• ٢٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مسكنات للألم طبيعية ولذيذة

مسكنات للألم طبيعية ولذيذة

 هل تشعر بألم في ركبتيك؟ اشرب حليب الصويا، تُعاني ألماً في ظهرك؟ تناول سمك السالمون.

نعم، الأطعمة المناسبة يمكنها أن تخفف آلامك.

صحيح أنّه لا يوجد في العالم طعام واحد سحري يمكنه أن يوقف آلامنا المؤقتة منها والمزمنة، غير أنّ النظام الغذائي الصحي يشكل جزءاً مُهمّاً من استراتيجية مكافحة الآلام. ومن الطبيعي أن يحتوي مثل هذا النظام الغذائي على كمية وافرة من الخضار والفواكه، الزيوت الصحية غير المشبّعة والحبوب الكاملة. فهذه الأطعمة تساعد على تقوية العظام والعضلات، ومكافحة زيادة الوزن، وتعزيز الطاقة وتحسين الحالة الصحية العامة، ما يساعد على التعامل مع الألم بشكل أفضل.

وقد أظهرت الأبحاث، أن بعض الأطعمة تتمتع بقُدرات مُتميّزة في مكافحة الألم، لا تقل أهميةً عن قدرة مُسكّنات الألم الشائعة من أدوية ذات تركيبة كيميائية. ومع تكاثر الأدلة التي تشير إلى أنّ بعض هذه الأخيرة، قد تشكل خطراً على صحة الناس، أصبحت الأطعمة الخيار الأفضل لتخفيف الألم من دون أي تأثيرات جانبية سلبية. ويُجمع المتخصصون في علوم التغذية على القول، إنّ ما نأكله له تأثير كبير جدّاً في مستويات الألم التي نشعر بها في أجسامنا.

وهناك سلسلة طويلة من الأطعمة التي تُسهم في تخفيف الألم، بدءاً بالفواكه مثل العنب الأحمر والكرز، وانتهاء بالأعشاب العطرية والبهارات، مثل الكركم والزنجبيل، مروراً بالسمك والصويا وحتى القهوة. ونستعرض هنا أبرز هذه المنتجات:

 

1-    العنب الأحمر:

تحتوي هذه الفواكه ذات اللون الداكن على مادة تُدعى "ريزفيراترول"، وهي فاعلة في كبْح الأنزيمات التي تُسهم في انحلال وتَهتُّك الأنسجة. وكانت التجارب المخبرية التي أجريت في كلية راش للطب التابعة لـ"جامعة شيكاغو" الأميركية، قد أظهرت أن مادة الـ"يزفيراترول" تُساعد على الوقاية من تهتّك النسيج الغضروفي الذي يسبب ألم الظهر. وعلى الرغم من أنّ الأبحاث لا تزال في بدايتها، إلا أن لا يضرّنا أن نأكل كمية وافرة من الأطعمة الغنية بالـ"ريزفيراترول"، بما فيها ثمار العلّيق، مثل العنبيّة وتُوت الأرض، التي تحتوي، إضافةً إلى ذلك، على مضادات أكسدة أخرى.

 

2-    الزنجبيل:

يُستخدم الزنجبيل منذ زمن بعيد في علاج الاضطرابات الهضمية، وهو فعّال أيضاً في تخفيف الألم. ففي دراسة أجريت في "جامعة ميامي" الأميركية، استغرقت 6 أسابيع، تَبيّن أنّ ثلثي المرضى الذين يعانون آلاماً مُزمنة في الركبة، قالوا إنّ آلامهم خفّت بعد تناولهم خُلاصة الزنجبيل. كذلك قال الآخرون الذين تناولوا الزنجبيل الطازج، إنّهم شعروا بدرجة أقل من الألم بعد المشي، مُقارنةً بالآخرين الذين تناولوا علاجاً زائفاً، كما أنّهم احتاجوا إلى قدر أقل من مسكنات الألم التي اعتادوا تناولها. وتشير الأبحاث الحديثة، إلى أنّ الزنجبيل يساعد أيضاً على التخفيف من الآلام التي نشعر بها بعد ممارسة الرياضة. ويقول البروفيسور كريتوفر بلاك، الأستاذ المساعد في طب العلاج بالحركة في "جامعة ميلد جفيل" الأميركية، إنّ الزنجبيل يخفف الألم عن طريق كبح نشاط أنزيم يلعب دوراً رئيسياً في عملية حدوث الالتهابات. وهو ينصح بتناول ما بين ملعقتين صغيرتين وثلاث ملاعق صغيرة من الزنجبيل في اليوم. ويقول إنّ هذه الكمية ليست كبيرة، إذ يُمكننا بسهولة أن نُدخلها في أطباق الخضار أو الحساء، كما يمكن احتساء نقيع الزنجبيل.

