• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أدرس خطواتك إلى هدفك

السيد هادي المدرسي

أدرس خطواتك إلى هدفك
  ◄لبلوغ قمة الجبل لابدّ أن تكون الخطوة التالية متقدمة على سابقتها، وفي النزول منها لابدّ أن يتحقق العكس.

ولإقامة بناية شامخة ينبغي أن نبني اللبنة الجديدة فوق اللبنة السابقة، بينما لحفر البئر ينبغي العكس.. وهذا يعني أنّ المسير إلى الهدف ليس دائماً باتجاه الأعلى، ولا باتجاه الأسفل، وإنما الذي يحدد الاتجاه الذي تسير فيه هو الهدف الذي تسعى للوصول إليه.

من هنا لابدّ أن نعرف ما الذي نريد تحقيقه، فهذه هي المسألة الرئيسية التي على أساسها تتحدد بقية الأمور، والذي لا يعرف ماذا يريد أن يحقق من هدف.. فكيف يحقق ما لا يعرفه ولا يريده؟!

إذ لا شكّ أنّ فاقد الهدف يفقد الإرادة أيضاً، وفاقد الإرادة لا يمتلك خطة في الحياة، وفاقد الخطة سيكون بالتأكيد جزءاً من خطط الآخرين وآلة بأيدهم، ولن يتحكم بعد ذلك بمصيره، حيث أنّ غيره هو الذي ينوب عنه في قراراته عنه في اتخاذ القرار، وليس له إلّا أن يرضخ لتلك القرارات، حسنة كانت أم سيئة، وغالباً ما تكون تلك القرارات في غير مصلحته.

إنّ فقدان الهدف يعني فقدان محور الحياة، ومن دون المحور يكون وضع الإنسان مشتتاً في داخل نفسه، وفي تصرفاته، وفي علاقاته مع الآخرين، مثلما الأمر في الذرّة عندما تفقد نواتها، فتضطرب الإلكترونات حينئذ في حركتها، وتضل مسيرها فتصطدم وتفجّر بقية الذرّات.

إنّ الضياع في حركة الحياة تساوي الانفجار في حركة الزمن، والأُمم الضائعة ستصطدم يوماً ما بالأمم الأخرى عندما سيقع الانفجار وتذهب تلك الأُمم في الريح، لا من منقذ ومن لا معين.

في مثل هذه الأُمم قد تكون الحركة سريعة والنشاط عالياً، ولكن من دون تحقيق أي تقدم، لأنّ النشاط والحركة لا تنفعان أُمّة لا تعرف أهدافها في الحياة، بل قد يكون النشاط المتزايد سبباً لانهيار تلك الأُمّة.

من هنا كان تحديد الهدف أمراً أساسياً في حياة الإنسان والأُمّة، والانشغال عن ذلك خطأ فظيع، لأنّه سيفوّت الفرصة على جميع الفرص على صاحبها.

فَمَنْ أنت؟ وماذا تريد؟ أمران مترابطان، بل لا تستطيع أن تعرف من أنت، إذا لم تعرف ماذا تريد.. ومن دون معرفة ماذا تريد فلست أنت نفسك؟

لقد خلق الله الإنسان قادراً على صنع التاريخ، وذلك بشرط أن يحدّد أهدافه أوّلاً، وإلّا فإنّه إذا فقد الهدف فإنّه سيصبح حينئذ منفعلاً بالحياة لا فاعلاً فيها.

إنّ الفشل إنما يصيب الإنسان بسبب عدم التخطيط أو الغفلة، أو البعد عن المنهج العلمي المبني على البصيرة، ولكي يتجنب الفشل في الحياة، ويحقق أهدافه، لابدّ له من مرشد يرشده في كلّ خطوة من خطواته. لذلك جاءت الروايات مؤكدة على مسألة الاستشارة، ففي أي خطوة يستبد فيها المرء في عمله، فإنّ الهلاك هو مصيره.

وفي قصة موسى (ع) التي ذكرها الله سبحانه في القرآن الكريم مع أحد عباد الله، مثال واضح على ضرورة اتّخاذ الحكيم مرشداً وإطاعة توجيهاته.

يقول القرآن الكريم: (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) (الكهف/ 65-66).

وباختصار يمكن القول أنّ النجاح يتوقف على الخطوات التالية:

أوّلاً: تحديد الهدف النهائي.

ثانياً: تحديد الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك الهدف.

ثالثاً: الاستشارة في جميع الأمور.

رابعاً: دراسة خطوات العمل بالقياس إلى الهدف. ►

 

المصدر: كتاب كيف تتربع على القمة؟

ارسال التعليق

Top