرز المفاصل التي تكون عرضة للإصابة، كونه يُشكِّل نقطة إلتقاء بين ثلاث عظام، ويحمل ثقل الجسم كلّه. وهناك ألم آخر قد يعانيه كثيرون، في كل المراحل العمرية، ويُسمّى شعبياً: عرق النسا. وتتمد أوجاعه من أسفل الظهر إلى الناحية الخلفية من الفخذ والساق. وهو ما يُعرف بالعصب الوركي، الذي يُعدّ الأطول في الجسم، ويتأثّر غالباً بانزلاق الغضروف في الفقرات القطنية التي تفقد مادّتها الجيلاتينية، إثر خروجها من الديسك واتجاهها نحو الأعصاب، ما يتسبب بإلتهابات وآلام في الفخذين والساقين تترافق مع شعور بالتخدُّر وتنميل أو حتى بتيار كهربائي يسري. وفي حال أهملت هذه الأعراض، قد تتطوّر إلى شلل جزئي وفقدان القدرة على التحكُّم في حركة الساق.

 

- ماذا لو تركّز الألم عند باطن القدم؟

يحدث هذا حين تكون القدم مُسطّحة، أي حين ينعدم وجود التقوُّس الداخلي في بطن القدم، ويزيد الضغط على هذه المنطقة، إمّا بسبب الوقوف الطويل أو المشي الطويل، ما يتسبّب في إلتهاب نسيج باطن القدم الداخلية.

في كل حال، باطن القدم هو الجزء الأكثر سماكة فيها، ومجهز ليتحمّل الصدمات والضغط الناتج عن ثقل الجسم، ويفترض العناية به عبر إزالة الجلد الميت وترطيب الموقع، وشرب المياه بكمّيات كافية.

9 من أصل كل 10 أشخاص يعانون أحد أشكال آلام القدمين. ولعلّ هذه النسبة تدفعنا إلى الغوص أكثر في غور أمراض القدمين ومضاعفاتها.

أقدامنا قد تكون أحياناً مؤشراً أوّل إلى مضاعفات خطيرة تتراكم في أجسامنا، فأي اضطرابات في الدورة الدموية تتجلى في آلام وتيبُّسات في القدمين. وجود السكري قد يؤدّي بدوره إلى مشاكل في القدمين، وضعف القدرة على إلتئام جروحها. نقص المعادن في الجسم قد يؤثر بدوره في صحّة القدمين. التدخين سبب إضافي قد يؤدي إلى ربط الدورة الدموية في الجسم، ويتسبب بالتالي بآلام في القدمين. ترسب حمض البوليك في الدم قد يؤدي بدوره إلى آلام في القدمين، ويتسبب به تناول أطعمة تحتوي على نسبة عالية من مادة البيورين، أو تنشأ عن التمثيل الغذائي للبيورينات الموجودة في نواة الخلايا.

في كل حال، يفترض في الحالات الطبيعية ألّا يتعدّى الحد الأقصى لحمض اليوريك في مصل الدم عن سبعة ميليغرامات في المئة عند الرجال، وخمسة في المئة عند النساء.

وتتخلص بكتيريا الأمعاء عادة من نحو ثلث كمية حمض اليوريك في الجسم الطبيعي، عبر تحويلها إلى ثاني أوكسيد الكربون. ويُنصح مَن يعانون آلاماً يتسبب بها ارتفاع هذا الحمض بتجنب تناول الأطعمة الدسمة والدهون، وعدم الإكثار من تناول العدس واللحوم الحمراء والبيضاء لاسيما خلال النوبات الحادة، والإبتعاد عن التوابل والبهارات والمخللات.

خارجون من المنزل؟ أي حذاء ارتديتم؟ سؤال لابدّ منه حين نعرف أنّ أكثر من 85 في المئة من آلام القدمين سببها الإستخدام السيِّئ للأحذية. فلا للأحذية الضيِّقة، العالية كثيراً، ونعم وألف نعم للأحذية المريحة، حتى ولو كانت أقل جمالاً من الأولى.