 

3-    الصويا:

تُسهم إضافة الصويا إلى النظام الغذائي في التخفيف من آلام التهاب المفاصل العظمي بنسبة 30 في المئة. وقد أظهرت دراسة أجريت في "جامعة أوكلاهوما" الأميركية، أن تناول 40 غراماً من بروتين الصويا يومياً لمدة 3 أشهر، ساعد على خفض كمية مسكنات الألم التي يتناولها المرضى إلى النصف. ويكمن السر في الـ"إيزوفلافونات" الموجودة في الصويا، وهي هُرمونات نباتية تتمتع بخصائص مضادة للالتهابات. ويقول المشرف على الدراسة البروفيسور باهرام أرجماندي، الذي يشغل الآن منصب أستاذ التغذية والعلوم الرياضية في "جامعة فلوريدا"، إنّه في إمكاننا أيضاً تناول التُّوفو، حليب الصويا، حبوب فول الصويا، فكلها خيارات جيدة. ويجب على المريض أن يكون صبوراً، فمفعول الصويا يتطلب أسبوعين أو ثلاثة أسابيع كي يظهر.

 

4-    الكركم:

أظهرت دراسة تايلاندية حديثة، أنّ الكركم الذي يُستخدم خاصة في الأطباق الهندية، يُكافح ألم التهاب المفاصل الرثياني بمثل فاعلية الأدوية الشائعة. كذلك تَبيّن في أبحاث مخبريّة أجريت على الفئران في "جامعة أريزونا" الأميركية، أنّ الكركم يُساعد على الوقاية من تدهور حالة المفاصل بسبب مرض التهاب المفاصل.

ويعمل الكركم على كبح نشاط بروتين يُسهم في إطلاق الالتهابات في الجسم، ما يؤدي إلى آلام في المفاصل. وتَبيّن أنّ الكركم يُفيد أيضاً في التخفيف من اضطرابات المعدة وآلام الرأس وآلام الحيض. وتنصح المتخصصة الأميركية الدكتورة جانيت فانك، بإضافة ملعقة صغيرة من الكركم إلى الأطباق بشكل مُنتظم لجني أكبر الفوائد، كما يمكن تذويب مقدار ملعقة صغيرة من الكركم في كوب من الحليب أو الماء واحتساؤه.

 

5-    الكرز:

يحتوي الكرز على كمية كبيرة من نوع من مضادات الأكسدة يُدعى "أنثوسيانين"، يمنح الكرز خصائصه المكافحة للألم. وفي دراسة أجرتها وزارة الزراعة الأميركية، تَبيّن أنّ الأشخاص الذين كانوا يأكلون 45 حبة كرز في اليوم لمدة 28 يوماً، نجحوا في التخفيف من مستويات الالتهابات لديهم بشكل ملحوظ. وفي دراسة مخبرية أجريت في "جامعة جونز هوبكينز"، تَبيّن أنّ الـ"أنثوسيانين" يُمكن أن يقي ألم التهاب المفاصل. وفي الدراسات التي أجريت في "مؤسسة أبحاث بايلور" في دالاس، تبيّن أن تناول أقراص تحتوي على خلاصة الكرز لمدة 8 أسابيع، يخفف الألم ويُحسّن أداء المفاصل لدى 50 في المئة من مرضى التهاب المفاصل العظمي. كذلك تبيّن في دراسة أجريت في "جامعة فيرمونت" الأميركية، أن شرب عصير الكرز يخفّف من آلام العضلات التي يُعانيها الناس بعد ممارسة الرياضة. وأظهر البحّاثة البريطانيون، أنّ 90 في المئة من الرياضيين الذين شربوا عصير الكرز، قبل وبعد التدريبات الرياضية القوية، قالوا إنّهم استعادوا كامل قوّتهم العضلية بعد 24 ساعة. ويقول العلماء، إنّ الكرز يقي آلام العضلات بفضل مضادات الأكسدة الموجودة فيه، والتي تكافح الالتهابات وتخفّف من أضرار الأكسدة التي تلحق بالعضلات بعد ممارسة الرياضة. وتجدر الإشارة إلى أنّ الـ"أنثوسيانين" المخفف للألم، موجود أيضاً في التوت الأسود، توت الأرض، والفراولة.

 

6-    القهوة:

ليس مستغرباً أن يحتوي العديد من أدوية الرشح وألم الراس على الكافيين. فقد أظهرت الدراسات أنّ الكافيين يُعزز مفعول مسكنات الألم الشائعة مثل الأسبرين. غير أنّ المعلومات الحديثة تُشير إلى أنّ الكافيين يتمتع بخصائص مُخفّفة للألم في حد ذاته، على الأقل عندما يكون هذا الألم مرتبطاً ببذل الجهد البدني والرياضة. فقد أظهر البحّاثة في "جامعة جورجيا" الأميركية، أن جرعات معتدلة من القهوة، ما يُعادل فنجانين، تخفف من الآلام الناتجة عن ممارسة الرياضة بنسبة 50 في المئة.

من جهة ثانية، يُسهم الكافيين أيضاً في تعزيز قدرتنا على ممارسة الرياضة. فهو يرفع من عتبة الألم لدينا، ما يُسهّل علينا ممارسة الرياضة وقتاً أطول وبشكل أقوى ممّا يُمكننا أن نفعل من دون احتساء القهوة. ولكن، لا يجب المبالغة في تناول القهوة، تفادياً للنتائج السلبية المترتبة عن ذلك. ويقول بلاك، إنّه يمكننا أن نحتسي فنجاناً من القهوة في طريقنا إلى النادي الرياضي. فهناك أدلة كثيرة تُشير إلى أنّه يجعل عضلاتنا أفضل حالاً.

