• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

فوائد الصيام.. كثيرة لا تحصى

عمار كاظم

فوائد الصيام.. كثيرة لا تحصى

في الصيام فضل عظيم وهو غفران ما تقدم من الذنوب، كما ورد في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه»، وفيه أيضاً الكثير من الفوائد، منها:

- تأصيل شكر النِّعمة في نفس الصائم: إنّ امتناع الصائم عن الطيِّبات التي أحلها الله له، يجعله يشعر بقيمتها الحقيقية، فيدفعه هذا الشعور إلى تأصيل شكر الله المنعم في نفسه، ويستفيد الشاب المسلم من تأصيل صفة الشكر في نفسه، وتعويدها عليه، في معاملاته وعلاقاته بالناس؛ فيقوم بشكرهم عندما يقدمون له خدمة، أو يطرحون عليه رأياً، أو يسدون إليه نصيحة، وهذا الشكر يجعل العلاقات بين الناس سوية ومرغوبة، وفي ذلك خير كبير لهم، حيث يخرجون من دائرة غير الشاكرين لله سبحانه وتعالى، يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَن لم يشكر الناس لم يشكر الله عزّوجلّ».

- التحكم في النفس: النفس عندما تتعوّد على شيء تألفه، ويصعب عليها تركه، إلّا بالتحكم فيها، والعمل بمرونة كبيرة على كسر حدتها، فإنّ النفس - كما يقولون - إذا شبعت بطرت، وإن جاعت تواضعت لخالقها سبحانه وتعالى، وأحسنت التعامل مع مَن هم تحت إمرتها ومع الناس أجميع، وبخاصّة عندما يلتزم الصائم بأخلاق الصيام التي دعا إليها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ حيث قال: «فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو خاصمه فليقل إنّي امرؤ صائم»، وفي هذا تدريب عملي ذو فائدة كبيرة للشاب المسلم على كيفية التحكّم في نفسه، وتغيير عاداته التي تعوّد عليها، سواء كانت متعلقة بشهوات، أو بصفات أخلاقية، أو عادات محبطة مثل: التسويف، والضجر، والغضب، وسرعة الحكم على الأقوال والأفعال، وردة الفعل.. إلخ.

- صفاء الذهن، وسلامة التفكير: إنّ الصيام يؤدي إلى صفاء الذهن، فكثرة الأكل تؤدي لكسل الجسم، وبلادة في التفكير وميل إلى النوم، وهذا في غير صالح المسلم عامّة - والشباب منهم خاصّة - وبالدليل القاطع والحجة القوية، إنّ قوّة البدن ليست بكثرة الطعام، بل إنّ كثرة الطعام والاستسلام لشهوة البطن، تصيب البدن بأمراض كثيرة أهمها السمنة وآثارها المدمرة على كثير من أعضاء الجسم، وأهم هذه الآثار ما يصاب به الذهن من كسل وخمول، والرغبة في النوم، حيث تسحب المعدة الممتلئة بالطعام كميات كبيرة من الدم، مؤثرة بذلك على أعضاء الجسد الأخرى - بما فيها المخ - لتوفر الطاقة الكافية لعملية الهضم.

إنّ تعوّد المسلم بعد انقضاء شهر رمضان على التقليل من الطعام، وتحكمه في شهوة البطن، يعود عليه بالنفع الكبير من سلامة وصحّة بدنه، وسلامة وصحّة وصفاء ذهنه، ممّا ينعكس على تفكيره، وإنتاجيته، وفي ذلك خير له ولمجتمعه، ووطنه.

- ترشيد وتهذيب الغريزة الجنسية: إنّ الصيام يعمل على كسر حدّة الشهوات والمعاصي في نفس المسلم، فهو يرشد المادّة الأساسية للقوّة والشهوة وهي: الغذاء، فالصوم يخفف من حدّة الشهوة الجنسية - خاصّة عند الشباب - وما يتبعها من ذنوب ومعاص، ولهذا دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الشباب الذين لا يقدرون على الزواج أن يصوموا، فقال: «يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوّج، فإنّه أغض للبصر، وأحصن للفرج ومَن لم يستطع فعليه بالصوم فإنّه له وجاء». والحكيم لا يفهم من دعوة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) للشباب بالصوم بأنّ الصوم يضعف الشهوة الجنسية، بل هي دعوة بأن ينشغل الشباب بالعبادة عن الانشغال بالتفكير بالشهوة الجنسية، وما قد يتبعها من الوقوع في جريمة الزنى الكبرى، أو جرائم زنى الحواس الأخرى: العين بالنظرة، أو اليد باللمس.. إلخ.

- تنظيم وانضباط وظائف أعضاء الجسم: فسبحان الخالق العظيم، الذي يعلم ولا نعلم، ويقدر ولا نقدر، والذي لا يفرض علينا فرضاً إلّا وفيه صالحناً المطلق، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «صوموا تصحّوا».

- الفوائد البدنية والنفسية: يتمتع الصائم بكثير من الفوائد البدنية والنفسية، فالصلاة وقيام الليل، هما عبارة عن رياضة نفسية تعمل على سموِّ الروح، وهما أيضاً رياضة بدنية تخفف عن الصائم الإحساس بتعب المعدة الذي يحصل من جراء الأكل بعد صوم يوم طويل، أو من جراء الإفراط في تناول الطعام، وفي هذا تعويد للشباب - وغيرهم - على ممارسة الرياضة، والحفاظ عليها بعد رمضان: ليكتسبوا جسماً سليماً قوياً، معافىً من الناحية البدنية، وكذلك تعويد النفس والبدن على قيام الليل في غير أيام رمضان؛ لما لها من أثر عظيم، وفائدة كبيرة على الحالة النفسية الروحية والتي تستمدها من قربها من الله سبحانه، بطول السجود، والخضوع والتذلل إليه. كلّ هذا يسمو بالروح، ويملؤها صفاء ونوراً وحباً متبادلاً لكلّ ما حولها، وفي هذا السعادة الحقيقية التي يفوز من خلالها المسلم بخيري الدنيا والآخرة.

ارسال التعليق

Top