 

- حاولتم التعامل برفق مع أقدامكم، لكنكم مازلتم تعانون آلاماً متنوّعة فيها؟

ثمة وسائل علاجية طبيعية قد تساعدكم.

ما رأيكم بعلاج المياه الساخنة والباردة؟ ضعوا مياهاً باردة في وعاء ومياهاً ساخنة في وعاء آخر. اجلسوا على كرسي مريح، وضعوا القدمين في المياه الساخنة مدّة ثلاثة دقائق، ثمّ ضعوها في المياه الباردة مدّة تتراوح بين عشر ثوان وستين ثانية. كرروا هذه العملية ثلاث مرّات متتالية بهدف تنشيط الدورة الدموية.

الخل ينفع هو أيضاً في علاج آلام الأقدام طبيعياً ويقلل من الإلتهابات التي قد تصيبها. املؤوا حوضاً بالمياه الساخنة، وضعوا ملعقتي خل فيه، ويمكن إضافة ملح البحر أو حتى ملح الطعام. ضعوا أقدامكم في الحوض مدّة عشرين دقيقة. ملح أبسوم في المياه الساخنة يساعد بدوره في تهدئة آلام القدمين.

 

- تعانون تورُّماً في القدمين؟

ضعوا كمية قليلة من الثلج المجروش في كيس بلاستيكي صغير، ودلكوا المنطقة المصابة في حركة دائرية، ومن شأن درجات الحرارة الباردة تخدير النهايات العصبية في مكان الألم وتخفيض الورم. ويفترض ألّا يتعدّى وضع الثلج على الجلد مدّة تزيد عن عشر دقائق متواصلة، كي لا يتسبب هذا بضرر على الجلد والأعصاب.

زيت القرنفل فعّال هو أيضاً في علاج آلام المفاصل وفطريات الأظافر وتعزيز الدورة الدموية. دلكوا أقدامكم به بلطف من أجل تحفيز تدفق الدم واسترخاء العضلات.

وفي حال كنتم تعانون حسّاسية في الجلد وغير قادرين على استخدام زيت القرنفل، يكفي أن تضعوا ثلاث نقاط منه مع ملعقة صغيرة من زيت الزيتون لتأتي النتيجة نفسها.

الفلفل الحريف، الحار، يخفف بدوره من آلام العضلات والتهاب المفاصل. ويُنصح مَن يشعر ببرودة القدمين دائماً بنثر القليل منه في الجوارب من أجل الحصول على قدمين دافئتين.

أمّا في حال الشعور بآلام في القدمين، فينصح بإضافة نصف ملعقة صغيرة منه إلى نصف دلو من المياه الساخنة ونقع القدمين فيه بضع دقائق.

أمّا إذا لم تنفع معكم العلاجات الطبيعية، فثمة نصائح يفترض ألّا تغيب عن بالكم لحظة، بغض النظر عن عمركم وحالكم، وفيها وجوب تجنب الوقوف فترات طويلة، مع الأخذ في عين الإعتبار ضرورة أخذ فترات راحة متكررة عبر الجلوس، ورفع القدمين مدّة عشر دقائق.

نصيحة أخرى: لا تتجاهلوا آلام القدمين أو الركبتين أو الوركين أو تعب الساقين شبه الدائم، فهذا ربما إشارة إلى وجود أعراض خطيرة.

نصيحة ثالثة: حافظوا على وزن مثالي لأقدام صحية سليمة.

فلتشمل منذ الآن عنايتكم بأنفسكم، عنايتكم بأقدامكم، لأن أسئلة كثير من الأطباء الحاسمة قد تبدأ بسؤال مُحدَّد: هل تشعرون بآلام في القدمين؟

فهناك، في القدمين، تكمن أسرار صحّية كثيرة. 

ارسال التعليق

Top