• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الاهتمام بأمور المسلمين وقضاء حوائجهم

عمار كاظم

الاهتمام بأمور المسلمين وقضاء حوائجهم

الإسلام هو منهج حياة إنسانية واجتماعية واقعية، يتجسّد فيها الاعتقاد والإيمان ممارسة عملية في جميع جوانب الحياة ومتطلِّباتها الفردية والاجتماعية، وذلك على مبدأ التراحم والتكافل والتناصح والمودّة والإحسان والتضحية والإيثار، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) (المائدة/ 2)، وهذا ما يلزم الأفراد بالكثير من الواجبات تجاه بعضهم بعضاً كأفراد، وتجاه المجتمع ككيان اجتماعي يحتضن الجميع، من أهمّها خدمة الناس وقضاء حوائجهم. رُوِي عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومَن فَرَّجَ عن مسلم كربة فَرَّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومَن سَرَّ مسلماً ستره الله يوم القيامة». وجاء عن النبيّ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من سرَّ مؤمناً فقد سرّني، ومن سرّني فقد سرّ الله تعالى». وقد كان الإمام عليّ - عليه السلام - يطلب من الناس أن يهتموا بإدخال السرور على المكروبين والحزانى والذين يعيشون الأزمات في أكثر من جانب من جوانب حياتهم، رُوِي عنه - عليه السلام - أنّه قال لكميل بن زياد: «يا كميل، مُرْ أهلك أن يروحوا في كسب المكارم، ويُدلِجوا في حاجة مَن هو نائم، فوالذي وسع سمعه الأصوات، ما من أحد أودع قلباً سروراً إلّا وخلق الله له من ذلك السرور لطفاً، فإذا نزلت به نائبة جرى إليها كالماء في انحداره حتى يطردها عنه كما تُطرد غريبة الإبل».

ينبغي التعاون بين المؤمنين لتأسيس ثقافة تربوية تُمكِّن المؤمن من الاستعانة بأخيه المؤمن، إذ لا مانع من أن يطلب المؤمن العون والحاجة من أخيه، لقول الإمام الصادق - عليه السلام -: «إذا ضاق أحدكم فليُعلِم أخاه، ولا يعين على نفسه».

وليس ذلك منّة من المؤمن على أخيه المؤمن، بل هو من نوع توفيق المؤمن لخدمة المؤمنين، وهو ما نفهمه من رواية الإمام الصادق - عليه السلام -، حيث قال: «إنّ الرجل ليسألني الحاجة فأبادر بقضائها مخافة أن يستغني عنها فلا يجد لها موقعاً إذا جاءته».

دعا القرآن الكريم جميع المسلمين إلى التمحور حول العمل الصالح، فالإسلام يعطي العمل الصالح القيمة الأساسية ويجعله محور التنافس في المجتمع. ففي أكثر من مئة وعشرين موضعاً، يؤكد القرآن الحكيم على الربط العضوي بين الإيمان والعمل الصالح، ويُصرِّح بأنّ الذين يرثون الأرض هم الصالحون. ويؤكد القرآن الحكيم على أنّ ما نعمله من خير وخدمة للناس، سنجده عند الله، يقول تعالى: (وَمَا تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة/ 110). فإنّ كلّ عمل نعمله في طريق الخير فهو لنا، حتى لو كان في مظهره من أجل الآخرين، لأنّنا حينما نعمل للآخرين، فإنّ هذا العمل سيتضاعف وتعود إلينا نتائجه من حيث نشعر أو لا نشعر، وفي آية أخرى يقول الله سبحانه وتعالى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً) (آل عمران/ 30)، ويقول سبحانه: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة/ 7-8).

إذاً، فإنّ أعمال الخير وأعمال الشر تبقى ولا تزول، وهي محور جزاء الإنسان في الدنيا والآخرة. ومن أجل أن يدفعك الإسلام إلى أن تجتهد في سبيل عمل الخير، ولا تدع عمل خير إلّا وتقوم به، ولا تبقي من عمرك لحظة إلّا وتُعمِّرها بعمل الخير، فإنّ القرآن يُبيِّن أنّه في يوم القيامة سيُنصب ميزان توضع في كفّة منه أعمال الإنسان الخيِّرة وفي الكفة الأخرى أعماله الشريرة، يقول تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ) (القارعة/ 8-11).

ارسال التعليق

Top