◄النشر الرقمي مصطلح حديث بدأ استعماله في النصف الثاني من السبعينيات، من القرن الماضي، ولم يعره المتخصصون في المعلومات اهتمامهم إلا في بداية الثمانينات، حيث كثرت محاولات تعريفه، ولسنا بحاجة إلى تكرار هذه التعريفات، إنما نود أن نميز بين استخدام الإلكترونات في النشر، أي صناعة أوعية المعلومات وإدارة مراصد البيانات واستخدام الحاسب الإلكتروني، في تجميع الحروف وتنضيدها والطباعة بأشعة الليزر، وكذلك التقنيات البصرية Optical أو الوسائل الإلكترونية من جهة، والنشر الإلكتروني نفسه، من جهة أخرى، بمعنى إصدار أو بث أو طرح الكلمة المكتوبة للتداول بالوسائل الإلكترونية، وإذا جمعنا جانبي الصناعة والبث معاً، فإنّ النشر الإلكتروني يعني استخدام الناشر للعمليات المعتمدة على الحاسب الإلكتروني، التي يمكن بواسطتها الحصول على المحتوى الفكري وتسجيله وتحديد شكله وتجديده، من أجل بثه لجمهور بعينه، وعلى ذلك فإنّ النشر الإلكتروني ليس مجرد خطوة في سلسلة التطورات التي مرّت بها تقنيات النشر، منذ بدء الطباعة بالحروف المتحركة، بل يرتبط النشر الإلكتروني بعدد كبير من التقنيات كالتصوير الضوئي والهاتف والحاسبات الإلكترونية والأقمار الاصطناعية وأشعة الليزر، كما أنّ النشر الإلكتروني أكثر من مجرد نقل الأحرف إلى شاشة عرض أو إلى آلة طباعة، وهو أكثر من مجرد وسيلة لاختزان الوثائق واسترجاعها، فالنشر الإلكتروني يكفل إمكانية توفير كميات هائلة من المعلومات، في متناول المستفيد، وبشكل مباشر، سواء في منزله أو في مكان عمله، والحاسبات الإلكترونية بالنسبة للنشر الإلكتروني تعد أكثر من مجرد أجهزة للاختزان والتوزيع، فهي تمنح الناشر القدرة على الانتقاء والتوجيه، ويمكن أن تستخدم في تنظيم وإعادة تنظيم جميع أنواع المعلومات، لتيسير المعالجة في تجهيز النقل المطبوع والإلكتروني، فضلاً عن إعادة تجميع المعلومات في العديد من الأشكال، سواء على الخط المباشر ON LINE أو على أقراص CD أو أشرطة أو مصغرات فلمية (Microfilm) أو على الورق، وعلى ذلك فإنّ الناشر الإلكتروني يهتم بما يلي:
أ) الحصول على المعلومات وتجهيز البيانات ومعالجتها باستخدام الحاسبات الإلكترونية والشبكات الإلكترونية، ونظم التشغيل والبرمجة المتعلقة بها.
ب) اختزان المعلومات باستخدام وسائط الاختزان الإلكترونية كالأقراص المرنة والمضغوطة وغيرها.
ت) تجديد مراصد البيانات والمواقع الإلكترونية، بإضافة المعلومات وتحديثها فور إنتاجها.
ث) وضع المعلومات في الصيغ والأشكال التي تناسب المستفيد، باستخدام نظم الربط أو التعامل inter face كالتلفزيون، والمنافذ terminals والحاسبات متناهية الصغر والمخرجات الورقية.
ج) نقل المعلومات باستخدام شبكات الاتصال أو البريد، وقد أدت المزاوجة بين تقنيات الحاسبات الإلكترونية إلى ظهور أشكال جديدة من نظم بث المعلومات، مثل النصوص المرئية والنصوص البرقية يتم الإفادة منها عن طريق أجهزة التلفزيون المنزلي المعدلة ونظم النصوص المرئية التي تسمى أحياناً بنظم البيانات المرئية view data وهي عبارة عن وسيط تفاعلي يربط مراصد البيانات الإلكترونية الضخمة بأجهزة التلفزيون عن طريق شبكة الهاتف.
وقد أصبح مفهوم النشر الرقمي يرتبط بفكرة ما يسمى بالنظام اللاورقي، حيث يستعاض عن الورق، في جميع مراحل وأنشطة تداول المعلومات، بأشكال بديلة تعتمد على التقنيات المعاصرة، وقد بدأت هذه الفكرة تحظى بالاهتمام منذ منتصف السبعينيات، من القرن الماضي، وساعد على ترسيخها توافر المقومات التقنية الأساسية اللازمة لتنفيذها، وبالأخص الحاسبات الإلكترونية وشبكات الاتصال بعيدة المدى، والاسترجاع على الخط المباشر، والتوسع في استخدام الوسائط اللاورقية من الأفلام والأقراص وغيرها، في تسجيل المعلومات واختزانها.
وإذا كان من الممكن لهذه الأشكال البديلة أن تحل محل الورق في نظام الاتصال العلمي والمهني، حيث يمكن الاعتماد على المنافذ في المكاتب والمختبرات وغيرها من أماكن العمل.►
المصدر: كتاب دراسات في الإعلام الإلكتروني
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق