◄الإحسان أفضل مكرمة يكتسبها الإنسان في حياته، وأطيب ثمرة يقتنيها في وجوده، فهو يكسبه مودّة الناس، وإجماعهم على تكريمه، ويعود عليه بجمال الأحدوثة بعد وفاته، وقد تبنّى الإسلام بصورة إيجابية الإحسان، ودعا إليه، قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) (النحل/ 90).
كما جعله من أفضل الصفات التي يتحلّى بها الإنسان، قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) (النساء/ 125).
وقال تعالى: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) (لقمان/ 22).
ورَغَّبَ بإتيان الحسنة، وجعل عوضها خيراً منها، قال تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) (النمل/ 89).
ووعد بأن عوضها عشر أمثالها، قال تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) (الأنعام/ 160).
كما وعد تعالى في غير آية من كتابه بأنّه لا يضيع أجر المحسنين، وأنه يمنحهم أجزل الأجر وأكثر الثواب، قال تعالى: (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (هود/ 115).
الإحسان قاعدة أساسية في بناء المجتمع الإسلامي، ومن أفضل الوسائل الهادفة إلى نشر المحبّة والمودّة بين الناس، وقد خصَّ بعض الفئات بالإحسان إليها، وذلك لما لها من روابط القربى أو الجوار، أو لأنها فقدت الكافل، قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) (النساء/ 36).
وقد قرن تعالى البرّ بهذه الفئات بعبادته لأن بعضها في أمسّ الحاجة إلى العطف والإحسان، وهذه الفئات هي:
1- الوالدان: فإنّ رعايتهما والبرّ بهما من أوثق الأسباب التي تؤدّي إلى تماسك الأُسرة.
2- ذوو القربى: وهم الإخوة، والأعمام، والأخوال، وأبناؤهم، وسائر الأقربين، فإنّ الإحسان إليهم يوجب شيوع المحبّة بين أفراد الأُسرة التي هي اللبنة الأُولى للمجتمع.
3- اليتامى: وهم الذين فقدوا آباءهم، والأًمّة مسؤولة عن رعايتهم وتربيتهم وهو من موارد التكافل الإجتماعي الذي فرضه الإسلام على المسلمين وألزمهم بالإنفاق على العاجز والضعيف، واليتيم.
4- المساكين: وهم الفقراء الذين لا يجدون قوت سنتهم. فعلى الأُمّة أن تنفق عليهم، وقد خصّ الإسلام لهم كثيراً من المبرّات الإجتماعية، كما جعل لهم قسماً من الزكاة المفروضة، وذلك لاكتساح الفقر، وإزالة شبحه من المجتمع الإسلامي.
5- الجار: (ذي القربى) وهو المجاور القريب، و(الجار ذي الجنب) أي البعيد في جواره. وقد أمر تعالى بالإحسان إليهم حتى تتوثق المحبّة والمودّة بين أهل الحي الواحد، وهي من الأسباب المهمّة في تماسك المجتمع وترابطه.
6- ابن السبيل: وهو الذي فقد ما عنده من أموال قبل أن يبلغ وطنه، فإنّ الإسلام أمر بتعاهده ورعايته، والإنفاق عليه حتى يبلغ وطنه، كما جعل له حصّة في الزكاة المفروضة.
7- ملك اليمين: وهو ما يملكه الإنسان من الرقي، وقد حثّ الإسلام على الإحسان إليهم كتحريرهم وعتقهم، والبرّ بهم، وعدم تكليفهم بما لا يطيقون.
إنّ الإحسان والبرّ إلى هذه الفئات مما يوجب شيوع المودّة، وقوّة الروابط الإجتماعية بين المسلمين، ويجعلهم يداً واحدة على مَن سواهم. ►
المصدر: كتاب النظام التربوي في الإسلام
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق