أسرة
عزيزي القارىء لتطوير قدراتك الأربع أي القدرات الإنسانية الجسدية والعقلية والعاطفية والروحية، نضع بين يديك هذا الدليل العملي الميسر المستوحى من الدراسات الحديثة:
1- القدرة الجسدية أو ما يصطلح عليه بعض الباحثين بـ(الذكاء الجسدي):
إذا استطعت أن تجعل جسدك خاضعاً لروحك: (ضميرك ومشاعرك) عندها ستصبح سيِّداً لنفسك.. فالجسد – كمال يقال – خادمٌ جيِّد ولكنه سيِّد سيِّئ. وقد دلّت الأبحاث الإنسانية أن عجز الإنسان عن إدارة نفسه يؤدِّي إلى الهرم المبكر وانخفاض صفاء الذهن، أي تدنِّي نسبة الذكاء.
ومن مقتضيات الثقافة الصحية أو البدنيّة: (التغذية المعتدلة)، فالمفتاح لبدن سليم هو التوازن الغذائي سواء في التنويع أو في التحكُّم بالوجبات من خلال مبدأ (كلوا واشربوا ولا تسرفوا).
وكذلك (الصوم) الذي لا ينفع في تخفيف الوزن والرشاقة فقط، بل له آثار روحية وعقلية ونفسية أيضاً، إنّه يرفع قدرتك على التحكُّم بنفسك ويمنحك الشعور بالتواضع، ويعطيك قابلية التعاطي الإيجابي مع ضعف وحرمان الآخرين.
يقول خبراء الصحّة: عندما تُخضع حاسّة الذوق للتغذية الحكيمة، فإنّك بالتدريج تعيد تعليم حُليماتك الذوقية بحيث تُصغي إلى تريليونات الخلايا التي تصبح مطالبةً بتغذية مناسبة! إنّها مسألة برمجة.
كما أنّ التمرين الرياضي المستمر المتوازن يسير من حيث النفع والمردود الصحي، جنباً إلى جنب التغذية المتوازنة:
غذاء جيِّد + تمرين جيِّد = صحّة جيِّدة
يقول (إيمرسون): "عندما نثابر على فعلٍ ما يُصبحُ أكثر سهولةً، ليس لأنّ طبيعة هذا الفعل تتغيّر، ولكن لأنّ قدرتنا على الفعل تزداد"!!.
إنّ من بين نصائح الخبراء في الرياضة إنّك لو قضيت ساعتين أو ثلاثاً الـ(168) ساعة في الأسبوع في تمرين منظّم ومتوازن، فإنّ ذلك سيؤثر تأثيراً إيجابياً على الـ(166) ساعة المتبقّية.
يضاف إلى ذلك الراحة والإسترخاء، ومن جميل ما تفيدنا به بحوث تقوية المناعة أنّنا يجب أن لا نتجنّب الضغوط الإيجابية – ومنها التحديات التي تواجهنا – لأنّها تقوِّي قدراتنا.
وفيما هو مبثوث في ثقافتنا التربوية الإسلامية، هناك مبدأ إسمه (المشارطة)، والدراسات المعاصرة تتناوله على طريقة قطع العهد مع النفس والوفاء به، وهو نفس مضمون (المشارطة).
وممّا يجب إدخاله في قاموس ثقافتنا العملية أن إهمالنا لأجسادنا يؤثِّر على رغبتنا أو استعدادنا لخدمة الآخرين، بل ويؤثِّر سلباً على أدائنا ومنتوجنا أيضاً.
2- القدرة العقلية، أو (الذكاء العقلي):
هناك ثلاث طرق لتطوير الذكاء العقلي، هي:
1- التعلُّم والدراسة بشكل منهجي.
2- تنمية إدراك الذات.
3- التعلُّم بتعليم الآخرين والتطبيق.
فمن الثابت علميّاً وعمليّاً أنّ العقل كلّما استخدم ونُشِّط أصبح أكثر قوّة وحكمة واستجابة لنداء الضمير.
إنّ مقولة إنّني مشغول ولا أملك الوقت الكافي للقراءة يكذِّبها الواقع، فما أكثر الأوقات التي توصف بها مشغولة تهذب هدراً وبأفعال ليست ذات قيمة.
وتجربة التعليم تفيد بأنّك تتعلّم بشكل أفضل عندما تُعلِّم الآخرين، وأنّ التعلُّم يصبح جزءاً من شخصيّتك وسلوكك عندما تُطبِّق ما تعلَّمته.
ولعلّ الإستغراق في مشاهدة الفضائيات والجلوس الطويل إلى (الإنترنت) جعل البعض يتصوّر أن ذلك يغني عن التعلّم، مع أهميّة ما يمكن تعلّمه من هذه الأجهزة، إلا أنّ التعلّم بشكل منهجي يبقى ضرورياً ومطلوباً لتنمية قدراتنا العقلية مهما استجدت وسائل حديثة في التعليم عبر الإنترنيت وغيره.
3- القدرة العاطفية، أو (الذكاء العاطفي):
الكتب التي تتحدّث عن الذكاء العاطفي، تشير إلى مكوّناته الخمسة، وهي:
1- (إدراك الذات) أي قدرة الإنسان على التأمل في حياته ومعرفته لذاته.
2- (تحفيز الذات) من خلال الرؤى والقيم والأهداف والآمال والرغبات والحماس.
3- (تنظيم الذات) بما يُحقِّق القدرة على إدارة النفس في أن تعيش وفقاً لقيمها.
4- (التعاطف) بأن تتفهّم الطريقة التي يشعر بها الآخرون، والتي يرون بها الأُمور.
5- (المهارات الإجتماعية) في التعاون والتعامل وحلّ المشاكل.
أمّا كيف تتطوّر هذه المكوّنات، فإدراك الذات بـ(المبادرة) وتحمّل المسؤولية، وتحفيز الذات بـ(استحضار الغاية في الذهن)، وتنظيم الذات بـ(البدء بالأهم قبل المهم) والتجديد. وأمّا التعاطف، فبفهم الآخرين ومساعدتهم على أن يفهموك. وأمّا المهارات الإجتماعية، فبالتفكير بمنفعة الجميع والتكاليف معهم، فالمنفعة المتبادلة هي ناتج الفهم المتبادَل والإحترام المتبادَل.
وإهمال القدرات العاطفية يُضعف جهاز المناعة بحيث يتصرّف الإنسان بشكل يتناقض مع قيمه وضميره.
4- القدرة الروحية، أو (الذكاء الروحي):
ولتطويرها هناك ثلاث طرق أساسية، هي:
1- (الإستقامة) بأن تعيش منسجماً مع قيمك وقناعتك وضميرك، وأن تكون على الإتصال بالمطلق، وهو الله سبحانه وتعالى.
تقول (مدام دي ستيل): "إنّ صوت الضمير ناعم جدّاً إلى درجة أنّ إسكاته أمرٌ سهل، لكنه في الوقت ذاته واضح جدّاً إلى درجة أنّه يستحيل أن نخطئه"!!.
الإستقامة هي (المشارطة) أن تعطي الوعد وتفي به، ليس للآخر فقط، بل أن تُقرِّر ترك عادة معيّنة، أو تكتسب عادة جديدة، وتعمل من أجل أن يكون قرارك ملزماً ووعدك صادقاً.
2- أن تكون لحياتك معنى، من خلال المساهمة في خدمة الآخرين والقضايا التي تعيش من أجلها.
3- أن يكون هناك توافق بين عملك ومواهبك، وبين النداء الموجود في داخلك المتمثل بإيمانك بالله، وأنّك خليفته على الأرض.
ارسال التعليق