• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

دور المعلم في غرس القيم والصفات النبيلة

عمار كاظم

دور المعلم في غرس القيم والصفات النبيلة

يحتفل بيوم المعلم العالمي سنوياً في 5 أكتوبر منذ 1994، للإشادة بدور منظمات المعلمين حول العالم. كما إنّ أكثر من 100 بلد يحتفل بيوم المعلم العالمي..

قال الشاعر:

قُــمْ لـلمعلّمِ وَفِّـهِ الـتبجيلاً

كـادَ الـمعلّمُ أن يـكونَ رسولاً

لأعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي

يـبني ويـنشئُ أنـفساً وعقولاً

أبيات من قصيدة أحمد شوقي "قم للمعلم" خير مقدمة لتقديم الثناء والشكر لكلّ الأنامل الذهبية والعقول الخلّاقة التي تبني النفوس قبل العقول.. فهذه الأبيات كفيلة بأن تظهر لنا مدى أهمية مكانة المعلم في تكوين المجتمعات، فهو المنشىء لتلك الأجيال، وهو مرشدهم الذي سيمسك بأيديهم ويهديهم بعلمه وحكمته الصراط المستقيم، هو المقوّم لأخطائهم، هو الأب الروحي لهم، هو النموذج التي سيتخذ منه أطفالنا يوماً ما قدوة لهم بحسن أخلاقه وسعة مداركه وشدة حزمه التي يتخلّلها فيض من الرحمة والحب خوفاً منه على هذه الأجيال الماثلة أمامه. قال الله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة/11)، وهذا دليل خالص على أنّ الله قدر أهل العلم وجعل لهم مكانة خاصة، ما ما يفعلونه من شيء عظيم فهم ينشرون العلم الذي ابتدأ القرآن بذكره، فبذلك يكون كلّ معلم ومعلمة يحملون على عاتقهم رسالة عظيمة قادرة على خلق مجتمع صالح، ولذلك فليفتخر كلّ معلم ومعلمة بما يقدمونه من فعل عظيم، وأن يسعى كلّ واحد منا على إعطاء المعلمين المكانة التي يستحقونها وتليق بهم. مهما بلغ الحبّ مداركه في قلبي لكلّ معلم عرفته يوماً فلن استطيع أن أفي كلاً منهم حقّه كما يجب، ففي حضرتهم يعجز اللسان عن الكلام، وتعجز الكلمات عن الوصف، ويعجز القلب عن التوقف عن احترامهم وحبهم وتقديرهم لما فعلوه يوماً من أجلنا ومن أجل تميّزنا وتقدّمنا، كما يعتبرأحد الأركان الأساسية التي يتمّ من خلالها بناء المجتمع الصالح وتقدّمه وتطوّره، من خلال سعيه إلى تعليم أطفال هذا المجتمع وإنشائهم نشئة سليمة صالحة، لذلك ما كان منّا إلّا أن نسعى إلى الاحتفال بهم تقديراً لكلّ ما قدموه من مجهود تجاهنا ولذلك كان (الخامس من أكتوبر) من كلّ عام هو (اليوم العالمي للمعلم) الذي يحتفل به سنوياً بجميع المعلمين الذين عرفناهم يوماً احتراماً، وحباً، وتقديراً، واعترافاً منّا بالجميل الذي اسدوه يوماً ما إلينا، ويعود الفضل في الانتشار السريع والوعي العالمي بهذا اليوم إلى منظمة إديوكشن إنترناشونال، التي عملت على اتخاذ موقف لأجل مهنة التدريس من خلال توفير التدريب الملائم للمعلمين، والتنمية المهنية المستمرة لهم، وحماية حقوقهم. فالمعلم هو الشخص الوحيد في هذا العالم الذي حمل على عاتقه مسؤوليّة إيصال العلوم والمعارف المختلفة إلى باقي الناس، وتعتبر مهنة التعليم من أقدم المهن التي عرفتها البشرية، إذ كان أوّل من مارسها هم الكهنة الذين كانوا موجودين في العصور الغابرة، بحيث كانوا يقومون بتعليم الآخرين وتثقيفهم، إلا أنّ أعظم المعلمين الذين شهدتهم البشرية فهم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، فقد قاموا بدور عظيم في هذه الحياة، فهم الذين دلوا البشر على الطريق الصحيح والقويم والعقيدة الصحيحة، وعلموهم توحيد الله عزّوجلّ وحده لا شريك له، وهم الذين أخرجوا البشر من ظلمات الجهل والجاهلية إلى نور الهداية، كما أنّهم خلقوا معلمين من بعدهم عملوا على نقل رسالاتهم عبر الأجيال المختلفة. المعلم من أسمى وأنبل الأشخاص في هذا العالم، لدوره العظيم الذي يقوم به في المجتمع، بحيث إنّ دوره لا يقلّ أبداً عن دور المهنيين الآخرين كالأطباء، والمهندسين، والصيادلة وغيرهم، بل على العكس فإنّه لولا المعلم لما كانت المعرفة لتصل إليهم حتى يصبحوا على ما هم عليه الآن، ودور المعلم لا يقتصر فقط على إيصال المعرفة لطلابه، بل إنّه يقوم بتعليم طلابه الأخلاق الحميدة، كما يهذّب طباعهم ويجعلهم أكثر إيجابية في هذه الحياة، وبالتالي فإنّه يخلق مجتمعاً واعياً ومواكب لكلّ ما هو جديد.

ارسال التعليق

Top