• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

دعاء أيّام الشهر المبارك

محمد عبدالله فضل الله

دعاء أيّام الشهر المبارك

كثيرة هي الأدعية المذكورة التي ندعو بها في هذا الشهر الفضيل، ويستحب التوجه بها إلى الله تعالى، حيث يسرح ذهن الصائم في كلّ المعاني التي تقرّبه من الحقّ تعالى، وتنعكس خيراً ونفعاً على روحه وتصرّفاته.

مَن منّا لم يخطئ؟ ومَن منّا سلم من وساوس الشيطان ولم يبتعد عن مواطن رحمة الله وسبيله؟ ويبقى الأمل للإنسان قائماً، بأن يعود إلى نفسه، ويقف موقفاً فيه كلّ العزّة والكرامة بين يدي الله تعالى، يدعوه ليوفّقه في أيّامه، كي يتوب ويعود إلى طريق الهدى والفلاح.

والدُّعاء سلاح المؤمن، ينفتح على كلماته ودلالاته بوعي، يغوص فيها مُعتبراً ومُعلناً ندامته وتوبته، راجياً فضل ربّه ورحمته.

ومن الأدعية التي يُستحب الابتهال بها إلى الله عزّوجلّ في أيّام شهر رمضان المبارك جميعها، ما رَواه أحمدُ بنُ محمّدٍ، عن عليِّ بنِ الحسينِ، عن جعفرِ بنِ محمّدٍ، عن عليِّ بنِ أسباطٍ، عن عبدِالرحمنِ بنِ بَشِيرٍ، عن بعضِ رِجالِهِ، أنّ عليَّ بنَ الحسينِ (ع) زين العابدين كان يدعو بهذا الدُّعاءِ في كلِّ يومٍ من شهرِ رمضان :

"اللّهُمّ إنّ هذا شهرُ رمضانَ، وهذا شهرُ الصِّيامِ، وهذا شهرُ الإنابةِ، وهذا شهرُ التوبةِ، وهذا شهرُ المَغفِرةِ والرحمةِ، وهذا شهرُ العِتقِ من النّارِ والفوزِ بالجنّةِ .

اللّهُمّ فَسَلِّمهُ لِي وتَسَلَّمهُ منِّي، وأعِنِّي عليهِ بأفضلِ عَونِكَ، ووَفِّقني فيهِ لطاعتِكَ، وفَرِّغْنِي فيهِ لِعبادتِكَ ودُعائِكَ وتِلاوةِ كِتابِكَ، وأعظِمْ لِي فيهِ البركةَ، وأحسِنْ لِي فيهِ العاقبةَ، وأصِحَّ لِي فيهِ بَدَنِي، وأوسِعْ فيهِ رِزقِي، واكفِنِي فيهِ ما أهَمَّنِي، واستَجِبْ لِي فيهِ دُعائِي، وبَلِّغنِي فيهِ رَجَائِي .

اللّهُمّ أذهِبْ عنِّي فيهِ النعَاسَ والكسلَ، والسَّأْمةَ، والفَترَةَ، والقَسوَةَ والغَفلَةَ، والغِرَّةَ .

اللّهُمّ جَنِّبنِي فيهِ العِلَلَ والأسقَامَ، والهُمُومَ والأحزانَ، والأعرَاضَ والأمراضَ، والخَطَايَا والذنوبَ، واصرِفْ عنِّي فيهِ السُّوءَ والفَحشاءَ، والجَهدَ والبَلاءَ، والتَّعَبَ والعَناءَ، إنّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ.

اللّهُمّ أعِذنِي فيهِ من الشيطانِ الرَّجيمِ، وهَمزِهِ ولَمزِهِ، ونَفثِهِ ونَفخِهِ، ووَسوَاسِهِ وكَيدِهِ، ومَكرِهِ وحِيَلِهِ، وأمَانيِّهِ وخُدَعِهِ، وغُرُورِهِ وفِتنَتهِ، ورَجلِهِ وشَرَكِهِ، وأعوانِهِ وأتباعِهِ، وأخدَانِهِ وأشياعِهِ، وأولِيائِهِ وشُرَكَائِهِ، وجمِيعِ كَيدِهِم.

اللّهُمّ ارزُقنِي فيهِ تَمامَ صِيامهِ، وبُلُوغَ الأملِ في قِيامِهِ، واستِكمَالَ ما يُرضِيكَ فيهِ، صَبراً وإيماناً، ويَقِيناً واحتِسَاباً، ثمّ تَقبَّلْ ذلكَ منَّا بالأضعَافِ الكثيرَةِ، والأجرِ العظِيمِ .

اللّهُمّ ارزُقنِي فيهِ الجِدَّ والاجتهادَ، والقوّةَ والنشاطَ، والإنابةَ والتوبَةَ، والرَّغبةَ والرَّهبَةَ، والجَزَعَ والرِّقَّةَ، وصِدقَ اللِّسَانِ، والوَجَلَ منكَ، والرَّجاءَ لكَ، والتَّوكُّلَ عليكَ، والثقةَ بكَ، والوَرَعَ عن مَحَارِمِكَ بصالحِ القَولِ، ومَقبُولِ السَّعي، ومَرفُوعِ العَملِ، ومُستَجابِ الدُّعاءِ، ولا تَحُلْ بيني وبين شي‏ءٍ من ذلكَ بعَرَضٍ ولا مرضٍ، ولا همٍّ ولا غمٍّ، برحمتِكَ يا أرحَمَ الرَّاحمينَ" .

وفي هذا الدُّعاء الكثير من الدروس التي نتعلَّمها، والتي تفتح قلوبنا على آفاق الخير والرحمة، فهذا شهر العودة الصادقة إلى الحقّ تعالى، وشهر التوبة والسعي لنيل المغفرة والرحمة، وممارسة التقوى وتأكيدها في حياتنا، بما تعنيه من نوايا مخلصة وإحساس بالمسؤولية.

فالدعوة إلى الله تعالى أن ينير قلوبنا ويفتح طريقنا أمام كلّ برٍّ وخيرٍ، وأن يوفّقنا لطاعته، وأن يعيننا جسدياً ومعنوياً على إحياء الشهر الكريم بتلاوة الكتاب المجيد، وأن يوسِّع في رزقنا الحلال، ويدفع عنا وعن أهلنا البلاء والأذى، وأن يبعدنا عن مواطن الغفلة والقسوة في الشعور والتصرّف، وعن مواطن الانحراف والفساد والضياع، وأن يصرف عنّا وساوس الشيطان وكيده وألاعيبه وتسويلاته، ومَن كان من أزلامه من شياطين الإنس والجنّ.

اللّهُمّ ندعوك، وكلّنا أمل ورجاء، أن تسمع دعاءنا، بأن ترزقنا الاجتهاد والعافية في إحياء شهرك الفضيل بما تحبّ وترضى، بقلوب طاهرة، ونيات حسنة، ويقين واحتساب وإيمان، متسلّحين بالوعي في مجانبة محارمك والورع عنها، فأنت مَن يستجيب الدُّعاء، ويقبل الأعمال ويرفعها، إنّك أنتَ أرحم الراحمين.

ارسال التعليق

Top