 

7-    السمك:

أحماض "أوميغا/ 3" الدهنية الموجودة في السمك، والتي تُعزز صحة القلب، تُسهم أيضاً في تخفيف الألم والالتهابات، خاصةً في حالات الإصابة بالتهاب المفاصل وآلام الرأس النصفية، وحتى في حالات آلام الرقبة والظهر المزمنة. فقد تبيّن في دراسة أجريت في "جامعة بيتسبرغ" الأميركية، أن 60 في المئة من المشاركين الذين يعانون هذه الآلام، شعروا ببعض الارتياح بعد تناولهم زيت السمك لمدة 3 أشهر، وتخلّت نسبة مماثلة بينهم عن تناول مسكنات الألم بالكامل. ويقول الدكتور جوزيف مارون، أستاذ العلوم العصبية في "جامعة بيتسبرغ" الأميركية، وأحد المشرفين على الدراسة، إنّه يمكن الاستعاضة عن الأدوية بأقراص زيت السمك، فهو مضاد قوي للالتهابات من دون أي تأثيرات جانبية. وهو ينصح بتناول ما بين وجبتين و4 وجبات في الأسبوع من الأسماك الدهنية، مثل: السالمون، السردين والترويت، التونة، وهي جميعها غنية بأحماض "أوميغا/ 3" الدهنية. يمكن لمن لا يحب السمك أن يتناول أقراصاً من زيت السمك. لكن يجب على الأشخاص الذين يتناولون أدوية لتسييل الدم، أن يستشيروا طبيبهم قبل تناول أقراص أحماض "أوميغا/ 3"، لأنها يمكن أن تزيد من مفعول هذه الأدوية.

وإضافةً إلى أحماض "أوميغا/ 3" الدهنية، فإن سمك السالمون غني بفيتامين (D)، الذي أظهرت الدراسات أنّ هناك علاقة بين انخفاض مستوياته ومعاناة الآلام المزمنة. ويحتوي 90 غراماً من سمك السالمون على نصف حاجتنا اليومية تقريباً من هذا الفيتامين.

 

8-    زيت الزيتون:

أظهرت الدراسات التي أجراها البحّاثة في "جامعة بنسلفانيا" الأميركية، وأخرى في أستراليا، أن زيت الزيتون غني بمادة كيميائية تدعى "أوليكانثال"، وهي مادة طبيعية مضادة للالتهابات، وتتمتع بخصائص مشابهة لخصائص الأدوية المضادة للالتهابات والمسكنة للألم. وتنصح المتخصصة الأسترالية في علوم التغذية في "جامعة لا تروب"، كاثرين اتسيوبولوس، بتناول ملعقة طعام من زيت الزيتون ذي النوعية الجيدة يومياً. ويُفيد زيت الزيتون في علاج آلام الحنجرة والوقاية منها. ومادة الـ"أوليوكانثال"، هي التي تمنح الزيت تلك النكهة الحدّة المتميّزة، وكلما كانت نكهة الزيت أقوى، ازدادت فاعليّته في علاج الرشح والإنفلونزا. وتضيف اتسيوبولوس، أن زيت الزيتون يمكن أن يساعد على التخفيف من خطر الإصابة بمرض القلب وبعض أشكال السرطان. كما أنّه يساعد الجسم على تعزيز أوليات الدفاع الطبيعية لديه، بما في ذلك مكافحة الجراثيم والالتهابات.

إضافةً إلى ذلك، فإن زيت الزيتون غني بالـ"بوليفينولات" التي تساعد على كبح أواليّة شائعة مُسبّبة للألم في الجسم. وينصح الخبراء بالاستعاضة عن الزبدة الغنية بالدهون المشبعة بتناول زيت الزيتون. فالإكثار من الدهون المشبعة يُضعف العظام ويسبب الألم.

 

9-    القرفة:

تتمتع القرفة بخصائص مضادة للأكسدة، وهي تقي الضرر الذي يلحق بالخلايا، نتيجة ارتفاع مستويات سكر الدم. وقد تبيّن أنها تساعد على التخفيف من آلام الحيض ومن تشنّجات المعدة. وينصح الخبراء بتناول ما بين نصف ملعقة صغيرة وملعقة صغيرة من مسحوق القرفة في اليوم. ويمكن إضافتها إلى الحليب أو اللبن، كما يمكن احتساؤها على شكل نقيع. وتقول اتسيوبولوس، إنّ القرفة تُنشّط الدورة الدموية، ما يجعلها ممتازة لتخفيف الآلام المرتبطة بخمول الدورة الدموية. وهي تُسهم أيضاً في الوقاية من قرحة المعدة، التهاب المسالك البولية، الإصابة بالفطريات، نخر الأسنان، ومرض اللثة.

ارسال التعليق

Top