• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

رسالة الحق في خط الإمام المهدي(عج)

عمار كاظم

رسالة الحق في خط الإمام المهدي(عج)

في الذكريات الإسلاميّة، ولا سيما ذكرى مولد الإمام المهدي (عج)، لا بد لنا من أن نعيش في معنى هذه الذكرى انطلاقات المستقبل، لأنه أمل المستقبل، ولأن ثورته وتطلعاته تنفتح على عنوان كبير، هو عنوان الرسالات، فقد انطلقت الرسالات كلها من قاعدة العدل، فالدين في معناه الحركي، في معنى الإنسان المنفتح على الله، يساوي العدل، فأن يكون لك دين، يعني أنك عادل، لأن الدين في معناه الأعمق يقوم على أساس الحق. وفي القرآن الكريم، هناك آية تقول: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ) (الحج/ 6)، فالله هو الحقّ، والدين يتحرّك في سر هذا الحق، ليجعل العقل حقاً في فكره، وليجعل القلب حقاً في نبضاته السّلبية والإيجابيّة، وليجعل الحركة في الكيان حقاً في علاقتها بالنّاس وبالأشياء وبالحياة، وليجعل النّاس مجموعة تتعاون بالحقّ، وتتكامل بالحقّ، وتؤكّد الحقّ في الحياة.

والعدل هو أن تعطي لكلّ ذي حقّ حقّه، بأن تدرس حقوق الناس، وحقوق الحياة، وحقوق نفسك، وقبل ذلك، حق الله سبحانه وتعالى، فتعطي لكلّ ذي حقّ حقّه. وكلمة العدل تختصر في حركيّتها كلمة الحق، ولذلك، فأن تصلّي وتصوم وتحج، ولا تعطي الناس حقوقهم فيما لهم عليك من حقوق، فأنت لست بصاحب دين، لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ومنع الإنسان حقّه من أكبر المنكرات. وهكذا الصوم الذي هو طريق التقوى، وأيّ تقوى لك إذا كنت لا تعدل في علاقتك بالناس الذين يتمثل حقهم في عدلك؟!

نحن نعيش حضوره، لأنه ترك لنا كلّ خلاصة الأئمة من أهل البيت (ع)، ولذلك، فإننا في الدّعاء، نقرأ في ظهوره ظهور الدين: "اللّهمّ أظهر به دينك، وسنّة نبيّك عليه وآله السّلام، حتّى لا يستخفي بشيء من الحقّ، مخافة أحد من الخلق"، فالمسألة هي أن يظهر به الدّين.

أنّ رسالته لنا، هي أن نعمل على أساس أن نظهر هذا الدّين للنّاس، أن نتحوّل إلى دعاة إلى طاعة الله تعالى في مثل حالة الطوارئ، أن لا ننتظر انتظار الناس الّذين يعيشون الاسترخاء واللامبالاة واللّغو في كلماتهم. إنّنا نقرأ في دعاء الافتتاح في الشّهر المبارك: "اللّهمّ إنّا نرغب إليك في دولة كريمة، تعزّ بها الإسلام وأهله، وتذلّ بها النّفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدّعاة إلى طاعتك ـ اجعل نفسك داعية إلى طاعة الله فيما تنمّي به طاقاتك في عقلك، أن يعيش عقلك الإسلام كلّه، وأن ينفتح قلبك على الخير كلّه، وأن تنطلق حركتك من أجل العدل كلّه والحقّ كلّه ـ وتجعلنا فيها من الدّعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك"، أن يبني كلّ واحد منكم نفسه، ليجعل منها مشروع قائد في المسألة الثقافيّة والاجتماعيّة والسياسيّة والأمنيّة، أن تكون مشروع قائد، حتى إذا سقط القائد في المعركة في أيّة مرحلة من المراحل، كان هناك ألف مشروع قائد يجعل المعركة تتحرّك في خطّ القيادة.

ارسال التعليق

Top