• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

روحانية الدعاء في الشهر الفضيل

عمار كاظم

روحانية الدعاء في الشهر الفضيل

عندما ينطلق الإنسان مع ربه في مناجاة شاعرية عذبة، مناجاة خالصة لوجه الله، عندئذ تسمو النفس الإنسانية أمام ربها في روحانية الدعاء وقدسية الموقف، ذلك الموقف الذي تقفه أمام بارئها بين الخوف والرجاء، واثقة بعفو الله ورحمته، عندئذ يتحول طلقها من ضميرها المجهول إلى اطمئنان وثقة وإيمان بعفو الله ورحمته، وبعد ارتفاع هذا الجوّ الروحي وهذا السمو الإنساني يشعر الداعي بمسؤولية عن المعاني الطيبة التي يشيعها هذا الجو الروحي في نفسه المؤمنة. فيعد الدعاء في شهر رمضان أحد شعائر العبادة التي أرادها الإسلام في هذا الشهر وذلك لنشارك في خلق هذه الأجواء الروحية التي يبنى فيها الإنسان شخصيته بين يدي الله تعالى.

ففي دعاء الافتتاح:

«اللّهمّ انّا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة».

انّها كلمات تنطلق من قلب مؤمن يعيش آمال وآلام الأُمّة الإسلامية في العصر الحاضر وفي كلِّ عصر تفشى فيه الظلم في أوساط الأُمّة الإسلامية. فهو يدعو بأن تتكون دولة إسلامية هدفها عزة الإسلام والمسلمين وإذلال النفاق والمنافقين أي احقاق الحقّ ودحض أو ازهاق الباطل.. ويسأل الباري أن يكون هو أحد المشاركين والساعين في هذا الهدف المنشود تحقيقاً لرضوان الله تعالى. فهذا يبين انّ الدعاء الحقيقي الخالص لوجه الله كيف انّه له علاقة بالحياة العامة والخاصة.

وفي دعاء أبي حمزه الثمالي:

«أو لعلك رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني».

هنا يبين الداعي بأنّ أحد الأسباب التي تبعده عن الله تبارك وعلا هي البيئة أو المجتمع أو الجماعة التي يسودها الكسل وتنتشر فيها البطالة كما تبعده عن الحياة ظاهرة الجادة الهادفة، الأمر الذي ينبغي له معه أن يرفض تلك البيئة، ويتحول إلى بيئة أخرى يسودها العمل والجد والاجتهاد. وانّ الدعاء بصورة عامة هو التعبير الحي عن شعور الإنسان بحاجته الدائمة والملحة إلى الله في جميع أموره، واعترافه الخاضع بصفة العبودية التي تتمثل الإحساس بالارتباط العميق بالله وانّ هذا الإايمان الحي لا يتحقق بدون هذا الشعور وهذا الإحساس إذ لا معنى للإيمان بالله إلاّ اإاحساس بالقدرة الخالقة التي لا تقف عند حد، والقوة المطلقة التي لا تنتهي إلى غاية مقابل عجز الإنسان وضعفه الذي لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً إلاّ بالله. إذن فأنّ حاجتنا إلى الدعاء تتمثل في حاجتنا إلى التعبير عن هذا الإيمان، والعمل على استمراره داخل النفس حياً نابضاً بالحياة، يحدد للانسان إيمانه ويركز ثقته بالله. وانّ الدعاء مخ العبادة لأنّه التعبير الحي عن معنى العبودية والخضوع والخشوع الذي يتمثل في العبادة وبدونه تصبح العبادة جسداً بلا روح.

إذن فمن شهر رمضان شهر القرآن..

1 - يصنع إنسان القرآن.

2 - إنسان التقوى، والعلم والأخلاق.

3 - يصنع إنسان الصبر والاستقامة والحلم والمحبة.

4 - ويصنع إنسان العطاء.

5 - يصنع إسان التخلق بأخلاق الله في شهر الله.

6 - يصنع إنسان المسالمة مع عباد الله والمواجهة مع أعداء الله.

ارسال التعليق

Top