• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

ثقافة التعايش وفقه الحوار

ثقافة التعايش وفقه الحوار

حين يصبح التعصّب والتطرّف والعنف والإرهاب، بجميع أشكاله وألوانه ومبرّراته ودوافعه، خطراً يهدّد البشرية برمّتها، فإنّ هذا الخطر يكون مضاعفاً في المجتمعات والأمم النامية التي تعاني الاحترابات والنزاعات والصراعات، الأمر الذي سينعكس على تنميتها وتقدّمها، فما بالك بتعرّضها لتحدّيات خارجية أيضاً، تلك التي تحاول زرع الفتن، وإشعال الحروب الأهلية والإقليمية وتغذية كلّ ما من شأنه إثارة روح الكراهية والشقاق بينها، خصوصاً باستهداف المناطق الرخوة والخاصرات الهشّة التي تزيد الهوّة عمقاً بما يؤدي إلى التباعد والتنافر والتناحر، وحتى الحروب والنزاعات الإثنية، والدينية، والطائفية، تلك التي باتت منتشرة في شرقنا الأدنى والأوسط.

ولم تقتصر تلك الصراعات الدموية على فئة، أو مجموعة، أو شعب، أو أمة، أو قومية، أو دولة، أو جغرافيا، أو لغة، أو دين، أو طائفة، بل أصبح الجميع من ضحاياها، ووقوداً لها، أرادوا أم لم يريدوا، وهو ما حاولت قوى دولية وإقليمية توظيفه لمصالحها الخاصة. من هنا تتأتّى أهمية ثقافة التعايش وفقه الحوار لتوثيق عرى المشترك الإنساني الذي أصبح اليوم ضرورة لا غنى عنها لاستمرار وتطوير العلاقات بين الأمم والشعوب.

إن عملية التعايش تبدأ عادة من نظرة الإنسان لنفسه ومن نجاحه في إقرار حالة التعايش الداخلي مع ذاته، فالذي يعاني أزمات نفسية وردات فعل داخلية متباينة مؤثرة في عقله ووجدانه واتزانه فإنّه شخصية بعيدة عن الاعتدال والتعايش، خصوصاً أن التعايش يبدأ من الذات وينتشر مؤثراً في الآخرين وبالبيئة المحيطة. والتعايش لا يتحقق من دون ترسيخ الوعي والثقافة والتعليم في الناس، ولاسيما الشباب ومن هم في سن التعليم من خلال إعداد برامج تربوية تهدف اكتساب ثقافة التعايش. لهذا تحتاج ثقافة التعايش إلى جهود الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني من أسرة وإعلام ومسجد وغيرها لإيضاح كلّ ما يهدم هذا التعايش وكيفية تفادي العثرات وتجنب العوامل السلبية المؤثرة في حاجة البشر للتعايش.

ارسال التعليق

Top